Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلطات المغربية تخلي فضاءات عمومية اتخذها مهاجرون أفارقة مأوى لهم

محاولات من السلطات أو فعاليات المجتمع المدني من أجل إدماج هؤلاء اجتماعياً واقتصادياً على رغم الاختلافات

مهاجرون أفارقة يتجمعون بمحيط محطة حافلات في المغرب (مواقع التواصل)

أعادت عملية إخلاء سلطات مدينة الدار البيضاء المغربية محيط محطة الحافلات الشهيرة باسم "أولاد زيان"، الأحد الـ18 من فبراير (شباط)، من مئات المهاجرين غير النظاميين المنحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، إلى الواجهة إشكالية "مصادرة" المهاجرين الأفارقة لفضاءات عمومية وأحياء شعبية وغابات أيضاً، تأويهم لحين الحصول على فرصة الهجرة إلى الضفة الأوروبية.

ويتجمع عديد من المهاجرين الأفارقة الذين يفدون إلى المغرب بشتى الطرق، أملاً في الهجرة إلى إسبانيا، قبل أن يستقر بهم المقام في البلاد، في فضاءات عمومية من محطات حافلات أو حدائق وأحياء بكاملها، وهو ما يجلب عديداً من الإشكالات الاجتماعية والأمنية، خصوصاً عند المواجهة مع السلطات الأمنية التي ترغب في تحرير الأملاك العمومية من هؤلاء المهاجرين الأفارقة.

"احتلال" الملك العام

ونجحت السلطات العمومية في إخلاء محيط محطة "أولاد زيان"، التي تعد أكبر محطة طرقية في المغرب، وتمتد على مساحة أربعة هكتارات، من مئات المهاجرين الأفارقة غير النظاميين الذين كانوا يتخذون المكان مأوى لهم نهاراً وليلاً.

وأوردت السلطات الأمنية أنه أثناء "عملية تحرير الفضاء العمومي المذكور من تجمعات مهاجرين ينحدرون من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، تم العثور على جثة متفحمة"، متهمة بعض هؤلاء المهاجرين بتعمد افتعال حريق وإضرام النيران في المكان.

واحتلت جحافل من المهاجرين الأفارقة غير القانونيين هذا الفضاء العمومي من خلال اتخاذه مأوى لهم، إذ جلبوا أفرشة بسيطة وكراتين، ونصبوا خياماً بلاستيكية ليناموا تحتها، وهو الوضع الذي كان يثير حفيظة السكان المحليين والسلطات على السواء.

ودخلت سلطات مدينة الدار البيضاء الأمنية في مرات سابقة، بمواجهات مباشرة مع هؤلاء المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، في ما يشبه لعبة "كر وفر"، لكن سرعان ما يعودون بزادهم وعتادهم بعدما يطردوا من الساحة، بحسب أمنيين.

ومن أشهر الفضاءات التي احتلها المهاجرون الأفارقة غير القانونيين غابة تدعى "غوروغو" بضواحي مدينة الناظور شمال شرقي البلاد، إذ يقطنها مئات المهاجرين الذين ينتظرون أدنى فرصة لاقتحام السياج الحدودي لمدينة مليلية القريبة، الواقعة أقصى شمال البلاد، والخاضعة لسيادة إسبانيا، بهدف بلوغ الضفة الإسبانية.

وأفلح مهاجرون أفارقة يتخذون "غابة غوروغو" مأوى لهم، أكثر من مرة في تجاوز السياج الحدودي لمدينة مليلية، لكن الحراسة المشددة أخيراً على السياج من الجانبين المغربي والإسباني، أسهمت في إجهاض هذه المحاولات، الشيء الذي زاد في تعقيد وضعية هؤلاء المهاجرين الأفارقة السريين.

أوضاع صعبة

ويعيش عديد من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين الذين صادروا أماكن وفضاءات عمومية وحدائق وغابات، أوضاعاً اجتماعية صعبة، سواء في فصل الصيف أو الشتاء، بالنظر إلى إقامتهم في خيام بدائية لا تقيهم من حرارة الشمس ولا من لسع البرد.

وشهدت "غابة غوروغو" قبل أشهر مضت حادثة مأساوية عندما اندلعت الحرائق في مخيم للأفارقة المهاجرين بسبب اشتداد الحرارة، مما نتج منه مصرع مهاجرة نيجيرية وأطفالها الثلاثة داخل مخيم بلاستيكي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان والخبير في ملف الهجرة السرية، إن "ظاهرة احتلال المهاجرين غير النظاميين للفضاءات العمومية، كما هو الحال بالنسبة إلى محطة أولاد زيان، أو حتى احتلال مساكن المواطنين الفارغة كما حدث سابقاً في مدينة طنجة، يكشف عن أن ظاهرة الهجرة السرية التي يعرفها المغرب باعتباره بلد عبور، هي ظاهرة معقدة بشكل كبير يتداخل فيها ما هو اجتماعي بما هو أمني وحقوقي ونفسي."

ويردف بن عيسى أن أحد تداعيات هذه الظاهرة هو احتلال الفضاءات العمومية عندما يجد المهاجر غير النظامي نفسه في وضعية صعبة من دون أوراق إقامة تتيح له الحصول على عمل ومسكن، والتجارب الناجحة التي أطلقتها السلطات سابقاً وتمت خلالها تسوية وضعية حوالى 50 ألف مهاجر، أسفرت عن اندماج عديد منهم.

واستطرد المتحدث بأن "احتلال الفضاءات العمومية بشكل عام، يعد سلوكاً غير قانوني يجب التدخل لوقفه والحد من هذه الظاهرة لما فيها من اعتداء على حقوق الآخرين، ولا بد من استتباب الأمن"، داعياً إلى "البحث عن حلول مثل تسوية وضعية المهاجرين غير النظاميين بإيجاد صيغ تسهل لهم عملية ولوجهم إلى سكن ملائم".

تحديات اجتماعية وأمنية

من جهته يرى مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبدالإله الخضري أن تدفق المهاجرين الأفارقة نحو المغرب شهد نمواً مضطرداً خلال الأعوام الـ10 الماضية، على رغم أنه شهد أخيراً تراجعاً نسبياً جراء تشديد مراقبة المغرب لحدوده الشمالية مع أوروبا، ونهجه لسياسة إيجابية في مجال اللجوء والهجرة، في شأن انتقال المغرب من بلد العبور إلى وجهة استقرار لعديد من المهاجرين الأفارقة، إذ بات يستقطب مختلف فئات المهاجرين الأفارقة.

وتابع الخضري أن "عديداً من المهاجرين الذين فشلوا في الاندماج في الاقتصاد المغربي اضطروا إلى احتلال الفضاءات العمومية بسبب عدم قدرتهم على تأمين ثمن إيجار مسكن، بينما يعيش بعضهم في مساكن قصديرية أو مهترئة في أحياء عشوائية ومكتظة في أغلب المدن الكبرى، مثل الرباط والدار البيضاء وفاس ومكناس وبني ملال ومراكش وأغادير وطنجة ووجدة".

ولفت الناشط ذاته إلى أن هناك حالياً مدناً نائية كثيرة أصبحت ملاذاً لهؤلاء المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، مثل ورززات والراشيدية، تنقل السلطات عديداً منهم إليها عنوة.

ووفق الخضري "تشكل تكتلات المهاجرين الأفارقة في الأحياء السكنية الفقيرة وفي الفضاءات العمومية، مصدر توتر أمني لا يستهان به، إذ تم تسجيل جرائم ذهب ضحيتها مواطنون مغاربة على يد مهاجرين أفارقة بالدار البيضاء ووجدة، كما تحصل مناوشات بين مهاجرين أفارقة ومتشردين مغاربة بجانب الفضاءات العمومية، أو بينهم وبين مواطنين داخل الأحياء السكنية بسبب خلافات حول ممارسات مزعجة كما حدث في مدينة أغادير".

وخلص مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان إلى أن "هناك محاولات حثيثة، سواء من السلطات أو فعاليات المجتمع المدني، من أجل إدماج هؤلاء المهاجرين الأفارقة غير النظاميين اجتماعياً واقتصادياً داخل المجتمع المغربي، على رغم تحديات الاختلاف الثقافي والاجتماعي لعديد منهم".

المزيد من تقارير