Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حروب الظل"... المواجهة الحقيقية بين إيران والغرب

إطلاق 5 صواريخ من العراق صوب قاعدة أميركية في سوريا واستمرار التصعيد بين إسرائيل و"حزب الله" بينما يسود الهدوء على المستوى العلني

مسيرة تابعة للحوثيين تهدد الملاحة التجارية قبل تدميرها من قبل مدمرة فرنسية تقوم بدوريات في البحر الأحمر (20 مارس 2024)

ملخص

لم يسفر ذلك التبادل العلني والنادر عن كثير من الأضرار وكأن الطرفين متفقان على عدم اتساع رقعة الصراع ما يؤكد حقيقة أن "حروب الظل" هي المواجهة الحقيقية بين إيران والغرب عموماً وبينها وبين إسرائيل خصوصاً

لم تدم طويلاً المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، التي جاءت إثر استهداف تل أبيب مبنى قنصلية طهران لدى دمشق، مما أدى إلى مقتل سبعة من عناصر "الحرس الثوري" بينهم ضابطان كبيران هما العميد محمد رضا زاهدي والعميد محمد هادي حاجي رحيمي.

بدورها إيران ردت بإطلاق أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ نحو الدولة العبرية، لكن تم اعتراضها بالكامل تقريباً من قبل إسرائيل وحلفائها الغربيين، خصوصاً أميركا وبريطانيا وفرنسا، قبل أن تصل وجهتها، لترد تل أبيب ثانية بضربة دقيقة ومحددة في أصفهان، ثم تهدأ الأمور إلى هذا الحد من دون تصعيد من الطرفين.

لم يسفر ذلك التبادل العلني والنادر عن كثير من الأضرار، وكأن الطرفين متفقان على عدم اتساع رقعة الصراع، ما يؤكد حقيقة أن "حروب الظل" هي المواجهة الحقيقية بين إيران والغرب عموما وبينها وبين إسرائيل خصوصاً.

 

ومنذ زمن بعيد باتت سوريا والعراق ولبنان واليمن ساحات للمواجهة غير المباشرة، التي على عكس المواجهة العلنية لم تهدأ بعد، خصوصاً في تلك الدول التي تستضيف قوات عسكرية أميركية.

حرب الأبواب الخلفية كانت واضحة عندما خرجت المواجهة إلى العلن من سوريا إثر استهداف القنصلية الإيرانية، وكانت واضحة أيضاً عند ردت إسرائيل على الهجوم الإيراني بالضرب في أصفهان وسوريا والعراق بالتزامن في رسالة تؤكد أن ساحات طهران ليست داخلية في الأساس، وأنها معروفة وظاهرة للطرف الآخر.

حرب الظل

وإن خفتت المواجهة العلنية سريعاً فإن حروب الظل ما زالت مستمرة وعلى نطاق واسع، فأمس الأحد أطلقت صواريخ من شمال العراق باتجاه قاعدة للتحالف الدولي المناهض للتكفيريين في سوريا المجاورة، بحسب ما أعلنت قوات الأمن العراقية التي عثرت على العجلة المستخدمة في تنفيذ عملية الإطلاق.

وقالت "كتائب حزب الله" في العراق إن الفصائل المسلحة العراقية قررت استئناف الهجمات على القوات الأميركية بالبلاد نتيجة عدم إحراز تقدم يذكر في المحادثات الرامية إلى خروج تلك القوات خلال زيارة رئيس الوزراء لواشنطن.

وأضافت الكتائب أن "ما حدث منذ فترة قصيرة هو البداية" في إشارة على ما يبدو إلى الهجوم بصواريخ من شمال العراق على قاعدة تضم قوات أميركية في سوريا.

وقال مصدران أمنيان عراقيان إن خمسة صواريخ في الأقل أطلقت من بلدة زمار العراقية باتجاه قاعدة عسكرية أميركية في شمال شرقي سوريا أمس الأحد.

 

وهذا أول هجوم كبير ضد قوات التحالف الذي تقوده واشنطن بعد أسابيع عدة من الهدوء. ووقع الهجوم مع عودة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من زيارة للولايات المتحدة واجتمع خلالها مع الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض.

وقالت قوات الأمن العراقية في بيان إنها باشرت "عملية بحث وتفتيش واسعة" عن المنفذين مساء أمس الأحد في محافظة نينوى شمالي العراق على الحدود مع سوريا.

وتحدث البيان عن "عناصر خارجة عن القانون استهدفت بالساعة 21:50 (18:50 ت غ) من أمس الأحد، قاعدة للتحالف الدولي بعدد من الصواريخ في عمق الأراضي السورية". وأضاف "عثرت قواتنا الأمنية على العجلة التي انطلقت منها الصواريخ وقامت بحرقها".

وأكد مسؤول في محافظة نينوى تحدث شريطة عدم كشف هويته أن "إطلاق الصواريخ" تم من منطقة في شمال الموصل في زمار.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إن "صواريخ عدة أطلقت من الأراضي العراقية استهدفت قاعدة خراب الجير" التي تؤوي "قوات أميركية" في شمال شرقي سوريا.

وأشار عبدالرحمن إلى أن هذه الصواريخ التي سقط واحد منها في الأقل داخل القاعدة سبقها إرسال طائرة مسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران وتم إسقاطها.

ووجه المرصد السوري لحقوق الإنسان أصابع الاتهام إلى "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي تشكيل يضم جماعات مسلحة موالية لإيران.

وكانت "المقاومة الإسلامية في العراق" أعلنت مسؤوليتها عن معظم الهجمات ضد الجنود الأميركيين التابعين للتحالف، والتي كانت نفذت بصورة أساس بين منتصف أكتوبر (تشرين الأول) وأوائل فبراير (شباط). وهي تقول في بياناتها إن ذلك يأتي تضامناً منها مع الفلسطينيين على خلفية الحرب في غزة بين حركة "حماس" وإسرائيل.

وأسفر هجوم بطائرة من دون طيار في الـ28 من يناير (كانون الثاني) عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في وسط الصحراء الأردنية على الحدود السورية. ورداً على ذلك، شددت واشنطن لهجتها ونفذت ضربات عدة في العراق وسوريا ضد فصائل موالية لإيران. غير أنه منذ بداية فبراير، ساد هدوء نسبي بين الجانبين.

2500 جندي

وتنشر الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة في إطار التحالف الدولي الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم "داعش".

ويأتي إطلاق الصواريخ ليل الأحد وسط أجواء إقليمية شديدة التوتر، تغذيها الحرب في غزة والتوترات بين إسرائيل وإيران.

وجاء الهجوم بعد يوم واحد من انفجار ضخم في معسكر كالسو بالعراق في وقت مبكر من أمس الأول السبت أدى إلى مقتل منتسب بـ"الحشد الشعبي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال رئيس هيئة أركان "الحشد الشعبي" عبدالعزيز المحمداوي إن السبب وراء الانفجار هو اعتداء، بينما قال الجيش إنه يحقق في الأمر، مشيراً إلى عدم وجود أي مقاتلات في السماء في ذلك الوقت.

وفجر السبت أسفر "انفجار وحريق" داخل قاعدة عسكرية في العراق عن سقوط قتيل وثمانية جرحى، وفق ما أعلنت السلطات السبت، بينما تحدث مسؤولون أمنيون عن "قصف" استهدف الموقع الذي يضم قوات من الجيش العراقي و"الحشد الشعبي" الموالي لإيران.

ونفت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) أي مسؤولية لها عن "الانفجار" الذي وقع السبت، فيما قال الجيش الإسرائيلي  إنه "لا يعلق على معلومات ترد في وسائل الإعلام الأجنبية".

محور المقاومة

تقود إيران ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تنضوي فيه فصائل فلسطينية بينها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وأخرى عراقية إضافة إلى الحوثيين اليمنيين و"حزب الله" اللبناني.

ومنذ بدء الحرب في غزة بين إسرائيل و"حماس" صعدت هذه المجموعات من هجماتها في أنحاء مختلفة من المنطقة، وأثارت مخاوف من أن تتسبب الحرب في زعزعة الاستقرار في أنحاء أخرى من الشرق الأوسط.

وينفذ المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران هجمات على سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة. وتسببت هجماتهم على مدى أشهر في البحر الأحمر في اضطراب الملاحة الدولية، وأجبرت الشركات على تغيير مسار السفن إلى مسار أطول وأعلى كلفة حول جنوب القارة الأفريقية.

ودفعت هجمات الحوثيين شركات شحن كثيرة إلى تحويل مسار سفنها عبر رأس الرجاء الصالح، مما يطيل الرحلة بين آسيا وأوروبا لأسبوع في الأقل ويزيد كلفة النقل.

 

زعم المتمردون الحوثيون في اليمن أنهم شنوا منذ بدء الحرب في قطاع غزة هجمات على نحو 100 سفينة مرتبطة بإسرائيل في مياه البحر الأحمر وخليج عدن. وأعلن زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، أخيراً، أن جماعته شنت هجمات على نحو 100 سفينة "مرتبطة بالعدو" الإسرائيلي في مياه البحر الأحمر وخليج عدن، وذلك في إطار ما تقول إنها محاولات لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة والضغط باتجاه وقف الحرب المستعرة منذ أكثر من ستة أشهر.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 يشن الحوثيون هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة على سفن في البحر الأحمر وخليج عدن. ويقولون إن هذه الهجمات تندرج في إطار تضامنهم مع الفلسطينيين في غزة.

من جهتها شكلت الولايات المتحدة تحالفاً متعدد الجنسيات يهدف إلى حماية الشحن في البحر الأحمر، ونفذت منذ منتصف يناير (كانون الثاني) ضربات متكررة على أهداف للحوثيين في اليمن. وشاركت بريطانيا أيضاً في عديد من تلك الضربات.

مناوشات "حزب الله"

ومنذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 يتبادل "حزب الله" والجيش الإسرائيلي القصف عبر الحدود، بالتوازي مع الحرب في غزة في أخطر الأعمال القتالية منذ أن خاضا حرباً كبرى في عام 2006.

أعلنت الجماعة المدعومة من إيران في بيان أمس الأحد أنها أسقطت طائرة إسرائيلية مسيرة كانت في مهمة قتالية فوق منطقة العيشية جنوب لبنان، مضيفة أنها من طراز "هرمز 450" متعددة الحمولة من إنتاج شركة "إلبيت سيستمز" لتصنيع الأسلحة ومقرها إسرائيل.

 

وقتل 370 لبنانياً في الأقل، من بينهم أكثر من 240 من مقاتلي "حزب الله" و68 مدنياً في القتال وفقاً لإحصاء أعدته وكالة "رويترز"، وعلى الجانب الإسرائيلي من الحدود قتل 18 شخصاً، بينهم جنود ومدنيون، وفقاً للإحصاءات العبرية.‏

ويظل السؤال: هل تبقى المواجهات بين إيران والغرب وحليفتهم إسرائيل محصورة في مواجهات الظل والساحات الخلفية؟

المزيد من تقارير