Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل توقفت الثورة التكنولوجية في السيارات؟

واجهت "تيسلا" و"أبل" عوائق جدية على طريق تحقيق وعدهما بتغيير طريقة قيادتنا للمركبات، فكم من الوقت علينا أن ننتظر إذاً ظهور سيارة المستقبل؟

قد لا تظهر سيارة المستقبل بالسرعة التي ربما عقد صناعها الآمال عليها (غيتي)

ملخص

تميزت دراسة العام الماضي بأنها رصدت تدهور مستوى الرضى الإجمالي للمستخدمين على مدار عامين متتالين، وكذلك بدا في تلك الدراسة أن المشكلة لم تتعلق بالسيارات بحد ذاتها، بل بالتكنولوجيا المدمجة داخل لوحة المعلومات الخاصة بها

قبل نحو 10 أعوام آمنت شركة "أبل" بأنها تستطيع بناء السيارة الأفضل في التاريخ، وستتفوق حتى على النموذج المستقبلي المتقدم حينها "موديل إس" الذي عكفت على صناعته شركة "تيسلا".

وخلال الأسابيع الأخيرة بدا أن ذلك الحلم تلاشى عقب تقارير أشارت إلى أن "أبل" بصدد إغلاق مشروع تلك السيارة، وكذلك وُضع مستقبل سيارة "تيسلا" على المحك مع انخفاض سريع لمبيعاتها وأسهمها.

أرادت "أبل" صنع سيارة ذاتية القيادة، فيما ينصرف أصحابها إلى التركيز على أنظمة الترفيه المعلوماتي التي يفترض أن تكتظ السيارة بها، وبالفعل دخلت "أبل" في العمل على تلك الأنظمة، إذ بات نظاما "كاربلاي" CarPlay، على غرار منافسه "أندرويد أوتو" Android Auto [الذي صنعته غوغل]، مندمجان الآن في معظم السيارات الجديدة، وقادا ثورة الترفيه المعلوماتي في السيارات.

كان من المفترض أن تكون سيارة "أبل" منافسة لسيارات "تيسلا"، لكن ربما من حسن حظ "أبل" عدم خوضها غمار التنافس في ذلك السوق، وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة انزلقت أسهم "تيسلا" بأكثر من الثلث، وأعلنت الشركة هذا الأسبوع أن مبيعات سيارتها كان أدنى بكثير مما تأمل به.

وفي الوقت نفسه تطلعت "تيسلا" إلى استعادة شيء من الإثارة مع نماذجها الجديدة التي شملت الشاحنة "سايبرترك" Cybertruck التي قُدمت فكرتها في عام 2019 ووصلت إلى المستهلكين خلال الأشهر الأخيرة.

ومع حصول بعض السائقين على فرصة قيادة تلك المركبات للمرة الأولى، تبدى أنهم نالوا الإثارة المتوخاة لكنها ترافقت مع جدالات إشكالية، إذ اشتكى بعض المشترين الأوائل من التكنولوجيا في السيارة، وذكر منتقدون أن الحواف الحادة والتصميم الضخم لتلك الشاحنة من الخارج جعلتها غير آمنة بالنسبة إلى المركبات الأخرى في الطرق.

وبوضوح لم تكن المركبات المستقبلية وحدها هي التي أسهمت في إحباط المستهلكين من دمج التكنولوجيا في سياراتهم، وخلال العام الماضي كشفت دراسة استقصائية كبيرة عن عدم رضا السائقين عن مركباتهم، مشيرين في المقام الأول إلى التغييرات في نظام المعلومات والترفيه باعتبارها شكواهم الرئيسة.

ومنذ 28 عاماً تستمر مؤسسة "جي دي باور" للتقييم المعياري عن النوعية وموثوقية، في إصدار دراساتها المسماة APEAL، اختصاراً لعبارة "أداء المركبات الآلية وعملها وتصميمها العام" Automotive Performance, Execution and Layout .

وللمرة الأولى، في المقابل، تميزت دراسة العام الماضي بأنها رصدت تدهور مستوى الرضى الإجمالي للمستخدمين على مدار عامين متتالين، وكذلك بدا في تلك الدراسة أن المشكلة لم تتعلق بالسيارات بحد ذاتها، بل بالتكنولوجيا المدمجة داخل لوحة المعلومات الخاصة بها.

وفي عام 2020 فضل 70 في المئة من السائقين استخدام الأنظمة المثبتة في سياراتهم للاستماع إلى الموسيقى مثلاً، لكن في العام الماضي انخفض هذا التفضيل إلى 56 في المئة فقط، وبدلاً من ذلك يتجه السائقون بشكل متزايد إلى أنظمة مثل "كاربلاي" و "أندرويد أوتو"، والتي تتيح لهم نقل وظائف هواتفهم إلى سياراتهم.

 

هذا وتعمل الشركتان التكنولوجيتان على دمج منتجاتهما بشكل أكبر في لوحات التحكم بالسيارة، إذ تستعد نسخة الجيل الآتي من تطبيق "كاربلاي" الذي تصنعه "أبل" للوصول إلى الأسواق خلال العام الحالي، والذي سيستطيع تولي أمور لوحة القيادة بأكملها، على رغم أن صناع السيارات سيقدرون أيضاً على إعطاء التطبيق مظهراً ولمسة تتوافق مع منتجاتهم.

ومع ذلك قاومت بعض الشركات التأثير المتزايد لعمالقة التكنولوجيا واختارت إزالة "كاربلاي" من سياراتها، في مسعى إلى الحفاظ على السيطرة على لوحات المعلومات الخاصة بها بدلاً من التنازل عنها في مسعى إلى "أبل" و"غوغل". لكن لم تسر الأمور دوماً بصورة جيدة، ففي العام الماضي أعلنت شركة "جنرال موتورز" الأميركية أنها ستزيل تطبيق "كاربلاي" من طرازاتها لعام 2024، وقدمت الشركة مجموعة من الأسباب، بما في ذلك الرغبة في السيطرة الكاملة على السيارة للحصول على ميزات محسنة، لكنها أقرت بإمكان تحقيق إيرادات اشتراك جديدة من الأدوات البديلة، وأثار هذا التغيير جدلاً، فقد قوبل بمجموعة من الانتقادات حيث سلطت المراجعات الباكرة للسيارات الأولية التي خضعت للتغيير الضوء على المشكلات المتعلقة بنظام المعلومات والترفيه الجديد.

وفي منحى آخر ثبُت على مدار أعوام أن التغيرات في دواخل السيارة تثير الإشكالات، وربما ظهر المثل الأوضح عن ذلك حينما تخلت "تيسلا" عن المقود الدائري للسيارة واستخدمت بديلاً له على شكل "نير" أكثر تسطحاً [نصف حلقة شبه مسطحة]. ولقد أعطى ذلك للسيارة مظهراً أكثر مستقبلية، لكنه دفع بعض المستخدمين إلى الشكوى في شأن الاستدارات الحادة وغيرها من أشكال المناورات أثناء قيادة السيارة، ولقد افتُرض أن ذلك التغيير الجديد سيصير هو القاعدة في تصميم تلك السيارة، لكن شكاوى المستهلكين دفعت شركة "تيسلا" إلى جعله اختيارياً، ثم لجأت إلى جعل المستهلك يدفع لقاء إزالة مقود نصف الدائرة واستعادة نظيره التقليدي المستدير.

 

كذلك لم يؤثر التقدم التكنولوجي في مقود القيادة وحسب، بل طاولت أيضاً الأدوات والمبدلات المرتصفة حوله، وخلال الأعوام الأخيرة ابتعدت شركات تصنيع السيارات من الضوابط المادية المباشرة وفضلوا عليها الشاشات التي تعمل باللمس، وبالتالي انتقلت السيطرة على نظام تكييف الهواء وميزات أخرى من المفاتيح وعصي التبديل، إلى ملامسة الشاشات وإمرار الأصابع عليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلال الشهر الماضي أعلن المنظمون الأوروبيون خططاً لتشجيع شركات السيارات على إعادة فرض الضوابط المادية، وفي حديث مع مجلة "تايم" أورد مدير برنامج الضمان في "البرنامج الأوروبي لتقييم السيارات الجديدة" يعرف باسمه المختصر "إن سي إيه بي" NCAP، ماثيو أفري، أن "كل شركات صناعة السيارات تقريباً قد نقلت عناصر التحكم إلى شاشات اللمس، مما أجبر السائقين على الإشاحة بأنظارهم عن الطريق، مما زاد حوادث الاصطدام الناجمة عن تشتت الانتباه"، وبالتالي لن يطلب "إن سي إيه بي" من صناع المركبات استعمال المبدلات الفيزيائية، لكنه سيُدخل قوانين جديدة تسري بحلول عام 2026، وتفيد بأن السيارة لن تنال المستوى الأعلى في درجة الضمان إلا إذا استخدمت أدوات السيطرة الفيزيائية في إطلاق صوت البوق وإعطاء الإشارة الضوئية للانعطاف وتحريك مساحات الزجاج الأمامي وغيرها.

ولا شك في أن الاستعانة بشاشات اللمس والاستغناء عن المبدلات يسهم جزئياً في خفض الكلف، إذ تستطيع شاشة واحدة تعمل باللمس تولي السيطرة على مجموعة من الوظائف، فيما سترتفع فاتورة الإنتاج بسرعة مع اللجوء إلى المبدلات الفيزيائية والأزرار، لكن قد ترى شركات تصنيع السيارات أن هذا التحول يتماشى مع المستقبل الذي تشبه فيه السيارات أجهزة الكمبيوتر أكثر من الآلات التقليدية، وهو التحول المستمر منذ أن اكتسبت السيارات الكهربائية شعبية وتطورت أنظمة المعلومات والترفيه إلى واجهات ذكية.

لكن يبدو أن هذه الثورة تواجه انتكاسات أيضاً، إذ يبدو أن جزءاً من قرار "أبل" بالتخلي عن مشروع سيارتها قد تأثر بالصعوبة الهائلة المتمثلة في إنشاء سيارة ذاتية القيادة بالكامل، وبالمثل تعزى التحديات التي تواجهها شركة "تيسلا" جزئياً إلى التباطؤ الأوسع في سوق السيارات الكهربائية، إذ يعبر المستهلكون عن مخاوفهم في شأن البنية التحتية للشحن وقضايا أخرى.

إن المستقبل المتصور للسيارات لا يتحقق بالسرعة التي توقعها المصنعون، ومع ذلك قد يرحب العملاء بالفعل بهذا التباطؤ.

© The Independent

المزيد من علوم