Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرمزية الأميركية... استدلال سياسي من جوهر الدولة

"العم سام" والحمار والفيل وعين العناية الإلهية رسوم تشكل التاريخ الحديث للولايات المتحدة وتعبر عن الهوية الوطنية أو الحزبية

كثيرون ربطوا بين "العم سام" والولايات المتحدة حتى أن "US" تعبر عن الاثنين (أ ف ب)

ملخص

 شكل رسما "الحمار" و"الفيل" السياسات الأميركية طوال نحو قرنين، فيما يمثل "العم سام" واحداً من الأيقونات الأميركية جنباً إلى جنب مع تمثال الحرية والنسر الأصلع، أما الوجه الخلفي لختم الولايات المتحدة فيشار إليه بالجانب الروحي الذي يتشكل من عين العناية الإلهية وهرم غير مكتمل.

عجوز يرتدي بذلة مفصلة من العلم الأميركي مع قبعة مزينة بالنجوم البيضاء على شريط أزرق يدور حول القبعة، ذلك الرجل الذي يحل ضيفاً دائماً في المهرجانات والأحداث السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة، وحتى الكرتون وطوابع البريد ومنشورات التجنيد في الجيش الأميركي يُعرف باسم "العم سام"، ويمثل واحداً من الأيقونات الأميركية جنباً إلى جنب مع تمثال الحرية والنسر الأصلع.

وتختلف الروايات حول أصول اسم "العم سام"، لكن معظم المؤرخين يعتقدون أن الاسم جاء من تاجر لحوم في نيويورك يدعي "سام ويلسون" ومعروف بين أصدقائه باسم "العم سام" كان يقوم بتزويد القوات الأميركية بلحوم الأبقار خلال حرب عام 1812 بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى ومستعمراتها في الشمال، وكانت براميل اللحم تحمل ختم بالأحرف الأولى للولايات المتحدة "US"، لكن كثيرين ربطوا الختم بالأحرف الأولى من "العم سام- Uncle Sam"، ومع مرور الوقت أصبح "العم سام" مرادفاً للولايات المتحدة.

وبدأت الرسوم التوضيحية لـ"العم سام" بشعر أبيض طويل ولحية بيضاء ويرتدي قبعة عالية ومعطفاً خطافياً في الظهور بعد فترة وجيزة من حرب عام 1812، ووفق موقع "ناشونال جيوغرافيك" فقد كان رسامو الكاريكاتور البريطانيون من مجلة "بانش" أول من طور صورة "العم سام" بشكل كامل كشخصية طويلة ملتحية نحيفة، ثم عزز رسام الكاريكاتور الأميركي توماس ناست صورة "العم سام" في رسوماته الخاصة خلال سبعينيات القرن الـ19، وبحلول أوائل الـ20 أصبح "العم سام" معروفاً في جميع أنحاء العالم باعتباره رمزاً للولايات المتحدة.

واحدة من أشهر صور "العم سام" خلال هذه الفترة قدمها الفنان جيمس مونتغمري فلاغ في ملصق يتعلق بالدعوة إلى التجنيد في الجيش الأميركي خلال الحرب العالمية الأولى، ووفق مكتبة الكونغرس فإنه على رغم أن صورة "العم سام" اشتهرت من خلال رسامي الكاريكاتور في مجلة "بوك"، لكن تلك الصورة التي رسمها فلاغ لعدد السادس من يوليو (تموز) عام 1916 بمجلة "ليزلي ويكلي" رسخت مكانة "العم سام".

ويحث "العم سام" في الملصق الشهير الرجال على التجنيد في الجيش بعبارة "أريدك" ويشير إليهم بالسبابة، وخلال هذه الفترة طبعت حكومة الولايات المتحدة الملايين من هذه الملصقات واستخدمت الصورة مرة أخرى خلال الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1950 اعتمد "العم سام" رسمياً كرمز وطني للولايات المتحدة.

الفيل والحمار

"العم سام" ليس الرمز الوحيد اللافت في الولايات المتحدة، فثمة اثنين من الحيوانات شكلا التاريخ السياسي الأميركي، فالحمار والفيل رمزان لأقوى حزبين في الولايات المتحدة سيطرا على البيت الأبيض، فالحمار رمز الحزب الديمقراطي، أما الفيل فيرمز للحزب الجمهوري، وفي كلتا الحالتين لعب رسام الكاريكاتور الشهير أو ما يُعرف بأب الرسوم الكاريكاتورية السياسية الحديثة توماس ناست دوراً بارزاً في ترسيخ الحمار والفيل كرموز سياسية.

 

 

وتبدأ قصة الحمار الديمقراطي من سخرية وانتقادات لمرشح الانتخابات الرئاسية أندرو جاكسون عام 1828، فخلال هذا السباق وصفه معارضوه بـ "جاك أس"، و"أس" بالإنجليزية ترمز إلى الحمار أو الشخص الغبي، لكن جاكسون بطل حرب 1812 والذي خدم لاحقاً في مجلسي النواب والشيوخ بالكونغرس الأميركي، استغل الدعاية المضادة وقام باستخدام صورة الحمار في ملصقات حملته الانتخابية، وأصبح أول رئيس ديمقراطي لأميركا عندما فاز في السباق على الرئيس الذي كان يسعى إلى ولاية جديدة وهو جون كوينسي آدامز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدأت قصة الفيل بعد ظهور الحمار بعقود عدة، فقد تأسس الحزب الجمهوري عام 1854، وبعد ستة أعوام أصبح أبراهام لينكولن أول عضو ينتخب للبيت الأبيض، وعلى رغم أن صورة الفيل كرمز جمهوري ظهرت في رسم كاريكاتوري سياسي واحد في إحدى الصحف خلال الحرب الأهلية، لكنه لم يترسخ كرمز للحزب الجمهوري حتى استخدمه ناست في رسم كاريكاتوري بمجلة "هاربر ويكلي" عام 1874 بعنوان "ذعر الفترة الثالثة"، وكان يسخر فيه من صحيفة "نيويورك هيرالد" التي كانت تنتقد شائعات تتعلق بسعي الرئيس يوليسيس غرانت إلى ولاية ثالثة.

وصور ناست في الكاريكاتور مجموعات المصالح المختلفة على أنها حيوانات، بما في ذلك فيل يحمل اسم "التصويت الجمهوري" واقفاً على حافة حفرة، وكان ناست يسخر مما رآه من الذعر الذي سببته افتتاحية مجلة "نيويورك هيرالد" التي اتهمت الرئيس غرانت، وهو جنرال جمهوري وجنرال في الحرب الأهلية بـ "القيصرية".

وزعمت المقالة أن غرانت كان يحاول الاستيلاء بشكل غير قانوني على مزيد من السلطة مثل الحاكم الروماني يوليوس قيصر من خلال الاستعداد على ما يبدو لحملة من أجل فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة.

واستخدم ناست الفيل لتمثيل الجمهوريين في رسوم كاريكاتورية إضافية خلال سبعينيات القرن الـ19، وبحلول عام 1880 كان رسامو الكاريكاتور الآخرون يستخدمون الفيل ليرمز إلى الحزب الجمهوري.

الختم العظيم

الولايات المتحدة حديثة العهد تعج بالرموز الغريبة المعقدة ومن بينها "الختم العظيم"، ذلك الطابع الرسمي للحكومة الفيدرالية الأميركية والذي يعلو أكمام العسكريين والشرطة وغيرهم من الموظفين الأميركيين والمباني العامة والسفارات والقنصليات، ويوجد على العملات المعدنية وطوابع البريد والمنشورات الرسمية وغيرها.

واُستخدم الختم العظيم رسمياً للمرة الأولى بعد الاستقلال في الـ 16 من سبتمبر (أيلول) عام 1782 لضمان صحة وثيقة منحت السلطة الكاملة للجنرال جورج واشنطن "للتفاوض والتوقيع مع البريطانيين على اتفاق لتبادل سجناء الحرب وإعاشتهم ومعاملتهم بشكل أفضل"، وكان توماس جيفرسون أول وزير خارجية يحمل الختم العظيم.

ولتلبية تطلعات الثوار الأميركيين اجتمع ثلاثة من الرجال الخمسة الذين صاغوا إعلان الاستقلال لإعداد شعار وطني يكون دليلاً واضحاً على وجود دولة ذات سيادة وشعب حر ذو تطلعات عالية وآمال كبيرة في المستقبل، ووفق أرشيف الحكومة الأميركية فإن المهمة كانت أصعب كثيراً مما كان متوقعاً، واستغرق الأمر ستة أعوام ولجنتين أخريين وجهوداً مشتركة لـ14 رجلاً قبل أن يصبح الختم العظيم حقيقة واقعة في الـ 20 من يونيو (حزيران) عام 1782.

ويتوسط الختم العظيم النسر الأصلع الأميركي، الطائر الوطني الذي يرمز إلى الحرية والاستقلال، ويُظهر الدرع الذي يحمله النسر أنه يمكن للأميركيين حماية بلدهم والدفاع عنها من دون مساعدة من الآخرين، ومثل العلم الأميركي تمثل الخطوط الموجودة على الدرع المستعمرات الـ 13 الأولى التي شكلت الولايات المتحدة.

 

 

ويحمل النسر بمخلبه الأيمن غصن زيتون من 13 ورقة و13 حبة زيتون للتذكير بأفضلية السلام وسعى أميركا نحوه، وفي مخلبه الأيسر يحمل 13 سهماً للإشارة إلى الاستعداد الدائم للدفاع عن الحرية، كما يحمل النسر بمنقاره لافتة مكتوب عليها (من العديد واحد) مما يعني أنه على رغم أن الولايات المتحدة تتشكل من عدد من الجنسيات والشعوب إلا أنها دولة واحدة وشعب واحد، ويعلو النسر سحابة بداخلها 13 نجمة محاطة بأشعة الضوء وتشير إلى مجد وتألق أمة جديدة بين دول العالم.

عين العناية الإلهية

وهناك وجه آخر للختم أقل شهرة من ذلك الوجه الذي يظهر على الأوراق الرسمية ويحمل رموز تشبه تلك المصرية، إذ يحوي الوجه الخلفي الذي يشار إليه أحياناً بالجانب الروحي للختم هرماً مكوناً من 13 درجة وغير مكتمل في إشارة إلى إمكانات الأمة للنمو المستقبلي، وفي القاعدة مكتوب عام 1776 بالأرقام الرومانية، وفي قمة الهرم توجد عين العناية الإلهية في مثلث محاط بهالة المجد ويظهر فوقه شعار (Annuit Coeptis) والتي تعني "العناية الإلهية توافق على تعهداتنا"، وتظهر على طول المحيط السفلي للتصميم الكلمات (Novus Ordo Seclorum) التي تبشر ببداية العصر الأميركي الجديد عام 1776.

والعين الإلهية التي تشبه عين الإله المصري "حورس" عند القدماء المصريين وتثير في الوقت نفسه نظريات المؤامرة في شأن نسبتها إلى ما يسمي بالماسونية، توجد على كثير من الأختام والشعارات الأميركية، فعلى سبيل المثال يوجد الختم بوجهيه على عملة الدولار الأميركي، وتوجد العين على ختم ولاية كولورادو.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات