Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسائل دراما رمضان 2024 تتأرجح بين الوضوح والغموض

جولة على السياقات الدرامية لأهم المسلسلات المصرية والسورية واللبنانية ومكامن القوة والضعف فيها

لقطة من مسلسل مال القبان (مواقع التواصل)

ملخص

من منطلق أن لكل حكاية رسالة هل نجحت الدراما في تقديمها بوضوح، أم أنه اعتراها التشويش فضاعت ولم تصل إلى المشاهد؟ وما رأي النقاد وصناع الدراما بالأعمال التي تعرض في الموسم الرمضاني 2024؟ وهل حملت رسائل مهمة ومباشرة أم إنها اكتفت بصورة جميلة وقصص متواضعة حملت رسائل سخيفة وتافهة؟

يختلف صناع الدراما في رأيهم حول مفهومها ودورها، إذ يرفض البعض من بينهم المخرج يسري نصرالله تحويلها إلى رسائل ونصائح، ويرى أن دورها يقتصر على التسلية وإثارة ملكة الخيال عند المشاهد بعيداً من التعقيدات وتنميط الخير والشر، بينما يؤكد آخرون ضرورة أن تحمل رسائل مختلفة كونها انعكاساً للواقع والتحديات التي تواجه المجتمعات.
وتختلف الرسائل التي تحملها الدراما من عمل إلى آخر انطلاقاً من الموضوع الذي تناقشه، وهي قد تكون سياسية أو اجتماعية أو ثقافية كما يمكن أن يكون لكل عمل رسالة واحدة أو أكثر، وفي ظل انجذاب واضح للجمهور نحو الدراما الاجتماعية فإنها تسعى إلى تغطية كثير من تفاصيل الحياة التي تهم المواطن. وغالباً ما تمر الرسائل بشكل متوار من خلال الحكاية وتتسرب إلى ضمير المشاهد وهو يستمتع بالعمل الدرامي وتعطيه جرعات كبيرة من الوعي والثقافة.

ومن منطلق أن لكل حكاية رسالة هل نجحت الدراما في تقديمها بوضوح، أم أنه اعتراها التشويش فضاعت ولم تصل إلى المشاهد؟ وما رأي النقاد وصناع الدراما بالأعمال التي تعرض في الموسم الرمضاني 2024؟ وهل حملت رسائل مهمة ومباشرة أم إنها اكتفت بصورة جميلة وقصص متواضعة حملت رسائل سخيفة وتافهة؟


أكوام من القش

"الدراما المصرية كثيرة عدداً ولكنها تشبه أكوام القش ولا تملك قيمة غذائية"، بحسب الناقد محمود قاسم الذي قال لـ"اندبندنت عربية"، "هناك عملان جيدان من أصل 30 مسلسلاً والباقي مستنسخ عن نصوص قديمة أو تكرار لأفكار سابقة. وينظر صناع الدراما إلى تلك الأعمال على أنها رزق يعود بالفائدة على الممثلين والكتاب والمخرجين، ومشكلة الدراما بدأت مع اختفاء الجيل الكبير من الكتاب أو إبعادهم كوحيد حامد ومصطفى محرم ومجدي صابر، واعتماد نظام الورشة الذي ينتج منه اختلاف في المستوى في النص الواحد. ولن تستعيد الدراما المصرية مكانتها إلا باستعادة النظام القديم، لكن هناك حالات فردية كتجربة عبدالرحيم كمال، الذي يجيد اختيار المواضيع التاريخية والعصرية وهو قدم هذه السنة مسلسل (الحشاشين) الذي يتناول موضوعاً مؤرقاً ومثيراً للكتاب والعمل يحمل رسائل دينية وسياسية واجتماعية واستفادت منه مصر سياسياً لمهاجمة الإخوان المسلمين، ومن ضمن رسائله أنه ينقل المشاهد من العصر الذي يعيش فيه إلى الزمن الماضي، ويظهر تكاتف المجتمع في المحن لمواجهة الغزاة والأشرار لأن التاريخ يكرر نفسه، وعادة تتقاطع الرسائل الاجتماعية مع الرسائل السياسية ولا يمكن فصل المجتمع عن السياسة لأنها هي التي تقوده".

أما مسلسل "صلة رحم" الذي أثار كثيراً من الجدل لتناوله قضية شائكة هي "تأجير الأرحام"، فلا يرى قاسم أنه أتى بجديد، ويوضح "صحيح أنه يحمل رسالة ولكنه مأخوذ عن فيلم لـفريد شوقي ومحمود عبدالعزيز ونجلاء فتحي. ورسالته واضحة وكثر رأوا مشكلاتهم فيه، إذ يوجد بيت من بين 10 بيوت مصرية وعربية يعاني مشكلة عدم الإنجاب، ومن أب ثري يرغب بحفيد من طريق التلقيح الاصطناعي، كما يمكن التوقف عند مسلسل (بابا جه) فهو عمل اجتماعي جاد يعزز أهمية دور الأب في العائلة وفقدانه يؤدي إلى انهيارها وتفكك المجتمع. هذا عدا أعمال أخرى تتناول الطلاق السهل وكيف أن الناس يجدون صعوبة لكي يتمكنوا من الزواج ولكنهم يطلقون بسهولة ومثل هذه الحالات موجودة بكثرة في المجتمعات العربية. أما مسلسل (عتبات البهجة) لـيحيى الفخراني الذي راهن عليه كثر، ومع أن كاتبه معروف، لكن رسالته لم تصل إلى الناس لأن كاتب السيناريو ليس محترفاً ففلت منه".


رمزيات ودلالات 

من ناحية أخرى، تمكنت الدراما الخليجية هذه السنة من أن تفرض نفسها عبر مجموعة من الأعمال الجيدة جنبتها فخ النمطية التي سيطرت عليها لفترة طويلة من الزمن، ومن هنا يؤكد الناقد الكويتي عبدالستار ناجي أن "الدراما الخليجية تجاوزت في عدد من الأعمال الصورة الباهتة التي تغرق بها، وأكدت هويتها وشخصيتها وخصوصيتها وحلقت بها بعيداً وربما تتجاوز حدود المنطقة الخليجية إلى فضاءات عربية وعالمية، فهي قدمت هذه السنة أكثر من 20 عملاً كويتياً، ونصفها من الأعمال السعودية، وربعها من الأعمال الإماراتية، وبعض الهوامش الإنتاجية للدراما العمانية والبحرينية. وبالنسبة إلى الأعمال الكويتية فهي قدمت دراما اجتماعية مستعادة ومكررة يعتمد بعضها على الإثارة من بينها مسلسل (زوجة واحدة لا تكفي) للكاتبة هبة مشاري حمادة التي انشغلت عن الأبعاد التربوية والقيم الأخلاقية إلى حكايات الزواج والطلاق والخيانة التي غرقت بها الدراما الخليجية لسنوات، كما غرقت أعمال أخرى في الهامش من بينها (يس عبدالملك)، و(بعد غيابك عني)، و(الفرج بعد الشدة)، و(سحيلة بنت عديم) وغيرها، لكنها قدمت في المقابل أهم التجارب الإنتاجية الخليجية في المسلسل التراثي (زمن العجاج) ومع أن فكرته تبدو للوهلة الأولى حكاية الغرباء والقرية الآمنة ولكن المشاهد لا يلبث أن يجد نفسه أمام صراع على السلطة وهيمنة الدين والرأسمال وغيرها من الحكايات والدلالات كتبتها إيمان سلطان باحترافية عالية. وأيضاً المسلسل الكويتي- الإماراتي المشترك (الخن) للكاتبين نوال الكندري وبدر الجزاف الذي يذهب إلى منتصف القرن الـ19 ويضيء على العلاقات الإنسانية والاجتماعية فيها في زمن طرق التجارة بين الكويت وزنجبار من خلال حكاية طفلة تم تهريبها داخل (خن) سفينة أحد التجار وتكشف كثيراً من الخفايا والأسرار حول طبيعة العلاقات التي ربطت الكويت بعديد من الدول الأفريقية. ويضيء العمل على تلك المرحلة والعلاقات الإنسانية والاجتماعية فيها". 
ويبدو أن مسلسل "خيوط المعازيب" نجح بأن يتصدر المشاهدة في كل دول الخليج إذ يرى ناجي أن "الدراما السعودية قدمت هذا العام حفنة من الإنتاجات وأبرزها مسلسل (خيوط المعازيب) الذي يعتبر أول عمل درامي يصور وينجز في منطقة الأحساء وتجري أحداثه في حارة (معازيب البشوت) التي اشتهر أهلها بصناعة البشوت وظروف تلك الصناعة والمتغيرات، وأيضاً العلاقات الاجتماعية والصراع الطبقي ودخول التعليم والنفط لاحقاً. وتكمن أهمية هذا العمل في أنه يعيد اكتشاف منطقة الأحساء الأكثر ثراءً وعمقاً ثقافياً وتمازجاً بين كل أطياف المجتمع السعودي، والأكثر انفتاحاً على المتغيرات الحضارية منذ تأسيس المملكة".

صورة ومضمون ورسائل

وبعد سنوات من التقهقر الدرامي التقطت الدراما السورية بعضاً من أنفاسها العام الماضي، وفرضت نفسها بقوة هذه السنة عبر مجموعة من الأعمال التي تكاملت صورة ومضموناً. وعن تصدر الأعمال السورية المشهد الدرامي يقول الصحافي محمد المصري "حرصت الدراما السورية في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية على تقديم المشهد الدرامي المحافظ الذي يشبه المجتمعات العربية ومثلها فعلت الدراما المصرية، أما اليوم فاتجه معظم صناع الدراما نحو التحرر والصورة الجريئة لجذب المشاهد خصوصاً بعد رواج موضة الدراما التركية. وقدمت الدراما السورية هذه السنة أعمالاً مهمة تجمع بين الصورة والمضمون ترقب المشاهد كل حلقاتها، ففي (أولاد بديعة) الذي يعرضه التلفزيون المصري في سابقة تحصل لأول مرة، قدمت رشا شربتجي صورة مختلفة في مسلسل يحمل كثيراً من الرسائل التي تعكس ما تعيشه المجتمعات العربية ويبرز الاختلاف بين الطبقات الاجتماعية، بينما قدم مسلسل (أغمض عينيك) رسالة إنسانية اجتماعية عن تضحية الأم من أجل طفلها والجدة من أجل حفيدها، وقدم (العربجي) رسالة عن الصراع بين الخير والشر. وكشف مسلسل (الصديقات) عن الجانب القبيح والخفي لدى الطبقة المخملية، وقدم (تاج) رسائل اجتماعية وسياسية، وحمل (مال القبان) رسالة اجتماعية هادفة، بينما أخفق (كسر عظم- السراديب) مع أنه يقدم رسائل سياسية قوية عن سوريا والدول العربية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


حكاية ورسالة

"لا حكاية من دون رسالة ولكن الخلاف على فحواها هل هو قوي أم ضعيف، وهل هو واضح أم غير واضح"، بحسب الكاتب نبيل شحادات الذي أوضح أن "(أولاد بديعة) يحمل رسالة في كل مشهد ويصور الصراع بين الأخوة القائم منذ أيام قابيل وهابيل مع اختلاف في الصيغ والتفاصيل ويذكرني بـ(الأخوة كارامازوف) الذي يدور حول صراع الأخوة في المجتمع الروسي الفقير و(مال القبان) يصور الواقع السوري بعد 10 سنوات من الحرب والفقر والجريمة وتدهور الموروث الثقافي وكيفية مقاومة المواطن من أجل البقاء. ويسلط مسلسل (تاج) الضوء على دمشق في الخمسينيات حين لم يكن هناك وجود للتشدد الديني بل للتنوع العرقي والديني. وكانت المرأة صاحبة رأي وقرار، تملك حرية ارتداء الحجاب وتشارك في التظاهرات وتدرس في الجامعة، ورسالة العمل واضحة عن محاربة المحتل من أجل البقاء والحرية والوجود. الرسائل واضحة ومطلوبة في هذه الأعمال لأننا نحتاج كشعب سوري إلى التمسك بالأرض والبحث عن أسباب إيجاد الحل لإعادة بناء كل ما تهدم من أجل حياة مستقرة".

وفي ظل تراجع الدراما السورية - اللبنانية المشتركة، يعول شحادات كاتب نص مسلسل (2024) على الرسالة التي يحملها ويوضح "هي رسالة اجتماعية تتعلق ببطلي العمل وتكتمل في الحلقة الأخيرة. وعالجت ضمن الحكاية العلاقة بين جيل الأبناء وجيل الآباء والأمهات التي كنت قد ارتبطت فيها في الجزء الأول من داخل موضوع الانتقام الذي تطرق إليه ذلك الجزء"، بينما تشير الكاتبة منى طايع إلى أن رسالة مسلسل (ع أمل) وصلتها على رغم ثغراته، وتقول "هو يضيء على المجتمعات الذكورية المتخلفة التي تتعامل مع النساء كحريم، وثغرة هذا العمل أنه ركز على مجتمع المحجبات، وكنت أفضل لو أننا شاهدنا أيضاً طريقة التعامل المتخلفة مع المرأة في المجتمعات غير المحجبة لتحقيق التوازن وعدم إظهار أن الظلم يلحق بالمحجبات فقط".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات