Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين تتودد إلى الجنوب العالمي في منتدى "الحزام والطريق"

الحرب التجارية ومعارك روسيا والجائحة والتضخم عوامل مهمة تحد من طموحات بكين

حشد نحو تريليون دولار من الاستثمارات تحت رعاية مبادرة "الحزام والطريق" الصينية (أ ف ب)

ملخص

تواجه اليوم مبادرة "الحزام والطريق" عدداً من الصدمات الخطرة أثرت بالفعل على مدى اتساع نطاقها

يجتمع زعماء العالم اليوم الثلاثاء في بكين لحضور منتدى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وهو الحدث الثالث من نوعه منذ أطلق الرئيس الصيني شي جينبينغ حملة التنمية العالمية المميزة قبل 10 سنوات.

ويتوقع أن تكون بكين حريصة خلال الحدث على إظهار نفوذها المتزايد ووضع نفسها كزعيم للدول النامية، وأن يركز شي بشكل متجدد على التعامل مع الجنوب العالمي، إذ أصبحت العلاقات الصينية مع الغرب فاترة بشكل متزايد.

في حين يرى المحللون أنه قد يكون من الصعب الحفاظ على انسجام الصين مع الجنوب العالمي من حيث التنمية الاقتصادية، إذ قفزت الصين من كونها دولة منخفضة الدخل إلى دولة ذات دخل متوسط أعلى بسرعة البرق، ولكن مع التركيز القوي على الجنوب العالمي في منتدى مبادرة الحزام والطريق هذا الأسبوع، تحاول بكين توضيح أن عرضها للجنوب العالمي لا يزال أكثر جاذبية من العرض المقدم من بروكسل أو واشنطن.

وتواجه اليوم مبادرة "الحزام والطريق" عدداً من الصدمات الخطرة أثرت بالفعل على مدى اتساع نطاقها، وتشمل الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، والهجوم الروسي على أوكرانيا، وجائحة كورونا ومتحوراتها والتي قد تطل برأسها مجدداً على العالم، ناهيك عن التباطؤ الاقتصادي في الصين، وارتفاع أسعار السلع الأساس، وأزمة الطاقة، وأخيراً احتدام الصراع بين إسرائيل و"حماس" والذي يخشى من توسع دائرته في منطقة الشرق الأوسط وتداعيات ذلك على الاقتصاد العالمي.

وفي مواجهة مثل هذه الرياح المعاكسة، يسعى شي إلى جعل مبادرة "الحزام والطريق" أصغر وأكثر مراعاة للبيئة، والانتقال من المشاريع الباهظة الثمن مثل السدود إلى مشاريع التكنولوجيا الفائقة مثل التمويل الرقمي ومنصات التجارة الإلكترونية. ويقول محللون لـ"رويترز"، إن الهدف هو المساعدة في دفع أوسع نطاقاً نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب ويمنح الجنوب العالمي المزيد من القوة، بدلاً من النظام الذي تهيمن عليه واشنطن وحلفاؤها.

وكان من المتصور في الأصل أن تكون مبادرة "الحزام والطريق" بمثابة مشروع ضخم للبنية التحتية المادية والرقمية لربط الصين بآسيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا وأوروبا وبقية العالم، لتتوسع لاحقاً لتصبح أداة ضخمة لتمويل البنية التحتية للمقرضين الصينيين لدعم المشاريع في كل ركن من أركان العالم تقريباً، وبخاصة في الجنوب العالمي، ومع هذا الدعم، جاء نفوذ الصين المتزايد على المسرح العالمي، حتى مع تزايد تشكك الدول الغربية في تلك المبادرة.

وفي واحد من أكبر المؤتمرات الدولية منذ تخلت الصين عن سياسة القضاء على فيروس كورونا في نهاية العام الماضي وأعادت فتح الحدود، تأتي قمة مبادرة "الحزام والطريق" لتأكيد ثقل الصين في الاقتصاد العالمي وإن تباطأ اقتصادها وتعثر قطاعها العقاري.

أبعاد مشاركة بوتين في المنتدى

ومن بين أكثر من 130 دولة ستشارك في المنتدى الذي يستمر يومين، ويبدأ اليوم الثلاثاء، من المتوقع أن يكون الممثل الأبرز من الاتحاد الأوروبي هو فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، الذي يعتبر أكثر دعماً للصين من الزعماء الآخرين في العالم. ومن بين الضيوف البارزين الآخرين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وممثل عن حركة "طالبان". وكانت آخر مرة زار فيها بوتين بكين قبل وقت قصير من هجوم قواته على أوكرانيا.

وصل بوتين - الذي لم يسافر كثيراً إلى الخارج منذ أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه في مارس (آذار) الماضي - إلى بكين اليوم الثلاثاء، ويلزم أمر المحكمة الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 123 دولة باعتقال بوتين ونقله إلى لاهاي لمحاكمته إذا وطأت قدماه أراضيها، لكن ذلك لن يحصل في الصين باعتبارها ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية.

وقال مدير معهد "غريفيث آسيا"، كريستوف نيدوبيل وانغ، لـ"الغارديان"، إن دعوة بوتين لحضور منتدى شي، يؤكد على المواءمة بين الأولويات السياسية الصينية والروسية، حتى في الوقت الذي تحاول فيه بكين وضع نفسها صانعة للسلام في الصراع الأوكراني.

وكانت روسيا قالت يوم أمس الإثنين، إنها تنضم إلى الصين في تقييد واردات المأكولات البحرية اليابانية وسط مخاوف في شأن التلوث المرتبط بإطلاق مياه الصرف الصحي من محطة فوكوشيما النووية، في حين يقول بعض المحللين إن الدافع وراء هذه القيود هو مخاوف سياسية وليس مخاوف تتعلق بالسلامة.

لكن حضور بوتين لمنتدى "الحزام والطريق"، على رغم حقيقة أن روسيا لم توقع رسمياً على المبادرة، يؤكد على العلاقة الوثيقة بين البلدين.

ويأمل شي في استخدام الحدث للترويج للنظرة العالمية "متعددة الأقطاب" للصين وروسيا، والتي يزعمون أنها تمنح الجنوب العالمي المزيد من القوة، وأصبح هذا العرض سياسياً على نحو متزايد وبخاصة مع تضاؤل حجم التمويل المتاح، والمطلوب من خلال المبادرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التنمية الصينية وضائقه ديون الدول

وجدت دراسة حديثة نشرتها جامعة بوسطن أنه في حين قدمت مؤسسات تمويل التنمية الصينية نحو 331 مليار دولار أميركي، للدول المتلقية بين عامي 2013 و2021، فإن "عدداً من المستفيدين من التمويل الصيني يتعرضون لضائقة ديون كبيرة". وأنفقت الصين أيضاً نحو 240 مليار دولار لإنقاذ الدول التي تكافح من أجل سداد ديون مبادرة "الحزام والطريق"، وفقاً لبحث منفصل نُشر في وقت سابق من هذا العام.

من جانبها، قالت الزميلة الباحثة في معهد التنمية الدولية (ODI)، وهو مركز أبحاث للشؤون العالمية، ليندا كالابريس، للصحيفة إن تمويل مبادرة "الحزام والطريق" كان يركز بشكل متزايد على المشاريع الصغيرة، مع أهداف محددة تتعلق بأهداف اجتماعية أو سياسية. وأشارت إلى أن هذا تحول يقوده أيضاً المقترضون الذين يشعرون بقلق متزايد من أن ينتهي بهم الأمر إلى ديون لا يمكن السيطرة عليها أو مشاريع البنية التحتية، وهو اختلاف ملحوظ عما كانت عليه الحال عندما تم إطلاق مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013.

ولكن منذ ذلك الحين اندلعت حرب تجارية مع الولايات المتحدة، وحرب روسيا في أوكرانيا، وتفشي جائحة عالمية، وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، وكلها عوامل أثرت في طموحات الصين التنموية، وتم حشد نحو تريليون دولار من الاستثمارات تحت رعاية مبادرة "الحزام والطريق"، وفقاً لوزارة الخارجية الصينية، لكن حجم الإقراض للدول الفقيرة بلغ ذروته قبل عدة سنوات.

وفي العام الماضي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أطلق شي فكرة مبادرة التنمية العالمية، وهو مفهوم التنمية الجديد في الصين المرتبط بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

"الكتاب الأبيض" الصيني

وتريد بكين أيضاً التحول إلى النوعية وليس الكمية عندما يتعلق الأمر بقروضها واستثماراتها في الخارج، وقالت الحكومة الصينية إن الهدف النهائي لمبادرة "الحزام والطريق" هو المساعدة في بناء مجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك، وهذا يعني التركيز على قضايا مثل الأمن الغذائي والأمراض المعدية والذكاء الاصطناعي وتغير المناخ، بدلاً من التركيز على التنمية الاقتصادية فقط.

وفي الأشهر الأخيرة، حاولت بكين وضع نفسها عضواً في الجنوب العالمي، على رغم حقيقة أنها باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم لديها ثقل على المسرح العالمي لا يضاهيه سوى الولايات المتحدة.