Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سقوط عمودين لإسرائيل: بدء ما حذر منه بن غوريون

دخلت حكومة نتنياهو حرباً من دون أن تمتلك "استراتيجية خروج" والجيش يدفع ثمن عدم وضوح الصورة

إسرائيل كانت ولا تزال تخوض حروبها مع العرب على أساس أنها "حروب وجود" (أ ف ب)

ملخص

هل ترسم حرب غزة بداية مرحلة النهاية للمغامرة الإسرائيلية في الشرق كرأس جسر للغرب؟

عنوان الصراع مع إسرائيل في أيام المد القومي العربي كان "صراع وجود لا صراع حدود". بعد الهزيمة العربية المدوية في حرب 1967 واحتلال إسرائيل سيناء المصرية والجولان السوري والضفة الغربية بما فيها القدس، صار العنوان في السياسات العربية ومقررات القمم "صراع حدود" عبر شعار "إزالة آثار العدوان".

 لكن إسرائيل كانت ولا تزال تخوض حروبها مع العرب على أساس أنها "حروب وجود". فهي عملت بقول مؤسسها ديفيد بن غوريون لرفاقه "العرب يستطيعون أن يتحملوا هزائم عدة، أما إسرائيل فإنها لا تستطيع تحمل هزيمة واحدة، لأن أي هزيمة تعني نهايتها". وهي تتوحش في حرب غزة على أساس أنها حرب وجود ضد "حماس" التي تعتبر أن الصراع مع إسرائيل "صراع وجود".

والمعادلة الشائعة هي أن إسرائيل تخسر ولو ربحت، و"حماس" تربح ولو خسرت. يكفي أن يفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق الأهداف التي أعلنتها حكومة نتنياهو لكي يجد العدو نفسه خاسراً. وحتى لو خسرت "حماس" فإن لها بدائل في صفوف الشعب الفلسطيني. وليس لإسرائيل الخاسرة أي بديل. فهل ترسم حرب غزة بداية مرحلة النهاية للمغامرة الإسرائيلية في الشرق كرأس جسر للغرب؟

ذلك أن حكومة نتنياهو الأشد تطرفاً في تاريخ إسرائيل بدأت حرباً على غزة بعد زلزال "طوفان الأقصى" على يد "حماس"، ولكن من دون "استراتيجية خروج". وهي لا تعرف كيف تخرج، ولا كيف سيكون "اليوم التالي" بعد الحرب.

وأقل ما يقوله وزير الدفاع يوآف غالانت إن "الجيش يدفع ثمن عدم الوضوح في صورة اليوم التالي". وكثيرون يحشرون نتنياهو وينتقدون سياسته في الداخل كما في أميركا وأوروبا. وليس أمراً عادياً أن يدعو تشاك شومر، وهو أرفع مسؤول يهودي في أميركا، إلى التخلص من نتنياهو والمتطرفين في حكومته. ولكن "كلما جرى حشر نتنياهو، رقص في الزاوية. وقال لشركائه المتطرفين إنه أعطى القليل لبايدن"، كما كتب مارتن إنديك في "فورين أفيرز".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي البدء كان الخطأ. فما رآه البروفيسور ستيفن والت في مقال في "فورين أفيرز" هو سلسلة أخطاء في التقدير والتقرير لها عواقب خطرة. وما سجله هو أن "إدارتي ترمب وبايدن أخطأتا حين ركزتا على تطبيع العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب تزامناً مع تجاهل الفلسطينيين الذين يتعرضون لضغوط متزايدة من جانب الحكومات الإسرائيلية، لأن هذه المقاربة الشائبة ستؤدي إلى تفجير الوضع، وهذا ما اتضحت صحته في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والهجوم الإسرائيلي على غزة". فمن الوهم القفز فوق قضية الشعب الفلسطيني التي لا تزال حية على مدى قرن. وكلما تعب جيل جاء جيل أشد تمسكاً بحقه.

والوهم الأكبر هو الانتقال من مبدأ "الأرض مقابل السلام" إلى مبدأ "التجارة مقابل السلام". أما الرهان على دور أمني لإسرائيل في العالم العربي من دون تسوية القضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية فقد تكشف خواؤه في أمرين مهمين: أولهما فشل الاطمئنان إلى تسليم الشعب الفلسطيني بالعيش في دولة تمييز عنصري من دون أن يتحرك، وإلى توطين الفلسطينيين في الشتات. وثانيهما انكشاف حاجة إسرائيل إلى حماية أميركا وأساطيلها، بعدما تصور الحالمون أنها ضمان للأمن في بلدان عربية ضد أخطار مختلفة، كما كشفت حرب غزة ومضاعفاتها من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر مروراً ببلاد الرافدين.

وقد أكد الباحثان الإسرائيليان شاؤول أربيئيلي وسيفان هيرش في دراسة لهما أن "سياسة تجاهل القضية الفلسطينية أدت إلى انفجار يوم السابع من أكتوبر 2023، لأن حكومات إسرائيل وضعت القضية الفلسطينية على الرف، والمجتمع الدولي لم يكترث لهذه القضية، فملأت (حماس) الفراغ السياسي والأمني وجعلت القضية الفلسطينية تصرخ في الجامعات الأميركية وانتقلت إلى محكمة العدل الدولية".

وكلما قال نتنياهو إن "قيام دولة فلسطينية خطر على إسرائيل" يكبر الخطر الحقيقي على إسرائيل وهو عدم قيام هذه الدولة. حتى الرئيس بايدن "الصهيوني" صار يحارب من أجل دولة فلسطينية. وما صار واضحاً هو الفشل العسكري والفشل السياسي في العلاقات مع أميركا. ومعنى ذلك ببساطة هو سقوط العمود العسكري والعمود السياسي للمبنى الإسرائيلي.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل