Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تتزعم أميركا تحول الطاقة بينما أصبحت أكبر منتج للنفط والغاز في العالم؟

الشركات في واشنطن أكبر مستفيدة من الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا

تصدر الولايات المتحدة حالياً أكثر من 4 ملايين برميل يومياً من النفط (اندبندنت عربية)

ملخص

وصل الإنتاج المحلي الأميركي من النفط الخام في سبتمبر (أيلول) الماضي 2023 إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 13 مليوناً و247 ألف برميل يومياً

في الوقت الذي تعلن فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ريادتها لجهود التحول في مجال الطاقة بعيداً من الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز) في سياق مكافحة التغيرات المناخية، تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط والغاز في العالم وبفارق كبير عن كبار المنتجين مثل السعودية وروسيا، بل إن صادرات الولايات المتحدة حالياً تصل إلى وضعها بين كبار مصدري الطاقة في العالم، بخاصة مع زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال لأوروبا في العامين الأخيرين.

وتصدر الولايات المتحدة حالياً أكثر من أربعة ملايين برميل يومياً من النفط، لتصبح ثاني أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم بعد السعودية.

وراكمت شركات الطاقة الكبرى في الولايات المتحدة أرباحاً إضافية بعشرات مليارات الدولارات من عائدات تصدير الغاز والنفط للدول الأوروبية بعد بدء الحرب في أوكرانيا وتوقف إمدادات الغاز الروسي لأوروبا وكذلك نتيجة العقوبات الصارمة على موسكو.

ومن المتوقع ألا يتوقف هذا التوجه في القريب، بحسب ما كتب ديفيد بلاكمون في صحيفة الـ"ديلي تلغراف" في مقال له نشر، أول من أمس الثلاثاء.

ويعمل بلاكمون في قطاع الطاقة الأميركي منذ 40 عاماً مما جعل مقالاته وتعليقاته ذات صدقية عالية.

ومنذ العام الماضي زادت صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية إلى أوروبا بنحو 15 في المئة، مما وفر أرباحاً بعشرات المليارات لشركات الطاقة الأميركية، وتتوجه الصادرات النفطية الأميركية أيضاً إلى أوروبا وبعض دول آسيا لتعويض انخفاض الصادرات الروسية بسبب العقوبات على موسكو.

استمرار زيادة الإنتاج

وبحسب أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية وصل الإنتاج المحلي الأميركي من النفط الخام في سبتمبر (أيلول) الماضي 2023 إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 13 مليوناً و247 ألف برميل يومياً، لتصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط الخام في العالم متجاوزة إنتاج السعودية وروسيا.

ليس هذا فحسب، بل إن الشركات الأميركية تجاوزت ذلك المستوى في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لتصل إلى مستوى آخر غير مسبوق عند 13 مليوناً و319 ألف برميل يومياً، وعن ذلك قال بلاكمان إن "هذا المستوى القياسي تم تجاوزه في الربع الأول من هذا العام".

إلى ذلك تشكل الزيادة في إنتاج النفط من الولايات المتحدة حالياً أكثر من نسبة 80 في المئة من نمو الإنتاج العالمي من النفط الخام، ويقدر أن الشركات الأميركية أضافت العام الماضي زيادة بمعدل 850 ألف برميل يومياً ومن المتوقع أن تضيف أكثر من مليون برميل يومياً هذا العام 2024.

وبحسب تقديرات الرئيس التنفيذي لشركة "بايونير ناتشورال ريسورسز" سكوت شيفيلد في تصريحات صحافية نهاية العام الماضي فإن "هناك فرصة جيدة لأن يصل الإنتاج الأميركي من النفط إلى 15 مليون برميل يومياً في غضون نحو خمس سنوات فحسب".

وبحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية نهاية العام الماضي، فإن الإنتاج النفطي الأميركي زاد في عام 2023 بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً، أي أكثر من تقديرات سابقة، كما ذكر تقرير الوكالة وقتها أن خطط شركات الطاقة الأميركية تشير إلى أن الولايات المتحدة تستهدف زيادة إنتاجها بنحو أربعة مليون برميل يومياً في السنوات القليلة المقبلة.

وتعود الزيادة الكبيرة في الإنتاج الأميركي إلى استمرار زيادة إنتاج النفط الصخري في نحو 15 سنة الأخيرة، ففي سبتمبر 2008 كان إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام عند ثلاثة ملايين و974 ألف برميل يومياً، أما الآن فتنتج ولاية تكساس وحدها ما يقارب ضعف هذه الكمية، ذلك لوجود حوض بارميان، أكبر حوض إنتاج للغاز والنفط الصخري في ولاية تكساس وولاية نيو مكسيكو.

وبلغ إنتاج النفط الخام من ولاية تكساس وحدها نهاية العام الماضي خمسة ملايين و657 ألف برميل يومياً، مما يجعلها رابع منتج للنفط في العالم لو أن الولاية دولة مستقلة.

إنتاج النفط الصخري

وأرجع ديفيد بلاكمون في مقاله الزيادة الهائلة في إنتاج النفط الأميركي إلى عوامل عدة، أهمها استثمار الشركات الأميركية في تكنولوجيا الإنتاج ومهارة اليد العاملة، مما جعل حقول النفط الصخري تضاعف كمية إنتاجها في فترة قصيرة، مضيفاً "رغم تراجع عدد منصات الإنتاج بنحو الربع العام الماضي، فإن كفاءة التشغيل زادت من حجم الإنتاج بقوة".

وحول العامل الثاني أشار بلاكمون إلى القوانين الأميركية التي تسمح للشركات بالاستثمار في زيادة الإنتاج حتى لو حاولت الحكومة تفعيل قوانين لتقييد الاعتماد على الوقود الأحفوري، مستشهداً بما فعلته إدارة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما عام 2015 حين ألغت قانون حظر تصدير النفط، ومنذ السبعينيات كان القانون يحظر على الشركات الأميركية تصدير النفط الخام.

لافتاً إلى أنه مع زيادة إنتاج النفط الخفيف، لم تعد الشركات تجد مصافي تشتري إنتاجها المتزايد، فأغلب المصافي في الولايات المتحدة تعمل على النفط الثقيل المستورد، بالتالي، مع تفعيل إدارة أوباما، التصدير توفرت لشركات الطاقة الأميركية نافذة مهمة لزيادة الإنتاج وبيع النفط للدول التي تستورده في أوروبا وآسيا.

حتى محاولات الإدارة الديمقراطية الحالية للرئيس بايدن تفعيل قوانين تعقد عمل شركات الطاقة في قطاع الوقود الأحفوري لا تؤثر كثيراً في خطط واستراتيجيات الشركات لزيادة الإنتاج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلص الكاتب في مقاله إلى أن "أميركا اليوم هي أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي على وجه الأرض، وليس هناك ما يشير إلى أن ذلك سيتغير قريباً، بخاصة أن صناعة النفط والغاز تعمل بكفاءة وفاعلية أكبر من أي وقت في تاريخها".

تستخدم شركات الطاقة الأميركية الكبرى الأرباح الكبيرة من الإنتاج والتصدير للاستثمار أكثر في مشروعات إنتاج جديدة، وشهدنا، أخيراً، عمليات اندماج واستحواذ وشراكات بعشرات المليارات لتعزيز القدرات على الاستكشاف والإنتاج، منها صفقة شركة "إكسون موبيل" لشراء شركة "بايونير" في صفقة بقيمة 60 مليار دولار، واستحوذت شركة "شيفرون" على شركة "هيس" في صفقة بقيمة 53 مليار دولار.

ويتضح من التوجه الحالي لشركات الطاقة الكبرى في الولايات المتحدة أنها مستمرة في زيادة الإنتاج لسنوات مقبلة، على عكس التصريحات في شأن الحد من استخدام النفط والغاز والاستثمار أكثر في الطاقة المتجددة، إذ تواصل إدارة الرئيس بايدن إعطاء الموافقات لمساحات واسعة في البر والبحر لاستكشاف وإنتاج النفط والغاز.

من جانبه قال كبير علماء معهد ستوكهولم للبيئة مايكل لازارس إنه "من المزعج أن نرى تقديرات إنتاج النفط والغاز غير المسبوقة من الولايات المتحدة حتى عام 2050، إذ تعمل الولايات المتحدة على زيادة إنتاجها لسنوات مقبلة مما يجعل من الصعب عليها الالتزام بأهداف المناخ، وهو الأمر غير متسق، وعليها إعادة التفكير فيه".

إدارة بايدن والنفط والمناخ

في وقت سابق من هذا العام نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريراً بعنوان "جو بايدن أحدث تاجر نفط أميركي فوق العادة"، وذلك لأن الإدارة الأميركية، التي تحاول إقناع العالم بالتخلي عن النفط والغاز بدعوى ريادتها جهود مكافحة التغيرات المناخ، استندت إلى الزيادة الهائلة في الإنتاج المحلي وتقديرات استمرارها لتقوم بأكبر عملية تجارية في سوق النفط أثرت في توازنه، إذ لجأت في 2022 إلى إغراق السوق النفطية عبر طرح 180 مليون برميل من المخزون الاستراتيجي الأميركي، وباعت وزارة الطاقة ذلك النفط في السوق عندما كانت الأسعار عند نحو 95 دولاراً للبرميل، على أن تبدأ في الشراء من السوق لإعادة ملء المخزون الاستراتيجي عندما تهبط الأسعار إلى نحو مستوى 70 دولاراً للبرميل.

وما إن انخفضت أسعار النفط، بدأت وزارة الطاقة الأميركية في الشراء من السوق بأسعار أقل مما باعت به ما أفرج عنه من المخزون الاستراتيجي على أن تستفيد من فارق الأسعار.

وفي مطلع عام 2023، فشلت عملية شراء كبيرة لأن السعر الذي حددته وزارة الطاقة جاء أقل من سعر السوق، ثم توالت تعاقدات الوزارة للشراء الآجل في عقود بسعر نحو 75 دولاراً للبرميل.

أما في ما يتعلق بجهود الحد من الانبعاثات، فقد نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مبعوث المناخ الأميركي جون كيري نهاية العام الماضي قوله إن "الزيادة في الإنتاج المحلي الأميركي من النفط الخام والغاز الطبيعي هي بسبب الخروج من أزمة وباء كورونا وحرب أوكرانيا وبسبب قطع روسيا الغاز عن أوروبا، لذلك نرسل مزيداً من النفط والغاز إلى هناك وإلى أماكن أخرى لمساعدتهم".

والأكثر ترجيحاً أن الولايات المتحدة ضغطت منذ بداية حرب أوكرانيا كي تتخلى أوروبا عن استيراد الغاز من روسيا التي كانت تمد أوروبا بنحو 40 في المئة من حاجاتها من الغاز الطبيعي، ثم توالت حزم العقوبات الأميركية والغربية على موسكو، خصوصاً على قطاع النفط، بهدف الحد من الصادرات الروسية وتحديداً إلى أوروبا.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قال عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي الحاكم السيناتور جيف ميركلي إن المفاوضين الأميركيين في مؤتمر "كوب 28" في دبي بالإمارات "لن يستطيعوا قيادة جهود التخلي عن استخدام الوقود الأحفوري، ليس فحسب لأننا أصبحنا ننتج النفط والغاز بقدر أكبر من أي بلد آخر، وإنما لأن فريق بايدن يواصل الموافقة على مشروعات طاقة من الوقود الأحفوري الواحد تلو الآخر"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة تفتقد أي أرضية أخلاقية لقيادة خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري".

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز