Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نقص الأدوية المنقذة للحياة بات "طبيعياً" في بريطانيا بعد "بريكست" 

الباحثة الدكتورة ليلى هانبيك تنبه إلى أن "سلسلة توريد الأدوية معطلة على مستويات عدة"

حذر صيادلة من أن مئات الصيدليات المجتمعية في بريطانيا قد أغلقت أبوابها في الأعوام الخمسة الأخيرة، الأمر الذي زاد من الضغط على الأطباء العامين المنهكين (رويترز)

ملخص

المملكة المتحدة تعاني من نقص شديد في بعض الأدوية التي تعالج حالات مرضية صعبة ومزمنة وبريكست المتهم الأول.

أصدر باحثون في المملكة المتحدة تحذيراً من أن النقص في الأدوية المنقذة للحياة الذي تفاقم بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، بما فيها المضادات الحيوية وأدوية الصرع وعلاجات السرطان، تسبب بمزيدٍ من التدهور في سلسلة التوريد "المعطلة" في البلاد.

وقد تم توجيه نداءاتٍ عاجلة إلى الحكومة لإجراء مراجعة لسلسلة توريد الأدوية في المملكة المتحدة، بعد إصدار آلاف التنبيهات في شأن النقص في العام الماضي.

خبراء في مركز الأبحاث "نافيلد تراست" Nuffield Trust وصفوا الوضع بأنه "تطور صادم"، يلقي بثقله على المرضى والأطباء العامين والصيادلة، ويزيد من وطأة الضغوط عليهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد نشأت مخاوفهم على أثر صدور تقارير أشارت إلى ندرةٍ في أدوية العلاج الكيماوي المهمة والحيوية مثل "سيسبلاتين" Cisplatin و"كاربوبلاتين" Carboplatin، إضافةً إلى أدوية "اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه" Attention Deficit Hyperactivity Disorder (ADHD).

ومن خلال تحليل أجوبة على طلبات قُدمت بموجب "قانون حرية الحصول على المعلومات"، والبيانات العامة المتاحة للجمهور حول نقص الأدوية، لاحظ الباحثون أن شركات الأدوية تصدر الآن أكثر من ضعف عدد التحذيرات حول نقص وشيك في الإمدادات مقارنةً بالسابق.

ففي عام 2023، تم إصدار ما مجموعه 1634 تنبيهاً، أي أكثر من ضعف التنبيهات الصادرة في عام 2020 والبالغ عددها 648.

وأوضح الباحثون أنه على رغم أن المشكلات في المملكة المتحدة لم تكن ناجمةً عن بريكست فقط، إلا أن المغادرة أدت إلى تفاقم الوضع.

ويُعزى ذلك إلى انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني واستبعاد المملكة المتحدة من سلاسل التوريد في الاتحاد الأوروبي.

ومن جهته، أظهر البحث الذي أجراه مركز "نافيلد تراست" بالتعاون مع أكاديميين، وبتمويل من "مؤسسة الصحة" Health Foundation، "نقاط الضعف الأساسية" الموجودة في كل من سلسلة توريد الأدوية العالمية والبريطانية على حد سواء.

أما مارك دايان رئيس برنامج "بريكست" في مركز "نافيلد تراست" فقال: "نحن ندرك أن الكثير من التحديات هي تحديات على مستوى العالم أجمع، وسببها سلاسل الاستيراد الهشة من آسيا، التي قد تأثرت بشدة بعمليات الإغلاق من جراء تفشي فيروس "كوفيد - 19"، والتضخم، وحال عدم الاستقرار العالمية.

وأوضح أن "المسؤولين البريطانيين وضعوا نظاماً أكثر تطوراً للرصد والاستجابة، وخصصوا مدفوعاتٍ إضافية في محاولةٍ للحفاظ على تدفق المنتجات".

وأضاف أن "مغادرة بريطانيا كتلة الاتحاد الأوروبي، تسببت بعددٍ من التحديات الإضافية لها. فالمنتجات لم تعد تتدفق بسهولة عبر حدود الاتحاد الأوروبي. وعلى المدى الطويل، قد تؤدي عملية الموافقة الأبطأ لدينا على الأدوية إلى الحد من الخيارات المتاحة لنا في المستقبل".

ونبه التقرير إلى خطر احتمال استبعاد المملكة المتحدة من إجراءات الاتحاد الأوروبي التي تهدف إلى معالجة النقص، كالجهود المبذولة لنقل تصنيع الأدوية مرةً أخرى إلى أوروبا.

ورأت البروفيسورة تامارا هيرفي من كلية "سيتي لو سكول" City Law School الحقوقية، أن "الواقع الجديد" الذي باتت تقف فيه بريطانيا العظمى معزولةً في معالجة الثغرات التي تشوب سلسلة التوريد العالمية للمنتجات الأساسية، إضافة إلى أزمة نقص الموظفين في هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس) NHS، ليس بالأمر الحتمي الذي لا مفر منه. إنه نتيجة خياراتٍ وقرارات سياسية يمكن تغييرها".

في المقابل، أبرز الباحثون أن بريطانيا كانت أبطأ في الموافقة على الأدوية مقارنةً بالاتحاد الأوروبي.

ففي الفترة ما بين عام 2022 وعام 2023، وافقت بريطانيا على أربعة أدوية بشكل أسرع من "المفوضية الأوروبية". إلا أنه اعتباراً من مارس (آذار) 2024، تمت الموافقة على 56 دواءً بعد ترخيص "المفوضية الأوروبية"، ولم تُعطَ الموافقة على 8 منها على الإطلاق في المملكة المتحدة.

ومع ذلك، سلط التقرير الضوء على مشكلاتٍ محددة أخرى داخل سوق المملكة المتحدة، بما فيها التغير في الطلب على الأدوية التي يصفها الأطباء لمرضاهم.

ومن الأمثلة التي توضح ما سبق، الارتفاع الكبير في وصفات "العلاج بالهرمونات البديلة" Hormone Replacement Therapy (HRT) للنساء بعد انقطاع الطمث، التي زادت بنسبة 40 في المئة في السنة 2021 - 2022. 

ولفت مارك دايان كذلك إلى أن "ارتفاع النقص في الأدوية الأساسية، وتحول الوضع من حالة نادرة إلى حالة شائعة، يُعد تطوراً مفاجئاً ومثيراً للقلق، لم يكن من الممكن توقعه قبل نحو عقدٍ من الزمن".

وحذر التقرير من أن القطاع الصحي ينبغي ألا يعول على أي تغييراتٍ رسمية ’فورية‘ في العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، علماً أن هناك خطواتٍ يمكن لحكومة المملكة المتحدة اتخاذها لمعالجة هذه القضايا". 

وتشمل التدابير تحسين القدرة على توقع النقص بشكلٍ أفضل، وزيادة الشفافية في شأنه، إضافةً إلى الحذر من ضغوط مفاجئة على الكلفة قد تؤدي إلى حال عدم استقرار في سلسلة التوريد.

لويز أنصاري الرئيسة التنفيذية لهيئة "هيلث واتش إنغلاند"  Healthwatch England، تخوفت من أن "النقص في الأدوية الأساسية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الظروف الصحية للأفراد بشكل كبير وينعكس سلباً على حياتهم".

وأضافت: "إننا نحض الحكومة على إجراء مراجعةٍ شاملة لسلسلة توريد الأدوية بهدف ضمان سلامة الأدوية ومرونتها".

وقالت الدكتورة ليلى هانبيك الرئيسة التنفيذية لـ "رابطة الصيدليات المتعددة المستقلة" Association of Independent Multiple Pharmacies (AIMp) إن "سلسلة توريد الأدوية معطلة على مختلف المستويات، وما لم تقم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية بمراجعة عملياتها وإجراءاتها، فلن نحقق الاستقرار الذي يضمن للمرضى الحصول على الوصفات الطبية عندما يحتاجون إليها".

وفي تعليقٍ على ما تقدم، أفاد متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية، أنه "جرى ترخيص ما يناهز 14 ألف دواء، الغالبية العظمى منها متوافرة في الصيدليات".

ورأى أخيراً أن "التحديات المتعلقة بالإمدادات الطبية هي شائعةٌ في جميع أنحاء العالم، ولا تقتصر فقط على المملكة المتحدة. وفي حال حدوثها، فإنه لدينا مجموعة من العمليات والأدوات الكفيلة بإدارتها ومعالجتها على الفور. ولهذا السبب تمت إدارة معظم الاضطرابات بسرعة وفاعلية مع الحد الأدنى من الإزعاج للمرضى".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة