Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حان الوقت لتسليط الضوء على صلات حزب المحافظين البريطاني بإسرائيل

مجموعة "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين"، وهي مجموعة ضغط برلمانية قديمة العهد، بدأت تتحول إلى ما يشبه معسكر وستمنستر لائتلاف الليكود اليميني بزعامة نتنياهو

صورة أرشيفية للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بجوار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في القدس في 12 مارس، 2014 (أ ف ب)

ملخص

بدلاً من لعبه دور جماعة ضغط صديقة لإسرائيل، تحول اللوبي البريطاني "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين" إلى معسكر لندن لائتلاف الليكود اليميني المتطرف يتزعمه نتنياهو

تتباهى مجموعة "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين" Conservative Friends of Israel (اختصاراً "سي أف آي") بأن عضويتها تضم 80 في المئة من نواب حزب المحافظين، ولديها القدرة على استدعاء وزراء الحكومة لتناول وجبات الغداء والعشاء، وتتمتع بوصول مذهل إلى أماكن القرار الحكومي في داونينغ ستريت ووستمنستر ووايتهول [مقار الحكومة والبرلمان والقرار الرسمي البريطاني]. وهناك طوابير طويلة من الناس تسعى إلى دخول حفلتها الشهيرة في مؤتمر حزب المحافظين السنوي.

ووصف المؤرخ والسياسي المحافظ روبرت رودس جيمس "سي أف آي" بأنها "أكبر منظمة في أوروبا الغربية مكرسة لقضية شعب إسرائيل".

كان هذا قبل 40 عاماً. وقد نما نفوذها بشكل كبير منذ ذلك الحين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إليكم مثالاً على ذلك. خلال الانتخابات على زعامة حزب المحافظين صيف عام 2022، استضافت "سي أف آي" إحدى التجمعات الانتخابية للمرشحين على القيادة – وعلى حد علمي، إنها مجموعة الضغط الوحيدة التابعة لدولة أجنبية التي لعبت مثل هذا الدور على الإطلاق.

وقبل انطلاق التجمع هذا، كتبت ليز تراس رسالة إلى "سي أف آي" متعهدة بالنظر في أن تحذو حذو دونالد ترمب بنقل السفارة البريطانية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.

يشكل هذا تغييراً جذرياً عن العقيدة الراسخة. فعلى غرار معظم دول العالم، كانت السياسة البريطانية تتمثل في إبقاء سفارتنا في تل أبيب حتى يجري التوصل إلى اتفاق سلام نهائي.

وقد أعادت تراس تأكيد التزامها تجاه [نقل السفارة إلى] القدس على الفور تقريباً بعد أن أصبحت رئيسة للوزراء في اجتماع مع نظيرها الإسرائيلي. لكن ريشي سوناك تخلى عن الفكرة في نهاية المطاف. وكان من المحتمل أن يمضي الأمر قدماً لو استمرت تراس في منصبها.

ثمة مثال كلاسيكي آخر يتعلق بالوزير السابق عن حزب المحافظين السير آلان دنكن.

في عام 2011، بوصفه وزير دولة لشؤون المساعدات الخارجية في وزارة التنمية الدولية، شارك دنكن في شريط فيديو حكومي قال فيه إن إسرائيل "استولت على أراضٍ" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

قوبلت هذه التصريحات بغضب من قبل مجموعة "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين". وقال مدير المنظمة آنذاك ستيوارت بولاك لصحيفة "جويش كرونيكل": "أثارت ’سي أف آي‘ هذا الأمر على أعلى مستويات الحكومة فور نشر الفيديو".

وللعلم فإن "أعلى مستويات الحكومة" هو تعبير حكومي يُعنى به داونينغ ستريت [أي رئاسة الوزراء].

وأوضح بولاك: "تلقينا طمأنةً بأن هذه ليست سياسة الحكومة، ولن يوافق أي وزير في وزارة الخارجية على هذه التقييمات".

ووقفت وزارة التنمية الدولية البريطانية إلى جانب دنكن مؤكدة بدقة أن "تعليقاته تعكس الموقف الحكومي الثابت بأن المستوطنات غير قانونية وتشكل عقبة أمام السلام وحل الدولتين".

لكن "سي أف آي" كسبت الجولة في نهاية المطاف. وأمر [رئيس الوزراء حينها] ديفيد كاميرون بإزالة الفيديو.

وتحتوي مذكرات آلان دنكن، التي صدرت بعنوان "في غمرة الحدث" In The Thick of It، على سرد نادر – وصريح وغني بالتفاصيل – لتدخّل "سي أف آي" في أعلى مستويات السياسة البريطانية. ويظهر إحساس عميق بالظلم في هذه المذكرات، ويعتقد دنكن بوضوح أنه مستهدف من قبل منظمة "سي أف آي" لمجرد دعمه حقوق الفلسطينيين.

ويتهم المجموعة "بالضغط النشط" ضده بسبب تعاطفه مع الفلسطينيين. على رغم أن المذكرات تبدو في لحظات مبالغ فيها، وتخدم مصالح ذاتية ومليئة بخلق صورة أنه ضحية، إلا أنه من السهل تفهّم السبب. لنفترض أن روايته صحيحة، فإن دنكن شعر بالضعف لسبب وجيه.

وفقاً لدنكن، عرضت عليه تيريزا ماي منصب وزير دولة لشؤون الشرق الأوسط في التعديل الحكومي في يوليو (تموز) 2016، الذي أعقب استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ويروي دنكن أنه في وقت لاحق من اليوم نفسه، أخبره وزير الخارجية المعين حديثاً آنذاك بوريس جونسون أن "سي أف آي" علمت بالتعيين، وكانت "تشعر بغضب شديد"، واتصلت به "باستمرار، قائلة إنه يجب ألا يجري تعييني". وفي أثناء تحضيري لهذه المقالة، سألتُ المجموعة عما إذا كان هذا السرد دقيقاً، ولكنني لم أتلق أي رد.

وتحتوي مذكرات دنكن على سرد مفصل لعملية الضغط رفيعة المستوى التي، كما يقول، منعته من الحصول على الوظيفة المتعلقة بالشرق الأوسط، مما لا يترك مجالاً للشك في أن التعليمات جاءت من مكتب تيريزا ماي في داونينغ ستريت.

وفي العام التالي، كشف فيلم وثائقي سري لقناة "الجزيرة" قيام مسؤول في السفارة الإسرائيلية، شاي ماسوت، بإطلاق وعد "بإسقاط" السير آلان، بتحريض من مساعد لوزير محافظ آخر. لا يوجد ما يشير إلى أن "سي أف آي" كان لها أي علاقة بهذا الهجوم على آلان دنكن. ويبدو أن السفارة الإسرائيلية كانت المحرض.

وليس تأثير المجموعة على حزب المحافظين بالأمر الجديد. في فيلمي الوثائقي للقناة "الرابعة"، "داخل اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا" Inside Britain’s Israel Lobby، كشفتُ كيف انفعلت "سي أف آي" عام 2006 بعد أن وصف وزير خارجية الظل ويليام هيغ الهجوم الإسرائيلي الدموي على جنوب لبنان في ذلك العام بأنه "غير متناسب" في انتقاد علني شديد اللهجة في مجلس العموم.

وأمنت المجموعة اجتماعاً مع كاميرون قدم فيه زعيم حزب المحافظين ما كان يُفهم على أنه تعهد بعدم استخدام كلمة "غير متناسب" (وهو مصطلح محفوف بالأهمية القانونية في النزاعات في البيئات الحضرية التي توقع خسائر فادحة في صفوف المدنيين) مرة أخرى.

طوال فترة توليه منصب زعيم حزب المحافظين ورئيس الوزراء البريطاني، كان كاميرون يفي بوعوده والتزاماته دائماً. ولم يستخدم الكلمة أبداً في ما يتعلق بأي صراع إسرائيلي. كما أنه لم يفعل ذلك الآن منذ أن شغل منصب وزير الخارجية خلال الصراع الحالي في غزة.

أو لنأخذ مثلاً مشروع قانون [وزير الدولة] مايكل غوف "النشاط الاقتصادي للهيئات العامة (المسائل الخارجية)" Economic Activity of Public Bodies (Overseas Matters) Bill، الذي يُناقش حالياً في لجان مجلس اللوردات. يحقق القانون هدفاً مركزياً لسياسة نتنياهو الخارجية – حماية إسرائيل من تهديد العزلة الدولية من خلال منع الهيئات العامة من دعم العقوبات والمقاطعات وحملات سحب الاستثمارات ضد إسرائيل.

وعلى نحو غير عادي، يخص مشروع القانون إسرائيل والضفة الغربية المحتلة ومرتفعات الجولان بحماية خاصة. وبالتالي فإنه لا يضع إسرائيل فحسب، بل أيضاً الأراضي الفلسطينية المحتلة ومرتفعات الجولان المحتلة، بعيداً من متناول حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.

وليس هذا فحسب. من خلال الخلط بين إسرائيل والأراضي التي احتلتها بالقوة العسكرية، يتناقض مشروع القانون بشكل صارخ مع التزامات السياسة الخارجية البريطانية الحالية.

مضى سوناك قدماً في مواجهة تحذيرات من مسؤولي وزارة الخارجية بأن مشروع القانون يتعارض مع السياسة الخارجية البريطانية، ويمثل هدية دعائية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وكما كشف مراسلا "بي بي سي" أيون ويلز وتوم بيتمان، فإن رسالة من وزارة الخارجية إلى داونينغ ستريت في مايو (أيار) الماضي "تشير إلى أن موسكو ستستخدم [القانون] لإظهار أن المملكة المتحدة لم تلتزم بالنظام الدولي القائم على القواعد، وبالتالي فهي ’منافقة في معاملتنا للأراضي التي جرى ضمها‘ في ما يتعلق بإدانة بريطانيا للغزو الروسي لأوكرانيا".

وقد كشفت "هيئة الإذاعة البريطانية" أيضاً أن محامين من وزارة الخارجية لفتوا إلى وجود بند في مشروع القانون "سيزيد بشكل كبير من خطر انتهاك المملكة المتحدة لالتزاماتنا بموجب [قرار مجلس الأمن] "2334" [ينص على أن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية يشكل "انتهاكاً صارخاً" للقانون الدولي وليس له "أي شرعية قانونية"، ويطالب إسرائيل بوقف هذا النشاط والوفاء بالتزاماتها كقوة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة].

وعندما دخل مشروع القانون مرحلة النقاش بين اللجان في مجلس العموم، لم يُدع أي فلسطيني للإدلاء بشهادته أمام البرلمان. ومع ذلك، استُمِع إلى مجموعة من الأصوات المؤيدة لإسرائيل. وقدمت "سي أف آي" حججها – ولكن لم تقدم دعوة موازنة لأصدقاء فلسطين المحافظين، برئاسة الوزيرة السابقة في مجلس الوزراء سعيدة وارسي.

وقدم "محامو المملكة المتحدة من أجل إسرائيل" حججهم – ولكن غابت دعوة مماثلة للـ"محامين من أجل حقوق الإنسان الفلسطينية"، وهكذا.

وقال سبعة من النواب المحافظين العشرة في اللجنة المؤلفة من 19 عضواً إنهم زاروا إسرائيل في رحلات نظمتها مجموعة "أصدقاء إسرائيل المحافظين". وكشف ستة منهم أنهم كانوا أصدقاء شخصيين للمدير التنفيذي للمجموعة وأحد الشهود.

وقالت نائبة واحدة فقط، وهي كيم ليدبيتر من حزب العمال، إنها كانت في رحلة نظمها "مجلس التفاهم العربي- البريطاني" Council for Arab-British Understanding الذي يدافع عن حقوق الإنسان الفلسطينية.

كما تُظهر هذه الواقعة، فإنه من المستحيل تقريباً سماع أصوات الفلسطينيين بجدية إن كان في حزب المحافظين أو في مجلس العموم. والحق أن مجموعة "أصدقاء فلسطين المحافظين" شكلت حديثاً ولديها متابعون ضئيلون من بين أعضاء البرلمان.

ويساعد ميزان القوى هذا في تفسير سبب تعرض ريشي سوناك لأضرار سياسية لا تذكر من سياسته المعلنة المتمثلة في الدعم "الجازم" لبنيامين نتنياهو.

هل علينا أن نقلق بهذا الشأن؟ تستند قضية الصداقة العميقة لحزب المحافظين مع إسرائيل إلى فكرة أن بريطانيا وإسرائيل مدفوعتان بالقيم نفسها.

لا بأس في ذلك. ولكن عندما تدير إسرائيل ظهرها للقانون الأخلاقي الذي يُزعم أننا نتشاطره، ألا يعني ذلك أننا يجب أن نقول ذلك؟

وكانت مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا بعد الحرب، مؤيدة لليهود بشدة ومناوئة لمعاداة السامية. لكنها لم تكن خائفة أبداً من الإشارة إلى جرائم الحرب الإسرائيلية، وقد فعلت ذلك مراراً وتكراراً.

وعندما وقف الجيش الإسرائيلي متفرجاً في سبتمبر (أيلول) 1982، حين ارتكبت الكتائب المسيحية المذابح في حق اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين اللبنانيين في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين، وصفت المذابح بأنها "عمل همجي صرف".

أليس هذا ما تدور حوله الصداقة الحقيقية؟ لهذا السبب أعتقد أن مجموعة "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين" ملزمون بالتحدث عن هذه القيم عندما تُنتهك.

ومع ذلك فإن المجموعة لا تفعل ذلك أبداً. إذ لم تُحرك المجموعة ساكناً حول ما وصفه المؤرخ ريتشارد إيفانز أخيراً بـ "الإجرام القاتل" لبرنامج بناء المستوطنات الإسرائيلي غير القانوني.

وهي لا تشير حتى إلى الضرر الذي تلحقه هذه المستوطنات بعملية السلام.

كما أنها لم تنتقد قانون الدولة القومية لعام 2018، الذي أنشأ فعلياً فئتين من المواطنة الإسرائيلية – واحدة لليهود وواحدة للعرب، مما فتح إسرائيل أمام الحكم، الذي تشترك فيه جميع المجموعات البشرية الرئيسة، بأنها دولة فصل عنصري.

ولا توبخ المجموعة أبداً، العنصرية الواضحة، وخطاب الإبادة الجماعية المعروف، الذي ينتهجه نتنياهو ووزراؤه.

وفي الواقع، بقدر علمي، فإن "سي أف آي" لم تنتقد أي عمل من جانب إسرائيل خلال حرب غزة الرهيبة هذه. وقبل نشر المقال، سألت المجموعة عما إذا كانت قد انتقدت أي إجراء من جانب إسرائيل، ولم يرد أي جواب.

كما تساءلت عما إذا كانت المجموعة قد انتقدت بنيامين نتنياهو أو أي عضو في حكومته خلال الصراع الحالي في غزة. ولم يرد أي جواب.

ومع ذلك، كانت "سي أف آي" جاهزة لانتقاد الحكومة البريطانية. العام الماضي، اتهم الرئيس الفخري للمجموعة اللورد بولاك الحكومة "بمقاطعة فعلية" لوزير إسرائيلي بعد أن قال وزير الخارجية آنذاك جيمس كليفرلي إنه ليست لديه خطط للعمل مع وزير اليمين المتطرف إيتامار بن غفير.

وقال بولاك حينها "الأمر لا يتعلق بما إذا كان المرء يتفق مع الوزير بن غفير. نحن نعمل مع جميع السياسيين الإسرائيليين المنتخبين، ويجب أن نكون حريصين للغاية على عدم السير في طريق الإيحاء بأن دعمنا لإسرائيل مشروط بطريقة أو بأخرى بأي سياسي فردي".

وتساءل قائلاً: "هل يمكن أن نحاسب إسرائيل بمعايير مختلفة عن الدول الأخرى؟".

وسبق أن أُدين وزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو في إسرائيل، بن غفير، بالتحريض على العنصرية ودعم منظمة إرهابية.

وفي أواخر الشهر الماضي، انتقد مسؤولون في المجموعة، بمن فيهم النائبتان تيريزا فيلييه وبوب بلاكمان، الحكومة البريطانية في أسئلة إلى وزارة الخارجية لتوجيه الأخيرة رسائل خاطئة بعد أن أيدت بريطانيا قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار.

لقد بدأ "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين" يبدون أقل شبهاً بصديق لإسرائيل وأكثر شبهاً بمعسكر لندن لائتلاف الليكود اليميني المتطرف الذي يتزعمه نتنياهو. هذه أخبار سيئة لحزب المحافظين، أخبار سيئة لبريطانيا و – في رأيي – مروعة لإسرائيل نفسها.

بيتر أوبورن هو كبير المعلقين السياسيين السابق لصحيفة "ديلي تلغراف"

© The Independent

المزيد من تحلیل