Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"هجوم موسكو" يشعل نيران الاتهامات بين روسيا وأوكرانيا

  بوتين يتوعد وكييف تقول إن الروس علموا بالعملية قبل حدوثها

أعلن بوتين عن تورط الإسلاميين المتطرفين في تنفيذ هذه العملية الإرهابية (أ.ب)

ملخص

تواصل روسيا وأوكرانيا تبادل الاتهامات في شأن الهجوم الذي استهداف قاعة موسيقية في موسكو. وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تورط الإسلاميين المتطرفين وأكد في الوقت نفسه يقينه من "ارتباط هؤلاء بالأجهزة الخاصة في داخل أوكرانيا"، في حين قال كيريل بودانوف رئيس جهاز الاستخبارات الأوكرانية إن روسيا كانت تعلم بالتحضير لمثل هذه العملية منذ 15 فبراير (شباط) الماضي".

لم يكن مضى على الهجوم الدامي على قاعة موسيقية في موسكو أكثر من بضع ساعات حتى ظهر كيريل بودانوف رئيس جهاز الاستخبارات الأوكرانية ليقول إن الهجوم الإرهابي "من إعداد الإسلاميين"، مشيراً إلى أن روسيا كانت تعلم بالتحضير لمثل هذه العملية منذ 15 فبراير (شباط) الماضي على أقل تقدير، وأن ما بلغها من معلومات جاءها عبر استخبارات التنظيم الإسلامي المتطرف المعروف تحت اسم "ايجيل" أو كما نعرفه بالعربية "داعش".

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن عن تورط الإسلاميين المتطرفين في تنفيذ هذه العملية الإرهابية، وإن أكد في الوقت نفسه يقينه من "ارتباط هؤلاء بالأجهزة الخاصة في داخل أوكرانيا، التي حاول الإرهابيون الهرب إليها بعد ارتكاب جريمتهم".

وقال الرئيس الروسي إن "الولايات المتحدة تحاول من خلال قنوات مختلفة، ووفقاً لبياناتها الاستخباراتية، إقناع الآخرين بفرضية عدم وجود أثر لكييف في الهجوم الإرهابي في موسكو، فيما توعد بالوصول إليهم أينما كانوا"، في إشارة غير مباشرة إلى ما حل بكثيرين من مناوئيه سواء من زعماء المقاتلين الشيشان، أو غيرهم من خصوم السياسات الروسية.

أسباب عدم الالتفات إلى "التحذيرات"

وذلك ما حاول بودانوف التنصل منه بقوله إن "روسيا كانت تعرف من أين ستأتي الجماعات الإسلامية المسلحة، وكذلك من أي البلدان ستنتقل هذه الجماعات إلى أراضيها"، ليطرح تساؤله حول السبب الذي دعاهم إلى السماح بذلك، ليجيبه رئيس جهاز الاستخبارات الأوكراني بأن هناك عدة خيارات، "أولهما يكمن في "صراع القمم"، في إشارة إلى الصراعات الداخلية على مستوى القمة. ويتمثل الخيار الثاني في عدم تقدير أبعاد وحجم ما قد يحدث، بما قد يعني التقليل من شأنه وإضفاء الطابع المحلي عليه، مع إلقاء اللوم على الجانب الأوكراني". 

ونقل موقع "Strana.ua" عن بودانوف، ما وجههما سكرتير مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف ورئيس جهاز الاستخبارات والأمن الفيدرالي ألكسندر بورتنيكوف من اتهامات بتورطه شخصياً في تدبير هذه العملية الإرهابية، واصفاً ذلك بـ"الهراء". ورد بودانوف على ذلك بما صدر عن الاستخبارات الأوكرانية من تعليق قالت فيه "إن الهجوم تم تنظيمه من قبل الأجهزة الأمنية الروسية الخاصة نفسها بناء على تعليمات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل "التعبئة الكاملة" في البلاد. 

وذلك اتهام سبق ووجهت الاستخبارات الغربية مثله، في مطلع القرن الجاري إلى الرئيس بوتين والأجهزة الأمنية الروسية، حين وقعت تفجيرات المساكن ومترو الإنفاق في العاصمة الروسية، التي قالت بتورط عدد من المقاتلين الشيشان في ارتكابها. وكانت الاستخبارات الأوكرانية قالت "إن الهجوم تم تنظيمه من قبل الأجهزة الأمنية الخاصة الروسية نفسها بناء على تعليمات من الرئيس فلاديمير بوتين من أجل "التعبئة الكاملة" في البلاد، وإن عادت لتستبق الاستخبارات الروسية بما توقعته حول أن "الكرملين يمكن أن يلوم أوكرانيا على تدبير الهجوم الإرهابي"، بحسب ما كتب موقع Strana.ua.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا علاقة لولاية خراسان بعملية "كروكوس"

غير أن موسكو تدحض هذه الفرضية التي تحاول الاستخبارات الأوكرانية ترويجها. ونشرت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الروسية مزاعم حول قيام الأجهزة الأوكرانية الخاصة لاستخدام علاقاتها مع الإسلاميين لتنفيذ العملية الإرهابية في المجمع الترفيهي "كروكوس" في أطراف العاصمة الروسية. ونقلت الصحيفة عن عبدالمتين كاني المتحدث باسم وزارة الداخلية في أفغانستان، ما قاله في معرض دحضه لما يحاول الغرب ترويجه حول تورط "الفرع الأفغاني" لـ"داعش" (المحظور نشاطها في روسيا) في الهجوم الإرهابي في قاعة "كروكوس".

 وقال كاني إن زعيم خراسان (المحظورة أيضاً في روسيا) سناء الله جعفري هرب إلى باكستان، كما أوردت الصحيفة ما قاله سهيل شاهين رئيس المكتب السياسي لـ"طالبان" في قطر، حول أن الإرهابيين من ولاية خراسان يختبئون خارج أفغانستان، في إشارة إلى تفرقهم بين بلدان منطقة الشرق الأوسط وما يجاورها. وأكد المسؤول "الطالباني" إن "طالبان" تعتزم حل هذه المجموعة بالكامل في الأراضي الخاضعة لسيطرتها. 

وكان المستشرق ألكسندر كنيازيف قال في حديثه لصحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" إن "ولاية خراسان" حالياً ليست سوى عدد محدود من المجموعات المتناثرة التي لا تسمح لهم قدراتهم بتنفيذ مثل هذه الهجمات الإرهابية الكبيرة خارج موطنهم، وأن ما اعترف به بعض المتهمين ممن ألقي القبض عليهم لدى محاولتهم الفرار إلى أوكرانيا عقب ارتكابهم جريمتهم بأنهم جاءوا إلى روسيا من تركيا، قد يقول بارتباطهم بـ"داعش" وبالأجهزة الخاصة سواء الأميركية أو التركية في سوريا.

ما قالته الصحافة الروسية

 وأشارت الصحيفة الروسية إلى أوجه التشابه بين مثل هذه الأساليب، وما مارسته الأجهزة الأوكرانية في صيف عام 2020 لدى عمليتها الفاشلة لاستمالة مقاتلي تنظيم "فاغنر" إلى أراضي أوكرانيا إبان محاولة الإطاحة بالرئيس ألكسندر لوكاشينكو في بيلاروس. وثمة من يقول أيضاً باحتمالات ارتباط هؤلاء بالمقاتلين الشيشان ممن يقاتلون في صفوف القوات الأوكرانية من الفصائل التي تحمل أسماء "جوهر دودايف"و"الشيخ منصور" تصفية لثأر قديم مع القوات التي تحمل اسم الحاج أحمد قادروف، وتقاتل اليوم ضمن الوحدات الروسية. 

كما أن هناك من يقول باحتمالات انتماء القائمين على تنفيذ الجريمة الإرهابية إلى "الفيلق الدولي" الذي جرى تشكيله من خلال السفارات الأوكرانية في الخارج، بما فيها سفارة أوكرانيا في العاصمة الطاجيكية دوشنبه. والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى. فهناك في "الفيلق الدولي" كثير من ممثلي من مختلف الجنسيات ومنها الجورجي والشيشاني والبريطاني والفرنسي والجزائري والأسترالي.

ولا يخلو الأمر من صراعات داخلية بين كل هؤلاء ومنها ما ينتهي بالقتل والاغتيال، مثلما حدث بين عبدالفتاح نورين، المشتبه بتورطه في "داعش"، الذي قتل المظلي البريطاني دانيال بيرك، قائد مفرزة القوات الخاصة الأوكرانية، في سبتمبر 2023 في منطقة زاباروجيا. وكان القاتل مرؤوسه ويحمل الجنسية الجزائرية والأسترالية، بحسب ما ذكرت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الروسية.

وكان فلاديمير روغوف رئيس حركة "نحن مع روسيا" سبق وأكد أن هناك من المرتزقة مقاتلين من أكثر من 40 دولة أجنبية يشاركون في القتال، ومعظمهم عسكريون من بولندا، إلى جانب ممثلي النظام القائم في كييف. وفي وقت سابق، حذرت سوريا من مغبة وقوف الولايات المتحدة وراء نقل إرهابيي "داعش" وأعضاء الجماعات المتطرفة الأخرى إلى الأراضي الأوكرانية، وذلك في إطار الممارسات الشائعة التي كثيراً ما يلجأ إليها الأميركيون.

تكرار تجارب حرب البلقان

ولعله من "مساوئ" الصدف أن تجرى العملية الإرهابية الدموية بكل ما يتعلق بها من حديث حول لجوء الولايات المتحدة والبلدان الغربية إلى الإسلاميين المتطرفين ممن ينضوون تحت رايات "الجهاديين" في حروبهم "المقدسة"، مع الذكرى الـ25 لقصف صربيا. 

وكانت قوات الناتو في مثل هذا الوقت من عام 1999 قد حشدت الإسلاميين من كل حدب وصوب للقتال إلى جانب كوسوفو، في وقت مواكب للقصف الهمجي للعاصمة اليوغوسلافية من دون سند أو قرار من جانب الأمم المتحدة. وكانت أوكرانيا أول من بادر بتجييش فلول المقاتلين الشيشان الذين سبق ولاذوا بالفرار من ميادين القتال في مطلع القرن الحالي هرباً من "جحيم" القوات الروسية المسلحة، مع من انضم إليها من مقاتلي القوقاز، ليكونوا سنداً ودعماً للقوات الأوكرانية المدعومة من جانب فصائل القوميين أو من يسمون النازيين الجدد ضد الناطقين بالروسية من مواطني جنوب شرقي أوكرانيا ممن أعلنوا انفصالهم من جانب واحد عن أوكرانيا. 

ويذكر المراقبون ارتباط الإسلاميين الوافدين من أفغانستان وبلدان الشرق الأوسط من ممثلي تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، بوحدات ما يسمي القطاع الأيمن وكتائب أزوف، وما مارسوه من استعدادات لما كان يسمى "جبهة ماريوبول" التي نجحت القوات الروسية في إرغامها على الاستسلام، لتكون نقطة البداية لتحركات أخرى مماثلة في المنطقة. وننقل عن أندرو كرامر ما كتبه على صفحات "نيويورك تايمز" حول "الكتائب الإسلامية المكونة من المقاتلين الشيشان وما قدمته من دعم وعون لأوكرانيا في حرب مكافحة "تمرد الانفصاليين"، في إشارة إلى الحرب التي شنتها القوات المسلحة الأوكرانية ضد مواطني جنوب شرقي أوكرانيا ممن تزعموا حملة إعلان استقلال كل من "جمهوريتى دونيتسك ولوغانسك"، ومقاطعتي زاباروجياوخيرسون.

 وقال كرامر إن "هناك ما يصل إلى ثلاث كتائب من الجهاديين المتطوعين في أوكرانيا". وأشار إلى أن هذه الكتائب التي تحمل اثنتان منها اسم "جوهر دوداييف" و"الشيخ منصور"، جاءت بشكل رئيس من الشيشان، ولكنها تضم أيضاً مسلمين من الاتحاد السوفياتي السابق من الأوزبك وسكان آسيا الوسطى وحتى ممثلي شعوب القوقاز، كما تتكون الكتيبة الثالثة التي تحمل اسم "القرم" بصورة رئيسة من تتار القرم".

 وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن الجهاديين أقاموا تعاوناً واسع النطاق مع كتائب المتطوعين النازية والفاشية في أوكرانيا: إحدى هذه المجموعات، وهي "القطاع الأيمن" أو "الصحيح"، وشكلت خلال احتجاجات الميدان في العام الماضي في كييف من ست مجموعات قومية هامشية، بما في ذلك التي تحمل اسم ستيبان بانديرا. 

وهناك مجموعة أخرى كانت تحمل اسم "آزوف"، وتشكلت من النازيين الجدد، وتستخدم علامة "وولف هوك" المرتبطة بقوات "أس أس"، وأشار المخرج السينمائي البولندي مارسين مامون إلى العلاقة مع الجهاديين التابعين لأثرياء العصر إيغور كولومويسكي أحد مليارديرات أوكرانيا الجدد، الذي سبق ووقف وراء دعم الحملة الانتخابية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل أن ينقلب عليه زيلينسكي ويودعه سجون أوكرانيا. وكان كولومويسكي أول من أسهم في إنشاء أول كتيبتين من المتطوعين وهما "دنيبر-1" و"دنيبر-2" كان لهما بالغ الأثر والتأثير في مجريات الأحداث في جنوب شرقي أوكرانيا. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير