Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محاورة الرسام الرائد رفيق شرف تعبيريا وتجريديا

معرض مشترك يحاكي فيه سيمون مهنا أعمال المدرسة التشكيلية اللبنانية

لوحة للرسام الرائد رفيق شرف (خدمة المعرض)

ملخص

يمثل معرض "اندفاع بلا نهاية" لقاء فنياً بين الرسام اللبناني الراحل رفيق شرف، أحد رواد الفن التشكيلي اللبناني، والرسام اللبناني الشاب سيمون مهنا. في هذا المعرض يوجه الرسام الشاب تحية إلى أعمال شرف التي تستوحي التراث العربي وخصوصاً حكايات عنتر وعبلة، والطبيعة اللبنانية عبر أسلوب المدرسة التعبيرية.

من بين أبرز المعارض الفنية في بيروت، يطالعنا معرض بعنوان " endless impulse" (اندفاع بلا نهاية) تحتضنه غاليري "أل تي" في منطقة مار مخايل. المعرض من تنظيم القيمة الفنية رندة صدقة، ويأتي كمحاولة لتقديم تحية للرسام اللبناني الرائد رفيق شرف. وأيضاً كمناسبة لاستعادة تجربة تشكيلية مميزة تركت أثرها في تاريخ الفن اللبناني المعاصر.

يكتسب المعرض أهميته ليس من ناحية تقديم أعمال شرف النادرة للجمهور بل من خلال الحوارية التي أنشأتها القيمة بينه وبين فنان لبناني آخر معاصر هو سيمون مهنا. معاينة هذه اللوحات تدفع إلى الوقوف عندها وسبر أحوالها وما يمكن أن تعنيه وتفصح عنه في اكتشاف تجربة شرف.

في حديثها إلى "اندبندنت عربية" توضح رندة صدقة القيمة على المعرض: "هذه ليست المرة الأولى التي نقدم مثل هذا النوع من المشاريع المشتركة والضخمة. فقد سبق أن أضأنا على فنانات لبنانيات معاصرات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. يأتي كل هذا من فكرة مفادها كسر هذا الحاجز بين الغاليري والمشاهد، وتقديم محتوى ثقافي أكبر". وتضيف صدقة "هدفنا أن نجمع بين مقتني الفن التشكيلي الذين يملكون لوحات لا يراها أحد سواهم. هذه اللوحات المهمة تتضافر جهودنا حولها، ونقدمها في قوالب عصرية في سبيل إنهاء وحشة هذه المدينة وفتح كوة في جدارها. والإضاءة على مشاريع لم يسبق التطرق إليها".

تحية لرفيق شرف

لا يمكن الدخول إلى المدرسة التعبيرية اللبنانية من دون المرور باسم رفيق شرف. فهو أحد روادها البارزين الذين تركوا أثراً فيها وفي مسار الفن اللبناني الحديث. منذ أعماله الأولى التي جسد فيها أبعاد الثقافة العربية وحتى نهاياته، وهو في رحلة تفتيش وبحث لخلق طابع يحمل المعاني البعيدة والعالية التعبير. والناظر إلى لوحات شرف، يشعر بأنه يقف أمام نافذته ويطل على أفق مفتوح. تنفتح اللوحة أمامه. يراها مقدمة في إطارها فلا يشعر أن هذا الإطار يحبسها. إنها حرة طليقة فيه، كما يكون الفضاء حراً طليقاً في إطار النافذة. تلك الرحابة والطمأنينة والطلاقة تجعل العين تتماهى مع اللوحة ومع الفضاء. رحلة من التصالح تلك التي تنشئها أعمال شرف.

الناظر إلى لوحات رفيق شرف، يجد طابعاً سوداوياً عالياً وحساسية فائقة، يجد لوحات شبه ممحوة ومموهة، في ظل غياب المادة اللونية الفاقعة واضمحلالها. في الوقت ذاته وبهذه الألوان الخفيفة، في التركيب اللوني وتداعياته، نجد السهول التي رسمها إلى جانب البورتريهات والسكيتشات التي تتصل بالفولكلور التراثي العربي، كلها حاضرة على اختلافها لتجسد تموجات الفنان وتقلباته. الألوان الصامتة باختزالاتها والطبيعة التي تفرض نفسها أيضاً ، كلها هي التي تدل. يرى المتفرج السهل ومدينة الشمس الخالية من الشمس.

في هذه المحاكاة التي يجري تقديمها، تخرج العلاقة عن التقليد وتحاول تقديم تحية من فنان شاب معاصر يعيش اليوم، إلى ذلك الفنان الكبير الراحل. علاقة مقرونة بالأسئلة بين فنانين من حقبتين زمنيتين، عاشا في البلد نفسه، يقيمان حواراً كان من الممكن أن يكون بصرياً فقط، لكن دخول بعض الأسئلة أجعلتها في مقاربة مختلفة. الخط التعبيري اللبناني من خلال فنانين: كيف تطور هذا الخط وكيف أصبح، وما هي تفاصيله المعاصرة اليوم؟

اللوحة وفضاءاتها

بالعودة إلى سيمون مهنا وأعماله، نرى أنه يخرج على طريقته المعتادة ليجد خطاً جديداً يصل إلى تخوم التجريد، مع تكسير لهذه الإنزياحات وخروج عليها. التدمير هو الأصل في اللوحات والفراغ ينتحي منها جانباً مهماً. المدى أولاً، والقماشة التي يعتمدها كخلفية لا تهم، وخشونتها أيضاً لا تهم. ينظر المتفرج إلى أعمال مهنا مفكراً في المدى والشخوص. قد يجد الناظر أيضاً في قلب اللوحة تلك النواة أو الظلال والسماكات واللطخات التي تشعره أنه في انتقال دائم من عالم اللوحة إلى عالم التأويل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تنقل لنا أعمال مهنا الأخيرة سيرورة لوحته من المونوكروم إلى الموضوع فإلى الشخصية والمادة وسماكتها. ويترافق هذا مع سلسلة إنزياحات كامنة نراها دائماً فوق رأس كائناته. هي رحلة سعي وانتقال من السكيتشينغ إلى اللوحة بأقمشتها الغريبة، تسعى إلى خلق علاقة بين المشاهد واللوحة. فحين ينظر إليها المتفرج يشعر وكأنه يكمل اللوحة بنظراته، في حوار بينه وبينها، وإسقاط ودعوة إلى الكلام، فالعمل الفني هنا يجب أن يتحدث. تغدو اللوحة شيئاً فشيئاً فارغة، وكلما اقتربنا نجد ذلك، حتى الأشخاص وأجسادهم فارغة.

يتأثر سيمون مهنا بالفراغ، فلسفة الفراغ المليء الذي يقول أو يتحدث. بطريقته التدميرية داخل التركيب، محاولات لاكتشاف الحياة اليومية وتفاصيلها المحيطة. محاولات تنحو كل الوقت نحو اليومي لتتعامل معه كجزء من الحياة أو المعيش الدائم.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون