Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يؤجج معبر "رأس الجدير" التوتر الحدودي بين ليبيا وتونس؟

تتأثر الحركة التجارية وحركة المسافرين بمستوى الروابط الدبلوماسية وبالواقع الأمني

يعتبر معبر "راس الجدير" شرياناً حيوياً للاقتصاد ولسكان الجنوب التونسي (اندبندنت عربية)

ملخص

لم تكن العلاقات التونسية - الليبية على مر التاريخ مستقرة، بل راوحت بين الاستقرار الظرفي والجمود والتوتر

على رغم الجوار وامتداد الحدود البرية بين البلدين على طول نحو 460 كيلومتراً، لم تكُن العلاقات التونسية - الليبية على مر التاريخ مستقرة، بل راوحت بين الاستقرار الظرفي والجمود والتوتر بسبب اختلاف وجهات النظر بين ما كان يطرحه الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وسردية معمر القذافي في إدارة الشأن السياسي المحلي والإقليمي.

وكثيراً ما تأثرت المبادلات التجارية ومنسوب حركة المسافرين بين البلدين بمستوى العلاقات الدبلوماسية ومدى تقارب النظامين سياسياً واقتصادياً.

ففي سبعينيات القرن الماضي، توترت العلاقات بين البلدين بعد تولّي معمر القذافي الحكم بسبب رفض الرئيس التونسي آنذاك الحبيب بورقيبة فكرة القذافي الداعية إلى توحيد البلدين، لتزداد العلاقات توتراً إثر اتهام ليبيا بمحاولة قلب نظام بورقيبة في ما يعرف بـ"أحداث قفصة" عام 1980، وتم حينها إغلاق المعبر الذي استمرّ حتى عام 1988.

ويسجّل تاريخ هذا المعبر، في أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات، عودة الآلاف من العمال التونسيين الذين طردوا من ليبيا بسبب توتر العلاقات بين البلدين والتي عرفت نوعاً من التقارب والاستقرار في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي (1987 – 2011).

شريان اقتصادي حيوي

لم يتغير واقع الحال بعد 2011، وبقيت العلاقات التونسية - الليبية تراوح بين الجمود والاستقرار، بخاصة في ظل المتغيرات الأمنية على الأرض وحال الانقسام في ليبيا والتحولات السياسية التي تعيشها تونس.

ويختزل معبر رأس الجدير تاريخاً مشتركاً بين البلدين لأنه شريان اقتصادي حيوي لسكان المنطقة الحدودية، فهو يبعد نحو 60 كيلومتراً من مدينة زوارة غرب ليبيا و175 كيلومتراً من طرابلس العاصمة، بينما يبعد قرابة 32 كيلومتراً من مدينة بنقردان التونسية، ويسجّل يومياً عبور مئات الشاحنات وآلاف المواطنين.

وظل معبر رأس الجدير في قلب الصراع بين مختلف التشكيلات الأمنية الليبية باعتباره مركز عبور استراتيجياً، وتعوّل تونس على المبادرات المحلية واللجان الجهوية لفض الإشكاليات الطارئة مع الجانب الليبي في غياب سلطة الدولة وتفكك الأجهزة الأمنية والعسكرية الليبية.

انتهاكات

وعبّر عدد من التجار التونسيين عن تذمرهم مما يتعرضون له من ممارسات من قبل التشكيلات الأمنية الليبية المعنية بتسيير المعبر من الجانب الليبي.

ويقول عابرون إن "الابتزاز بات ممارسة شائعة من قبل المجموعات المسلحة في ليبيا، من خلال فرض رسوم جمركية وهمية واستخلاص إتاوة غير قانونية على المسافرين والسيارات".

عبدالسلام عبّر عن "قلقه إزاء التضييقات الليبية في المعبر من إهانة وضرب وتعطيل للحركة، لا يوجد احترام نحن ندخل إلى التراب الليبي لجلب بعض البضائع البسيطة، نتعرّض لكل أنواع التنكيل،  وتتعرض سيارات وشاحنات التونسيين للتهشيم، بينما نحن في تونس نعاملهم معاملة حسنة"، مطالباً بـ"تحسين الوضع وتدخل الدولة لوضع حد لتلك الانتهاكات".

محمد الهادي وصف بدوره الوضع بـ"المزري" ويقول إن "المجموعات المسلحة الليبية تسيء معاملة التجار التونسيين على اعتبار أنهم يشتغلون في التهريب، نتعرض للمعاملة السيئة والضرب والعنف اللفظي".

من جهته، يشير فتحي إلى "دفع رشوة" حتى لا يتعرض للضرب بسبب بضاعة اشتراها من ليبيا ورغب في إدخالها إلى تونس، لافتاً إلى أن "السلطات الليبية فرضت إتاوة بـ 45 ديناراً ليبياً (تسعة دولارات) على كل سيارة تونسية تدخل التراب الليبي، بينما يدخل الليبيون إلى تونس من دون مقابل، ويحملون معهم المواد الأساسية المدعومة".

الواقع الأمني في ليبيا يفرض شروطه

وفي غياب سلطة الدولة من الجانب الليبي، تعمل اللجان المحلية والتنسيقيات بالتعاون مع اللجان الليبية على فض هذه الإشكاليات.

ويؤكد رئيس لجنة التفاوض الحدودية التونسية - الليبية ورئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبدالكبير في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن "الممارسات التي تنتهجها فئات معينة من التشكيلات الأمنية الليبية مرفوضة"، مشيراً إلى أن "الجهات الرسمية الليبية وعدت بحل الانتهاكات، إلا أن الواقع الأمني على الأرض يفرض شروطاً جديدة"، داعياً "الدولة التونسية إلى الضغط من أجل إيجاد أرضية مشتركة متفق عليها في التعامل بين التونسيين والليبيين عند معبر رأس الجدير".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ضمان حرية التنقل

واستنكر عبدالكبير "عمليات المنع والابتزاز التي يتعرض لها التجار التونسيون، خصوصاً فرض الإتاوة على المسافرين"، مطالباً بمراجعة هذه القرارات التي وصفها بـ"الأحادية وبضرورة التزام تطبيق الاتفاقات المشتركة التونسية - الليبية والعمل بمبدأ المعاملة بالمثل".

ودعا "السلطات التونسية إلى التحرك من أجل إيجاد حلول لهذه الإشكاليات واللجان الأمنية المشتركة إلى الاجتماع العاجل والتدخل لفائدة التونسيين المتجهين إلى ليبيا"، منبّهاً لأهمية "عدم المساس بحقوق المسافرين، بخاصة حرية التنقل"، واعتبر أن "لا فرق بين مواطن وآخر، إلا من حيث سلامة الإجراءات وسجل الشخص الخالي من أي تتبعات قانونية".

المعبر في قلب الصراع

وفي وقت سابق، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية أنها "توصلت إلى حلّ جذري ونهائي للمشكلات التي تواجه المعابر البرية الحدودية بين ليبيا وتونس"، مشيرة إلى أن "معبر رأس الجدير بات تحت إدارة وزارة الداخلية الليبية وسلطة الدولة".

وخلال مؤتمر صحافي عقده وزير الداخلية المكلف في حكومة الوحدة الوطنية الليبية عماد الطرابلسي مع نظيره التونسي كمال الفقي عند معبر رأس جدير في ديسمبر (كانون الأول) 2023، أشار الطرابلسي إلى أن وزارته "تعمل على تطوير المنفذ من خلال توفير الحاجات التشغيلية والتقنية الضرورية"، لافتاً إلى "وجود شبكات تهريب كبيرة بين الجانبين الليبي والتونسي وأنه تم تحييد عدد كبير من هذه الشبكات بالتعاون مع الجهات المشتركة".

يذكر أن المعبر بين ليبيا وتونس عاد أخيراً لواجهة الأحداث إثر خلافات بين حكومة الوحدة الوطنية الموقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة والجهات القائمة فعلياً على إدارته، وتتمثل في قوة تتبع المجلس العسكري لمدينة زوارة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير