Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أجساد الرياضيين المصريين "رفات" تحت جرعات المنشطات

تكررت وفاة أبطال لعبات مختلفة إثر تناول العقاقير والهرمونات غير المرخصة وأطباء يحذرون من مخاطر تعاطيها

 أيمن مجدي بطل مصر في لعبة كمال الأجسام الذي توفى قبل أيام قليلة (مواقع التواصل)

ملخص

واقعة وفاة بطل مصري في لعبة كمال الأجسام تعيد قضية المنشطات والهرمونات المجهولة إلى الواجهة، وتحذيرات طبية من الآثار الصحية الخطرة الناتجة من تناولها من دون إشراف أو توجيه طبي.

بين الحين والآخر، يتصاعد الحديث عن التأثيرات الصحية الخطرة الناجمة عن الإفراط في تناول المنشطات والمكملات الغذائية والهرمونات مجهولة المصدر التي تنتشر على نطاق واسع في الصيدليات وداخل صالات الألعاب الرياضية، وباتت تهدد صحة الملايين من الشباب الرياضيين، الحالمين ببناء جسم مفتول العضلات وبنية جسدية قوية.

وقائع وفاة متكررة

وعادت تلك القضية لتطل برأسها مجدداً عقب وفاة البطل المصري في لعبة كمال الأجسام أيمن مجدي قبل أيام قليلة، إثر ارتفاع شديد في ضغط الدم وأزمة قلبية أودت بحياته بعد فشل محاولات الأطباء في إنقاذه.

ولم تكُن واقعة وفاة مجدي هي الأولى، بل سبقتها وقائع وفاة لعدد من الشباب الرياضيين على الصعيدين المحلي والعالمي جراء تناول جرعات منشطات ومكملات غذائية وهرمونات مجهولة المصدر.

ففي أغسطس (آب) من عام 2023 توفي الشاب طارق محمد الذي يمارس رياضة كمال الأجسام وكان يلقب بـ"طرزان الغربية"، إثر تناوله جرعة منشطات زائدة أدت إلى إصابته بأزمة قلبية حادة.

وعالمياً، توفي لاعب كمال الأجسام الشهير وخبير اللياقة الألماني جو ليندنر عن عمر ناهز 30 سنة نتيجة تمدد الأوعية الدموية المفاجئ بسبب تناول مكملات غذائية.

"اندبندنت عربية" حاولت فك طلاسم تلك القضية، لكشف النقاب عن أسباب الانتشار الكبير لتلك المنشطات والمكملات الغذائية بصورة كبيرة داخل الصالات الرياضية والمتاجر العامة، والأخطار الصحية الناجمة عن الإفراط في تناولها وتعاطيها من دون توجيه أو استشارة طبية وكيفية مواجهتها والتصدي لها.

تهديدات صحية مباشرة

يقول متخصص أمراض القلب في جامعة عين شمس والرئيس السابق للجمعية المصرية لأمراض القلب الدكتور عادل الأتربي إن هناك عدداً من الأخطار الصحية المباشرة التي تنجم عن الإفراط في تناول المنشطات والمكملات الغذائية والهرمونات مجهولة المصدر، لافتاً إلى أن كثيراً من الرياضيين قد يتعرضون للوفاة مبكراً بسبب الإفراط في تناول تلك المواد، وأوضح أن بعض الدراسات العلمية أظهرت أن المنشطات تتسبب في أزمات قلبية ومشكلات بالمخ وسكتات دماغية.

ويؤكد الأتربي خلال حديثه أن أكثر المنشطات شيوعاً هو "الدسترويد"، مشيراً إلى أن بعض المنشطات يتم أخذها عبر الحقن والأخرى عبر الأقراص، وتكمن خطورة المنشطات التي تؤخذ عبر الحقن في أنها تتحول إلى إدمان مع مرور الوقت وتتسبب في مشكلات بالكبد والتهاب أوردة واكتئاب وصعوبات في التركيز وقلة شهية وإرهاق وزيادة نسب السلوك العدائي، وقد تصل بعض الحالات إلى العقم والضعف الجنسي وسرطان البروستات، وحذر من خطورة تناول الهرمونات مجهولة المصدر، لافتاً إلى أنها قد تصل إلى إيقاف النمو ومطالباً الشباب بضرورة تجنب استخدام تلك المواد نظراً إلى تأثيراتها الصحية الخطرة.

مركبات مجهولة المصدر

في السياق ذاته، يقول متخصص أمراض الكبد والجهاز الهضمي في القصر العيني أشرف عمر إن المنشطات تحوي مواد وتركيبات تسبب أضراراً صحية خطرة، إضافة إلى وجود نسبة "سمية" في الكبد وتسبب التهابات ومشكلات بالكلى، مشيراً إلى أن تلك المنشطات يكثر استخدامها في صالات الرياضة ويستخدمها كثير من الشباب الذين يحلمون ببناء جسم مفتول العضلات، لذلك يلجأون إلى الحصول على الواي بروتين والكرياتين وغيرهما من المواد التي تحوي عناصر ومركبات مجهولة المصدر.

وشدد عمر على ضرورة أن تؤخذ تلك المواد من خلال استشارة طبيب تغذية علاجية وليس مدرباً داخل صالات الرياضة وتحت إشراف طبيب متخصص.

فشل كلوي وموت مفاجئ

فيما يرى مؤسس المركز القومي للسموم ومتخصص الأمراض الصدرية محمود محمد عمرو أن الإفراط في تناول المنشطات والمكملات الغذائية بصورة عشوائية ومن دون إشراف أو توجيه طبي أصبح يشكل ظاهرة خطرة في المجتمع حالياً.

 

 

ويوضح أن المعضلة الرئيسة تكمن في أن تركيبة تلك المواد تدخل في تكوينها الهرمونات والأحماض الأمينية التي تسهم في تقوية وبناء العضلات والأجسام ولكنها تسبب في الوقت نفسه مشكلات صحية خطرة، منوهاً بأن الأحماض تؤثر في وظائف الكلى وتسبب فشلاً كلوياً والهرمونات ينتج منها خلل هرموني، مما يؤدي إلى الموت المفاجئ للشباب في عمر قصير.

منتجات تباع في أماكن "بئر السلم"

ويضيف عمرو أن متوسط العمر الطبيعي لدى الرجال 74 سنة والسيدات 72 سنة، ولكن من يتعاطون تلك المنشطات والمكملات الغذائية لن تتخطى أعمارهم الـ60 سنة وستحدث لهم مشكلات صحية في هذا العمر، مردفاً أن "المكملات الغذائية والمنشطات تندرج تحت بند السموم إذا لم تؤخذ تحت إشراف طبي في حين أن كثيراً من الشباب لا يدركون حجم الأخطار الصحية المرتبطة بتلك النوعية من المواد وآثارها الصحية الخطرة، مما يتطلب ضرورة التوعية اللازمة لتنبيههم، خصوصاً أن غالبيتها تباع في أماكن بئر سلم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي يوليو (تموز) 2023، أطلقت هيئة الدواء المصرية تحذيراً من الإسراف في تناول المكملات الغذائية، مشددة على ضرورة الانتباه إلى الآثار الضارة والتفاعلات المحتملة للإفراط في استخدام الفيتامينات والمكملات الغذائية، كاشفة عن أضرار الإسراف في تناول المكملات الغذائية التي تمثلت في اضطراب الجهاز الهضمي، فتناول كميات كبيرة منها يؤدي إلى الشعور بالغثيان والإسهال وتشنجات المعدة وتلف الأعصاب والتأثير في حركة الأعصاب وكذلك الإصابة بالأرق، مطالبة المواطنين بضرورة استشارة الصيدلي أو مقدم الرعاية الصحية قبل الحصول على الفيتامينات والمكملات الغذائية لتجنب الأضرار أو المضاعفات الصحية التي يمكن أن تحدث.

الإشراف الطبي ضرورة حتمية

في المقابل، يرى خبير التغذية مجدي نزيه أن المكملات الغذائية جيدة إذا كانت هناك حاجة إليها وما يحدد ذلك الحال الفيسيولوجية للشخص نفسه والطبيب المعالج له، ولكن إذا لم تؤخذ باستشارة طبيب تسبب أضراراً خطرة ومشكلات في الكبد تسمى "السمية الفيتامينية" وهي عبارة عن تناول فيتامينات فوق طاقة الجسم وكذلك تشكل عبئاً كبيراً على الكلى.

ويضيف أن تلك المكملات تؤخذ في حالات النقص الغذائي أو المرض وتتطلب أن تكون هناك استشارة طبية.

دراسات علمية تدق ناقوس الخطر

وعلى مدى الأعوام الماضية، تعالت الصيحات التي تحذر من خطر استخدام تلك المنشطات والمكملات الغذائية والهرمونات مجهولة المصدر، وتطالب بحظر تداولها سواء داخل الصالات الرياضية أو المتاجر العامة من دون استشارة طبيب أو إشراف طبي.

فعلى الصعيد العالمي، أظهرت دراسة علمية أجريت في جامعة "هارفارد" في يونيو (حزيران) 2019 أن نحو 40 في المئة من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة والذين تناولوا أدوية فقدان الوزن وبناء العضلات ومكملات الطاقة عانوا مضاعفات طبية شديدة، وكشف عن الباحثون أن فقدان الوزن وبناء العضلات ومكملات الطاقة ترتبط بنسبة تقارب ثلاثة أضعاف بخطر المضاعفات الطبية الشديدة مقارنة بالفيتامينات، وأظهرت الدراسات أن المكملات التي تحوي تلك المواد تم ربطها بتلف الكبد وسرطان الخصية والموت.

وعلى الصعيد المحلي، حذرت دراسة أجراها على مدى عامين المدرس المساعد في كلية الطب بجامعة بني سويف إبراهيم جمال من أخطار المنشطات على لاعبي كمال الأجسام، وتوصلت إلى أن المنشطات التي يتعاطاها لاعبو كمال الأجسام تزيد الدهون الضارة وتقلل نسبة الدهون النافعة في الجسم وأن كفاءة عضلة القلب تنخفض بسبب المنشطات.

وقارنت الدراسة بين 92 شخصاً نصفهم يتناول منشطات بجرعات عالية والنصف الآخر لا يتناولها للوصول إلى نتائج نهائية، وأوضحت أن بعض المنشطات تباع في الصيدليات وبعضها يباع داخل صالات الرياضة حيث إن تناول المنشطات ينتشر كثيراً بين فئة الشباب، وكذلك فإن لاعبي كمال الأجسام الذين يتناولون المنشطات تتعرض أعضاؤهم التناسلية للضمور، إلى جانب أن هرمونات الذكورة تتأثر بسبب تناول المنشطات، إذ إنها تقلل القدرة الجنسية والقدرة على الإنجاب وتؤثر في الحيوانات المنوية وتقلل علامات الذكورة، فضلاً عن أن هناك هرمونات يتم حقنها مثل هرمون النمو وهرمونات أخرى تمنعها الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات.

ماذا يقول القانون؟

وحددت المادة (91 مكرر1) من تعديلات قانون الرياضة، عقوبات مغلظة على متعاطي المنشطات والمكملات الغذائية، إذ "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه (126.38 دولار) ولا تزيد على 100 ألف جنيه (2113.03 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أتجر أو تداول أو تعاطى أو حرض على تعاطي المنشطات والمكملات الغذائية المدرجة في الجدول المشار إليه في المادة (33) من هذا القانون، وللمحكمة أن تقضي فضلاً عن العقوبات المقررة بالفقرة الأولى بغلق المنشأة وإيقاف الترخيص لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، وفي جميع الأحوال تقضي المحكمة بمصادرة المضبوطات".

 

 

 وحظرت المادة (33) على الرياضيين تعاطي المواد المنشطة والمكملات الغذائية المدرجة في الجدول الذي تصدره المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات بما لا يخالف قواعد الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات في مجال الرياضة، وأيضاً حظرت على المدربين والأطباء المعتمدين وغيرهم من العاملين في مجال الرياضة إعطاء المواد المنشطة أو المكملات الغذائية للرياضيين، أو مطالبتهم، أو تحريضهم على التعاطي أو تطبيق أي من الوسائل المحظورة .

البرلمان يتصدى للظاهرة

وحاول البرلمان المصري مراراً وتكراراً التدخل لوضع حد حاسم لإنهاء تلك الظاهرة، إذ انهال عدد من طلبات الإحاطة على طاولة الحكومة للمطالبة بمنع استخدام المنشطات والمكملات الغذائية والهرمونات مجهولة المصدر بصورة عشوائية داخل الصالات الرياضية من دون أي استشارات طبية.

ففي أبريل (نيسان) 2023، تقدم البرلماني المصري أيمن محسب بطلب إحاطة موجه إلى وزير الصحة والسكان في شأن استخدام المنشطات والمكملات الغذائية والهرمونات مجهولة المصدر بصورة عشوائية، وقال في طلبه إنه "خلال الفترة الأخيرة أصبحت صالات الألعاب الرياضية تهدد صحة الشباب بعد التوسع في الترويج للمنشطات وهرمونات النمو والمكملات الغذائية مجهولة المصدر التي تستخدم بصورة عشوائية من دون استشارة طبيب لسرعة بناء الجسم وتكبير حجم العضلات، مما يتسبب في ظهور بعض الأمراض مثل ضعف عضلة القلب والتجلط الدموي وجلطات المخ والضعف الجنسي والعقم، فضلاً عن الإصابة بنوبات عنف غير مبرر وحالات اكتئاب".

وفي مايو (أيار) 2023 تقدمت البرلمانية المصرية سارة النحاس بطلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء ووزيري الصحة والشباب في شأن انتشار مكملات غذائية مجهولة المصدر داخل صالات الرياضة، استناداً إلى وفاة كثير من الشباب والرياضيين الذين لقوا حتفهم إثر أزمة قلبية مفاجئة نتيجة تناولهم هذه المكملات التي تعدّ المسبب الرئيس في الإصابة بأمراض السكتة الدماغية والقلب والأوعية الدموية، وتؤدي إلى الفشل الكلوي وتليّف الكبد على المديين القريب والبعيد.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات