Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القصر الموريسكي... مؤسسة طبية بالبرازيل مستوحاة من قصر تونسي

مكون من 4 طوابق على مساحة تبلغ 1500 متر مربع خلال 13 سنة وبات مقراً لـ"فيو كروز" البحثية

يعبر القصر الموريسكي عن الفترة الانتقائية للعمارة البرازيلية   (اندبندنت عربية)

ملخص

يقع القصر الموريسكي بالمجمع المعماري الصحي التاريخي في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، ويضم الجناح الكيماوي وأبنية قديمة أخرى، ويحتضن رئاسة مؤسسة "فيوكروز" للأبحاث المرشحة للتصنيف تراثاً إنسانياً لدى "اليونيسكو"

في مدخل مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية يتراءى للزائرين ذلك المبنى ذو الطراز المعماري المغاربي المختلف عن باقي أبنية المدينة، إنه القصر الموريسكي المشيد بداية القرن الـ20 مقر أكبر مؤسسة علمية متخصصة في الأبحاث الطبية بالقارة الأميركية الجنوبية.

عندما تولى الرئيس البرازيلي رودريغز ألفيس السلطة عام 1902 كانت شوارع ريو دي جانيرو العاصمة البرازيلية آنذاك تعج بمئات آلاف من أطنان الأوساخ المتراكمة وسط الشوارع وأمام مداخل المنازل، مما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض، بخاصة الطاعون الدبلي والجدري والحمى الصفراء التي كانت تقتل آلاف المرضى سنوياً.

قرر الرئيس الجديد تعيين حاكم للعاصمة الفيدرالية للبلاد عهد إليه بإجراء إصلاحات عمرانية على المدينة والقيام بتنظيفها للقضاء على الحشرات الناقلة للأمراض كما عين مديراً للصحة العمومية، آنذاك، هو الشاب أوزفالدو كروز العائد قبل سنوات من فرنسا بعد دراسة تخصصية في مجال مكافحة الأمراض المعدية وانتقال الفيروسات وطلب منه وضع مخطط صحي يخلص ريو دي جانيرو وباقي أنحاء البرازيل من الأوبئة بناءً على تجربته في أوروبا.

 

ثورة اللقاحات

وضع أوزفالدو كروز خطة عاجلة هدفها وقف انتشار الأوبئة من خلال التلقيح الإجباري للسكان وتخصيص تعويضات مالية للمواطنين الذين يلقون القبض على الفئران ويسلمونها للسلطات للقضاء عليها. كما شرع في تطوير البنية التحتية الصحية من طريق بناء ما بات يعرف الآن بالمجمع المعماري الصحي التاريخي، ويضم القصر الموريسكي وقلعة مانغينيوس وقلعة الساعة والجناح الكيماوي وأبنية قديمة أخرى.

يقول مدير الأبحاث والمختبرات في مؤسسة "فيوكروز" ماوريسيو زوما لـ"اندبندنت عربية"، "كان كروز يسعى إلى تشييد بناء مهيب وقادر على الصمود فترة طويلة يكون مقراً للأبحاث العلمية والطبية ويليق بالحقل العلمي البرازيلي الذي كان في بدايات ولادته على غرار ما شاهده في فرنسا حين كان طالباً تخصص في معهد باستور، وهذا ما وفق فيه، لكنه أخفق إلى حد ما في الإجراءات التي اتخذها لمحاربة انتشار الأوبئة فقد كانت صعبة التطبيق نظراً للعقلية السائدة بين الناس آنذاك". ويضيف، "كان الناس يعدون التلقيح تعدياً على خصوصياتهم، إذ إن عليهم تعرية أذرعهم لأخذ اللقاحات، وهذا شيء يخرج عن الأعراف والتقاليد في ذلك الوقت، بخاصة بالنسبة للنساء". ويتابع، "كان كروز يأمر وكلاء الصحة العمومية باقتحام البيوت مصحوبين برجال الشرطة وإرغام الناس على أخذ اللقاحات، وهو ما ولد معارضة في الأوساط السياسية والعسكرية وحتى الصحافية، إذ شنت الصحف حملات عليه، وكانت تسخر من الطريقة التي تنفذ بها تلك الحملة، مما أدى إلى خروج الناس في الشوارع للاحتجاج على ما عرف وقتها بثورة اللقاحات". ويوضح، "فيما يتعلق بالإجراء الثاني فقد أدى إلى تكاثر الفئران بدل القضاء عليها، إذ أصبح الناس يربونها في بيوتهم لبيعها للحكومة، مما جعل السلطات تعدل في النهاية عن القرار وتغير قانون التلقيح من الإجبارية إلى جعله اختيارياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فرنسا وقصر مونسوري التونسي

كان أوزفالدو كروز عاد من باريس التي قضى بها سنوات في معهد باستور، إذ تردد أيضاً على مرصد مونسوري الذي صمم لتمثيل تونس بالمعرض العالمي في باريس عام 1867، وكان معجباً بطرازه المعماري المغاربي.

يقول المعماري والباحث بمؤسسة "فيوكروز" ريناتو غاما في تصريح خاص عن تلك الفترة، "عندما كان كروز يدرس في معهد باستور تولدت لديه فكرة بناء قصر مشابه لقصر مونسوري يكون مقراً لمؤسسة علمية تضاهي معهد باستور للأبحاث الطبية والبيولوجية ويحتفي في الآن ذاته بالعلوم العربية التي اطلع على جانب كبير منها أثناء مقامه في أوروبا، وعندما عين قبل ثورة اللقاحات رئيساً لمعهد الطب السريري الذي سيتحول لاحقاً إلى مؤسسة (فيوكروز) التي تحمل اسمه بدأ تنفيذ مشروعه".

استغرق بناء القصر الموريسكي الذي أصبح فيما بعد مقراً لمؤسسة "فيو كروز" 13 سنة، حيث بدأ في 1905 واكتمل عام 1918، ويبلغ ارتفاعه 50 متراً، وهو مكون من أربعة طوابق، وبني على مساحة تبلغ 1500 متر مربع. ويحتضن حالياً رئاسة مؤسسة "فيوكروز" للأبحاث، كما يعد مزاراً للسياح، وهو على قائمة المرشحين للتصنيف تراثاً إنسانياً عالمياً لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو".

ستوحى المهندسون تفاصيله الزخرفية من قصر مونسوري التونسي، لكنهم أضافوا زخارف داخلية مستوحاة أيضاً من قصر الحمراء في غرناطة الذي بني إبان سيطرة المسلمين على شبه الجزيرة الإيبيرية، وحتى من كنيس برلين اليهودي.

 

يقول غاما في هذا الصدد، "بالجملة تلقت قلعة العلم كما تلقب في تكوينها خليطاً من التأثيرات الجمالية والمكانية والوظيفية من أصول مختلفة كالأنماط القوطية والإغريقية والعربية والموريسكية الجديدة التي ازدهرت في القرن الـ19، مما عزز الاعتراف الرسمي بها كتراث ثقافي برازيلي".

ويتولى المعهد البرازيلي للتراث الثقافي منذ 40 سنة صيانة المبنى والحفاظ عليه كواحد من أكثر المباني تمثيلاً للفترة الانتقائية للعمارة البرازيلية.

أكبر مؤسسة للأبحاث العلمية وإنتاج اللقاحات

توسعت مؤسسة "فيوكروز" منذ إنشائها مطلع القرن الماضي وتطور نشاطها لتصبح من أكبر مؤسسات الأبحاث العلمية والطبية في أميركا اللاتينية، وهي تغطي بفروعها وأبحاثها كل مناطق هذا البلد، الذي ينتج اللقاحات المضادة لأمراض عدة.

ويقول مدير أبحاثها ماوريسيو زوما "إن المؤسسة تمكنت خلال الأعوام الـ44 الماضية من نسج علاقات علمية وثيقة مع عديد من مثيلاتها في العالم للعمل معاً في مجالات البحث العلمي ونقل التكنولوجيا، كما تعد أكبر منتج للقاح الحمى الصفراء بالعالم وتمكنت خلال فترة جائحة كورونا من إنتاج لقاح ضد الفيروس بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات