Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحركات قادة دارفور بين لملمة الجراح ومخاوف الانفلات

وفد يزور تشاد وانتقادات واسعة بعد حديث عن لقاء مع "الدعم السريع"

قادة حركات دارفور تحركوا صوب تشاد لبحث كيفية وقف الحرب والاقتتال في الخرطوم (أ ف ب)

ملخص

قادة الحركات المسلحة في دارفور يحاولون الابتعاد عن مدافع الاتهام بعد الحديث عن لقاء مع قادة قوات "الدعم السريع" في تشاد فهل تنجح في لملمة الجرح السوداني وطمأنة إنجمينا من مخاوف الانفلات الحدودي؟

أمواج من الجدل ضربت الزيارة الجماعية التي أجراها قادة فصائل الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان (مسار دارفور) إلى العاصمة التشادية إنجمينا، خصوصاً مع ما تردد عن وجود عبدالرحيم حمدان دقلو، الشقيق الأكبر لـ"حميدتي"، والقائد الثاني لقوات "الدعم السريع".

من الأسئلة التي فرضت نفسها بقوة على تلك الزيارة "كيف نفهم أهداف حراك وزيارات قادة الحركات الجماعية في ظروف الحرب والمعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، وما نتائج زيارتهم وجولاتهم ومباحثاتهم الأخيرة مع الرئيس التشادي على وجه الخصوص التي لطالما لفها الغموض وأثارت الجدل، وهل تنجح في حماية المدنيين ولجم العنف العرقي؟

وفد فصائل الحركات المسلحة ضم كلاً من رئيس حركة تحرير السودان (المجلس الانتقالي) الهادي إدريس، ورئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر، ورئيس حركة تحرير السودان حاكم إقليم دارفور أركو مني مناوي، ورئيس حركة العدل والمساواة وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم، إلى جانب القيادات الميدانية من تلك الحركات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إزاء ضغط وتكاثف الجدل، اضطر رئيس حركة العدل والمساواة إلى إصدار تعميم صحافي حول ملابسات الزيارة جاء فيه، "ثار لغط كثير حول تزامن وجودي وبعض الإخوة من قيادات الكفاح المسلح في أنجامينا عاصمة جمهورية تشاد الشقيقة، مع ما أشيع عن وجود قائد ثاني قوات الدعم السريع في نفس المدينة، وإزاء ما أثير أرجو أن أبين الحقائق التالية (زرت أنجامينا في الفترة من مساء الرابع وحتى مساء التاسع من يوليو (تموز) الحالي، بدعوة من الرئيس التشادي بصفتي رئيساً لحركة العدل والمساواة السودانية، وبعد استئذان كل من رئيس مجلس السيادة والقائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء".

قلق ومخاوف تشادية

رئيس حركة العدل والمساواة مضى في عرض ما دار في إنجمينا بقوله إنه بحث مع الرئيس التشادي، في لقاء منفرد، الأوضاع الراهنة بالسودان ومآلات الحرب الدائرة فيه منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، وكيفية وقفها، فضلاً عن الجهود التي يمكن أن تقوم بها دولة تشاد من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في السودان، وشكره على استقباله بنفسه لتدفقات اللاجئين الفارين من مأساة ولاية غرب دارفور وزيارته لهم في مدينة أدري الحدودية.

ونبه إلى أنه لمس قلق الرئيس التشادي في شأن الأوضاع الإنسانية في كل السودان، ومخاوفه من انتقال الحرب إلى إقليم دارفور بصورة أشمل، مشيراً إلى أن لقاءه مع دبي، تطرق أيضاً لما يمكن أن يتمخض عن مؤتمر قادة دول الجوار الذي تستضيفه القاهرة، وإمكانية نجاحه في وقف الحرب وتحقيق السلام بالسودان.

رئيس حركة العدل والمساواة، نفى مجدداً ما تم الترويج له عن لقاء جمعه مع قائد ثاني "الدعم السريع" عبدالرحيم حمدان دقلو، الذي أشيع أنه يوجد بالعاصمة التشادية إنجمينا تزامناً مع زيارة وفد قادة الحركات المسلحة، موضحاً "لم يطلب مني الرئيس التشادي لقاء أحد، كما لم أطلب منه أنا ذلك حتى أذن لي بمغادرة بلاده".

الأوضاع الكارثية

في السياق ذاته، ذكر المتحدث باسم حركة تجمع قوى تحرير السودان، بقيادة الطاهر حجر، أن زيارة قادة فصائل حركات الكفاح المسلحة إلى إنجمينا جاءت بناء على دعوة كريمة من الرئيس محمد إدريس دبي، وشملت فقط قادة حركات (مسار دارفور) الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان.

أوضح فتحي عثمان، أن الهدف الأساس للزيارة كان بغرض بحث مآلات الحرب الدائرة في الخرطوم ومخاوف تمددها إلى دارفور وتحولها إلى حرب أهلية، إلى جانب بحث مدى تأثيرها على دولة تشاد المجاورة.

وكشف المتحدث، أن قادة الفصائل ناقشوا كذلك مع الرئيس التشادي كيفية وقف الحرب والاقتتال الذي انتقل ليندلع أيضاً في دارفور، بالتركيز على الأوضاع الإنسانية الكارثية في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور على وجه الخصوص، وما تعرض له أهالي المدينة من إبادة الجماعية.

وأوضح أن لقاء قادة الحركات مع دبي أمن على ضرورة الوقف الفوري للقتال في مدينة الجنينة، مع ضرورة نشر قوة مشتركة من قوات حركات الكفاح المسلحة لتأمين ولايتي غرب ووسط دارفور، وكيفية معالجة الأوضاع المأسوية للاجئين السودانيين في معسكرات شرق تشاد وتحسين ظروفهم المعيشية والصحية، بتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة لهم.

الاجتماع تطرق أيضاً إلى تأثير الحرب على تشاد بالنظر إلى التداخل القبلي ببن المكونات الاجتماعية في دارفور وتلك الجارة، وأثر المعارك في الإقليم الذي قد ينتقل إلى داخل تشاد حال استمرارها أكثر، والتدابير اللازمة لمنع ذلك، عبر توعية المواطنين وحثهم على عدم الانجرار وراء النعرات القبيلة وإرساء ثقافة الحوار وقبول الآخر والتعايش السلمي، مع تكوين قوة جاهزة للتدخل للتعاطي مع تلك المخاوف.

عثمان نفى أن تكون الحكومة التشادية قد تطرقت بأي حال، لما يثار في وسائل التوصل الاجتماعي عن ترتيب لقاء بين قادة فصائل دافور وقائد ثاني قوات "الدعم السريع" في إنجمينا، واصفاً تلك الأنباء بأنها عارية من الصحة هدفت إلى التشوية والتشويش وإثارة الفتن والجهوية وصب مزيد من الزيت على النار المشتعلة أصلاً.

حماية المصالح

من جانبه، رأى المتخصص في الشؤون السياسية السودانية عبدالكريم النور موسى، أن دعوة الرئيس التشادي لقادة الحركات تنبع من كونها هي التي تحكم الآن دارفور، سواء على مستوى الإقليم أو ولاياته الخمس، وهو الإقليم الذي يشارك دولة تشاد حدوداً تمتد لأكثر من 1400 كيلومتر، فضلاً عن تبادل قضايا التبادل الاقتصادي والتجاري والمصالح المباشرة المشتركة بين تشاد والإقليم.

موسى كشف أيضاً أن بعض حكومات ولايات دارفور، نجحت في تحركاتها الداخلية وبمبادرات جريئة منها، في عقد اتفاقات تهدئة بين الجيش و"الدعم السريع" بعيداً مما يدور في المركز بالخرطوم، كما عمدت إلى وضع ترتيبات أمنية خاصة بتشكيل قوة مشتركة في ما بينها لتأمين حماية المدنيين، وفي الوقت نفسه الفصل بين الطرفين ومنع أي اشتباكات أو احتكاكات بينهما.

أضاف موسى "لا شك أن إنجمينا لها مصلحة مؤكدة من لقاء قادة حركات دارفور، فهي تسعى إلى تأمين حدودها من عبور أي جيوب من عناصر تشادية من المعارضين ضمن تداعيات الحرب التي وصلت بالفعل إلى الإقليم بصورة لا تخلو من العرقية والإثنية".

واعتبر أن الحركات تقع عليها ضغوطاً مزدوجة، فهي من جهة جزء من الحكومة المركزية، مطلوب منها الالتزام بكل ما يصدر عنها من توجهات وسياسات عامة، ومن الجهة الأخرى هي تمثل الحكومة الإقليمية وحكوماته الولائية ما يجعلها أمام المسؤولية المباشرة تجاه أمن مواطني دارفور.

من جانبه، أشار الأكاديمي في العلوم السياسية، عبدالمجيد علي المرضي، إلى أن خطوات الحركات المسلحة سواء الداخلية أو الخارجية، هدفت إلى التخفيف من آثار الحرب على دارفور التي ما زالت محتقنة وتقف على صفيح ساخن وبرميل من البارود القابل للانفجار في أي لحظة، بخاصة بعد الضغط العسكري للجيش على قوات "الدعم السريع" في الخرطوم، ما يدفعها إلى تسخين جبهات دارفور لتخفيف الضغط في هذه المرحلة، لكنه قد يضطر لاحقاً حال اضطراره لمغادرة الخرطوم على أي نحو، إلى نقل ثقل الحرب إلى الإقليم.

انتقد المرضي، ضمور دور الحركات واضمحلاله، كونها ما زالت منقسمة بين طرفي الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، والكتلة الديمقراطية، ما تسبب في خفوت دورها الداخلي، إلى جانب أن التزامها الحياد تجاه طرفي الحرب، كان سلبياً، جعلها وكأنها تغادر المشهد بدلاً من أن تؤثر فيه إيجابياً، بالسعي إلى دعوة طرفي النزاع إلى وقف التصعيد والتهدئة.

واعتبر أن الحركات تبدو حتى الآن ضعيفة وتائهة وسط نيران الصراع العنيف بين الجيش وغريمها السابق "الدعم السريع"، ولها معه عداءات وثارات قديمة غير أنها تتعاطى معه مكرهة لا بطلة، وهو ما يفسر تحمسها الكبير لإتمام دمج "الدعم السريع" داخل الجيش خلال العملية السياسية.

جولة سياسية

كان كل من الهادي إدريس والطاهر حجر عضوي مجلس السيادة السوداني شاركا ضمن جولة إقليمية لوفد القوى السياسية المدنية لدول الجوار بهدف وقف القتال وبدء مفاوضات بين طرفي الصراع في سياق عملية سياسية شاملة.

ضم الوفد إلى جانبهما كلاً من عضوي مجلس السيادة السابقين محمد الفكي سليمان، ومحمد حسن التعايشي، ووزير العدل السابق نصر الدين عبدالباري، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان/ التيار الديمقراطي ياسر عرمان، وممثل تجمع المهنيين السودانيين طه عثمان إسحق، والقيادي بالحزب الاتحادي إبراهيم الميرغني، والقيادي بقوى الحرية والتغيير خالد عمر يوسف. بدأ الوفد جولته بزيارة إلى أوغندا وإثيوبيا، ثم تشاد والسعودية وجنوب السودان ومصر.

واندلعت الحرب السودانية بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي، رغم تفاقم خسائرها البشرية والمادية وتسببها في موجة نزوح وتشريد ملايين المواطنين بصورة ما زالت مستمرة، تمددت إلى دارفور، وباتت تهدد بالتحول إلى قتال إثني بالإقليم وحرب أهلية شاملة بالبلاد قد تزعزع استقرار المنطقة بأكملها.

المزيد من متابعات