Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانقلاب يقوي شوكة الإرهابيين في النيجر

مراقبون يقللون من إمكانية احتواء "فاغنر" لأنشطة المتطرفين

جنود القوات المسلحة في النيجر يحاولون السيطرة على حشد من المهاجرين العائدين من دول الجوار (أ ف ب)

ملخص

هل يتمكن الانقلابيون بدعم من مسلحي "فاغنر" من احتواء تمدد الإرهابيين في النيجر؟ إجابات صادمة من مراقبين

لا تزال تبعات الزلزال السياسي الذي هز النيجر تواصل موجاتها الترددية بعد الانقلاب الذي شنه قائد الحرس الرئاسي عبدالرحمن تشياني، ضد الرئيس المعزول محمد بازوم، ليشمل عديداً من المجالات سواء الدبلوماسية أو العسكرية في بلد يعد الأفقر بالعالم، ويواجه خطر الجماعات المتطرفة والعصابات المسلحة.

وعلى رغم اتكائها على الغرب طيلة السنوات الماضية، إذ يوجد ما لا يقل عن 1500 جندي فرنسي وقواعد عسكرية غربية، فإن النيجر لم تستطع بعد احتواء تمدد المتطرفين، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هؤلاء سيستغلون الانقلاب وانشغال معظم الفاعلين به لتعزيز مكاسبهم الميدانية في البلاد.

ويشن المتطرفون باستمرار هجمات دامية ضد القوات النيجرية، على رغم قرارات اعتبرت في مرحلة ما مفصلية في مواجهة التشدد على غرار تسليح المدنيين، وتعزيز التعاون العسكري مع فرنسا والغرب الذين قادوا عملية برخان في منطقة الساحل الأفريقي منذ عام 2013.

وعلى رغم إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، عن نهاية عملية برخان العسكرية التي لم تحقق هي الأخرى كثيراً في مواجهة المتطرفين، إلا أن نيامي حافظت على الدعم العسكري الغربي في مواجهة تلك الجماعات.

لكن الآن مع اتجاه الأنظار إلى الاستحقاقات السياسية المقبلة في إطار إعادة هندسة المشهد السياسي في النيجر، تثار تساؤلات حول ما إذا كان المتطرفون سيجدون في ذلك الفرصة السانحة للانقضاض على مزيد من المناطق في البلاد؟

مكاسب المتشددين

يقول الصحافي النيجري المتخصص في الشأن السياسي، سليم نوحو، إن "هناك مخاوف قوية بالفعل من مغادرة الجنود المشاركين في عمليات مكافحة الإرهاب لمواقعهم، وهذا بدأ يحدث ورأينا في الساعات الماضية بعض القوات من عملية المهاو في العاصمة".

وأضاف نوحو في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن "هذه المغادرة المحتملة لن تصب في صالح سوى المتطرفين الذين حققوا أصلاً مكاسب كبيرة في وقت سابق".

ولا توجد إحصاءات رسمية للضحايا الذي قضوا في هجمات لمتطرفين في النيجر، لكن أُعلن باستمرار عن سقوط العشرات وأحياناً المئات في هجمات دموية تعكس هشاشة الوضع الأمني في البلاد الذي يعبر بدوره عن الواقع الأمني في منطقة الساحل، التي تضم إلى جانب النيجر كلاً من مالي وبوركينافاسو وتشاد وموريتانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدت النيجر ممزقة في مواجهة الجماعات المتطرفة، ففي الجنوب تنظيم "القاعدة" الذي تمثله جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، وعلى الجنوب الشرقي تواجه جماعة "بوكو حرام" النيجيرية بالقرب من بحيرة تشاد، وتنظيم "داعش" الإرهابي الذي رغم الضربات الموجعة التي تلقاها في دول مثل ليبيا وسوريا والعراق وغيرها فإنه نجح في الحفاظ على وجوده بتلك المنطقة.

وتسببت هجمات الإرهابيين في نزوح ما لا يقل عن نصف مليون نيجري منهم 160 ألف في غرب البلاد، فيما يئن بقية المواطنين تحت خط الفقر والأزمات الاقتصادية الحادة. ويبلغ عدد سكان النيجر 23 مليون مواطن، يواجه نحو 40 في المئة منهم الفقر.

سيناريوهان محتملان

ما سيزيد الضغط على النيجر على الأرجح، هو عنف الإرهابيين حتى خارج أراضيها وهو عنف حاولت نيامي مواجهته من دون أن تفلح في إحراز تقدم، فالبلاد شهدت بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تدفق نحو 255 ألف لاجئ من نيجيريا ومالي اللتين ترزحان تحت وطأة عنف المتطرفين وعصابات مسلحة.

ويصعب تدفق هؤلاء على السلطات في النيجر السيطرة على المعابر الحدودية، لا سيما أن فرقاً أمنية لم تتردد في وقت سابق على مغادرة مواقعها هرباً من عنف المتطرفين الذين تجاهلوا بشكل كبير حتى مبادرات تهدف إلى مهادنتهم أطلقها الرئيس المعزول محمد بازوم، على غرار سياسة "الأيدي الممدودة" التي ترمي إلى إدماجهم من جديد مع المجتمع.

ويثير ذلك علامات استفهام حول الخيارات التي يملكها القادة الجدد الموقتين في نيامي، هل سيحذون حذو جيرانهم في مالي وبوركينافاسو ويستعينون بمرتزقة "فاغنر"؟ لا سيما أن بين هذه الأطراف وكلها عسكرية تناغماً في المواقف المعادية للغرب والمنفتحة على الروس، ثم هل لـ"فاغنر" القدرة على تحجيم نفوذ المتطرفين؟

يقول المتخصص في الشأن العسكري، أكرم خريف، إن "هناك سيناريوهين إذا جزمنا أن الانقلاب سينجح، السيناريو الأول يتمثل في أن الجيش النيجري سيفقد دعم التحالف الدولي وسيصبح معرضاً لهشاشة كبيرة، وهو ما يجعل أمام الجماعات الإرهابية فرصة ثمينة في المثلث الحدودي وأيضاً في حدود بحيرة تشاد".

وأضاف خريف أن "الطرح الثاني مختلف، فنجاح الانقلاب سيدعم تحالف قيادات الدول الثلاث المعنية. مالي بوركينا فاسو والنيجر ومع مساعدة من (فاغنر) ربما يصبح هذا السيناريو يمثل خطراً على الجماعات المسلحة وربما يؤدي إلى تقليل خطورته".

ولم يبعث قادة الانقلاب في النيجر بأي مؤشر إلى إمكانية الاستعانة بمرتزقة "فاغنر"، لكن المزاج الشعبي في العاصمة نيامي كما غيرها من مدن البلاد يرحب بفكرة التعاون مع الروس بدل الفرنسيين الذين لم يعودوا يجدون تلك الحظوظ التي كانوا يتمتعون بها قبل سنوات.

وزادت من التكهنات بإمكانية ارتماء الانقلابيين في حضن "فاغنر" في مواجهة تمدد الجماعات الإرهابية، زيارة لأحد قادة الانقلاب وهو ساليفو مودي إلى مالي المتحالفة حالياً بقيادة مجلس عسكري مع المرتزقة الروس. وكان رئيس مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين، قد احتفل ورحب في وقت سابق بالانقلاب في النيجر.

وقال سليم نوحو إن "الاستعانة بمرتزقة (فاغنر) لا يزال احتمالاً، نظراً إلى الرحلة التي أجراها الجنرال مودي، أخيراً، إلى مالي، لذلك قد نرى بالفعل تعاوناً مع المرتزقة الروس".

ويمثل نفوذ "فاغنر" في منطقة الساحل وأفريقيا عموماً صداعاً في رأس القادة الغربيين، خصوصاً أن المزاج الشعبي الرافض لفرنسا وشركائها يتصاعد مما قد يعبد الطريق أمام هيمنة روسية في المنطقة، فباريس فقدت السيطرة على جمهورية أفريقيا الوسطى ثم مالي فبوركينافاسو، وتواجه الآن نفس السيناريو في النيجر، لكن هل لـ"فاغنر" القدرة على قصقصة أجنحة المتطرفين؟

يجيب نوحو "ليس هذا ما نراه لدى جيراننا، لقد استعان المجلس العسكري في مالي وبوركينافاسو بـ(فاغنر)، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات