"الحجاب الإلزامي" في إيران لا يستثني الأطفال

في وقت وصلت فيه التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل إلى ذروتها بأنباء تشير إلى قرار حكومة بنيامين نتنياهو بالرد العسكري على الهجوم الإيراني، تصدرت الأخبار أيضاً بانتشار أعداد كبيرة من عناصر الشرطة والباسيج في شوارع المدن المختلفة في إيران لمضايقة واعتقال النساء الرافضات للحجاب الإلزامي.

الصور العديدة التي انتشرت عن عمليات الاعتقال العنيفة للنساء والمراهقات منذ يوم السبت الماضي، التي رافقتها حالات من الضرب والشتم وفي بعض الحالات اعتداءات جنسية، أظهرت أن المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية تحاول منع انتشار موجة المعارضة للحجاب الإلزامي في العاصمة طهران وغيرها من المدن ذات الكثافة السكانية.

ويبدو أن خطر الحرب أو تزايد الفقر وارتفاع الأسعار لن يثني النظام الإيراني عن مشروعه، حتى أن عدداً من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أطلقوا هاشتاغ "الحرب ضد المرأة"، وكتبوا أنه بالفعل هناك حرب حقيقية تدور حالياً بين القوات الحكومية والمرأة الإيرانية. كما أشار بعضهم إلى أن خطر موتهم بسبب الضرب والقمع سيكون أكثر من خطر الموت بسبب الهجوم العسكري الإسرائيلي.

وفي ظل انتشار عديد من صور نضال المرأة المستمر ضد الحجاب الإلزامي في شوارع إيران، أظهرت التقارير التي تلقتها "اندبندنت فارسية" أن نطاق الاعتقالات طاول الأطفال والفتيات المراهقات، إذ في مدينتي كرج وفومن، احتجزت قوات الشرطة فتاتين تبلغان من العمر 12 و14 سنة لساعات عدة لمعارضتهما الحجاب الإلزامي.  

ووفقاً لهذه التقارير، اعتقلت عناصر دورية شرطة الأخلاق في مدينة فومن بمحافظة جيلان، فتاة تبلغ من العمر 14 سنة، وبعد احتجاج المواطنين حاولت الشرطة تفريقهم بإطلاق النار في الهواء.

وفي حي "عظيمية" في مدينة كرج، اعتقلت عناصر دورية شرطة الأخلاق فتاة تبلغ من العمر 12 سنة ولم يسمحوا لوالدة الطفلة بالصعود إلى سيارة الشرطة واقتادوها بمفردها إلى مركز الاحتجاز.

من ناحية أخرى اعتقلت الناشطة الطلابية والصحافية دنيا قاليباف من منزلها إلى مكان مجهول، وذلك على خلفية نشرها قصة اعتقالها العنيف الذي رافقه اعتداء جنسي عليها من عناصر شرطة الأخلاق، إذ كتبت على منصة "إكس" إنها تعرضت للضرب والشتم والاعتداء الجنسي في محطة "صادقية" للمترو بسبب عدم امتثالها لأوامر عناصر شرطة الأخلاق.

ونشر مواطن آخر مقطع فيديو لزوجته التي تعرضت للضرب من عناصر شرطة الأخلاق على مواقع التواصل الاجتماعي وقال: "أتخيفوننا من الحرب الإسرائيلية؟ كل يوم نواجه أسوأ من الحرب في الشوارع. تعرضت زوجتي للضرب والسحل وسرقوا ساعتها وذهبها".

كما نشر على منصة "إكس" مقاطع فيديو أخرى تظهر سيارات الشرطة البيضاء أمام محطات مترو طهران واعتقالات عنيفة للنساء المعارضات للحجاب الإلزامي. وتعقيباً على أحد المقاطع الفيديو التي انتشرت، كتب الناشط السياسي والصحافي كيانوش سنجري، على منصة "إكس" أنه "لم يكن لدي نظارات ولم أقرأ، لا حرب ولا ماذا؟ ما الغاية من التضامن الوطني؟ أين الشعب المظلوم؟ أين المحتل؟".

عشرات من الرجال والنساء المعارضين لسياسات النظام الإيراني، حذفوا قصص المضايقات والاعتقال التي تعرضوا لها من شبكات التواصل الاجتماعي بسبب تواصل الأجهزة الأمنية معهم وتهديدهم بالاعتقال.

وأفاد عدد من الصحافيين المقيمين في إيران باشتداد موجة إغلاق الأماكن الترفيهية والمقاهي والمطاعم بسبب دخول النساء الرافضات للحجاب الإلزامي. وفي هذا السياق، كتب آرش هاشمي، وهو صحافي من سكان مدينة مشهد، أنه خلال الساعات الـ48 الماضية فقط، تم إغلاق 12 مقهى ومطعماً بحجة أن هذه المحال لا تراعي الحجاب الإلزامي.

وعلى رغم ذلك، فإن الزيادة الكبيرة في عدد النساء اللاتي يعارضن الحجاب الإلزامي في الأماكن العامة وفي الشوارع، يظهر أن إصرار النظام على قمع الحريات الشخصية للمرأة فشل مرة أخرى. كذلك فإن نشر القصص والصور لهذه الاعتقالات العنيفة على شبكات التواصل الاجتماعي، يشكك في ادعاء السلطات الإيرانية في شأن "التوجيه الشفهي" للنساء.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"