Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا خفت صوت الجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي؟

تسجيل 13 عملية في سبتمبر الماضي أدت إلى مقتل 204 أشخاص خلال هجمات يومية

مجموعات من العناصر الإرهابية المسلحة بمنطقة الساحل الأفريقي (أ ف ب)

ملخص

يترقب المتابعون تصاعد الأعمال الإرهابية في الساحل بعد توتر الأوضاع بمالي والنيجر بعد فترة هدوء مما جعل التساؤل حول حقيقة الأوضاع يثار هنا وهناك؟

خفت صوت الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل بعد أن ظلت الاعتداءات لفترة مسيطرة على المشهد الإقليمي والدولي، لا سيما بعد الانقلاب الذي عرفته النيجر في الـ 26 من يوليو (حزيران) الماضي، وما تبعه من توتر العلاقة بين السلطة في مالي والحركات الأزوادية، وبين من يعتبر أن الإرهابيين يواصلون فرض منطقهم وآخر يؤمن بأن الهجمات لم تعد بالحجم الذي كانت عليه من قبل، ليبقى الوضع في تلك البقعة الأفريقية معرضاً للانفجار في أية لحظة.

وفي حين يترقب المتابعون تصاعد الأعمال الإرهابية في الساحل بعد توتر الأوضاع في مالي والنيجر، انخفض الحديث عن اعتداءات إرهابية شهدتها المنطقة في الأقل إعلامياً، مما جعل التساؤل حول حقيقة الأوضاع يثار هنا وهناك، وما زاد من الانشغال تداول تقرير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بأن دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر شهدت خلال سبتمبر (أيلول) الماضي 13 عملية إرهابية أدت إلى مقتل 204 أشخاص وإصابة 32 آخرين، بينما كانت عرضة لهجمات إرهابية يومية سواء أكانت تستهدف القوات الحكومية أو السكان أو القوات الأممية.

وفسر الخبراء تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في الساحل بالانسحاب المفاجئ لقوات الأمم المتحدة والجنود الفرنسيين تحت ضغط الشارع الذي خرج يطالب برحيلهم من دون تسليم المناطق المعنية للجيوش الحكومية، مما ترك ثغرة أمنية استغلها الإرهابيون في تكثيف نشاطهم للسيطرة على مساحات واسعة، لكن الصمت الحالي المرافق للنشاط المتطرف في المنطقة اختلفت تبريراته.

أسباب مختلفة

وقال الباحث المقيم في الولايات المتحدة والمهتم بالعلاقات الدولية محمد دلومي إن "وتيرة النشاط الإرهابي التي كانت قائمة قبل وبعد الانقلاب في النيجر انخفضت بشكل لافت خلال الآونة الأخيرة، لأسباب مختلفة من أهمها إصرار قادة جيوش دول الساحل القضاء على هذه الجماعات، فضلاً عن التعاون اللوجيستي والاستخباري بين الأجهزة الأمنية لدول مالي وبوركينا فاسو والنيجر".

وأضاف دلومي في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "أهم سبب جعل ظاهرة الإرهاب تتراجع هو غياب الدعم الذي كانت تتلقاه الجماعات المتطرفة من قبل بعض الدول الغربية التي كانت تهيمن على مقدرات دول الساحل"، مشيراً إلى اتهام السلطات المالية لباريس بدعم الجماعات المسلحة الإرهابية، إذ كشفت باماكو عام 2022 أنها تحوز أدلة تؤكد اختراق الطيران الحربي الفرنسي للمجال الجوي للبلاد بغرض تحديد الأهداف العسكرية الحكومية والتجسس لمصلحة الجماعات المسلحة، وأيضاً إلقاء السلاح لها.

وسبق أن طالبت السلطات المالية مجلس الأمن بعقد اجتماع طارئ لتقديم هذه الأدلة، غير أن الـ "فيتو" الفرنسي حال دون ذلك، موضحاً أن هناك نقطة أخرى تتعلق بوجود قوات "فاغنر" الروسية والتنسيق بينها وبين جيوش دول الساحل، والتي أسهمت أيضاً في تقويض الجماعات الإرهابية.

لم تختف نهائياً

لكن عضو المكتب السياسي لحزب التجديد الديمقراطي والجمهوري النيجري عمر الأنصاري كان له رأي آخر، إذ أوضح أن الجماعات الإرهابية لم تختف نهائياً ولم تتوقف اعتداءاتها، مضيفاً "حدث الأربعاء الماضي اعتداء إرهابي دام راح ضحيته عسكريون ومدنيون، وهو في الغالب من تنفيذ تنظيم ’داعش‘ الإرهابي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومضى في حديثه، "بصراحة لا أرى أي تغير عندنا وكذلك في مالي وبوركينا فاسو"، موضحاً أن "داعش" يتوسع في النيجر على حساب تنظيم "القاعدة" منذ انقلاب الـ 26 من يوليو الماضي واندلاع أحداث شمال مالي، مما يجعل مستقبل المنطقة إرهابياً بين "داعش" و"القاعدة" على رغم تسجيل معارك عدة بينهما خلال الفترة الأخيرة.

ويتابع الأنصاري أن الوضع في النيجر لا يبشر بالخير وبلاده تعيش في دوامة انقلاب فاشل، مشيراً إلى أن كل شيء متوقف والبلد محاصر بعد أن رفض الانقلابيون جميع الحلول، وختم "ننتظر انقلابياً آخر يقود مرحلة انتقالية معقولة".

خفت الصوت إعلامياً

من جانبه استبعد الإعلامي المهتم بالشؤون الأمنية عمار قردود وجود مؤشرات ذات دلالة كبيرة على تراجع نشاط الحركات الإرهابية في الساحل الأفريقي، موضحاً أنه "على رغم الاضطرابات والقلاقل الأمنية التي تعرفها المنطقة إلا أننا نلاحظ أن هناك خفوتاً إعلامياً لصوت الحركات الإرهابية على غير العادة، بينما ميدانياً نجد أن النشاط الإرهابي لا يزال متواصلاً"، مرجعاً ذلك إلى الحرب الروسية - الأوكرانية والوضع في غزة.

وأشار إلى أن الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة وبخاصة "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" و"تنظيم داعش في الصحراء الكبرى" شهدت زيادة مذهلة خلال الأعوام الأخيرة، متهماً إياها بالانتشار على مستوى حدود بوركينا فاسو ومالي والنيجر.

وأوضح قردود أن هذه الجماعات لم تعد تعتمد على الأجانب بل على القادة المحليين في مناطق نشاطها وتنسيق الهجمات.

تمويل الإرهاب في الساحل

إلى ذلك فككت المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة "غلوبال إنتياتف" خبايا تمويل "جماعة نصر الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم "القاعدة" وتورطها في تغذية نشاطاته عبر الاقتصادات غير المشروعة من طريق تعدين الذهب الحرفي والاختطاف والسرقة ونهب الماشية.

وأبرز آخر تقرير للمبادرة صدر نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن أول مجال حيوي للجماعة الإرهابية في منطقة الساحل هو تعدين الذهب أو التنقيب عن المعدن الأصفر، ثم الاختطاف في مقابل الفدية باعتباره عنصراً أساساً يغذي موارد الجماعات المسلحة منذ العقد الأول من القرن الـ 21، إذ قُدرت في عام 2017، وهو تاريخ ميلاد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، الإيرادات السنوية في المنطقة ما بين 18 و35 مليون دولار أميركي.

أما ثالث مجال في تمويل الإرهابيين في المنطقة فهو سرقة الماشية إذ تعتبر بمثابة اقتصاد آخر غير مشروع وأساس في تمويل التنظيم، ومن خلالها يسعى إلى تعزيز وجوده وتأثيره داخل المجتمعات، وكشفت التقديرات أنه في عام 2021 يكسب الإرهابيون ما يفوق 50 ألف دولار أميركياً كل شهر من نهب الماشية بين بوركينا فاسو ومالي.

المزيد من متابعات