Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

3 أهداف ترصدها روسيا في الساحل الأفريقي لتأمين حضور دائم

يعتبر البعض أن موسكو أصبحت حليفاً عسكرياً لدول المنطقة لكنها تترك المجال لها للدفاع عن مصالحها وهذا الفرق بينها وبين فرنسا

طموحات روسيا في الساحل الأفريقي لا تقتصر على الحضور العسكري (رويترز)

ملخص

يرى مراقبون أن توجه روسيا نحو المجال الاقتصادي في دول يعاني سكانها الفقر المدقع، يعكس رغبة منها في ترسيخ حضور دائم في الساحل الأفريقي على رغم أنها مشتتة بالحرب في أوكرانيا

بينما ينشغل العالم بالتصعيد العسكري في غزة بين حركة "حماس" وإسرائيل، تحركت روسيا في الساحل الأفريقي من أجل تثبيت أقدامها وتنويع حضورها في المنطقة، في خطوة من شأنها إغلاق الطرق التي قد تجد فيها قوى إقليمية ملاذاً للتصدي للتغلغل الروسي.

ووقعت الحكومة الروسية مع حكومة بوركينا فاسو مذكرة تفاهم من أجل إنشاء محطة نووية تغطي احتياجات السكان من الطاقة، في البلد الذي يشهد باستمرار هجمات إرهابية ولا تصل فيه الكهرباء سوى إلى ربع السكان بحسب بيانات حكومية، وجاء ذلك على هامش أسبوع الطاقة الذي عقد أخيراً في موسكو.

وشارك وزير الطاقة البوركيني، سيمون بيير بوسيم، في أسبوع الطاقة، فيما قالت حكومته إن "توقيع مذكرة التفاهم تجسد رغبة الرئيس إبراهيم تراوري التي أعرب عنها في يوليو (تموز) الماضي في القمة الروسية – الأفريقية في حديث مع الرئيس فلاديمير بوتين".

تعاون مثمر وراسخ

ومهد تراوري، الذي وصل إلى دفة الحكم في انقلاب عسكري في سبتمبر (أيلول) من عام 2022، الطريق لروسيا لترسيخ موطئ قدم لها في واغادوغو عسكرياً من خلال "فاغنر" في بلد يعاني من هجمات إرهابية دموية، فيما تضع موسكو نصب عينيها الآن تعزيز حضورها الاقتصادي في هذا البلد.

وفي ما يخص الطاقة الكهربائية، فإن بنك التنمية الأفريقي قال في بيانات رسمية نشرها عام 2020، إن "22.5 في المئة فقط من سكان بوركينافاسو، و67.4 في المئة من المناطق الحضرية، و5.3 في المئة من المناطق الريفية، يحصلون على الكهرباء".

وقال المحلل السياسي البوركيني، ألفا كوندي، إنه "منذ تسلم الرئيس تراوري مقاليد الحكم في بوركينافاسو، بدأ التفكير في المحطة النووية لأنها توفر كهرباء أقل تكلفة للمواطنين، ومردودها جيد، إنشاء هذه المحطة سيسمح لنا بتوفير حاجياتنا، ولم لا؟ التصدير إلى الخارج".

وتابع كوندي في حديث لـ"اندبندنت عربية"، قائلاً "لا يمكننا التصنيع بمفردنا، لذلك بدأت مالي بتكوين كفاءات في هذا المجال، وهو ما سنستفيد منه أيضاً، وكذلك سنعمل على الاستفادة من روسيا وهي حليف راسخ بالنسبة إلينا على رغم أنها ليست الحل الوحيد، لكن لدينا ثقة في ما تقوم به عكس فرنسا".

وشدد المتحدث على أن "روسيا أصبحت حليفاً عسكرياً لدول الساحل الأفريقي، وهي تدافع عن مصالحها، لكنها تترك المجال لدول المنطقة من أجل الدفاع عن مصالحها في المقابل، وهذا الفرق بين موسكو وباريس، لذلك المهم بالنسبة إلينا مصالحنا التي تتجسد اليوم في هذه المحطة النووية التي ستسهل أكثر حياة الناس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تخطيط لحضور دائم

وشهدت السنوات الأخيرة انتكاسات فرنسية متتالية في دول الساحل الأفريقي عندما هبت رياح الانقلابات العسكرية بما لا تشتهيه باريس، فتساقط حلفاؤها الواحد تلو الآخر، وكان آخرهم الرئيس النيجري، محمد بازوم، الذي شكل انهيار حكمه صدمة غير مسبوقة للحكومة الفرنسية.

ويرى مراقبون أن توجه روسيا نحو المجال الاقتصادي في دول يعاني سكانها الفقر المدقع، يعكس رغبة منها في ترسيخ حضور دائم في الساحل الأفريقي على رغم أنها مشتتة بالحرب في أوكرانيا والملف السوري وغيرهما.

وقال الخبير المتخصص في الشؤون الدولية، نزار مقني، "لا أعتقد أن روسيا بصدد استنساخ سيناريو فرنسا في الساحل الأفريقي، هي تبحث عن تعاون يضمن لها وجوداً وحضوراً دائمين ليس عسكرياً وميليشاوياً عبر "فاغنر" فقط، بل حضوراً اقتصادياً، لأن المرحلة الأخيرة من الصراع الجيوسياسي تفرض أن تكون هذه المواقع ثابتة بالنسبة إلى القوى الإقليمية، ما يعني أن تفتح مجالاً حيوياً بشكل دائم، وكيف يكون ذلك؟ يكون عن طريق عدم الوقوع في أخطاء فرنسا، وأن يكون هناك تعاوناً مباشراً على قاعدة رابح – رابح لكلا الطرفين".

وأردف مقني في تصريح خاص أن "روسيا تريد أن تكون لهذه المناطق تكنولوجيا روسية مباشرة وليس أن تصدر لها الطاقة بشكلها النهائي، هذا سيجر بوركينا فاسو إلى تبعية للتكنولوجيا الروسية من طريق صيانة هذه المفاعلات، أو أن تكون هناك سوق مباشرة للمنتوجات الروسية في مختلف الميادين سواء العسكرية أو حتى الفلاحية، وهذا يؤشر إلى أن روسيا ليست هناك فقط للقيام بدور أمني وعسكري، بل أيضاً هي موجودة لكي تبقى بشكل دائم".

وأثار مقتل قائد "فاغنر"، يفغيني بريغوجين، أخيراً عندما تحطمت طائرته في بلاده، تساؤلات حول مصير النفوذ الروسي في القارة السمراء، لا سيما أن الرجل معروف بحنكته العسكرية وصلابة رجاله في الميدان، وتسللت قواته بالفعل إلى دول أفريقية من بينها مالي، وبوركينا فاسو، وجمهورية أفريقيا الوسطى.

ويبدو أن الحكومة الروسية بدأت تلجأ إلى خيارات من شأنها أن تؤمن لها حضوراً دائماً هناك، لا سيما أن الاحتجاجات التي خرجت ضد فرنسا من شعوب هذه الدول رفعت شعارات تنادي بوقف استغلال موارد دولهم.

صراع دولي مفتوح

ومع محاولاتها التغلغل في قارة تزخر بموارد وثروات طبيعية هائلة، وتشهد نشاطاً لجماعات إرهابية، فإن ما يخامر المتابعين الآتي، هل سيقف الغرب مكتوف الأيدي؟

يجيب المحلل السياسي المقيم في فرنسا، نزار الجليدي، أن القارة الأفريقية تشهد صراعاً دولياً وإقليمياً حول النفوذ بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى.

وتابع الجليدي أن "روسيا أرادت توسيع نفوذها، وهي تبحث منذ فترة طويلة عن التموقع بشكل لا يعكس تفكير الهيمنة والاستعمار، بل تموقعاً اقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً أيضاً بسبب التواجد الأميركي في المقابل من خلال قيادة الأفريكوم".

ويعتقد المتحدث أن "هناك صراعاً مفتوحاً اليوم بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى في أفريقيا، موسكو لديها فرص أقوى لترسيخ حضورها خصوصاً مع الترحيب الشعبي بها الذي شاهدناه في أكثر من دولة في الساحل الأفريقي".

المزيد من تقارير