Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصير السجناء الفلسطينيين أكثر إلحاحا بعد وفاة 8

لقوا حتفهم أثناء الحرب الأخيرة و2 منهم في الأقل جراء التعذيب وقلق حقوقي حول 1000 أسير غزي و10 آلاف أمني

أثناء دخول حافلة إلى سجن "عوفر" العسكري الواقع بين رام الله وبيتونيا في الضفة الغربية (أ ف ب)

ملخص

إجبار أسرى على التبول على آخرين ومن لا يقبّل العلم الإسرائيلي يتعرض للضرب المبرح

يواجه الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية منذ بداية حرب "طوفان الأقصى" وبمصادقة من المحكمة الإسرائيلية العليا، أقسى أشكال التعذيب والتنكيل والعزل وانتهاك أبسط الحقوق الإنسانية والقوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان، فقد توفي خلال هذه الفترة ثمانية أسرى تقارير تشريح جثتي اثنين منهم تؤكد تعرضهما للتعذيب والضرب، فيما تواصل منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" في إسرائيل المطالبة بتشريح جثث جميع الأسرى الذين قضوا.

وأجرى معهد "أبو كبير" في إسرائيل اليوم الثلاثاء تشريحاً لجثة الأسير محمد الصبار (21 سنة) الذي توفي قبل 10 أيام في سجن "عوفر"، بحضور طبيب من قبل المنظمة التي أكدت أن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية تجاوز أي وضع مأساوي للأسرى في العالم، وسط تحذيرات من الأخطار المحدقة بمصير أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني من الضفة والقدس وفلسطينيي 48 يتوزعون على مختلف السجون الإسرائيلية في عزل كامل.

كما تحذر المنظمة من الخطر المحدق بأكثر من ألف فلسطيني اعتقلوا في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وخلال الحرب في غزة، والآن يقبعون داخل سجن خاص أقيم لهم جنوب إسرائيل ومستشفى متنقل أطلق عليه "سديه تيمان"، وسط تعتيم مطلق حيال وضعهم وظروفهم وحتى العدد الذي وصل إليه هؤلاء الأسرى.

وأنشئ "سديه تيمان" قرب قاعدة عسكرية جنوب إسرائيل، بعد السابع من أكتوبر الماضي، خصيصاً للفلسطينيين من سكان غزة الذين تم تعريفهم من قبل تل أبيب كمقاتلين غير شرعيين.

جراء الاعتقالات الجماعية

وكانت وزارة الصحة الإسرائيلية أصدرت نشرة خاصة تشرح فيها طريقة تقديم العلاج لمعتقلي غزة في "سديه تيمان"، وبحسب منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، فإن هذه النشرة "تقلل من المعايير المهنية والأخلاقية في ما يتعلق بالعلاج الطبي والعلاقة بين المتعالج ومقدم العلاج. كما تظهر مخاوف من أن النشرة وضعت بصورة أساسية من أجل حماية الأطباء العاملين في هذا المستشفى من دعاوى قضائية مستقبلية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه النشرة كشفت عن أن "الطاقم الطبي في المنشأة يضم طبيباً مشرفاً واحداً وعدداً من العاملين في المجال الطبي، وهذا يزيد القلق من أن الطاقم غير قادر على تلبية الحاجات الطبية لمئات المحتجزين في المنشأة العسكرية، إضافة إلى ذلك لا يسمح لأفراد الطاقم المعالج بالتوقيع بأسمائهم على الوثائق الطبية، ولا يوجد في الوثيقة أي ذكر للواجب الأخلاقي المفروض على الطواقم الطبية بالتوثيق أو الإبلاغ عن أي تعذيب أو إساءة معاملة يتعرض لها المعتقلون".

وفي تصريح إلى "اندبندنت عربية"، قال مسؤول الأسرى في منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" ناجي عباس إن وضع جميع هؤلاء بلا استثناء مقلق للغاية، سواء القدامى منهم أو النساء والأطفال الذين اعتقلوا بعد تحرير الأسرى في الصفقتين الأولى والثانية خلال الحرب، وأيضاً الأسرى من غزة الذين لم نتمكن على رغم المطالب من معرفة عددهم أو وضعهم، ولم يتجاوب معنا أي طرف إسرائيلي، سواء سياسي أو قانوني، خصوصاً في ما يتعلق بأسرى غزة الذين نتوقع أن يكون عددهم تجاوز الـ1000 بكثير".

وتعمل المنظمة من خلال نشاطها الذي يتركز بالأساس على الوضع الصحي للفلسطينيين، أيضاً على متابعة الحال الصحية للأسرى، وتوفر لهم محامين للزيارات والاطلاع على أوضاعهم.

وكان عدد الأسرى الأمنيين قبل اندلاع الحرب نحو 5500 أسير، وارتفع حتى الشهر الأخير إلى أكثر من 10 آلاف، ولا أحد يستطيع معرفة العدد الدقيق جراء الاعتقالات الجماعية التي ينفذها الجيش في الضفة.

هؤلاء الأسرى يقعون تحت مسؤولية مصلحة السجون الإسرائيلية، أما الذين اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر الماضي ممن شاركوا في عمليات ذلك اليوم أو أوقفهم الجيش من غزة، فهؤلاء، بحسب ناجي عباس، "الذين يواجهون خطراً أكبر، إذ يرفض أي طرف السماح لنا بالتواصل معهم، سواء عبر الأطباء للكشف عن وضعهم الصحي، أو عبر المحامين لتحضير ملفات قانونية لوضع كل منهم، وهم تابعون لسيطرة الجيش الإسرائيلي وهنا تكمن الخطورة".

هناك أيضاً فئة من الأسرى الذين لا أحد يعلم شيئاً عن وضعهم، وهم العمال الفلسطينيون الذين كانوا موجودين في إسرائيل واعتقلوا بعد السابع من أكتوبر، وأطلق سراح معظمهم لكن هناك العشرات منهم لا أحد يعلم عن مصيرهم شيئاً.

عزل وتعذيب وتضييقات

في أعقاب التعليمات التي أصدرها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، يعاني جميع الأسرى الفلسطينيين وضعاً باتت المؤسسات الناشطة في حقوق الإنسان وحتى الصليب الأحمر عاجزة عن تقديم أي دعم أو مساعدة لهم، وبينهم النساء والأطفال وكبار السن. ومنذ أحداث أكتوبر الماضي أصبح الأسرى الضحية الأسهل لإسرائيل للانتقام. وكما يقول عباس فإنه "من خلال لقاءات المحامين مع العشرات منهم اتضح أن تل أبيب مع اندلاع الحرب صادرت كل ما يملكون، حتى ملابسهم وطعامهم والنقود التي يشترون بها الطعام وكل شيء كان معهم، ثم نقلتهم إلى زنازين للعزل، وسوى السرير والفرشة لا يملك الأسير شيئاً، وحتى إمكان الاستحمام غير متوافر لهم كما يجب".

ويضيف عباس أن "الإسرائيليين لم يكتفوا بذلك، بل قطعوا الكهرباء لساعات طويلة، وبسبب وجودهم في زنازين وعزل فهم يقضون ساعات طويلة من النهار وسط الظلام، وجميعهم ممنوعون من الخروج ولو لفترة قصيرة، وإذا كانت مصلحة السجون وضعت خمسة أسرى في الزنزانة قبل الحرب فقد وصل عددهم في الزنزانة الواحدة بعد الحرب إلى 10 في الأقل، أي إن النوم لا يتاح للجميع في آن واحد".

وأشار عباس إلى أن المحكمة الإسرائيلية العليا، وبعد تقديم التماس ضد مصلحة السجون والمطالبة بتحسين وضعهم وتوفير سرير وفرشة لكل أسير، كان ردها أنه في حال الحرب لا بأس أن ينام الأسير من دون فرشة.

وأكد أنه اتضح لمنظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" مع استمرار الزيارات وإعداد التقارير عن الأسرى قبل أن يصدر بن غفير تعليماته بعزلهم كلياً، أن "هناك سياسة ممنهجة للتنكيل والعنف والتعذيب اليومي، والأخطر من هذا كله التوقف عن تقديم العلاج الطبي لهم، وبعد أن كانت هناك عيادة في كل سجن تم إغلاق العيادات، لذا يغيب العلاج للمرضى والمصابين، علماً أن هناك 700 أسير فلسطيني يعانون أمراضاً مزمنة لم يتلقوا العلاج منذ بداية الحرب، وهذا جانب أدى إلى وفاة ثمانية أسرى في الأقل خلال الحرب".

وإذا كانت هذه حال الأسرى الفلسطينيين التابعين لمصلحة السجون، فإن أسرى حركة "حماس" وغزة منذ السابع من أكتوبر الماضي يتعرضون لأخطر أنواع التعذيب والتنكيل، فلا أحد يعلم عنهم شيئاً، وبحسب القانون يدرجون ضمن ما يسمى "الإخفاء القسري"، وهي جريمة تتم بصورة ممنهجة، وفق منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان".

في شأن حالات الموت

وكانت المنظمة جمعت عشرات الشهادات من الأسرى قبل الحرب الحرب وبعدها، وكشفت من خلالها مأساة الأسرى الفلسطينيين في الزنازين الإسرائيلية وسط تعتيم مطلق حول وضع جميع أسرى "حماس" وغزة منذ السابع من أكتوبر.

الشهادات تعكس العنف اليومي الذي يمارسه السجانون الذين يضربون السجناء عشوائياً بالهراوات وغيرها، وفي التقرير الذي أعدته المنظمة من أجل استخدامه ضمن الخطوات القانونية والدولية التي باشرتها للضغط بغية إنقاذهم "توجيه شتائم جنسية للسجناء، وإجبارهم على التبول على أسرى آخرين، وصفعهم ولكمهم أثناء نقلهم من زنزانة إلى أخرى، كما يلزم السجانون الأسرى تقبيل العلم الإسرائيلي، ومن يرفض منهم ينهالون عليه بالضرب المبرح، كما يجردونهم من ملابسهم بالقوة، عدا الإهانات والإذلال".

ومما تشمله شهادات الأسرى "الحبس لفترات طويلة في الزنازين تصل أحياناً إلى أيام متواصلة واكتظاظ في الزنازين بالسجناء بمعدل 2.5 متر مربع لكل أسير، وقطع كامل للمياه والكهرباء لفترات تصل إلى 23 ساعة يومياً، وإلغاء إمكان شراء الطعام من المقصف ومصادرة جميع ممتلكات الأسرى بما في ذلك الأجهزة الكهربائية والملابس الشتوية والأغراض الشخصية".

كما يتعرض الأسرى للمنع من النوم عبر وضع المصابيح الكاشفة فائقة السطوع في الزنازين لمدة 24 ساعة يومياً وتشغيل النشيد الوطني لإسرائيل "هتيكڤا" من دون توقف وعدم توافر فرشات للنوم بسبب إلغاء الحق في النوم على السرير.

وفي تقريرها تطالب منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" بالإفراج عن الفلسطينيين الذين اعتقلوا بصورة تعسفية بعد اندلاع الحرب ووقف جميع الممارسات التي تشكل تعذيباً وسوء معاملة والسماح فوراً للصليب الأحمر ومنظمات حقوق الإنسان بزيارة الأسرى وإجراء تحقيق شامل ومستقل في قضية وفاة فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.

المزيد من متابعات