Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس وروسيا بين التقارب سياسيا والتحالف عسكريا

وقع البلدان اتفاقات تعاون لمراقبة الانتخابات وقيس سعيد يريد تعزيز الاستفادة من وجود موسكو في دول الجوار

تقارب تجسده زيارات متبادلة وتعاون في مراقبة الانتخابات التي تجرى في البلدين (أ ف ب)

ملخص

 مع نجاح روسيا في تثبيت أقدامها العسكرية والاقتصادية داخل دول مجاورة لتونس، على غرار ليبيا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى، فإن التساؤلات حول فرضيات تطور العلاقات بين موسكو وتونس كثيرة.

وقعت تونس وروسيا أخيراً اتفاقاً للتعاون في المجال الانتخابي ضمن تطور يُكرس حال التقارب السياسي بين البلدين، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا التعاون سيتطور نحو تحالف عسكري واقتصادي أشمل، خصوصاً في ظل الخطاب السيادي الذي يتبناه الرئيس التونسي قيس سعيد.

وبعد أن شاركت تونس في مراقبة الانتخابات الرئاسية الروسية التي أجريت في مارس (آذار) الماضي وفاز فيها الرئيس فلاديمير بوتين، فمن المرتقب أن تشارك بعثة روسية في مراقبة الانتخابات الرئاسية في تونس التي يدور جدل متصاعد في شأنها على رغم عدم تحديد موعدها بعد.

ويأتي التقارب بين موسكو وتونس في وقت تتصاعد الدعوات داخل البلد الواقع شمال أفريقيا من أجل تنويع شراكاته والاتجاه شرقاً من قبل دوائر سياسية موالية للرئيس قيس سعيد الذي انفرد بمعظم الصلاحيات منذ الـ 25 من يوليو (تموز) 2021.

تقارب محتمل

ومع نجاح روسيا في تثبيت أقدامها العسكرية والاقتصادية داخل دول مجاورة لتونس على غرار ليبيا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى، فإن التساؤلات حول فرضيات تطور العلاقات بين موسكو وتونس كثيرة.

وفي وقت سابق لم تتردد أوساط موالية للسلطة داخل تونس في إطلاق دعوات للانضمام إلى تحالف "بريكس" الاقتصادي الذي كان يضم روسيا والصين وجنوب أفريقيا والبرازيل والهند.

وقال وزير الخارجية التونسي السابق أحمد ونيس إن "تونس تتبنى خطاباً سيادياً يحاول تكريس استقلالية الموقف التونسي، وقد يتطور إلى تنويع المصالح التجارية والاقتصادية للبلاد مع دول مثل روسيا".

وأضاف ونيس، "الآن لا يوجد تقارب اقتصادي بين روسيا وتونس لكن إصرار الرئيس قيس سعيد على تأكيد السيادة الوطنية واستقلالية الموقف والقرار الوطني قد يجعل التقارب محتملاً جداً في المستقبل".

وتشهد العلاقات بين تونس وفرنسا، المستعمرة السابقة للبلاد، حالاً من الفتور الصامت خلال الأشهر الماضية، في مقابل تقارب كبير مع إيطاليا حتمته تطورات ملف الهجرة غير النظامية وغير ذلك، لكن الدعوات إلى تنويع الشراكات مستمرة في تونس.

ومع ذلك استبعد ونيس أن تستعين تونس بتحالف عسكري أو سياسي قوي مع روسيا مثل ذلك الذي قامت به دول أفريقية مثل مالي وأفريقيا الوسطى والنيجر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الوزير التونسي السابق إنه "لا توجد حسابات سياسية لدى تونس مثل تلك التي رأيناها في مناطق أفريقية أخرى، إذ تسعى البلاد إلى إقامة علاقات مستقلة بصفة صريحة ومقنعة".

ولا تخفي روسيا سعيها إلى تعزيز تقاربها مع تونس حتى يشمل التعاون معها مجالات عدة، على غرار الغذاء والتعليم والتكنولوجيا الحديثة وغير ذلك، وهو أمر أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عندما زار تونس نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023.

صفحة جديدة من التعاون

ومنذ عامين حاولت روسيا كسر العزلة التي سعت الولايات المتحدة والغرب عموماً إلى فرضها عليها إثر حرب أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 عبر بوابة أفريقيا، إذ رسخت نفوذها هناك.

ويعتقد مراقبون أن التحولات التي تشهدها القارة والعالم بأسره في ظل حروب تبدو مصيرية وحاسمة بشكل كبير، مثل ما يحدث في أوكرانيا والشرق الأوسط، فإن تونس تسعى إلى التموقع في هذه الخريطة الجيوسياسية الجديدة.

 

 

لكن هؤلاء يستبعدون في المقابل لجوء تونس إلى تحالف عسكري مع روسيا بما أن ذلك قد يهدم العلاقات التاريخية مع أوروبا والولايات المتحدة، وهما قوتان لطالما كانتا حليفتان للدولة التونسية.

من جهته قال الباحث السياسي التونسي نزار الجليدي إن "تونس اختارت منذ فترة وبوضوح شديد في زمن التقلبات الكبرى والبناء الجديد للعالم الذي لم يعد ذا كتلة واحدة أو رأساً واحداً، تنويع دبلوماسيتها بعد أعوام طويلة من تجربة تعاون مع الضفة الأخرى من المتوسط، وكان لهذا التعاون كثير من المزايا ولكن أيضا كثير من المساوئ التي نكتشفها الآن".

وأوضح الباحث السياسي أنه "في ظل ترهل النظام العالمي القديم بدأ التونسيون يكتشفون مدى تعقد العلاقات وخصوصاً مع أوروبا، فتونس تريد اليوم تنويع شراكاتها وأن تدخل في شراكة مع روسيا، وزيارة وزير الخارجية والهجرة نبيل عمار إلى موسكو ولافروف إلى تونس تكرس هذه الرغبة والإرادة".

وشدد الجليدي على أن "هذه الزيارات أثمرت تعاوناً سياسياً وبداية صفحة جديدة بين البلدين، ولا سيما وأن موسكو لاعب مهم اليوم في المنطقة، وهي موجودة على حدودنا في ليبيا ومناطق أفريقية عدة، ولها علاقة تاريخية مع تونس، إذ إنها من الدول التي مدت البلاد بالقمح في الأوقات الصعبة".

ولفت الباحث السياسي إلى أن تونس تبني خطوة وصفحة جديدة في العلاقات مع روسيا، لكنه استبعد أن يتطور هذا التقارب إلى تحالف عسكري، غير أنه سيكون اقتصادياً وسياسياً بصورة كبيرة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات