Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جماعات الهيكل" من هامشية وصغيرة إلى سدة الحكم في إسرائيل

تصاعدها التدريجي منذ عام 1967 وارتفاع عدد أفرادها وإحكام تنظيمها وقدرتها على حشد التمويل، عوامل رافقها نجاح ملحوظ في الصعود النيابي والحكومي

بدأت اقتحامات المستوطنين من جماعات الهيكل بالارتفاع بشكل ملحوظ منذ نجاحهم عام 2003 في الحصول على قرار قضائي يجيز اقتحامهم للمسجد الأقصى فرادى وجماعات (رويترز)

ملخص

بحسب خبراء ومحللين، فإن 16 وزيراً في حكومة بنيامين نتنياهو المكونة من 31 وزيراً، يحسَبون على "جماعات الهيكل"، ليس لأنهم يؤيدون بناء الهيكل مكان الأقصى وحسب، بل يجندون كل إمكانياتهم العسكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية من أجل تحقيق ذلك. ولفت تحقيق للقناة "12" الإسرائيلية، إلى أن تدشين الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى يُعَدّ "حلماً لبعض المشاركين في الحكومة"، في إشارة إلى حركة "القوة اليهودية" التي يقودها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وحركة "الصهيونية الدينية" بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

مع بدء الاحتفالات الإسرائيلية بعيد "الفصح"، صباح الثاني والعشرين من أبريل (نيسان) 2024، والذي يعد أحد أهم الأعياد بالنسبة لليهود، يكثف المستوطنون يومياً محاولات تهريب القرابين لذبحها داخل المسجد الأقصى، ليس فقط لأهمية دمها في التمهيد لـ "إحياء الهيكل" وشكر الرب على إنقاذهم من فرعون، بحسب المعتقدات اليهودية، بل تلبيةً لنداءات منظمة "عائدون إلى جبل الهيكل" التي قدمت إغراءات بمنح مكافآت مالية تصل قيمتها إلى أكثر من 13 ألف دولار، لمن ينجح منهم في تهريبها وذبحها خلال الأيام السبعة لعيد الفصح، خصوصاً بعد أن نجح مستوطنون بإدخال "فطير العيد" وقراءة جماعية لمقاطع من "سفر الخروج" (يتحدث عن خروج بني إسرائيل من مصر) ودخول عدد من الكهنة بلباس التوبة الأبيض. وعلى رغم أن ذبح القرابين داخل الأقصى لم ينجح حتى اللحظة، إلا أنه وفقاً لمراقبين، اقترب تدريجاً خلال السنوات الماضية بشكل مريب، وباتت طقوسه تقام في موقع قريب من المسجد، بتشجيع من "جماعات الهيكل" التي تؤمن بأن "خلاص الشعب اليهودي لا يبدأ فقط من السيطرة على أرض إسرائيل الكاملة (من نهر النيل في مصر إلى الفرات في العراق)، وإنما بهدم المسجد الأقصى المقام على مساحة 144 ألف متر مربع كاملاً، لإقامة "هيكل سليمان" مكانه".
ووفقاً لوزارة الأوقاف الإسلامية، بدأت اقتحامات المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى بالارتفاع بشكل ملحوظ منذ نجاحهم في عام 2003 في الحصول على قرار قضائي يجيز الاقتحام الفردي والجماعي للمسجد، وأخذت أعدادهم التي لم تكن تتجاوز بضعة آلاف آنذاك، تزداد سنوياً بشكل كبير حتى وصلت في عام 2023 الى 48000 مستوطن. كما تزايد باضطراد عدد قوات الأمن التي تتجول في باحات الحرم، وأصبحت الشرطة تتدخل بشكل أوسع في إغلاق ساحات الحرم أمام المصلين، ناهيك عن منع الأوقاف من القيام بأي ترميم أو إصلاحات داخل مباني المساجد ومنع دخول المصلين من الضفة الغربية وقطاع غزة.


حجر الأساس

في ستينيات القرن الماضي، أسس الضابط في الجيش الإسرائيلي جرشون سولومون جماعة "أمناء جبل الهيكل" كأولى مجموعات ما يعرف بـ "جماعات الهيكل"، وهي تواظب منذ عام 1967 حتى اليوم القيام بنشاطات لتغيير الوضع القائم واقتحام ساحات الحرم القدسي، وأدى إعلان نيتها وضع حجر الأساس للهيكل في ساحة الحرم نهاية التسعينيات، إلى اندلاع مواجهات أدت إلى مقتل 21 فلسطينياً وإصابة المئات، إلا أن ذلك لم يمنعها من الدعوة علناً إلى هدم المسجد الأقصى ورفع شعار "جبل الهيكل هو المركز القومي والديني للشعب وأرض إسرائيل". وحصلت في 29 يوليو (تموز) 2001 على قرار قضائي يجيز لها وضع حجر الأساس للهيكل عند باب المغاربة في القدس.
وإلى جانب حركة "أمناء الهيكل"، التي تتخذ من مدينة القدس مقراً لها، ولها فرع في الولايات المتحدة يقوم من خلاله مسيحيون من كاليفورنيا بدعمها مالياً، برزت المنظمات والجماعات اليهودية المتطرفة الأخرى التي سعت لتحقيق الهدف نفسه، وتعد جماعة "معهد الهيكل" لمؤسسها يسرائيل أرئيل التي نشأت عام 1983 المؤسسة الأم لحركة "من أجل إنشاء الهيكل" التي تحيي سنوياً ذكرى "خراب الهيكل" وتنظم دورياً مسيرات وزيارات لأتباعها إلى الحرم القدسي، و"مدرسة الفكرة اليهودية"، التي تركز عملها على تخريج جيل من اليهود المتشددين لفكرة هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه. كما برزت منظمة "لاهافا" كإحدى "جماعات الهيكل" التي تدعو بشكل صريح وعلني إلى طرد جميع العرب من أرض فلسطين، وتفكيك قبة الصخرة من أجل تدشين "الهيكل"، بل وتحتفي بمنفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي، باروخ غولد شتاين، وتعتبره بطلاً. وإلى جانبها، ظهرت الجمعيتان الاستيطانيتان "عطيرت كوهنيم" التي تأسست عام 1978، و"إلعاد" التي تأسست عام 1986، و"الوقف- كنوز الهيكل"، وكذلك جمعية "إلى جبل موريا (إل هارهمور)"، كما تعمل جماعة "نساء لأجل الهيكل" منذ انطلاقها مطلع الألفية الثانية على جمع الحلي الذهبية والأحجار الكريمة من نساء جماعات الهيكل وحفظها في "معهد الهيكل"، ويبرز نشاطها بتشجيع العرائس اليهوديات على اقتحام الأقصى في يوم أو ليلة الزفاف، كجزء من شعائر الزواج اليهودي. وتعمل هذه الحركة النسائية على رفع مستوى الاهتمام النسوي في "جبل الهيكل" وتشجيع الاقتحامات، من خلال برنامج شهري محدد. وتنظم المحاضرات، والحلقات النسوية البيتية، وتنشر الفتاوى النسائية المتعلقة باقتحام الأقصى. وعلى غرار تلك الجماعات والجمعيات، ظهرت جماعة "طلاب لأجل الهيكل" برئاسة توم نيساني، وجماعة "تراث جبل الهيكل"، وأدى ائتلافهما في ما بعد إلى تأسيس منظمة "جبل الهيكل بأيدينا" (بيدينو) التي تدعو أنصارها لجلب الأبواق (الشوفار)، واقتحام المسجد الأقصى خلال رأس السنة العبرية وتحثهم على نفخه بشكل جماعي، وقد أجازت محكمة الصلح في القدس للمستوطنيين عام 2022 النفخ بالبوق وإقامة الصلوات عند الحائط الشرقي. ووفقاً لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني، يندرج تحت مظلة "اتحاد منظمات الهيكل" الذي تأسس عام 2013 بهدف توحيد كل المنظمات والحركات اليهودية اليمينية المشتتة، نحو 60 مؤسسة لجماعات الهيكل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


نفوذ برلماني

التصاعد التدريجي لجماعات "جبل الهيكل" منذ عام 1967 وارتفاع عددها وإحكام تنظيمها وقدرتها على حشد التمويل، ترافق مع نجاح ملحوظ في الصعود النيابي والحكومي، والذي مكنها من الانخراط بقوة في الحياة السياسية، حتى أصبحت هذه المنظمات والجماعات، تمتلك نفوذاً كبيراً داخل المؤسسات الرسمية، ولها حصة متنامية داخل الكنيست الإسرائيلي، وهو ما أسهم في تحقيق العديد من المكاسب، كما تمكنت "جماعات الهيكل" خلال السنوات الأخيرة من تولي حقائب وزارية عديدة، والتربع كلاعب أساسي في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، كيف لا وقد باتوا يشكلون كتلة ثابتة بين 17 إلى 18 نائباً في الكنيست، ويشغلون نحو 15 في المئة من مقاعده. الأمر الذي مكنهم في عام 2012 من الحصول على موافقة لمشروع إقامة كنيس يهودي داخل باحات المسجد الأقصى، يمتد من شمال مصلى باب الرحمة إلى المصلى المرواني.
وبحسب خبراء ومحللين، فإن 16 وزيراً في حكومة بنيامين نتنياهو المكونة من 31 وزيراً، يحسَبون على "جماعات الهيكل"، ليس لأنهم يؤيدون بناء الهيكل مكان الأقصى وحسب، بل يجندون كل إمكاناتهم العسكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية من أجل تحقيق ذلك. ولفت تحقيق للقناة "12" الإسرائيلية، إلى أن تدشين الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى يُعَدّ "حلماً لبعض المشاركين في الحكومة"، في إشارة إلى حركة "القوة اليهودية" التي يقودها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وحركة "الصهيونية الدينية" بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش. وعلى رغم أن الحاخامية الرسمية في إسرائيل والتيارات الدينية المركزية تُحرم على اليهود دخول المسجد الأقصى، وتحذر من يخالف الفتوى بأنه يرتكب خطيئة. إلا أن "جماعات الهيكل" التي نمت واتسع نفوذها منذ ستينيات القرن الماضي، تطالب الجميع بضرورة اقتحام المسجد الأقصى والصلاة فيه باعتباره حقاً مقدساً لليهود.

دراسات الهيكل

وبالتزامن مع القدرة على الصعود النيابي والحكومي، بينّت دراسة لجمعية "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية أن "جماعات الهيكل" تنشط في المدارس الحكومية، والمعاهد الدينية، والكليات، ومدارس البنات الثانوية، ومعاهد "اليشيفاه" الدينية، وحركات الشباب، وتُعرّض المؤسسات التعليمية الرائدة في مجال دراسات الهيكل، الطلبة بالقوة لإصدارات حركات المعبد في التاريخ والأيديولوجيا والعقيدة اليهودية، وبخاصة ما يتعلق بجبل الهيكل والشوق والرغبة في إقامة "الهيكل الثالث". وتلعب إدارة التعليم الديني دوراً حيوياً في تصميم المناهج الدراسية، وتقترح أساليب لدمج دراسات الهيكل مع المجالات التقليدية في كل من الجغرافيا والتاريخ والتلمود كبناء نماذج جبل الهيكل، وكتابة الصلوات والأغاني والقصص القصيرة عن القدس والهيكل، مع طرح توصيات لزيارة "معهد الهيكل" وغيرها من المعاهد والأماكن الدينية، وذلك لتمكين فكرة بناء الهيكل في عقول ونفوس الأجيال الصاعدة. إلى جانب ذلك، تطرح "جماعات الهيكل" بشكل مستمر برامج مشتركة مع وزارة التعليم لدعم النشاطات التعليمية للتوعية في موضوع "الهيكل" في المدارس ورياض الأطفال. وذكرت "عير عميم" أن الحاخامات يديرون بأنفسهم بعض النشاطات التي تُنظَّم بالتعاون بين "جماعات الهيكل" والصناديق التعليمية. وفي أحد الأنشطة -على سبيل المثال- يبني الطلبة من جميع الصفوف نموذجاً كرتونياً ضخماً للهيكل، وبعد تجهيزه يدخل الآباء الهيكل الذي بناه الأبناء ويستمعون إلى شروحاتهم وهم يرتدون الملابس الكهنوتية.
وبعد أن رفعت إدارة التعليم الديني في العام الدراسي 2009-2010 شعار "القدس وصهيون: الشوق إلى الإدراك، ومن الرؤية إلى الواقع"، ظهرت متعلقات "الهيكل" بشكل كثيف في المحتوى التعليمي. كما عمدت وزارة التعليم الإسرائيلية وضمن مشروع "الصعود إلى القدس" الذي افتتحته عام 2010، على تسيير رحلات لطلبة المدارس إلى القدس، بهدف التأكد من أن كل طالب في النظام التعليمي الإسرائيلي زار العاصمة ثلاث مرات على الأقل قبل اجتيازه سن الثامنة عشرة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات