Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدراما العربية تكرر وجوهها "الجميلات أولا"

خريجو معاهد التمثيل يعانون مشكلات الواسطة والخليج أزماته مضاعفة

المخرج المصري محمد سامي وبرفقته زوجته الفنانة مي عمر (حساب مي عمر على إنستغرام)

ملخص

بين معايير الجمال والمحسوبيات والموهبة يتوه خريجو معاهد التمثيل في الوطن العربي في ظل تمسك المنتجين والمخرجين بالوجوه القديمة من الفنانين.

تعاني الدراما العربية من تكرار في وجوهها، وتتصدر بعض الأسماء الشاشات قاطعة الطريق على من قد يتفوقون عليها موهبة، وبخاصة خريجو معاهد التمثيل الذين يعاني معظمهم من ندرة الفرص أو قد يسمح لهم بالمشاركة بأدوار صغيرة وصعبة تتطلب كثيراً من الجهد والتعب.

وتكون ذريعة المنتجين في غالب الأحيان أنهم يفضلون التعامل مع أسماء معروفة تسوق أعمالهم وتجنبهم الخسائر وغالباً ما يستشهدون بتجارب عالمية، وبخاصة تجارب هوليود التي لم يتخرج معظم نجومها من معاهد التمثيل وتنتمي معظم نجماتها إلى عالم الجمال والأزياء.

وعلى الرغم من السلبيات التي تتركها هذه المشكلات على مستوى الدراما وتقدمها فإن المقيمين عليها مستمرون في اعتماد هذه "الاستراتيجيات"، وبخاصة بعد أن باتت المادة هي العامل الأساسي الذي يتحكم في صناعة الدراما.

رحلة طويلة وصعبة

الناقدة المصرية ماجدة موريس تقول لـ"اندبندنت عربية"، إن أزمة تكرار الوجوه في الدراما عائدة إلى "أولاً رغبة المنتج في التعامل مع أصدقائه من الممثلين وهو صاحب الرأي الأول، وثانياً لاختيارات المخرج التي تنحاز إلى الأسماء الكبيرة والنجوم لاعتقاده أنه يجذب جمهورهم لمشاهدة العمل، أما خريجو معاهد التمثيل فهم ليسوا مستبعدين بل غير معروفين، ويفترض أن يتوجهوا إلى مكاتب الكاستينغ والسؤال عن اختبارات الأعمال الجديدة، وفي حال نجحوا فإنهم يبدؤون حياتهم المهنية بدور صغير قد يلفت الأنظار إليهم وربما لا يتحقق هذا الأمر وعندها تصبح الرحلة أطول وأصعب".

وبين الجمال والمحسوبيات والموهبة تعطي موريس الأولوية للموهبة، فتقول "الدراما فن صعب يبدأ بالفكرة ثم القصة والسيناريو والحوار وبناء الشخصيات ثم الإخراج والتصوير والمونتاج وبقية العناصر، وكلها أمور لا علاقة لها بالجمال والمحسوبية بل بالموهبة والعمل الشاق والاجتهاد".

وتتابع، "الوساطات قد تكون سبباً أيضاً في دخول بعض الوجوه التي تحب التمثيل إلى المجال لأنها لم تتخرج في معهد التمثيل وتفتح لها الأبواب، ومن لا تتوفر لديه الوساطة يجد نفسه مجبراً على البحث في مكاتب الكاستينغ التي تحتاج إلى وجوه جديدة للمشاركة في مسلسل أو فيلم، وكلا النوعين موجودان ولكن النوع الأول أهم وأسرع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن تجربة المخرج المصري محمد سامي الذي يتهم بدعم زوجته مي عمر على حساب باقي ممثلات العمل، ترى "موريس" أن الفنانة المصرية مثلت في أعمال كثيرة وبمساعدة زوجها حصلت على أدوار البطولة ولكنه عندما أخرج مسلسل "نسل الأغراب" تعرض لهجوم على موقع "فيسبوك" وفسخت الشركة المنتجة تعاقدها معه.

وبحسب الناقدة الفنية، فإن العمل في الفن عموماً والتمثيل تحديداً يؤمن الشهرة والمال، ولذلك هو هدف عند كثيرين ولكن الموهبة أساسية لكي يفرض الممثل نفسه، مضيفة، "حتى لو وجدت الوساطة فإنه لن ينجح أبداً حتى في أدوار البطولة وهذه القاعدة تحكم العمل التمثيلي، والوساطات الفنية موجودة في كل مكان في العالم ولكن من يستمر هو المجتهد والموهوب الذي يطور تجربته ويفرض نفسه وينتظر الناس أعماله".

هوليوود وتيتانك

يبدو الوضع مختلفاً في سوريا، إذ يقول الممثل والمخرج والمؤلف فايز قزق، الذي يدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية، "في سوريا 90  في المئة من الممثلين تخرجوا في المعهد العالي للفنون المسرحية، وعندما عرض علي مسلسل (الزند) طلبت مشاركة تسعة ممثلين جدد كما كنت قد طلبت قبله مشاركة ثمانية ممثلين من خريجي المعهد في مسلسل (كسر عظم) وتحقق طلبي".

وتابع، "المعهد في سوريا له تقاليد متينة، ومنذ عام 1980 وأنا أدرس فيه إلى جانب أساتذة محترفين درسوا في الخارج وقبلنا كان هناك سعد الله ونوس ومحمد الماغوط وفواز الساجر وممدوح عدوان ونبيل حفار ونعمان جود الذين يحملون شهادات دكتوراه في مختلف الاختصاصات المسرحية، كما كان يقصده أساتذة من فرنسا وروسيا وبريطانيا وأميركا لإعطاء دورات للأساتذة ولذلك هو خرّج عدداً كبيراً من الممثلين المحترفين والمتعلمين تعليماً عالياً يختلف نسيجه عن نسيج معهد الفنون المسرحية في بيروت الذي تم إقفاله".

ويمضي في حديثه، "أما في مصر فهناك تخل عن المفاهيم الأكاديمية وعن الطابع التدريبي والتدريسي القادر على صناعة فنان مسرحي مهم جداً ينتقل في مرحلة لاحقة إلى السينما فالتلفزيون، فالتعامل مع فتيات جميلات يتحولن إلى نجمات يؤدي إلى تقوقع الخريجات أو إسناد أدوار غير مهمة لهن والأمر نفسه ينطبق على الجزائر وتونس التي فقدت مسرحها".

 

 

ويرى أن "هوليوود ليست معياراً عندما يقال إن ظاهرة الجمال تطغى على الفن، وبرأيي فإن هذه الظاهرة وجدت في الأساس للسيطرة على أدمغة العالم من خلال اعتماد معايير تبقي الإنسان مدهوشاً، وإن كان يحسب لأميركا إدخال الكمبيوتر إلى السينما. مثلاً في فيلم (تيتانيك) تمت الاستعانة بالممثل الجميل ليوناردو دي كابريو والممثلة الجميلة كيت وينسلت وتم إعدادهما لكي يكونا كما أصبحا عليه في رؤوسنا".

أجور عالية

في المقابل، يؤمن الممثل الكويتي فيصل السعد بأن الدراما في بلده محصورة بممثلين محددين معظمهم لم يتخرجوا في معهد التمثيل ولكن الوضع يختلف تماماً في المسرح "في الدراما لا يحبذون التعامل مع الخريجين لأن أجورهم عالية ويرفضون تنفيذ أوامر المخرجين عندما لا يقتنعون بها".

ويضيف، "الخريجون يناقشون والمخرجون في الخليج لا يحبون من يناقشهم بل يفضلون التعامل مع ممثل ينصاع لأوامرهم"، لافتاً الانتباه إلى أن "مخرجي الدراما يهمهم إنهاء التصوير فقط، فبعضهم درس في الخارج لأنه لا يوجد في الكويت مادة لتدريس الإخراج التلفزيوني ولكن النسبة الكبيرة منهم بدأوا حياتهم المهنية كمصوري كاميرات ثم تحولوا إلى الإخراج، وهذا الوضع يؤثر على مستوى الدراما التي تهيمن عليها الشللية ولا يحق للنقابة التدخل لأن الإنتاج تديره شركات خاصة".

الفنون المسرحية

أما الممثل والمخرج الإماراتي حبيب غلوم فيشير إلى "أن الممثلين الإماراتيين الذين تخرجوا في معاهد التمثيل لا يتجاوزون أصابع اليدين فقط ويعملون جميعاً في الدراما أو في المسرح، وحتى عدد الخريجين في السعودية محدود وفي ظل الطفرة التي تشهدها البلاد كلهم يعملون وكذلك غير الخريجين ويتضح هذا الوضع أكثر في الكويت كونهم لا يستعينون بممثلين من الخارج لوجود عدد كبير ممن تخرجوا في مختلف الاختصاصات من المعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرجت فيه أنا أيضاً".

ويذكر "بينما في السابق كانوا يستعينون بممثلين وبخاصة بممثلات من دول التعاون الخليجي بسبب قلة عدد الممثلات الكويتيات، وبما أنني أتابع الحركة المسرحية في مصر، ألاحظ أن خالد جلال يفخر بأن نجوم هذه المرحلة كانوا تلاميذه وكانوا معي في نفس الدفعة لأنني درست الماجستير في معهد الفنون المسرحية بالقاهرة، ومن بينهم أحمد السقا ورامز جلال ومجدي كامل ومحمد سعد وأحمد حلمي إضافة إلى عدد من المخرجين المتميزين".

دم جديد بلبنان

بينما يبشر المخرج والممثل فادي أبي سمرا الذي يتولى إعداد الممثلين في إحدى الشركات بأنه يتم العمل لحل مشكلة تكرار الوجوه في الدراما اللبنانية من خلال ضخ دم جديد يشكل خريجو معاهد التمثيل 90 في المئة منه.

ويضيف "لأن المنتجين يفضلون التعامل مع الأسماء المعروفة لتسويق أعمالهم يتم التركيز على الوجوه الجديدة في أعمال المنصات وبعض الأعمال التلفزيونية مع الإبقاء على الوجوه المعروفة لبطولة الأعمال الرمضانية، ومن عمل إلى آخر تتكرس الوجوه الجديدة وتصبح معروفة".

 

 

ويقول، "أنا ضد الاستعانة دائماً بملكات الجمال وعارضات الأزياء ومع التنويع بحيث تتم الاستعانة بهن في بعض الأعمال من دون حصر الدراما بهن وهذه المسألة ليست صحية ولا تصب في مصلحة شركات الإنتاج والجسم التمثيلي".

عدم ثقة

يبدو أن الممثلة رندا كعدي تحمّل المنتجين المسؤولية، فتقول "هم يشركون خريجي المعاهد بأدوار صغيرة وصعبة ويخصون الجميلات بأدوار البطولة، وهذا الوضع ليس جديداً بل أنا عشته في زمن مروان نجار الذي كان يختار الأصغر سناً لأدوار البطولة بينما أنا بدأت واستمررت معه بأدوار الأمومة وعندما اختارني بطلة لم يقدمني كبطلة مطلقة في (أحلى بيوت راس بيروت) بل كانت القصة تدور حول مجموعة من الشباب وأنا كنت أنجدهم بوجودي".

وتختم حديثها، "أما أنطوان ريمي فكانت زوجته الجميلة هي بطلة أعماله... أنا أعاني منذ دخولي المجال ولو لم أكن أعشق المهنة لما كنت استمررت فيها، التمثيل اليوم مجرد أشكال ووضعيات (بوزات) ولم يكن هناك رغبة يوماً في التعامل مع الخريجين فهم لم يثقوا بنا وكان ممثلو الجيل القديم أبطال الساحة لأنهم كانوا يريدون الاطمئنان إلى النتيجة ولا أعرف ما إذا كان هذا التفكير في مكانه".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة