Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يؤثر الرد الإيراني ضد إسرائيل في جبهة غزة؟

انشغال إسرائيل بتحركات طهران قد يدفع إلى إعادة ترتيب الأولويات في القطاع وليس بعيداً إتمام صفقة أسرى واتفاق طويل مع "حماس" لصالح بقاء الحكومة في موقعها

جنود إسرائيليون يتجمعون حول دبابات الجيش المتمركزة في منطقة على طول الحدود مع قطاع غزة جنوب إسرائيل (أ ف ب)

ملخص

ستنتقل إسرائيل من المبادر في العمل العسكري واستكماله بغزة إلى التعامل مع الخطر الإيراني بعض الوقت، مع التركيز على مخاطر الاستهداف من "حزب الله"، وسيبقى دخول رفح مؤجلاً.

ما زال مجلس الحرب ومن ورائه مجلس الحكومة المصغر، بل والحكومة الإسرائيلية الموسعة في حالة تباين حقيقي حول ما يجري من تطورات في التعامل مع مسألة رفح، وإتمام العملية العسكرية بالكامل، بصرف النظر عن الاستمرار في المفاوضات في شأن إتمام المرحلة الأولى، والعمل على إتمام صفقة تبادل الأسرى مقابل 40 من المحتجزين.

لكن التطورات الجارية في شأن انتظار الرد الإيراني بعد اغتيال إسرائيل عدداً من قيادات الحرس الثوري في دمشق، سيطرح مزيداً من التكهنات في شأن استمرار التصعيد العسكري في غزة، بخاصة بعد الانسحاب الأخير من خان يونس، وسحب بعض الفرق المتخصصة، أهمها الفرقة 98، وإبقاء القوة الرئيسة 162، لتعمل رأس حربة في عمق القطاع، إضافة إلى بعض الكتائب الأخرى في طول مناطق التماس، لتأمين أي تدخل مفاجئ في عمق غزة خلال الفترة الراهنة والمنتظرة.

مخاوف رئيسة

يضع مجلس الحرب الأولوية في الوقت الراهن للتطورات المحتملة من إيران، ومن ثم فإن تبريد الجبهة مع قطاع غزة سيكون له الأولوية، ولإشعار آخر لاعتبارات متعلقة بالمخاوف من احتمالات دخول إسرائيل الحرب على أكثر من جبهة، والتخوف من الدخول في مواجهة مباشرة مع طهران، وليس من خلال أحد أو كل الوكلاء الإقليميين، مما سيدفع إسرائيل إلى الرد، والتعامل وفق سيناريو مختلف.

ولا شك أن المواجهة مع "حماس" في القطاع تختلف تماماً عن المواجهة مع إيران من جانب أو أحد الوكلاء، بخاصة "حزب الله"، وهناك تحذيرات حقيقية في مجلس الحرب من حرب حقيقية مع جيش نظامي يمتلك القدرات والإمكانات العسكرية من صواريخ ومسيرات، ووحدات إطلاق، إضافة إلى إمكانات كبيرة، فضلاً عن أذرع للتعامل، وأخطرها الواردة من جبهة الشمال.

ومن ثم، فإن مجلس الحرب اتجه إلى التعامل مباشرة من خلال طلب الحصول على دعم من الولايات المتحدة، وعبر حوار استراتيجي منظم جرى بين وزارتي الخارجية في البلدين، إضافة إلى رئاسة الأركان وقادة الجيوش الأميركية، بخاصة القيادة المركزية في الشرق الأوسط "سنتكوم"، التي زار قائدها إسرائيل أخيراً، كما جرى تكثيف الاتصالات الرئيسة على المستوى الأمني والاستراتيجي، تحسباً لاحتمالات دخول إسرائيل في مواجهة، وهو ما سيدفع إسرائيل إلى خيارات عدة.

أولها، عدم إتمام صفقة تبادل الأسرى في الوقت الراهن، حتى في حال التوصل إلى حل توافقي يعمل عليه الوسطاء، والإبقاء على خطوة التنفيذ، مع الحفاظ على التهدئة الحذرة لبعض الوقت، ربما أيام عدة، في انتظار ما سيجري من إيران، وهذا هو السيناريو المتوقع، بمعنى تهدئة غزة ترقباً لما يمكن أن يحدث في الجبهات الأخرى المهددة.

ثانيها، الاستمرار في التنسيق مع الشريك الأميركي، سواء في مستوى الدعم الأمني واللوجيستي والاستخباراتي، وهو ما أكده الرئيس جو بايدن، وهو أمر مرتبط بالفعل بحدود التنسيق الأميركي - الإسرائيلي، وإن كانت المشاركة الأميركية في الرد مع إسرائيل في حال تعرضها لأية أخطار سيكون مرتبطاً بحدود الخطر المتوقع، وشكل وإطار الرد الإيراني، وهو ما زال في مرحلة الاستعداد، وقد يتم أو لا، بخاصة أن الولايات المتحدة تؤدي دوراً مركزياً تجاه إيران، ونقل رسائل عبر وسطاء عرب بعدم الرغبة في توسيع المواجهات في هذا التوقيت، مقابل حوافز يمكن أن تحصل عليها إيران على غرار صفقة الرهائن، أو التعامل مع الأموال الإيرانية المجمدة وغيرها من الأمور التي قد تقبل بها طهران، مقابل الاستمرار في الحرب النفسية، التي تقوم بها بإطلاق التصريحات السياسية والإعلامية، بإمكانية الرد والتعامل من دون أن تقوم بهذا في الوقت الراهن، أو الاختيار بتنفيذ عمل بسيط في الجولان، مثلما جرى استهداف للقادة الإيرانيين من جبهة الجولان، وعدم توسيع المواجهة والحصول على المقابل.

مهام عاجلة

في هذه الأجواء فإن الحكومة الإسرائيلية سيكون أمامها أولويات حقيقية، بخاصة أن توقف المواجهات تكتيكياً في قطاع غزة، والاكتفاء بعمليات نوعية في عمق القطاع قد يعتبر استراحة محارب بعض الوقت، وتحسباً لانفتاح المشهد السياسي أو الأمني.

وعليه، فإن عدم الاتجاه إلى إبرام اتفاق التهدئة في الوقت الراهن سيكون خياراً مطروحاً، بل وتعليق ما يجري إلى حين التعامل مع الشأن الإيراني، حتى مع نجاح الإدارة الأميركية في التوصل إلى مسار تهادني بين إيران وإسرائيل بصورة مباشرة، مما يعني أن العمل العسكري مؤجل بالفعل، وإن كان ذلك سيرتبط بحالة الأولويات التي تعمل عليها الحكومة الإسرائيلية في الوقت الراهن.

وليس خافياً أن الخطر الإيراني محتمل، لكنه لم يظهر للعلن، على رغم التقدير بأن طهران قادرة على الدخول في مواجهة عسكرية، وكسر الحالة الراهنة والانتقال من استراتيجية الردع والردع المقابل بين الطرفين إلى احتمالات الاستباق، ونقل المواجهة إلى مستوى ثان مختلف، وإن كان هناك بعض التوقع بأن الأمر سيجري التعامل معه وفق رؤية مصلحية نفعية، بخاصة أن القادة الكبار من أمثال محمد زاهدي أو محمد الهادي لا يقارنان فعلياً بقاسم سليماني، وكان الرد الإيراني في حدود منضبطة، ولم تخرج عن السياق، وهو ما قد يتم رغم تأكيد أن إيران في الوقت الراهن قد تتجه إلى خيارات أخرى، وهو ما قد يحدث، لكن ليس بالصورة المتوقع حدوثها.

تبدل الخيارات

في كل الأحوال الراهنة فإن انشغال إسرائيل بالتطورات مع إيران قد يدفع بالفعل إلى إعادة ترتيب الأولويات في قطاع غزة، وإن كان ذلك سيرتبط بالعمل على صفقة إتمام الأسرى والمحتجزين، كما سيكون مرتبطاً بعنصر الوقت، والمصالح الإسرائيلية في التوصل إلى اتفاق مع حركة "حماس" سيطول تنفيذه، وربما استغرق أشهراً طويلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتوافق مع تلك الرؤية اتجاه إسرائيل إلى تنفيذ استحقاقات إدخال المساعدات إلى سكان القطاع، والشروع من جانب واحد في تبني إجراءات أحادية، ومنها إتمام انسحابات، وفتح ممرات وإدخال مساعدات، والتجاوب مع الدعاوى الدولية للتهدئة، وهو أمر قد يكون مطروحاً، وفي ظل رهانات حقيقية على تنفيذ استراتيجية شراء الوقت، لصالح بقاء الحكومة الإسرائيلية في موقعها، وعدم تغيير مكوناتها، أو الاتجاه إلى تشكيل حكومة موسعة، إذ سيستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو المناورة، وتأكيد أن الأولوية الراهنة في الحفاظ على أمن الدولة العبرية وبقائها، وليس فقط الإفراج عن المحتجزين.

وفي حال إقدام إيران على توجيه ضربة، أو شن حرب صواريخ من جبهات متعددة في الإقليم سيؤدي ذلك إلى مكاسب للحكومة الإسرائيلية، لتأكيد الخطاب الإعلامي والسياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بل وسيؤدي إلى جمع الجمهور الإسرائيلي المؤيد والمعارض لتوجهات الحكومة، بل ودعم خيار الدولة في مقابل إتمام صفقة، أي إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو سيكون الرابح الأكبر مما سيجري من خيارات أو سيناريوهات تكون في محورها إيران، أو أحد أو كل وكلائها في الإقليم، وهو ما تراهن على بعض تفاصيلها الحكومة الإسرائيلية، وتقييماتها العسكرية والسياسية المتوقعة.

الخلاصات الأخيرة

يمكن تأكيد أن كل السيناريوهات المتوقعة في شأن التعامل الإسرائيلي تجاه قطاع غزة سيرتبط لبعض الوقت بالجانب الإيراني، وقدرته على التعامل الحقيقي في ظل ما يجري من تطورات تطول المشهد بأكمله، إذ الرهانات الإسرائيلية بأن طهران قد تذهب إلى عمل نوعي، أو حتى رمزي.

وعليه، إن أية ارتدادات متوقعة ستكون مرتبطة بالفعل بما سيجري في القطاع، وعدم حدوث تطور مفصلي، سواء بإتمام صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، أو تأجيلها بعض الوقت، مما يعني واقعياً الاعتماد على التسويف في المشهد الأمني والاستراتيجي.

ومن ثم، الذهاب إلى إتمام العملية العسكرية في القطاع ودخول رفح سيكون مؤجلاً، أو ليس له الأولويات التي كانت مطروحة، مما يعني أن إسرائيل ستنتقل من المبادر في العمل العسكري، واستكماله في غزة، للتعامل مع الخطر الإيراني بعض الوقت، مع التركيز على أخطار الاستهداف من "حزب الله"، التي تعايشت مع مخاطره في إطار قواعد الاشتباك المعتادة، أو التقليدية بين الجانبين من دون الانزلاق إلى حرب شاملة لا يريدها "حزب الله" أو إسرائيل.

إن التعامل مع خطر أي وكيل سيكون في إطار ما يجري من خيارات، أو تعاملات حقيقية يمكن التعامل معها في إطار سيناريوهات عديدة، ومنضبطة بالفعل، مما سيؤكد بقاء المعطيات الراهنة في موقعها، أي الانتشار في القطاع، وفرض استراتيجية الأمر الواقع من خلال سلسلة الإجراءات والترتيبات الأمنية في عمق القطاع وشطره بين الشمال والجنوب، إضافة إلى تدشين سلسلة من الكانتونات، والبلوكات الرئيسة والفرعية، بهدف السيطرة على كامل القطاع والدخول والخروج حسب الحاجة الأمنية لذلك.

كما ستعمل إسرائيل على مراقبة ومتابعة السلوك الإيراني، ومحاولة ضبطه من خلال رسائل أميركية توجه إلى إيران، مع العمل على تحييد بعض الجبهات الفرعية، من خلال ردع استباقي، ومحاولة استعادة سياسة الصبر الاستراتيجي التي اتبعتها إيران طوال الفترة الماضية، وعدم الدخول في مواجهة، ولو تكتيكية، بخاصة أن مكاسب إسرائيل في حرب الظل مع طهران مربحة، وتؤتي نتائجها بصورة جيدة مع التهدئة بوقف سياسة الاغتيالات، والملاحقات الأمنية والاستخباراتية بعض الوقت، استجابة إلى الضغط الأميركي، ووفق ما طالب به بعض القيادات داخل جهازي "الموساد" و"الشاباك" أخيراً، ووفق استراتيجية الانحناء للعاصفة، لكي تمر مع الاستمرار في تأمين الجبهة الداخلية، وفرض المناعة الوطنية كأولوية عاجلة للدولة العبرية في الوقت الراهن.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل