على الرغم من أن العالم اليوم يواجه حالة من عدم الاستقرار والاضطراب، وذلك لأسباب عدّة، لعل من أبرزها الحروب والصراعات السياسية التي أصبحت تتميز بطول أمدها وتذهب ضحيتها مجتمعات بأسرها والتي أصبحت تعاني من النزوح والجوع والصدمات النفسية والاجتماعية، إلاّ أن فيروس "كورونا" خيّم على جلسات منتدى الرياض الدولي الإنساني الثاني المنعقد حالياً في الرياض، إذ أشار المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة في أولى الجلسات العلمية إلى القلق العالمي تجاه هذا الفيروس، قائلاً "إن علينا أن نشعر بالقلق تجاه فيروس كورونا في العالم ولكن لا نصل إلى مستوى الخوف الشديد، فحتى الآن مؤشرات انتشار المرض في العالم منخفضة، فيما لم تبلغ نسبة الوفيات إلاّ 2 في المئة من إجمالي المصابين به".
مطالباً بالتركيز على التوعية ومراقبة المرض والاهتمام بالإجراءات الوقائية.
أما مدير منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس فأوضح أن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا تتناقص، مؤكداً أننا "نعمل جاهدين لاحتواء الفيروس"، ومشيراً إلى أن كورونا لا يؤثر فقط في الجانب الاقتصادي وإنما في الجانب الاجتماعي
واضاف "إن الوضع الحالي لم يصل لمستوى الوباء الخطير".
ومن جانبة أشار رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور بندر حجار إلى أن الأسواق العالمية تأثرت بتفشي فيروس كورونا وخصوصاً الدول المتقدمة والدول النامية إضافة إلى انخفاض عدد السياح في العالم من 30 في المئة حتى 40 في المئة، فضلاً عن تراجع الرحلات الجوية.
وقال لـ"اندبندنت عربية"، "إن مجموعة البنك الإسلامي تعمل على تقوية الانظمة الصحية في الدول الاعضاء لحد من انتشار الامراض الوبائية بها"، لافتا الى ان البنك قام تمويلات بلغت 2.6 مليار دولار لدول المتعثرة او التي تعرضت كوارث طبيعية او مناخية".
وفي سياق متصل عبر المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي عن قلقه الواسع لموت كثير من الناس بسبب الجوع والبرد، داعيًا إلى التفكير العقلاني و العمل سويًا لتقديم الدعم الإنساني للمحتاجين حول العالم من أجل تحقيق التنمية المستدامة والحد من أعداد المهجرين في العالم.
عدم الاستقرار
إما وكيل الأمين العام للأمم المتحدة مارك لوكوك فاكد أهمية العمل الدولي لمنع تفشي الأمراض الوبائية مثل فيروس كورونا، مشيرًا إلى أنه لا داعي لحالة الذعر المنتشرة في بعض الدول من مرض كورونا لأن الوضع الحالي مطمئن، موضحًا أنه في شهر ديسمبر الماضي قدمنا الدعم الإنساني لـ 50 دولة حول العالم.
وقال " إن العالم يواجه اليوم حالة من عدم الاستقرار والاضطراب، بسبب الحروب والاحتباس الحراري، ومن ثم فقد أصبحت الحاجة ماسة للتضامن والتعاون لإحداث التغيير من جراء المعاناة الإنسانية التي نراها اليوم التي نبعت من ثلاثة أمور رئيسة وهي الحالة الراهنة للجغرافيا السياسية تعني أن النزاعات أصبحت أطول أمدًا وأشد فتكًا، فالأشخاص العالقون في النزاع يعانون النزوح، والجوع والصدمات النفسية والاجتماعية، وذلك علاوة على فقدان سبل العيش، وتدهور المرافق التعليمية والخدمات الصحية".
وزاد "تسببت الحروب بالنزوح الجماعي، فهناك 70 مليون نازح حاليًا في جميع أنحاء العالم، كما أن المسلحين يُظهرون تجاهلًا متزايدًا للقانون الدولي الإنساني، فقد وضعوا المدنيين والبنية التحتية المدنية تحت مرمى النيران، إضافة إلى قتلهم المئات من عمال الإغاثة، اذ قدمت السعودية العام الماضي 500 مليون دولار إلى الأمم المتحدة للعمل الإنساني في اليمن، وهو ما مكن وكالات الأمم المتحدة من التصدي للمجاعة، والحد من مستويات الجوع، وحماية الأسر وعلاج الكوليرا، إضافة إلى التحدي الثاني وهو التغير المناخي، ففي السنوات الأخيرة، بلغ متوسط حالات الطوارئ 300 حالة متعلقة بالمناخ في السنة، أما التحدي الثالث الذي نواجهه فهو ارتفاع وتيرة انتشار الأوبئة فعلى سبيل المثال لم ينته تفشي فيروس إيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية حتى الآن، كما أن حالات الحصبة في غضون الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2019 زادت بنسبة 700 في المئة مقارنة بالعام السابق، والآن يواجه المجتمع الدولي انتشار مرض فيروس كورونا.
تفاقم الصراعات السياسية والعسكرية
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية السعودي في الجلسة الافتتاحية لمنتدى "إن تفاقم الصراعات السياسية والعسكرية، وانتشار آفة الإرهاب، يعد من المسببات الرئيسة للأزمات الإنسانية في العالم، الأمر الذي يحتم على جميع دول العالم تفعيل الدبلوماسية الوقائية، والتي تحد من تصعيد النزاعات والصراعات، والدفع بكل ما من شأنه تعزيز الأمن والسلم الدوليين، والعمل جنبا إلى جنب مع المنظمات الإنسانية للاستجابة للنداءات الإنسانية".
واضاف "إن السعودية تحرص على إرساء الأمن والسلم الدوليين، ودعم الشعوب والمجتمعات المتضررة جراء الكوارث الطبيعية أو النزاعات، وذلك من خلال المبادرات والبرامج التي تقود إلى دعم التنمية المستدامة، ومشاركة المجتمع الدولي من خلال الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة، لتحقيق الأهداف الإنمائية، وإيجاد فرص عيش كريمة، ومكافحة الكوارث والأوبئة والمخاطر التي تهدد البشرية"..