Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إنتاج النفط الصخري الأميركي يرتفع إلى مستويات قياسية

زيادة الأسعار الأخيرة تعني أن فرصة قيام بايدن بملء المخزون الاستراتيجي انتهت تماماً

مضخة نفط في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ملخص

الخيار الوحيد أمام إدارة بايدن هو دعم إنتاج النفط الأميركي لمنع أسعاره من الارتفاع الكبير خلال صيف 2024 قبل الانتخابات الرئاسية

ارتفع إنتاج النفط الصخري الأميركي ليصل إلى مستويات قياسية، كما ارتفع إنتاج ولاية تكساس ليصل إلى مستويات قياسية أيضاً، وعلى رغم انخفاض عدد الحفارات وفرق التكسير المائي (الفِرَق التي تقوم بضخ الماء مع الرمال وبعض المواد الكيماوية لتكسير الصخور في باطن الأرض لتسهيل عملية انسياب النفط والغاز) إلا أن إدارة معلومات الطاقة الأميركية تتوقع أن يستمر إنتاج النفط الصخري في الارتفاع، وبناء على ذلك من المتوقع أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة كلها إلى أعلى مستوى في تاريخ الصناعة النفطية خلال الأشهر المقبلة.

والمثير في الأمر أن ثورة الصخري نمت وترعرت في ظل إدارة الرئيس أوباما ونائبه بايدن المتبني لأفكار التغير المناخي وحماية البيئة ومحاربة الوقود الأحفوري، وكان أوباما هو من ألغى قراراً رئاسياً منذ عهد الرئيس نيكسون بمنع تصدير النفط الأميركي، حيث سمح بتصديره في نهاية 2015.

 الآن أصبحت الولايات المتحدة من أكبر المصدرين، حيث إن تصديرها في بعض الأوقات كان أكبر من إنتاج العراق كله، والعراق ثاني أكبر مصدر للنفط في دول "أوبك".  

وعلى رغم العداء الظاهري لإدارة بايدن للنفط وتشجيعه للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، وعلى رغم الدعم الهائل للسيارات الكهربائية الذي تضمن دعم مصانع السيارات بـ12 مليار دولار، وبناء عشرات الألوف من محطات الشحن على الطرق السريعة بأموال دافع الضرائب، إلا أن بايدن وفريقه يدركون الأهمية الاستراتيجية والسياسية لصناعة النفط الأميركية، وثورة الصخري تحديداً.

فلولا ثورة الصخري لما نعم الاقتصاد الأميركي بأسعار نفط وغاز منخفضة. والحقيقة أن أسعار الغاز في الولايات المتحدة هي الأقل ضمن كل الدول المتقدمة، ولولا ثورة الغاز الصخري لكانت تكلفة الكهرباء أعلى بكثير، ومن ثم فتكلفة شحن السيارات الكهربائية أكبر بكثير.

ولولا ثورة الصخري لانقسم الاتحاد الأوروبي، ولكانت دول أوروبية عدة تقف مع الرئيس الروسي بوتين الآن، والحقيقة أن الولايات المتحدة سيطرت على أوروبا من خلال تزويدها بـ40 في المئة من واردات الغاز، وبجزء لابأس به من النفط، هذه الفوائد السياسية من ثورة الصخري للولايات المتحدة لا تقدر بثمن.

إدارة معلومات الطاقة والتغييرات الأخيرة

إدارة معلومات الطاقة الأميركية مؤسسة حكومية ضخمة مستقلة فيها عدد ضخم من الباحثين يتوزعون على مخابر عديدة بعضها سري للغاية تقوم بجمع البيانات وإعادة نشرها، فيها عشرات الباحثين في مجال النفط الذين طوروا نماذج رياضية معقدة عبر السنين لمعرفة أوضاع السوق النفطية داخل وخارج الولايات المتحدة، وتتمتع إدارة معلومات الطاقة بمصداقية أعلى من وكالة الطاقة الدولية.

بعد أن سمح الرئيس أوباما بتصدير النفط الأميركي نهاية 2015 لم تظهر النتائج إلا في عهد ترمب، حين بدأت الصادرات ترتفع منذ 2017 ووصلت إلى أوجها خلال الأشهر الأخيرة في عهد بايدن.

ومنذ عام 2017 بدأت تظهر مشكلة في بيانات إدارة معلومات الطاقة وتفاقمت هذه المشكلة خلال العامين الأخيرين، المشكلة ظهرت في البيانات الأسبوعية ثم انتقلت إلى البيانات الشهرية: الفرق بين الطلب والمعروض يتعاظم باستمرار حتى تجاوز أحياناً 14 مليون برميل في الأسبوع بعد أن كانت لا تتعدى عشر تلك الكمية تاريخياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 ونظريا يجب أن يكون الطلب مساوياً للعرض، بعبارة أخرى، تضاعف الفرق بين الطلب والعرض نحو 10 مرات، فأين اختفت هذه الكميات؟ هذا الفرق جعل البعض يشك في مصداقية بيانات إدارة المعلومات حتى أصبحت مجالاً للتندر خلال العامين الأخيرين. 

على إثر ذلك شكل المدير الجديد لإدارة المعلومات الذي عينه بايدن لجنة لدارسة الموضوع، وبعد ثلاثة أشهر من البحث تم التوصل إلى نتائج معروفة من 2017، وكنت تحدثت عنها وقتها: النفط الصخري ينتج كمية كبيرة من المكثفات والسوائل الغازية، التي تمزج مع النفط الثقيل ثم يصدر المزيج على أنه نفط، بينما حسب أغلبه على أنه سوائل غازية، والسبب في ذلك أن أغلب عمليات الدمج لا تتم في المصافي، وإنما في أماكن أخرى، ومن ثم لا تظهر في البيانات. 

في الأسبوع الماضي قررت إدارة معلومات الطاقة حساب هذه الكميات، فانخفض الفرق بين الطلب والعرض بشكل كبير، وأصبحت البيانات أكثر دقة، ولكن هذا لم يغير من واقع السوق شيئاً لأن هذه الكميات موجودة بالأساس، ولكنها لم تكن في أرقام إدارة معلومات الطاقة. بعبارة أخرى، لم يكن هناك "براميل مفقودة" في أرض الواقع، ولكنها كانت مفقودة محاسبياً.

هذه العملية خففت من المشكلة، ولكنها لم تحلها بالكامل، وذلك لأن جزءاً من الإنتاج الأميركي من المكثفات والسوائل الغازية مازال يحسب على أنه نفط خام. 

ولا شك أن المنتجين الأميركيين يستفيدون من تخفيض السعودية وروسيا الطوعي، وارتفاع الأسعار التي تجاوزت 89 دولاراً للبرميل عند كتابة هذه المقالة، ولكن أي زيادة في إنتاج النفط الصخري ستكون غالباً من نوعية واحدة من النفط وهو النفط الخفيف جداً الحلو والمكثفات، بينما تتطلب المصافي الأميركية مزيداً من النوعيات المتوسطة والحامضة، ونتيجة ذلك هو استمرار صادرات الولايات المتحدة في مستويات مرتفعة من النفط الخفيف وزيادة وارداتها من النفوط الأثقل، التي تنتجها السعودية وروسيا والعراق وبقية دول الخليج.

المشكلة الحالية أن هناك وفرة في النفط الخفيف الحلو وندرة في النفوط المتوسطة التي نتج منها ارتفاع أرباح إنتاج الديزل في المصافي بشكل كبير، وهو الأمر الذي جعل بعض المصافي في الصين والسعودية وغيرها تركز عليه للحصول على عوائد مالية أعلى،  لهذا تحاول إدارة بايدن تخفيف العقوبات على فنزويلا وإيران لإنتاج مزيد من النفط المتوسط والثقيل، لإدراكها أن السعودية لن تزيد الإنتاج إلا بما يتوافق مع مصلحتها. كما أن إدارة بايدن والأوروبيين يتغاضون عن تجاوز سعر خام أورال السقف السعري، خوفاً من ارتفاع أسعار النفط فوق المستويات الحالية، بخاصة المتوسط الحامض.

ختاماً، ارتفاع الأسعار الأخير يعني أن فرصة قيام بايدن بملء المخزون الاستراتيجي انتهت تماماً، وهذا يعني أن الخيار الوحيد أمامه هو دعم إنتاج النفط الأميركي لمنع أسعار النفط من الارتفاع الكبير في صيف 2024 قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقد يجد بايدن حلفاء غير متوقعين في عملية منع أسعار النفط من الارتفاع الشديد وهم الصين ودول الخليج، فالصين لا تريد أسعار نفط مرتفعة حفاظاً على نموها الاقتصادي ونمو صادراتها، ومن ثم ستستخدم مخزوناتها بدلاً من زيادة الواردات، ودول الخليج لا تريد أن يصبح النفط كرة سياسية في ملعب السياسيين الأميركيين، وستقلص التخفيضات الطوعية وربما تلغيها تماماً.    

اقرأ المزيد

المزيد من آراء