Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمع الشرطة الفرنسية يدفع المهاجرين للمخاطرة بعبور "القنال الإنجليزي"

حصري: وصول أكثر من 700 شخص إلى الشواطئ البريطانية في يوم واحد

 يلجأ مهاجرون إلى طرق أكثر خطورة ومسارات أطول للعبور إلى المملكة المتحدة  (أ ف ب)

ملخص

العاملون في مؤسسات خيرية سجلوا تصاعداً في اعتداءات الشرطة الفرنسية خلال الأشهر الستة الأخيرة وهو ما أجبر المهاجرين على القيام بمزيد من محاولات العبور المحفوفة بالخطر لـ"القنال الإنجليزي" في اتجاه البر البريطاني

يزعم مهاجرون موجودون في شمال فرنسا أن تصاعد النهج العدواني عليهم من جانب الشرطة الفرنسية - التي تتلقى تمويلاً من الحكومة البريطانية - يرغمهم على مغادرة مخيماتهم كل 48 ساعة، ويدفعهم إلى محاولة عبور مياه "القنال الإنجليزي" في اتجاه المملكة المتحدة.

وأفاد لاجئون يقيمون في مخيمات موقتة في دانكيرك بأن الشرطة تقوم بتفريقهم بوتيرة زمنية لا تتعدى يومين في وقت تقوم فيه قوة مكافحة الشغب بتفكيك مخيمات بأكملها كل 10 إلى 12 أسبوعاً.

وقد استخدم 711 شخصاً قوارب صغيرة لعبور "القنال الإنجليزي" الأربعاء الماضي، وهو رقم قياسي لهذا العام، مما شكل انتكاسة لخطة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الهادفة إلى ردع المهاجرين عن القيام برحلات محفوفة بالأخطار إلى المملكة المتحدة.

أحد اللاجئين الأفغان الذي تحدث إلى "اندبندنت"، ذكر أن التدمير المتكرر للمخيمات على يد الشرطة الفرنسية دفعه وآخرين إلى اتخاذ إجراءات يائسة بصورة متزايدة للوصول إلى المملكة المتحدة. وقال في هذا الإطار "يجب أن أذهب إلى بريطانيا لأن فرنسا ترفض قبولنا. والأسوأ من ذلك هو أن الشرطة تأتي كل بضعة أسابيع وتدمر خيمنا وممتلكاتنا، ولا تترك لنا شيئاً يقينا المطر". وأضاف "إن جل ما أطمح إليه هو أن أعمل وأعيش حياة آمنة. نريد العيش بسلام، وهو أمر نأمل في أن نجده في المملكة المتحدة لأنه صعب المنال هنا. لماذا نخضع لهذا التعذيب الذي لا ينتهي والمتمثل في هدم خيمنا كل بضعة أسابيع؟".

العاملون في مؤسسات خيرية سجلوا من جانبهم تصاعداً في اعتداءات الشرطة الفرنسية خلال الأشهر الستة الأخيرة، مما أجبر المهاجرين على القيام بمزيد من محاولات العبور المحفوفة بالخطر لـ"القنال الإنجليزي" في اتجاه البر البريطاني.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء ريشي سوناك، كان قد أعلن في مارس (آذار) عام 2023، عن التزام حكومته تقديم مبلغ 500 مليون جنيه استرليني (625 دولاراً أميركياً) على مدى ثلاث سنوات، لدعم عمل عناصر "حرس الحدود" الفرنسي. ويشمل هذا التمويل تزويدهم بموارد مثل كاميرات المراقبة بالفيديو، وطائرات مسيرة، ومناظير الرؤية الليلية. ويستخدم أفراد الشرطة هذه الأدوات على الشواطئ لردع المهاجرين عن ركوب قوارب صغيرة، ولا سيما أثناء الليل. وأفاد مهاجرون عن حالات قامت فيها الشرطة بتقطيع القوارب لمنع انطلاقها، إضافة إلى نشر طائرات هليكوبتر ومسيرات على ارتفاعات منخفضة لترهيبهم.

وقد وافقت فرنسا في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي على استخدام منتظم لطائرات مسيرة بهدف مراقبة محاولات عبور القنال في يناير، وذلك إثر لقاء جمع وزير الداخلية البريطاني جيمس كليفرلي ونظيره الفرنسي جيرالد دارمانين. وفيما أشاد السيد كليفرلي بجهود إنفاذ القانون الفرنسية على الحدود، مشيراً إلى أن "النتائج مثيرة للإعجاب"، أعرب السيد دارمانين عن نية البلدين التزام مواصلة "تعزيز التعاون بينهما".

وعلى رغم تكثيف وجود عناصر الشرطة على الشواطئ، ارتفع عدد القوارب الصغيرة الوافدة إلى المملكة المتحدة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وخلال الفترة الممتدة ما بين مطلع يناير والـ21 من أبريل (نيسان) هذا العام وصل عدد القوارب الصغيرة إلى 6265، مقارنة بـ5049 خلال الفترة نفسها من عام 2023، أي بزيادة مقدارها 24 في المئة.

 

وقد وصف سوناك الخميس الماضي تدفق الأشخاص الذين يعبرون "القنال الإنجليزي" بأنه "غير مقبول"، لكنه أكد أن البدء في تسيير رحلات جوية إلى رواندا، "سيشكل رادعاً فعالاً لهؤلاء"، بحسب تعبيره.

وأقر رئيس الوزراء البريطاني بالارتفاع الأخير في أعداد الوافدين إلى المملكة المتحدة، لكنه رأى أن عمليات العبور خلال العام الماضي تظل أقل من الذروة التي شهدتها البلاد في عام 2022.

لاجئ أفغاني آخر يدعى شفيع الله يبلغ من العمر 30 سنة وصف كيف أن الضغط المكثف الذي تمارسه الشرطة الفرنسية في المخيمات أدى إلى زيادة إلحاحه على التوجه إلى بريطانيا بأقصى سرعة، وقال "كنت أعيش في الأدغال لمدة 3 أشهر، وحاولت 15 مرة الوصول إلى المملكة المتحدة على متن قوارب". وروى أيضاً كيف جرى استخدام الغاز المسيل للدموع ضد المهاجرين على الشواطئ أثناء محاولات العبور، زاعماً أن الشرطة قامت بثقب القوارب لمنع انطلاقها.

كذلك أفاد مهاجرون أجرت "اندبندنت" مقابلات معهم، بأنهم كانوا يقطعون رحلات تستغرق ما بين 4 و8 ساعات طوال الليل سيراً على الأقدام، للوصول إلى الشواطئ، إذ حاولوا ركوب قوارب مطاطية متوجهة إلى المملكة المتحدة.

وفي الشهر الماضي، فقد خمسة أشخاص حياتهم - منهم فتاة تبلغ من العمر 7 سنوات - بعد انطلاقهم من شاطئ ويميرو الذي يبعد عن دانكيرك قرابة 16 ساعة سيراً على الأقدام. ووقعت حادثة مفجعة أخرى في شهر مارس (آذار)، عندما لقيت فتاة تبلغ من العمر 7 سنوات حتفها في منطقة واتن، التي تبعد مسافة 20 ميلاً (32 كيلومتراً) عن كاليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كريس ماكشيري الذي يبلغ من العمر 29 سنة، وهو منسق العمليات في مؤسسة "كير فور كاليه" Care4Calais الخيرية (التي تعنى بتسهيل أوضاع طالبي اللجوء في شمال فرنسا وبلجيكا)، أوضح أن "تكثيف الشرطة لعملياتها بات يؤثر في النقاط التي يغادر منها المهاجرون. وفيما لا يزال البعض منهم يحاول العبور من نقطتي سانغات وكاليه، فإننا نشهد آخرين يغادرون من أماكن أبعد. وقد سمعنا عن أشخاص عبروا القنال من بلجيكا. وعندما وقعت حادثة وفاة الفتاة في شهر مارس (آذار) كان ذلك في منطقة واتن، التي تبعد نحو 25 كيلومتراً عن شواطئ البلاد [غرق القارب الذي كان يقل 16 لاجئاً في القناة التي تمر بمنطقة واتن]. من هنا فإن سعي المهاجرين إلى البحث عن طرق أخرى ووسائل بديلة، يعزى في جزء كبير منه إلى تأثير عمليات الشرطة". وأضاف أن "هذا الوضع يدفع بالناس إلى القيام برحلات أطول بكثير وأشد خطورة. وعندما تفشل محاولاتهم، فإننا نشهد نتائج أكثر خطورة. ويعود المهاجرون مصابين بحروق من الوقود، أو بانخفاض شديد في درجة حرارة جسمهم، أو التعرض لأشعة الشمس بسبب قضائهم ساعات طويلة في الخارج".

وتشير بيانات "مشروع المهاجرين المفقودين" Missing Migrants Project (الذي وضعته "المنظمة الدولية للهجرة" لتوثيق الحوادث التي توفي فيها مهاجرون أثناء انتقالهم خارج بلدانهم إلى وجهة دولية) إلى أن 14 شخصاً فقدوا حياتهم في مياه "القنال الإنجليزي" حتى الآن هذه السنة، مقارنة بـ21 حالة وفاة سجلت طوال خلال عام 2023 بأكمله.

في المقابل كشف تحقيق مشترك أجرته كل من صحيفة "ذا أوبزرفر" البريطانية وغرفة "لايتهاوس ريبورتس" للأخبار الاستقصائية وصحيفة "لوموند" الفرنسية ومجلة "دير شبيغل" الألمانية عن أن الشرطة الفرنسية بدأت تجبر القوارب الصغيرة على العودة أثناء وجودها في البحر، واستخدام أساليب مثل ثقبها عمداً.

يشار إلى أن السلطات المحلية عملت على تقييد أنشطة منظمات الإغاثة في المنطقة، من خلال إغلاقها أخيراً الموقع الرئيس الذي كانت توزع منه المواد الغذائية في دانكيرك، وإقامة سياج معدني حول المنطقة.

وفي تعليق على هذه المسألة أعلن متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية أن "العدد المرتفع غير المقبول للأفراد الذين يواصلون عبور مياه ’القنال الإنجليزي‘ إلى المملكة المتحدة، يؤكد الحاجة الملحة للبدء - من دون تأخير - بتسيير رحلات جوية تنقل طالبي لجوء إلى رواندا". وأضاف "نواصل التعاون بصورة وثيقة مع الشرطة الفرنسية التي تواجه تصاعد العنف والاضطرابات على شواطئها، إذ تبذل جهوداً بلا كلل، لردع هذه الرحلات المحفوفة بالخطر، وغير القانونية، والتي يمكن تجنبها".

وختم المتحدث بالقول "نحن لا نزال ثابتين في التزامناً البناء على إنجازات العام الماضي التي أسهمت في خفض عدد الوافدين إلى بريطانيا بأكثر من الثلث. ويشمل ذلك تطبيق تشريعات أكثر صرامة وإبرام اتفاقات مع شركاء دوليين تهدف جميعها إلى إنقاذ أرواح ووقف تدفق القوارب".

يشار أخيراً إلى أن "اندبندنت" اتصلت بمقاطعتي محافظتي شمال فرنسا و"با دو كاليه" للتعليق على الموضوع.

© The Independent

المزيد من تقارير