Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أرمينيا... هل تصل التحالفات الغربية إلى حديقة بوتين الخلفية؟

يقول رئيس الوزراء نيكول باشينيان إن بلاده في حاجة إلى الدعم لتجنب الحرب مع جارتها أذربيجان المدججة بالسلاح - وهو يؤكد أهمية العلاقات الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي والدول الغربية الأخرى

رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

يدرك رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، الأخطار التي يواجهها في التوجه نحو الغرب بينما يتجنب الدخول في صراع آخر مع أذربيجان

بينما يتركز الاهتمام الدولي على الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط مع مخاوف من نشوب صراع بين إيران وإسرائيل تتكشف أزمة ذات أهمية جيوسياسية كبيرة في القوقاز.

فبعد مناوشات قصيرة مع جارتها أذربيجان تمر أرمينيا بمرحلة انتقالية، إذ تتحول من ولائها التقليدي لروسيا إلى إقامة علاقات جديدة كحليف للغرب في حديقة بوتين الخلفية وضمن دائرة نفوذه. كما أن اللاعبين المنخرطين في الصراع الدموي في أوكرانيا والشرق الأوسط حاضرون أيضاً في هذا الصراع. فروسيا - الحليف المفترض لأرمينيا - فشلت في حماية البلاد من الغزو الأذري وبدا أنها غيرت موقفها. ومن ناحية أخرى، فإن إسرائيل، وهي مورد كبير للأسلحة إلى أذربيجان، وإيران الشيعية، التي تصر على حماية حدودها مع أرمينيا من الوقوع تحت نفوذ أذربيجان المعادية و"الكيان الصهيوني"، تشكلان لاعبين رئيسين في الديناميكيات المتكشفة.

ويدرك رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، الأخطار التي يواجهها في التوجه نحو الغرب بينما يتجنب الدخول في صراع آخر مع أذربيجان، صاحبة اليد العليا عسكرياً، والتي واصل حاكمها إلهام علييف التهديد بشن مزيد من الهجمات.

وقد أدت محاولات باشينيان لتحقيق التوازن إلى اتهامه باسترضاء أذربيجان في الداخل، مع مزاعم بأنه يقدم كثير من التنازلات لعلييف دون مقابل يذكر. كما اندلعت احتجاجات في أعقاب قرار حكومته الأخير بالتنازل عن السيطرة على أربع قرى لأذربيجان.

في الأسبوع الذي يصادف الاحتفال بذكرى الإبادة الجماعية الأرمنية، والذي يقام لإحياء ذكرى مقتل 1.5 مليون أرمني في عام 1915 في ظل الإمبراطورية العثمانية، هناك تأملات تتجاوز ما حدث في الماضي لتمتد إلى مخاوف في شأن المستقبل. ففي أعقاب الهزيمة في الحرب الأخيرة مع أذربيجان، وخسارة إقليم ناغورنو قره باغ، هناك قلق عميق في البلاد وشعور بإلحاح الحاجة إلى إيجاد حلفاء لمواجهة التحديات المحتملة في المستقبل.

وفي حديثه في العاصمة يريفان إلى مجموعة صغيرة من الصحافيين البريطانيين يعترف باشينيان بأن "الاتحاد الروسي لاعب مهم في منطقة جنوب القوقاز"، لكنه يقول إن هناك تحركات من جانب أرمينيا لإقامة علاقات قوية مع الدول الغربية والاتحاد الأوروبي، بخاصة منذ الاحتجاجات التي أدت إلى إصلاحات سياسية قبل ست سنوات.

ومن هذا المنطلق، يقول باشينيان، "لم نكن أبداً بعيدين من الغرب. لقد خلق تقدمنا في مجال الديمقراطية واقعاً موضوعياً، إذ يمكن لعلاقتنا أن تتطور بصورة ديناميكية، ولكن للحظة... لقد قلنا إن الديمقراطية بالنسبة لنا، ليست مجرد سياسة ظرفية، إنها التزام استراتيجي".

 

وقد حفزت الاضطرابات الأخيرة على تشكيل تحالفات جديدة، بحسب باشينيان، الذي قال، "نحن نعمل بالفعل على تنويع العلاقات الخارجية، لكننا لسنا وحدنا في هذا المسعى. وعملياً، في جميع أنحاء العالم، لن تجد أي جهة فاعلة ليست كذلك. لا يمكن لأرمينيا أن تظل بمنأى عن هذا الاتجاه الجديد". وأضاف، "فيما يتعلق بمزيد من التقارب مع الاتحاد الأوروبي، لقد ذكرت في خطابي أمام البرلمان الأوروبي أن جمهورية أرمينيا مستعدة للتقارب مع الاتحاد الأوروبي بالقدر الذي يراه الاتحاد الأوروبي ممكناً. في الوقت الحالي، يبدو أننا نتحرك في هذا الاتجاه لأن هذه عملية علنية. الشفافية ذات أهمية قصوى بالنسبة لنا".

ووصف رئيس الوزراء نقل القرى إلى أذربيجان بأنها مسألة محلية ويجري تنفيذها للحفاظ على السلام.

باشينيان رأى أن "جودة تنفيذ هذه الاتفاقات المحلية إما ستزيد أو تقلل من الثقة في أجندة السلام وجدوى السلام"، وأن الاتفاق الذي قاد إلى ذلك وضع "جزئية بجزئية، لبناء الثقة، وإذا جرى التعامل معه بدقة وعناية، يمكن أن يتطور. وإذا لم يعامل بعناية، فقد ينهار".

وقد اقترن هذا التوجه نحو الغرب بتزايد الكراهية وانعدام الثقة تجاه روسيا، التي كان ينظر إليها في السابق على أنها حليف قوي، فهي دولة مسيحية شقيقة في منطقة القوقاز ذات الغالبية المسلمة. موسكو كانت قد وقعت اتفاقية مع أذربيجان قبل غزو بوتين لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، الأمر الذي جعل الكثيرين في أرمينيا يتساءلون عما قد يواجهونه في المستقبل.

لم تكن هناك مساعدة من موسكو عندما دخلت القوات الالأذرية إلى ناغورنو قره باغ العام الماضي. ويشعر باشينيان أن روسيا خذلت ميثاق الأمن الإقليمي لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) برفضها وقف الهجوم. ورداً على ذلك، قامت أرمينيا بتجميد عضويتها في الحلف، وبحسب باشينيان، "إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، وإذا ما اقتصر الأمر على إطلاق التصريحات السياسية، فسنشهد تجاوزاً للحدود، وسيصبح استئناف المشاركة في منظمة معاهدة الأمن الجماعي مستحيلاً من الناحية العملية".

استطلاع حديث للرأي كان قد أظهر أن الأرمن يعدون روسيا ثالث أكثر دولة لا تحظى بشعبية بعد أذربيجان وتركيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحظى أذربيجان الغنية بالمعادن بدعم عسكري من عدد من الدول، وقد طرحت أسئلة عما إذا كان الغرب يقوم بما يكفي لمساعدة أرمينيا.

فرنسا كانت قد أرسلت أسلحة إلى يريفان، والداعم الدفاعي الرئيس الآخر هو الهند. وقد أعربت بريطانيا عن دعمها لسلامة الأراضي الأرمينية، لكن شركة "بريتيش بتروليوم" قدمت ما قيمته 35 مليار دولار (28.2 مليار جنيه استرليني) من النفط والغاز إلى أذربيجان في السنوات الأربع الماضية - أي ما يعادل أربعة أضعاف الموازنة الوطنية للبلاد.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان ينبغي على المملكة المتحدة استخدام ذلك كوسيلة ضغط لإقناع أذربيجان بعدم القيام بعمل عدواني، يقول رئيس الوزراء، "عادة لا أرغب بالتعليق على الأنشطة التجارية والاستثمارات التي تتم في البلدان المجاورة، ولكن الشيء الوحيد الذي أود أن أقوله هو أن أي استثمار يكون أو ينبغي أن يكون الدافع وراءه هو إحلال السلام في المنطقة أو البيئة التي يتم فيها الاستثمار. وأعتقد بصورة عامة أن إحلال السلام وتحقيق السلام للمجتمع الدولي وللمستثمرين هو أمر مهم، ولكن بالطبع أول من سيستفيد من السلام أرمينيا وأذربيجان".

وقد ردت حكومة علييف على حصول أرمينيا على الأسلحة بمزاعم أن ذلك سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة. ويقول باشينيان، "في الموازين العسكرية، هناك اختلال كبير في التوازن لمصلحة أذربيجان، ولكن حتى مع هذا الاختلال في التوازن فإن أذربيجان ترد بقوة على إصلاحاتنا [العسكرية]. هذه المكتسبات ذات طبيعة دفاعية فحسب، فالجيش القوي يستخدم أحياناً للحرب، ولكن وجود مثل هذا الجيش مهم أيضاً للسلام ولتوازن القوى". وختم بالقول، "خارج الحدود المعترف بها دولياً، ليس لأرمينيا أي تطلعات أو مطالبات، ونأمل في أن تستعاد سلامة أراضي جمهورية أرمينيا في عملية ترسيم الحدود".

© The Independent

المزيد من آراء