Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تؤثر الصناعة السينمائية في الانتخابات الهندية؟

يتفوق الحزب الحاكم على أقرانه في استخدام وسائل البروباغندا والترفيه لترويج أفكاره السياسية وجذب الناخبين

ملصق دعائي لممثل بوليوود وزعيم حزب بهاراتيا جاناتا ميثان تشاكرابورتي في إحدى المدن الهندية (أ ف ب)

ملخص

يعود الفضل في المسيرة السياسية الطويلة لكثير من القادة الكاريزماتيين في الهند إلى الارتباط بين السينما والسياسة، كما توجه فنانون وكتاب السيناريو ومنتجو أفلام وممثلون إلى السياسة وترشحوا للانتخابات.

تستخدم الأحزاب السياسية في الهند السينما ضمن وسائل التأثير في قرار الناخبين خلال أكبر عملية انتخابية في تاريخ الهند، التي ستستمر إلى غضون يونيو (حزيران) من العام الحالي.

وتصدر حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الساعي للحصول على دورة ثالثة في الحكم، استخدام الترفيه للترويج لأهدافه ونظرياته، إذ تدعم حكومة مودي بصورة علنية الأفلام التي تروج لأيديولوجية "بهاراتيا جاناتا" من خلال منح إعفاءات ضريبية وإزالة القيود التنظيمية، خصوصاً عندما تتماشى مع الاستراتيجية الانتخابية للحزب. ويعتبر فيلم "سونترية وير ساوركر" عن حياة أحد المؤيدين المتحمسين للقومية الهندوسية الذي سيتم عرضه قبل أسابيع من تاريخ الاقتراع خير مثال على هذه الأفلام.
ويعد إنتاج الأفلام الترفيهية الهندية صناعة معقدة، وتتميز هذه الأفلام برقصات مصممة بصورة رائعة وأغان جذابة وحوارات شيقة ومفاهيم تاريخية ودينية تجعلها وسيلة تواصل مفضلة حتى بالنسبة إلى الأحزاب السياسية. ويتم إصدار نحو 1500 فيلم سنوياً، لها معجبون ليس فقط في الهند بل في جميع أنحاء العالم.
ويعود تاريخ استخدام السينما الهندية الشعبية لأغراض سياسية إلى ما قبل الاستقلال، وأوضحت في كتابي الصادر عام 2009 بعنوان "آلهة السيلولويد: الثقافة البصرية للسينما والسياسة في جنوب الهند" أن السينما استخدمت لخلق هالة بطولية حول الشخصيات السياسية في ولاية تاميل نادو بجنوب الهند، إلا أن التيارات الوطنية أصبحت الأكثر استخداماً للسينما بعد عقد الثمانينيات.
ويعود الفضل بالمسيرة السياسية الطويلة لكثير من القادة الكاريزماتيين في الهند، إلى هذا الارتباط بين السينما والسياسة، وتوجه فنانون وكتاب السيناريو ومنتجو أفلام وممثلون إلى السياسة وترشحوا للانتخابات.

الأفلام الهندية مهرجانات شعبية

تعتبر مشاهدة الفيلم في السينما تجربة مهمة وممتعة وجاذبة للجمهور. أوضحت عالمة الاجتماع لاكشمي سرينيفاس في كتابها الصادر عام 2016، "هاوسفول" (Housefull) أن "إصدار الأفلام الرائجة المرتقبة في الهند يشبه المهرجان، وأفضل ما فيها هو حماس الجمهور وهم يرددون حوارات الفيلم في ما بينهم ويرقصون على الأغاني ويهتفون أسماء النجوم أثناء ظهورهم على الشاشة".
ويمتد تأثير السينما في الهند من دور العرض إلى الشوارع على صورة إعلانات ترويجية، وفي عالم الأزياء والموسيقى إذ تثبت وجودها وهيمنتها في الأماكن العامة بأي صورة من الصور. ويقول شاليني كاكار المتخصص في الفن في هذا السياق، إن "السينما تخلق استجابة عاطفية لدى المشاهد تشبه المشاعر الدينية".
وناقش كاكار، كحالة دراسة، "بعض هواة السينما الذين يجعلون نجوم السينما آلهة لهم ويعبدونهم من خلال وضع تماثيلهم في المنزل وفي أماكن العمل، كما يقيمون احتفالات دينية لشخصياتهم السينمائية المفضلة وينظمون معارض عامة لنجومهم المفضلين".
من جانب آخر، يقول المنظر الإعلامي، أس في سرينيفاس، إن "عشاق السينما يمكنهم أن يصنعوا أو يحطموا مسيرة النجوم وحياتهم". ويرى سرينيفاس أن "الممثل يمكنه الدخول في عالم السياسة واستغلال شعبيته في حملته الانتخابية، لكن المفتاح يبقى في يد الجمهور الذي يستطيع أن يقاطع أفلامه ويدمر حياته الشخصية والمهنية لو قام بعمل ينافي رغبات المعجبين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الصور العملاقة للأبطال "الحقيقيين"

واكبت السينما في "تامل نادو" التغييرات الاجتماعية والسياسية بعد عام 1940، أكثر من أي منطقة أخرى في الهند. وعرضت الأفكار القومية التاميلية من خلال الأفلام الترفيهية بصورة قوية وبمشاركة علنية لنجومها في الاجتماعات السياسية لتصبح تلك الأفكار في ما بعد نواة لحركة سياسية غيرت مجرى التاريخ في "تامل نادو".
ووجدت خلال بحثي عن الموضوع أن الإعلام الدعائي يجمع السينما والسياسة في "تامل نادو" إذ نجد أن من الأمور المثيرة للانتباه توجه اهتمام الأحزاب السياسية لرسم صور دعائية كبيرة شبيهة بصور نجوم السينما. تشبه هذه الصور المرسومة باليد الدعايات التصويرية للأفلام، ليس في حجمها الكبير فحسب بل في كيفية عرض السياسيين على أنهم أبطال في الحياة الحقيقية.
أسهمت هذه التماثيل في إظهار السياسيين كنجوم، وأعتقد من خلال بحثي أن هذه الدعايات لها دور كبير في تشكيل السياسة المتمركزة على الهوية الوطنية في "تامل نادو". تبدو هذه الصور العملاقة المزينة بالألوان إلى جانب صور نجوم السينما في أذهان الملايين من المشاهدين وكأنها لكائنات خيالية إذ يرحب بهذه الصور بصورة كبيرة وتزين بالورد ويرقص الناس أمامها ويظهرون إعجابهم بها ويقفون للتصوير أمامها.
يمكن القول إذاً، إن السياسيين الكاريزماتيين في الحركة القومية التاميلية توجهوا إلى الجمع في إعلاناتهم بين سحر نجوم السينما وقوة الصور السياسية، إضافة إلى الطابع الروحاني من خلال محاكاة العظمة الإلهية.


مواضيع تخدم الحملة الانتخابية

برزت ثلاثة مواضيع تؤيد أهداف حزب "بهاراتيا جاناتا" وسياساته في السينما الهندية أثناء حكم مودي وحظيت بدعم الحكومة، وهي: ادعاء الفضل في مبادرات الرعاية الاجتماعية، تعزيز الهندوسية في المجتمع، وإشعال التوترات بين الغالبية الهندوسية والأقلية المسلمة.
وصدر فيلم في عام 2017 عن أزمة عدم وجود المراحيض داخل البيوت في الهند وتم عرضه بطريقة تحكي للجمهور أنه بينما كان المهاتما غاندي مدافعاً عن البيئة النظيفة، فإن مودي هو الذي يجعل هذا الحلم حقيقة من خلال تخصيص الموازنة لبناء المراحيض في جميع أنحاء البلاد.
نوع آخر من هذه الأفلام هو الذي يصور الإرث التاريخي للمنظمات القومية الهندوسية اليمينية وقادتها. ولعل خير مثال على ذلك فيلم عن حياة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وكيف أنه خرج من حياة بائسة إلى سدة الحكم، وكان من المقرر عرض هذا الفيلم قبل انتخابات 2019 مباشرة، لكن لجنة الانتخابات الهندية (الهيئة المسؤولة عن ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة) أمرت بعدم السماح بعرض الفيلم إلا بعد الانتخابات.
النوع الثالث والأكثر إثارة للقلق هو الأفلام المثيرة للانقسام السياسي. وتصور هذه الأفلام حوادث حقيقية من الكراهية الدينية التي حدث فيها صراع بين الطائفتين الهندوسية والمسلمة وتتبنى روايات متحيزة للغاية يتم فيها تصوير الهندوس على أنهم ضحايا، بينما يصور المسلمين على أنهم أشرار.
فيلم "ملفات كشمير"، على سبيل المثال، الذي لاقى صيتاً كبيراً ودعمه رئيس الوزراء بنفسه علناً، يتحدث عن الهجرة الجماعية للهندوس من ولاية كشمير في أوائل التسعينيات إثر تمرد مسلح مدعوم من باكستان من قبل مسلمي كشمير ويصور المسلمين على أنهم لا يأبهون بارتكاب الأعمال الوحشية البشعة والقاسية.
أخيراً، من السابق لأوانه توقع إمكانية نجاح هذه الأفلام ومدى تأثيرها في الانتخابات وفقاً للمنتجين والناشرين الذين تحدثوا معنا أثناء تحضير هذا البحث، لكن ليس من الإجحاف القول إن أحد العوامل الأساسية في نجاح الحزب الحاكم للمرة الثالثة في حال فوزه هو الاستخدام الذكي لوسائل البروباغندا والدعاية السينمائية.

نقلاً عن اندبندنت أوردو

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير