Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضحايا الملاجئ الدينية في افتتاح "برلين" المحاصر بالتظاهرات

"أشياء صغيرة كهذه" خيبة سينمائية رغم نجومية كيليان مرفي بطل "أوبنهايمر"

كيليان مرفي في فيلم "أشياء صغيرة كهذه" الذي افتتح المهرجان (ملف الفيلم)

ملخص

"أشياء صغيرة كهذه" خيبة سينمائية رغم نجومية  كيليان مرفي بطل "أوبنهايمر"

بخيبة أمل كبيرة، افتتح مهرجان برلين السينمائي أمس دورته الرابعة والسبعين التي تستمر إلى 25 من الشهر الجاري. خيار برلين لفيلم الإفتتاح أضحى في السنوات الأخيرة محل انتقاد صريح لدى نقّاد ومراقبين، بسبب أنه يأتي دون المستوى أو محمّلاً بأجندات غير فنية. ولم يكن الأمر مختلفاً هذا العام، بعد اختيار المهرجان "أشياء صغيرة كهذه" للمخرج البلجيكي تيم ميلانتس. عدد من النقّاد الذين صادفتهم على طريقي فوجئوا حتى إنني كلفتُ نفسي عناء مشاهدة فيلم افتتاح برلين وكأنه شيء لا فائدة منه والنتيجة معروفة مسبقاً. هذا الإفتتاح وصفته مجلّة "سكرين دايلي" بـ"واحد من أكثر الافتتاحات مثيراً للتشاؤم في مهرجان كبير". 

هذا العمل الحميمي الذي يحملنا إلى منتصف الثمانينيات، ينطلق عشية عيد الميلاد ليعرفنا على تاجر فحم (كيليان مرفي) يعيش مع عائلته بهدوء. هو شخص متحفّظ بملامح جادة، لا تظهر مشاعر على وجهه، لكنه يعمل لمصلحة زوجته التي يحبّها وبناته الخمس اللواتي يهتم بهن، وفيه ما هو مختلف عن بقية سكّان قريته. إلى أن يكتشف سراً يقلب حياته رأساً على عقب. فيصبح رجلاً معذباً، في بحث عن حل لما كان شاهداً عليه، على نحو ينسجم مع قيمه ويلبّي نداء ضميره الحي. يحدث هذا كله بعد أن يكتشف الحقائق المروعة داخل مؤسسة دينية تعيد تأهيل الفتيات اللواتي "ضللن طريق الصواب"، لكنها تعاملهن بصرامة وقسوة، ممّا يجعل الرجل يواجه أسئلة مرتبطة بالمكان كله والحياة التي تدور فيه.   

الملاجئ المجدلية

لا يمكن كشف المزيد عن تفاصيل الفيلم، علماً أنه مقتبس من رواية شهيرة بالعنوان نفسه، للكاتبة الإيرلندية كلير كيغان، وهو في أي حال يتناول قضية الملاجئ المجدلية التي كانت منتشرة في بعض البلدان الغربية، بين القرنين الماضيين، وأُغلِق آخر واحد منها قبل نحو ربع قرن. أصبحت هذه القضية مادة مثيرة لعدد من الأفلام، في مقدّمها "راهبات مجدلين" لبيتر مولان و”فيلومينا” لستيفن فريرز، لكنّ هذين الفيلمين يتجاوزان العمل الحالي أهمية وعلى كافة المستويات. فـ"أشياء صغيرة جداً"، يحمل، بالاضافة إلى افتقاده للشخصية الفنية، خطاباً تنويرياً يصبح مباشراً، خصوصاً مع الإهداء الذي يظهر في الختام كنوع من رد اعتبار لضحايا هذه المؤسسات وأطفالهن، وتصحيح ما عايشن من عذاب جراء الوجود في هذه المؤسسات التي تدّعي الدفاع عن الأخلاق الحميدة. 

حظي "أشياء صغيرة كهذه" بمعالجة كلاسيكية جداً تثير الملل، ورغم أن مدته لا تتجاوز الـ96 دقيقة، فعدم الاكتراث يصبح شريك المُشاهد بعد وصول الفيلم إلى منتصفه. لحظات الفراغ عديدة، أما الممثّلون فليسوا في أفضل حالهم، وفي مقدّمهم كيليان مرفي الذي يلعب على تدرّجات الصمت والبلاغة والسكون، وبأقل حد من الإمكانات. وبقدر ما كان هذا النوع من الأداء يأتي بمردود عال في "أوبنهايمر" (الفيلم الذي اشتهر فيه دولياً الصيف الماضي)، يتحول هنا إلى عائق. أما الإنفعال، فالأفضل أن ننساه. ماذا يعني انفعال أصلاً في فيلم كل شيء فيه مدروس بطريقة دقيقة، كيلا نشعر بشيء؟ هذا لا يعني أننا إزاء فيلم سيئ الصنعة، بالعكس، يصعب لوم المخرج على خياراته، بل إن العلّة في طبيعة المشروع نفسه، لكونها لا توفر مساحة إبداع وخلق أكثر من التي نراها. هناك أيضاً الحاجز الثقافي، رغم أن ميلانتس يشدد على أن الفيلم هو عن الحزن، وهذا موضوع تتشاركه أعماله كافة. هناك روح إيرلندية في الرواية يصعب عليه التقاطها، مما يجعل الفيلم مسطّحاً بلا مشاعر، يعجب بعض النقّاد ولكن لا يخاطب كثراً منهم، لوجود هذا الجدار الفاصل الذي لا يمكن القفز فوقه. 

فيلم السيرة

المخرج ميلانتس كان انطلق في العام 2019 بفيلم "باتريك" الذي يروي تجربة صبي يرافق والديه إلى مخيم للعراة. نال الفيلم المستوحى من سيرته، تقديراً، وعُرض في مهرجان كارلوفي فاري ونال جائزة أفضل مخرج. مذذاك انتقل هذا السينمائي البالغ من العمر 44 عاماً إلى مستوى آخر من مسيرته، فأنجز مسلسلاً جمعه بكيليان مرفي، وها هما يتعاونان معاً في هذا العمل الجديد الذي يستفيد حتماً من حضور النجم الإيرلندي كي يُعرض في الصالات، وما كان للمهرجان أن يختاره لولا حضوره فيه. لكن، ورغم أن حضوره يساعده على الانتشار، فسيخيب ظن نادي محبّي الممثّل وهم كثر في المرحلة الأخيرة، مع العلم أنه سواء في "أوبنهايمر" أو هنا، يمثّل بدواخله، بصمته ونظراته. هذا فنان مقتصد جداً، لا يحتاج إلى الكثير من الإمكانات، خلافاً لجاك نيكلسون أو دانيال داي لويس أو آل باتشينو. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سبب آخر مهد طريق الفيلم إلى برلين: وقوف نجمان خلفه بصفتهما منتجين له، وهما الممثّلان بن أفليك ومات دايمون، والأخير قال في المؤتمر الصحافي بعيد العرض الصحافي، إن فيلماً كهذا يطلب من الجمهور أن يكترث بالسينما، مضيفاً أن رغم التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي يعاني منها قطاع السينما، فلا يزال هناك جمهور يهتم بما تعرضه الصالات من أعمال تخرج عن المألوف. كما انه أبدى حنيناً إلى حقبة التسعينيات (الفترة التي انطلق فيها)، حين لم تكن نادرة أفلام كهذه، كما هي الحال اليوم. 

بالتوازي مع عرض "أشياء صغيرة كهذه”" مساء أمس، شهد محيط قصر الـ"برليناله”" ثلاث تظاهرات، واحدة أخذت من السجادة الحمراء ساحة لها وجرت بالتنسيق مع ادارة المهرجان، وضمّت عاملين وعاملات في مجال السينما عبّروا عن ضرورة الانتصار للديموقراطية المهددة في ألمانيا، ورفعوا شعارات مثل "الأفلام تجمع، الكراهية تفرّق". وجاء هذا انسجاماً مع قرار المهرجان في سحب الدعوة من أعضاء في "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف الذي كان دعاهم سابقاً. وعلى مقربة من القصر، في ميدان بوتسدامر، أقيمت تظاهرتان، واحدة ضمّت عاملين وعاملات في مجال الفنّ رُفِعت خلالها يافطة كُتب عليها "لا كراسي للفاشيين في أي مكان"، وأخرى جمعت سائقي التاكسي العاملين في مجال السينما فطالبوا بظروف عمل أفضل. 

المهرجان الذي وجد نفسه مؤخراً، داخل نيران الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، شهد أيضاً قبل ساعات من الافتتاح مؤتمراً صحافياً قالت فيه رئيسة لجنة التحكيم الممثّلة المكسيكية لوبينا نيونغو أنها لا تعلم عن خفايا السياسة في ألمانيا لكونها غريبة عن البلد. وذلك رداً على سؤال حول سحب الدعوة من أعضاء حزب "البديل من أجل ألمانيا". أما المخرج الألماني كريستيان بتزولد، العضو في لجنتها، فقال إن لا مشكلة في تواجد خمسة أشخاص من هذا الحزب بين الحضور، وأضاف: "نحن لسنا جبناء. إذا لم تتمكن من قبول خمسة أشخاص من هؤلاء كجزء من الجمهور، فمعركتنا خاسرة".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما