Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الـ "كومباوندات" تتراجع دراميا وتغزو الشاشات المصرية إعلانيا

مسلسلات الموسم الرمضاني ركزت على الكادحين والطبقات المتوسطة هذا العام فيما تزايدت حملات الترويج والدعاية للمنتجعات الفاخرة

مسلسل "العتاولة" يبتعد تصويره من جو التجمعات السكنية الفارهة (مواقع التواصل)

ملخص

مع هوجة دراما التجمعات السكنية المغلقة والمنغلقة على طبقة بعينها، بحجة أن تبدو الصورة لامعة ومتأنقة وتشبه نظيرتها في الدراما التركية، كانت هناك بعض الأعمال التي تصور في بيئة غير ملائمة لها إطلاقاً، وتبدو مضحكة من شدة التناقض بين ما يظهره الديكور من أناقة وثراء ورفاهية، وبين ما تعبر عنه الحكاية الرئيسة، لكن الأمر تغير مع دراما رمضان 2024.

اكتسب مصطلح "دراما الكومباوندات" سمعة غير طيبة على مدى الأعوام الـ 10 الماضية في مصر، إذ شهدت تلك الفترة زيادة ملحوظة في أعداد الأعمال الفنية التي تصور داخل التجمعات السكنية الفارهة المليئة بالمساحات الخضراء وذات المنازل الواسعة والأثاث غالي الثمن، حيث يبدو كل شيء منمقاً وكأنه معد لجلسة تصوير مصطنعة، أو كأن العمل يتحول إلى "دراما عقارية" واستعراض غير مبرر للنمط المعماري.

ومن ضمن الاتهامات الفنية التي كانت توجه إلى هذه الأعمال أن هناك استسهالاً في اختيار مواقع مريحة ولا تتطلب تصريحات أو تعامل مع مشتتات الحياة المعتادة، مما يجعلها غير ملائمة في أوقات كثيرة لطبيعة المحتوى الدرامي المقدم، وكذلك تشابه المعروض الذي يبدو وكأنه كان يتناول طبقة واحدة تقريباً لا تعبر عن غالبية الشعب المصري ويخاطب مواطناً نادر الوجود، مما يشير إلى وجود انفصال حقيقي بين الواقع وبين المسلسلات التي تعرض في رمضان باعتباره موسمها السنوي الأكبر.

وهناك جانب مجتمعي يتعلق بأن الحياة شديدة الرفاهية التي يعيشها الأبطال تبدو بعيدة المنال عن كثير من المشاهدين، مما قد يسبب استفزازاً للبعض وبخاصة في وقت بروز المشكلات الاقتصادية، ففي حين توحي الدراما أن هناك نمطاً غالباً وسائداً للمجتمع وهو طبقة الـ "كومباوندات"، كان للمشاهدين في البيوت رأي آخر تماماً.

لكن أخيراً بدا واضحاً تراجع هذا النمط من الأعمال بعدما ظلت موضة سائدة لفترة ليست بالقصيرة، وهو أمر يتزامن مع زيادة حدة الانتقادات لها لأن كثيراً منها غير معبرة عن المجتمع الحقيقي، وتبدو معلبة ومستوردة في ما يتعلق بقصصها، وكذلك أنها مكررة ومأخوذة من أفكار أعمال أجنبية تدور في تلك العوالم، وأيضاً تزامناً مع حدة الأزمة الاقتصادية التي تحدث عنها كبار المسؤولين، مع موجات تعويم العملة وارتفاع معدلات التضخم والشكاوى المتكررة من ارتفاع الأسعار.

وخلال موسم رمضان الدرامي الحالي لمس المتابعون تطوراً في تلك الناحية، إذ انحصرت "دراما الكومباوندات" نسبياً مقارنة بالأعوام القليلة الماضية لمصلحة أعمال تتناول قضايا أفراد طبقات مختلفة من بينها المتوسطة ومن هم أقل أيضاً، حيث تظهر على الشاشات بيوت تتلاءم وطبيعة معيشتهم ومستوى دخلهم مع تفاصيل تحاكي بالفعل ما يلمسه غالبية المجتمع.

واقع طبقي

المبرر الدرامي بالطبع هو الفيصل في اختيار بيئة التصوير، ولكن لا أحد ينكر أنه مع هوجة دراما التجمعات السكنية المغلقة والمنغلقة على طبقة بعينها، بحجة أن تبدو الصورة لامعة ومتأنقة وتشبه نظيرتها في الدراما التركية، كانت بعض الأعمال تصور في بيئة غير ملائمة لها إطلاقاً، وتبدو مضحكة من شدة التناقض بين ما يظهره الديكور من أناقة وثراء ورفاهية، وبين ما تعبر عنه الحكاية الرئيسة، إذ كان الانتصار للصورة الرائقة المبهجة والألوان المنسقة على حساب الانسجام مع الخط الدرامي للسيناريو.

ونجد هذا العام أن النسبة الأكبر من المسلسلات تدور حول مشكلات تتعلق بأشخاص من الطبقات الأكثر انتشاراً وهي "العادية"، إن جاز التعبير، سواء كانت متوسطة أو تعاني الأمرين في تدبير قوت يومها أو "مستورة"، بحسب التعبير المصري الذي يشير إلى العائلات التي تعيش على الكفاف وبكرامة من دون أن تشكو، وتفضل الجد والاجتهاد للنهوض بمستواها مهما كانت الصعوبات.

وهناك تساؤل حول علاقة هذا التوجه بنجاح تلك النوعية من الأعمال في جذب الشريحة الأعرض ومدى التعلق بالرغبة في مجاراة مشكلات وهموم الناس، لتكون الدراما أقرب للواقع ولا تخاصمه أو تبدو كوسيلة لاستعراض الثراء الفاحش في مجتمع يعادل الحد الأدنى للأجور فيه حوالى 130 دولاراً، بخاصة بعد أعوام تلقى فيها صناع الدراما انتقادات بسبب تركيزهم على عالم الطبقات المخملية التي يعيش أصحابها في تجمعات سكنية فاخرة، وكذلك هناك تساؤلات حول وجود توجه لامتصاص غضب الجمهور وعدم استعراض البذخ والرفاهية، بدلاً من أن يكون الأمر كله مصادفة وضرورة فنية فرضت نفسها على قصص أعمال هذا العام.

مغاير للمجتمع

تعتقد الناقدة ماجدة موريس أن الانتقادات التي طاولت الأعمال الفنية على مدى أعوام مضت بسبب أن غالبيتها تدور في عالم وطبقة محددة تتميز بالثراء الشديد كانت واسعة للغاية، مشيرة إلى أنه من الطبيعي أن تعود الأعمال الفنية لطرح نماذج أخرى من القصص والحكايات التي تدور في بيوت عادية بعيداً من التجمعات السكنية الفاخرة، مضيفة أنه بالفعل أصبحت "دراما الكومباوندات" أقل كثيراً مقارنة بأعوام قليلة جداً مضت، والحقيقة أن هذه الطبقات التي كانت تسيطر على أعمال فنية كثيرة لم تكن تعبر عن 90 في المئة من الشعب المصري، بل تمثل وتخاطب فقط ما نسبته 10 في المئة، وربما النسبة تتدنى لأكثر من ذلك".

وهناك في الأقل 17 ألف مصري فقط يمتلكون أكثر من مليون دولار، وذلك وفقاً لتقرير صادر العام قبل الماضي عن مؤسسة "هينلي أند بارتنرز" حول الثروات في القارة الأفريقية.

وعلى رغم أن هناك تشكيكاً من جهات عدة في دقة التقرير إلا أنه في المقابل لا توجد بيانات رسمية محددة تكشف عن الثروات في المجتمع الذي يقترب عدد سكانه من 110 ملايين نسمة، وحتى لو كان هناك بالفعل 17 ألفاً لديهم تلك الثروة فهم لا يزالون يشكلون نسبة ضئيلة للغاية من عامة الشعب.

وبعد توالي قرارات التعويم التي كان آخرها قبل نحو ثلاثة أسابيع، إذ وصل سعر الدولار الأميركي في السوق الرسمية لنحو 47 جنيهاً مصرياً، فإن كثيراً من أفراد الطبقات فوق المتوسطة والمتوسطة يجدون أنفسهم وقد أصبحوا أكثر احتياجاً، ونزل بهم السلم الاجتماعي إلى الأسفل نظراً لتدني قيمة مدخراتهم المالية، وكذلك القوة الشرائية لرواتبهم في مقابل ارتفاع أسعار السلع والخدمات الضرورية.

 

 

وبالنظر إلى الخريطة الدرامية للمسلسلات المصرية في موسم رمضان 2024 فإن غالبية الأعمال بالفعل تجنح للجانب الشعبي وتدور في بيئات قريبة من شرائح أكثرية المواطنين، وبينها "محارب"، وهي قصة صعود وانتقام يتصدرها حسن الرداد، ولا تختلف عنها كثيراً حكاية مسلسل "حق عرب" لأحمد العوضي، إضافة إلى الأجواء المعتادة لعالم السوق والتجارة والمؤامرات التي يتميز بها مصطفى شعبان، حيث يشارك بمسلسل "المعلم"، ولا يبتعد منها كثيراً مسلسلا "العتاولة" لأحمد السقا و"بيت الرفاعي" لأمير كرارة.

 وكذلك فإن مسلسل "نعمة الأفوكاتو" بعيد عن عالم الـ "كومباوندات" من خلال قصة البطلة التي تؤدي دورها مي عمر التي تجتهد في عملها كمحامية لتحقيق ثروة قبل أن تتحول حياتها إلى رغبة دائمة في الانتقام، كما تحضر أجواء الطبقات الكادحة بقوة أيضاً في مسلسل "بـ100 راجل" لسمية الخشاب، إذ تعمل البطلة كسائقة ميكروباص وتواجه عالماً يسيطر عليه الرجال، وتتعرض إلى كثير من الأزمات حين تتداخل حياتها مع مصالح تجار المخدرات والسلاح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتماس قصة مسلسل "أعلى نسبة مشاهدة" لسلمى أبو ضيف بقوة مع قصة فتيات الـ "تيك توك" الشهيرة بمصر، ويتناول العمل أبناء طبقة شديدة الفقر يعيشون في منازل شبه آيلة للسقوط ويحققون الشهرة والثراء من طريق فيديوهات يعتبرها الأهل والمجتمع فاضحة، وتصل الأزمة للقضاء، فيما تبدو مشكلات الطبقة المتوسطة مثل البحث عن مساعدة منزلية أو التوفيق بين أعباء المنزل والحياة المهنية، وكذلك تفاصيل العلاقات الأسرية أكثر حضوراً في أعمال حققت توازناً حقيقياً وتميزت بعدم المبالغة، ومن بينها "أشغال شقة" و"مسار إجباري" و"عتبات البهجة" و"صلة رحم".

وفي حين أن بعض الأعمال تقسم أحداثها ما بين العالمين وبينها "صيد العقارب" لغادة عبدالرازق و"سر إلهي" لروجينا، والمسار الأساس للأخير يدور حول البطلة التي تواجه خيانة أقرب المقربين لها وتتورط بفعل خططهم ضدها.

وتعلق الناقدة الفنية ماجدة موريس بالقول إن " مسلسل ’سر إلهي‘ يعتمد على الصراع بين الشخصيات وكل فريق لديه عالم وطبقة مختلفة، وبالتالي فالتصوير جاء مزدوجاً ما بين المناطق الشعبية أو تلك التي تتميز بالمظهر الفاره"، وتشير إلى أن الأهم في النهاية لأي عمل فني هو طريقة التناول للقصة الأساس، وتحقيق الصدقية والجاذبية بغض النظر عن الأجواء التي تدرو فيها الأحداث.

وتلفت موريس إلى أنه مع انحسار "دراما الكومباوندات" تنشط في المقابل الـ "كومباوندات"، حيث تسيطر على غالبية الحملات الإعلانية في الفواصل، مضيفة أن هناك إعلانات لمنتجات مختلفة أيضاً، ولكن الأكثر ملاحظة هو حشد المشاهير في الترويج للتجمعات السكنية التي يقبل على اقتنائها أفراد طبقة الأثرياء.

تراجع درامي 

وتلك الظاهرة بالفعل مصاحبة للموسم الرمضاني منذ فترة، وعلى رغم تعرضها للهجوم لكنها في ازدياد عام بعد آخر، بخاصة وأن هناك نمطين من التوجهات الإعلانية خلال هذا الشهر تسيطران على الشاشة وتتسمان بالتناقض الشديد، الأول يدعو المواطنين لشراء منازل فاخرة بملايين الجنيهات مع وعود بمجتمع نخبوي مميز، والأخرى تحث الشعب على التبرع لذوي الحاجة لسد رمقهم أو معالجة أمراضهم، وكلاهما يستعينان بمشاهير التمثيل والغناء لجذب المشاهدين الذين يتحولون إلى مستهلكين وزبائن ومتبرعين، وإن كان كثير منهم يكتفي فقط بالفرجة.

ويتحدث استشاري الطب النفسي وليد هندي عن تداعيات هذا التناقض بين إعلانات التبرع وإعلانات المنتجعات العقارية الفاخرة، مؤكداً أن الأمر يحمل قسوة عاطفية شديدة الوطأة، ومشيراً إلى أن الطبقات محدودة الدخل هي عادة الهدف الأول بالنسبة إلى الحكومات والمؤسسات الرسمية، إذ تُتخذ دوماً إجراءات لرفع مستواها وتقليل الضغوط التي تواجهها، ولكن يأتي شهر رمضان باعتباره موسم الدراما والإعلانات الأول ليظهر الفجوة الواضحة بين المستويات المادية، على رغم أنه شهر تكافل ورحمة وعدم شراهة.

ويتابع هندي، "هناك وجه قاس في التعامل مع تلك الطبقة من خلال المادة المقدمة عبر الشاشات إذ يتحولون إلى أداة للتوسل من خلال إظهار فاضح لشدة بؤسهم والمتاجرة بأمراضهم وسوء أوضاعهم، كما أن التبرعات التي تصل باسمهم قد لا تصل إليهم بالصورة المفترضة، وفي المقابل يُستفزون بمواد درامية وإعلانية عن ’كومباوندات‘ ومنتجعات سياحية وقصور فارهة وأماكن ترفيهية لا يمتلكون حتى ثمن تذكرة الدخول إليها، فالنموذج المعروض ليس مجرد طبقة ثرية وإنما لطبقة مخملية فاحشة الثراء تعيش في عالم آخر تماماً".

عيب الرفاهية 

وعلى رغم تراجع هذا النوع من الدراما لكنها لم تختف كلياً، فهناك عدد منها يعرض حالياً ويحظى بقبول جماهيري إلى حد ما، إذ تقدم قصصها في إطار درامي مبرر وليس لمجرد السير وراء تلك الموضة التي كانت رائجة سلفاً، وبالتالي فهناك أسباب تتيح التصوير في تلك التجمعات السكنية، وبينها "إمبراطورية ميم" لخالد النبوي وحلا شيحة، و"كامل العدد+1" لدينا الشربيني وشريف سلامة، وكذلك "لانش بوكس" لغادة عادل وجميلة عوض، إذ تتنوع المشاهد بين الآثاث الفاخر في المنازل الواسعة والمساحات الخضراء المحيطة، وتناقش الأعمال بشكل عام أزمات بعيدة في معظم الوقت من الصراع على توفير لقمة العيش، وتستعرض مظاهر حياتية مريحة مادياً بشكل واضح، سواء في ما يتعلق بمستوى الملابس أو طبيعة مهن الأبطال، وهي تفاصيل لا تمثل عيوباً بالطبع طالما أنها تُوظف فنياً.

واللافت أن عالم الـ "كومباوندات" نفسه متشعب ومليء بالطبقات في داخله، بل إن بعض الوحدات السكنية في تلك التجمعات توازي أسعارها الشقق خارجها وربما أقل، وذلك وفقاً لنوعية المنطقة، كما أنه ليس شرطاً أن يكون سكانها من الطبقة المخملية، بل على العكس قد يكونوا موظفين بدخل محدود حصلوا على وحدة بتسهيلات معينة، إذ إنها تمثل نمطاً سكنياً لا أكثر، وليس شرطاً أن تعبر عن الثراء الفاحش مثلما يتصور بعضهم، إلا أنها اكتسبت بفعل أمور كثيرة تلك السمعة وتلك السمات حتى لو كانت غير حقيقية.

 

 

كما أن هناك دعاية غير دقيقة أسهمت في هذه الصورة الذهنية التي وصلت إلى مستوى من السلبية، وهو الأمر الذي بدا واضحاً في التعليقات المنتشرة على فيديوهات ومواقف تُتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، وبينها واقعة أثارت استهاجاناً كبيراً حينما منع الأمن في أحد المساجد الملحقة بأحد تلك التجمعات شخصاً من أداء الصلاة لأنه يرتدي جلباباً، بحجة أنها تعليمات من فريق الإدارة الذين يعتبرون الجلباب أمراً لا يليق، وأن هناك مستوى معيناً للملابس ينبغي الالتزام به، وبالتالي كانت الغضب واسعاً والتعليقات التي تهاجم هذا التصرف لا تتوقف، ومثلها مواقف كثيرة جعلت مجرد طرح النقاش حول فكرة الـ "كومباوندات" يبرز أفكاراً استباقية تسهم في مزيد من اللبس، ولهذا وفي أوقات كثيرة تنال الدراما جانباً من هذا الهجوم وتتهم بالانفصال حتى لو كان هناك اتساق بين المحتوى وطبيعة المكان.

استنفار طبقي 

وينبه استشاري الصحة النفسية إلى أن زيادة الأعمال التي تتحدث عن طبقات بعيدة كل البعد من المجتمع المصري، وبخاصة تلك التي تتحدث عن فئة شديدة الثراء، من شأنها أن تزيد مشاعر الاستنفار بين الجمهور، مذكراً بأن الدراما قبل عقود كانت أكثر تعبيراً عن حال الناس وتشبه حياتهم وتفاصيل يومهم، ضارباً المثل بأعمال مثل "ليالي الحلمية" و"الوسية" و"غوايش" و"الشهد والدموع"، مشدداً على أنها أثرت في الوجدان واكتسبت رسوخها من شدة تعبيرها عن واقع مشاهديها.

وأضاف هندي، "أصبحنا الآن نجد دراما تخاطب طبقات لا نعرفها أو نقترب منها، وبالتالي يزداد شعور عدم الرضا لدى الطبقات الأدنى مادياً مما يؤجج المشاعر السلبية، وقد يؤثر ذلك في السلم الاجتماعي وأيضاً في الانتماء، ويزيد من أزمات الحقد الطبقي ويجعل كثيرين يلجأون إلى طرق البحث عن الثراء السريع بشتى الصور حتى ولو كانت غير مشروعة، من أجل محاكاة هذا العالم الخيالي والمثالي بالنسبة إليهم".

واللافت أن دراسة بعنوان "المسؤولية الاجتماعية للدراما المصرية" للأكاديمية والباحثة مي أحمد أبو السعود خلصت قبل أعوام إلى ضرورة عقد دروات تدربية وتثقيفية لصناع المسلسلات، من أجل التركيز على قيم الانتماء وأن تكون الأعمال معبرة عن الهوية الوطنية وتناقش المشكلات بشكل واقعي، باعتبارها مؤثراً كبيراً في غالبية شرائح المجتمع، ونشرت هذه الدراسة في "المجلة العلمية لبحوث الإذاعة والتليفزيون".

ووجه هندي نصيحته بضرورة أن يكون هناك توازن في طريقة الطرح من خلال عدم المبالغة في إظهار السلبيات والفقر والعوز في حياة الطبقات الأكثر حاجة، وكذلك مناقشة أزمات الطبقات الأكثر ثراء بصورة منطقية وموضوعية، وشدد أيضاً على أن الفرد متوسط الدخل هو المواطن الحقيقي الذي يجب أن تكون همومه نصب أعين صناع الأعمال الفنية، وليس "المواطن الهلامي المصنوع".

وأخيراً فقد باتت هناك نماذج كثيرة لأناس وجدوا أنفسهم خلف القضبان بعدما كانوا يتنقلون بطائرات خاصة ويظهرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي كرواد أعمال ناجحين وحقيقيين، إذ يرى استشاري الصحة النفسية أن هذا النمط يزداد بفعل الرغبة في محاكاة تلك الحياة الغامضة مما يوقع بعضهم في أخطاء كثيرة خلال رحلة تحقيقه تلك الغاية، إذ إن ما يحركه فقط هو الرغبة الجامحة في الانتماء لتلك الطبقة مهما كانت الوسائل.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون