Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفوضى وانعدام الثقة وغياب الانضباط عوامل تقوض حرب إسرائيل

غزة ستتحول إلى "مقديشو أخرى" مع استفحال العصابات لملء الفراغ الذي خلفه خروج "حماس"

تعدت حصيلة القتلى في قطاع غزة منذ بدء العملية الإسرائيلية عتبة الـ33 ألف قتيل (أ ب)

ملخص

يتزايد القتل العشوائي للمدنيين في غزة ويتسبب عدم الانضباط المنتشر بصورة متزايدة بين الجنود بقلق كبير في أوساط كبار الضباط

في وقت ترضخ فيه حكومة بنيامين نتنياهو للضغوط لكي تفتح ممراً إضافياً لدخول المساعدات إلى غزة، حذر بعض المسؤولين الإسرائيليين من تكرار الخطأ الفادح الذي ارتكبته إسرائيل بشنها الغارة الجوية المميتة على قافلة المساعدات، وذلك بسبب عيوب أساسية في أهداف الحرب ومجراها.

وعلى خلفية الهجوم على قافلة تابعة للمنظمة الخيرية "مطبخ المركزي العالمي" World Central Kitchen، من المتوقع أن يجري عزل ضابطين من منصبيهما في جيش الدفاع الإسرائيلي، أحدهما كولونيل والثاني برتبة رائد. وأدى الهجوم الذي أثار موجة من التنديد الدولي إلى مقتل سبعة عمال تابعين للمنظمة الخيرية، ثلاثة منهم بريطانيين.

ولكن في حديث مع اندبندنت صرح عدد من المسؤولين بعضهم في الدائرة الأمنية بأن الظروف المحيطة بما حصل نجمت عن عدد من العوامل منها قواعد الاشتباك غير الواضحة في غزة وانعدام الانضباط والشعور بالإفلات من العقاب بين الجنود، فضلاً عن الخطابات التحريضية من الساسة التابعين لليمين المتطرف وازدراء بعض العناصر في الجيش لوحدة وزارة الدفاع المعروفة باسم "كوغات"، وهي وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وذلك لأن مجموعة التنسيق هذه تعتبر "متساهلة للغاية" مع الفلسطينيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما أحد الأسباب الكامنة وراء قرار الجيش الإسرائيلي بتنفيذ ضربات متكررة بطائرات من دون طيار، فهو الاعتقاد أن مسلحين من "حماس" قاموا بإطلاق نيران وكانوا موجودين داخل قافلة المطبخ المركزي العالمي. وفي هذا الصدد، يشير مسؤولون إسرائيليون إلى أن ارتباكاً وذعراً يسودان على نطاق واسع في شأن الفصائل المسلحة العاملة داخل غزة مع مصادرة المساعدات والاستحواذ عليها مما يزيد من انعدام الأمن هناك.

وتعمد إسرائيل على تشجيع مجموعات الميليشيات العشائرية لتولي الفراغ الأمني الذي نشأ في المناطق التي طردت منها "حماس". وشكلت عصابات إجرامية مسلحة تعرف عن نفسها بأنها ميليشيات. "إنها وصفة لتحويل المنطقة إلى مقديشو أخرى" قال أحد الدبلوماسيين الغربيين، مضيفاً، "ستترقب تلك العصابات زيادة ملحوظة في المساعدات الإنسانية القادمة [للاستحواذ عليها]".

وفي سياق متصل، أفادت تقارير بأن الحكومة الإسرائيلية تخطط لإبرام عقود مع شركات أمن أجنبية خاصة – بتمويل من المجتمع الدولي – وذلك لحماية شحنات المساعدات الإنسانية من النهب والسرقة على يد العصابات المجرمة التي تتكاثر في غزة حيث تسود الفوضى وينعدم القانون.

كما أشار المسؤولون إلى تقارير محدودة الانتشار حول مقاتلين مرتبطين بالسلطة الفلسطينية، المنافسة لـ"حماس"، يقومون بحماية إمدادات الدقيق من النهب في مخيم جباليا للاجئين شمالي مدينة غزة الشهر الماضي. ويقال إن أحد الأسباب التي جعلت إسرائيل تقلل من شأن الوجود المفترض لمقاتلي السلطة الفلسطينية هو إعلان بنيامين نتنياهو المتكرر بأنه لن يسمح للسلطة الفلسطينية، ومقرها في الضفة الغربية، بالوجود في غزة في مرحلة ما بعد "حماس".

في غضون ذلك، لا يبدو أن الدروس المستخلصة من مقتل المدنيين في غزة كانت كفيلة بوقف حمام الدم. ففي شهر ديسمبر (كانون الأول)، قتل ثلاثة رهائن إسرائيليين احتجزتهم "حماس" رمياً بالرصاص عندما اقتربوا من جنود وهم عزل ومن دون قمصان ولوحوا بعلم صنع بطريقة ارتجالية من قميص أبيض وهم يصرخون بالعبرية من أجل إنقاذهم.

وتكر سبحة الحالات التي شهدت مقتل مدنيين على أيدي قناصين أثناء اقترابهم من نقاط التفتيش. وأظهرت مقاطع فيديو التقطتها مسيرة الشهر الماضي أربعة شبان فلسطينيين لم يظهروا أي علامات تدل على أنهم مسلحين، قتلوا بقصف صاروخي أثناء سيرهم في أرجاء أحيائهم المدمرة. كما لقي أكثر من 220 عامل مساعدات إنسانية حتفهم حتى قبل الهجوم على قافلة "المطبخ المركزي العالمي".

ويتسبب عدم الانضباط المنتشر بصورة متزايدة بين الجنود بقلق كبير في أوساط كبار الضباط. وفي هذا الإطار، صرح رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي علناً أنه "ليس بوسعنا القتال عندما يكون الانضباط غير واضحة المعالم والمبادئ التي ننادي بها لا تتبع. لا يمكن للقائد تجاوز أمر دون إذن إذا لم تكن هناك حاجة أو سبب عملي وواضح وعاجل لذلك".

رداً على تلك التصريحات، شن وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش هجوماً على الجنرال هاليفي وكبار الضباط قائلاً إن "القيادة العليا الحالية في جيش الدفاع الإسرائيلي فشلت بطريقة فادحة وجسيمة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وليس بوسعها تطوير الجيل المستقبلي في جيش الدفاع الإسرائيلي"، مضيفاً "ندعمهم بالكامل ونفوضهم لتولي الحرب وتحقيق النصر فيها، ليس أكثر".

وأفادت تقارير أن كبار قادة الأركان في جيش الدفاع الإسرائيلي ممتعضين للغاية من الخطابات التحريضية التي يلقيها السياسيون، بمن فيهم وزراء داخل الحكومة. وفي هذا السياق، أشاد وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير بالجنود بعد إطلاق نار أدى إلى مقتل 100 مدني في حشد من الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون وصول مساعدات إنسانية واصفاً الضحايا "بالغوغاء الغزيين".

ويعتبر مسؤولون إسرائيليون بأن هذا النوع من الدعم يشجع على العدائية في أوساط الجنود المستعدين بشكل تام لإطلاق النار في كل الأوقات. وقال أحد كبار الضباط الموجودين في الخدمة، "هذا النوع من التصرفات هو محاولة متعمدة لتقويض جهودنا في الحفاظ على الانضباط على أرض المعركة".

وصرح الجنود العائدون من غزة لصحيفة "هآرتس" بأن القادة المحليين ينشؤون "مناطق قتل" بشكل عشوائي يقتل فيها على الفور أي شخص يدخلها من دون أي أسئلة. وقال مسؤول أمني لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" بأن الجنود "يطلقون النار أولاً ثم يطرحون الأسئلة لاحقاً".

ويتهم الفلسطينيون وحدة الدفاع "كوغات" بأنها تفرض تدابير قمعية. ولكن بالنسبة لبعض الإسرائيليين، أظهرت تلك الوحدة سذاجة في التعامل مع "حماس" قبل السابع من أكتوبر فضلاً عن انخراطها مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بالتالي فقدت صدقيتها بالنسبة لهم.

وأعلنت وكالات الإغاثة أن المستندات والأوراق التي زودتها "كوغات" لإبرازها على نقاط التفتيش يجري تجاهلها في بعض الأحيان. ووصف جندي احتياط عاد للتو من غزة كيف يقوم الضباط، حتى أصغرهم رتبة، بتجاهل رغبات الوحدة. وقال "إن الشعور السائد [بين الضباط] هو أنها [وحدة كوغات] تجهل الأخطار التي واجهناها، ولذلك قررنا ما يجب فعله. وهذا أمر شائع للغاية. يعتقد بعض الأشخاص أنهم على علاقة وطيدة بالمنظمات الدولية، ولكن هناك كثيراً من انعدام الثقة ولن يزول ذلك مع فتح معبر إضافي".

مع تفشي المجاعة في غزة وارتفاع حصيلة الضحايا إلى 33 ألف شخص، يعتمد ما سيحل بغزة في المرحلة المقبلة على وفاء إسرائيل بوعدها في السماح للمساعدات الإنسانية بدخول القطاع بأمان. ولكن، بحسب المسؤولين، لكي يحصل ذلك بطريقة فعالة، يجب على الحكومة معالجة بعض المشكلات الرئيسة أولاً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل