Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اقتصاد أوروبا الراكد يتخلف أكثر عن الولايات المتحدة

النمو القوي للاقتصاد الأميركي وعزلته النسبية عن الأزمات الجيوسياسية جعلاه يتقدم على اقتصاد منطقة اليورو

 ارتفع مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي 12.64 في المئة العام الماضي (أ ف ب)

أصيب الاقتصاد الأوروبي بالركود خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما وسع الفجوة بين الاقتصادين الأميركي ونظيره الأوروبي الذي يتخلف عن الركب بصورة متزايدة أخيراً، إذ أظهرت البيانات الاقتصادية الجديدة أن ارتفاع كلف الاقتراض فاقمت التأثير السابق لارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا.

وفي المقابل توسع الاقتصاد الأميركي بقوة متمتعاً بأقوى أداء له مقارنة بمنطقة اليورو منذ عام 2013، باستثناء حقبة جائحة "كوفيد-19".

في غضون ذلك، أثرت أزمة البحر الأحمر في أوروبا أكثر من أميركا، في حين أن أحد العوامل التي تهدد بإلقاء مزيد من الضغوط على الاقتصاد الأوروبي هو قربه من بؤر التوتر الجيوسياسية، إذ أدت حرب روسيا على أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة بصورة صاروخية عام 2022، مما أضر بالمصنعين الأوروبيين، في حين لم تتأثر الولايات المتحدة نسبياً باعتبارها منتجاً للطاقة، حتى إن صناعة الغاز الطبيعي لديها استفادت عندما أصبحت مورد الطاقة كملاذ أخير لأوروبا بعد أن خفضت روسيا إمدادات الغاز إلى المنطقة.

والآن تعمل الأزمة في الشرق الأوسط والتي أدت إلى إعاقة حركة البضائع عبر البحر الأحمر على زيادة الكلف على المستوردين الأوروبيين وتعطيل سلاسل التوريد الأوروبية، مقارنة بالولايات المتحدة التي لم تعاني كثيراً نظراً إلى أن لديها طرقاً بديلة للبضائع القادمة من آسيا.

وارتفع مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي 12.64 في المئة العام الماضي، أي ما يزيد قليلاً على نصف أداء مؤشر "إس أند بي 500" الذي ارتفع 24.23 في المئة خلال الفترة نفسها.

من جانبها"، قالت وكالة الإحصاءات التابعة للاتحاد الأوروبي إن الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو لم يتغير خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي.

وخلال عام 2023 بصورة كاملة سجلت "المديرية العامة للمفوضية الأوروبية إدارتها في لوكسمبورغ، ومسؤولياتها الرئيسة هي تزويد الاتحاد الأوروبي بالمعلومات الإحصائية على المستوى الأوروبي" "يوروستات" نمواً بـ 0.5 في المئة لاقتصاد الكتلة الأوروبية وحسب، بينما توسع الاقتصاد الأميركي بـ 2.5 في المئة.

تباين الكتل الاقتصادية

ومع ذلك، فإن التباين بين الكتل الاقتصادية العملاقة هو قصة قوة أميركية مفاجئة أكثر من كونها قصة ضعف غير متوقع في منطقة اليورو، فقد سجلت الولايات المتحدة نمواً أسرع بكثير مما توقعه الاقتصاديون في بداية عام 2023، في حين تضررت منطقة اليورو بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع أسعار الفائدة كما كان متوقعاً، ويتوقع الاقتصاديون أن تضيق فجوة النمو إلى حد ما خلال العام.

في حين لا يتوقع صناع السياسات في أوروبا أن يمتد الركود في الإنتاج إلى عام 2024، وبدلاً من ذلك يرون انتعاشاً في النشاط مع ارتفاع الأجور بصورة أسرع من الأسعار، مما يعكس اتجاه الانخفاض في الدخول الحقيقي الذي أعقب الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.

في غضون ذلك، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد "لدينا الظروف اللازمة للتعافي"، مضيفة "أنا لا أقترح أن الأمر سيتحسن بصورة جذرية".

وما يساعد أوروبا هو أن أسعار الطاقة تهبط من أعلى مستوياتها بعد الحرب الروسية - الأوكرانية بسرعة أكبر مما توقعه صناع القرار السياسي، إذ من المفترض أن يساعد ذلك في تعزيز إنفاق الأسر على السلع والخدمات الأخرى وخفض الكلف التي تتحملها المصانع الأوروبية التي تعاني ضغوطاً شديدة.

التضخم والتشوهات الجيوسياسية

ومع تراجع التضخم فمن المتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيس في وقت لاحق من هذا العام، مما من شأنه أن يهز النمو أيضاً من خلال تخفيف الضغط على إنفاق الأسر واستثمارات الأعمال.

ومع ذلك، تواجه منطقة اليورو تهديدات جديدة أيضاً، وبخاصة بسبب الصراع الذي بدأ بالهجوم الذي شنته "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فقد أدت الاضطرابات في الشحن في البحر الأحمر إلى ارتفاع كلف الشحن بصورة حادة وأدت إلى تأخير الشركات المصنعة الأوروبية التي تعتمد على السفن الآسيوية وعلى الموردين لقطع الغيار، ومن الممكن أن يؤدي مزيد من تصعيد الصراع إلى عكس اتجاه الانخفاض في كلف الطاقة وعرقلة التعافي المتوقع.

وفي تلك الأثناء، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تنمو منطقة اليورو 0.9 في المئة هذا العام، وهو انخفاض عن تقديراته السابقة للنمو البالغة 1.2 في المئة.

وفي المقابل، يتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي 2.1 في المئة مقابل توقعاته السابقة البالغة 1.5 في المئة، وفقاً لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الفصلي الذي أصدره الصندوق أخيراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حين أنه من شأن النمو القوي في الولايات المتحدة والزيادة المقدرة بـ 4.6 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي الصيني من شأنها، أن تعوض الأداء المخيب للآمال في أوروبا وأن تترجم إلى هبوط ناعم للاقتصاد العالمي هذا العام.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد العالمي 3.1 في المئة هذا العام، وهو المعدل نفسه العام الماضي، وأسرع من النمو المتوقع بـ 2.9 في المئة خلال أكتوبر الماضي.

وتعليقاً على ذلك، قال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بيير أوليفييه غورينشا للصحافيين، "نجد أن الاقتصاد العالمي يواصل إظهار مرونة ملحوظة"، مشيراً إلى السرعة التي تراجع بها التضخم باعتبارها مفاجأة إيجابية.

لكنه في الوقت نفسه، حذر من أن التشوهات الجيوسياسية يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار من جديد، قائلاً إن "التضخم الأساس لم يعد تماماً إلى اتجاه ما قبل الوباء، بخاصة بالنسبة إلى أسعار قطاع الخدمات".

أسعار الفائدة ستبقى عند مستوياتها الحالية

إلى ذلك، حذر اقتصاديون في صندوق النقد الدولي أيضاً من أن الأسواق المالية كانت مفرطة في التفاؤل حيال خفوض باكرة في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، إذ يتوقعون أن تظل أسعار الفائدة عند المستويات الحالية بالنسبة إلى المركزي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا حتى النصف الثاني من عام 2024، قبل أن تنخفض تدرجاً مع اقتراب التضخم من الأهداف، بينما يتوقع بعض المستثمرين والمحللين خفض سعر الفائدة من قبل المركزي الأميركي خلال النصف الأول من هذا العام.

وبالعودة لأوروبا، أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي أن ألمانيا كانت الأضعف بين الاقتصادات الكبرى في أوروبا بنهاية العام الماضي مع انخفاض الإنتاج خلال الربع الأخير، ومع ذلك أظهرت الأرقام المعدلة أنها تجنبت الانكماش خلال الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال المتخصص في الشأن الاقتصادي في بنك "أي إن جي" كارستن برزيسكي لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن "الاقتصاد لا يزال عالقاً في منطقة الشفق بين الركود والركود".

وبينما توسع الاقتصاد الإيطالي بصورة طفيفة استقر الاقتصاد الفرنسي خلال الربع الثاني على التوالي، وشهدت إيرلندا التي كانت مصدراً رئيساً للنمو في منطقة اليورو على مدى العقد الماضي انخفاض ناتجها المحلي الإجمالي 1.9 في المئة العام الماضي، مع انتهاء الطفرة الناجمة عن الوباء في صناعتها الدوائية الرئيسة.

وفي نقطة مضيئة نادرة، أنهت إسبانيا العام بربع قوي آخر، وضاهت معدل النمو في الولايات المتحدة خلال عام 2023 ككل، وذلك بفضل ارتفاع السياحة الدولية مع رفع آخر قيود "كوفيد-19".