القرارات الطموحة تحتاج إلى قيادة شجاعة، وما يحدث حالياً في السعودية ليس مبالغات، وأعرف أن الحديث قد لا يعجب بعض الجماعات الحقوقية في العالم. لكن الأرقام والوقائع والقرارات تتحدث، فالمرأة السعودية اليوم ليست شريكة بالاسم فقط، بل بالفعل، في تنمية المجتمع والنهوض به ودفع عجلة التنمية.
قبل يومين، ومن الرياض عاصمة المرأة العربية 2020 احتفلت البلاد بـ "يوم المرأة العالمي"، وكان الاحتفال كبيراً، نجومه سيدات المجتمع السعودي القياديات من مختلف المناطق والقطاعات. ودشن خلاله وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودي أحمد الراجحي منصة قياديات، هي الأولى من نوعها في العالم لدعم تمكين المرأة بالبلاد لتولي مناصب قيادية في القطاعين العام والخاص .
حقوق المرأة وتمكينها ليست ترفاً، بل ضرورة مجتمعية واقتصادية وثقافية، وهو ما دفع بالمسؤولين في السعودية لوضع خطط فعلية لتمكين المرأة والدفع بها لسوق العمل لرفع نسبة المشاركة.
وتعتبر السعودية من الدول القلائل في العالم التي صدر فيها قرار وزاري عام 2001، ينص على عدم التمييز بين أجور العاملين والعاملات في الأعمال ذات القيمة المتساوية، ثم بدأت الدولة تدريجياً بإصدار قرارات متتالية، كان من بينها تأنيث محال الملابس النسائية ثم السماح للمرأة بالمشاركة في انتخابات المجالس البلدية ناخبة ومرشحة عام 2012، وفي 2013 دخلت المرأة لمجلس الشورى السعودي لتشكل 20 في المئة من أعضائه.
وحين بدأت البلاد في تنفيذ برنامج رؤيتها 2030 كان دعم المرأة وتمكينها موجوداً في أربعة برامج، بينها التحول الوطني وجودة الحياة.
بعد تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في 2015، لم تمض أشهر حتى تم تأسيس مجلس شؤون الأسرة، وتبع ذلك قرارات تاريخية، إذ واجهت رفضاً اجتماعياً لعقود وكانت بحاجة لحسم سياسي، بينها السماح للمرأة بقيادة السيارة، ثم إلغاء شرط وجود ولي يأذن لها في السفر والتنقل، وهو منافٍ لحرية المرأة العاملة، بل النساء بشكل عام.
ونعتبر نحن النساء السعوديات أن عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هو العهد الحقيقي لتمكين المرأة ودعمها ومنحها حقوقها. فكثير من المطالب كنا نعتبرها أحلاماً، لم تحقق إلا بدعم من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونطلق عليه "الأمير المجدد"، لأنه جعل البلاد في حيوية متجددة، ومنح للمرأة مكاناً ومكانة لا تقل أهمية عن الرجل، إذ استحدثت الدولة وكالة وزارة الخدمة المدنية سابقاً لتمكينها.
لا أنكر أنه انتابني قلق من حجم المهمة، لكنني فوجئت بمساحة الأمل وشجاعة الأهداف الموضوعة، والدعم الكبير من القيادة لتمكين المرأة في سوق العمل، إيماناً منها بأن التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تتم و50 في المئة من المجتمع قوة معطلة، بسبب قيود دينية واجتماعية ليست سوى عادات لا يمكن فرضها على الجميع، وتطرف ديني تستخدمه التيارات المتشددة لفرض قيود على المرأة، واستخدامها ورقة في معاركها الجانبية التي أضرت بالبلاد كثيراً، حتى جاء الحسم من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بعزمه القضاء على التطرف وبشكل فوري.
الأرقام هي الفاصل في موضوع تمكين المرأة، إذ ارتفعت المشاركة الاقتصادية للسيدات لتصل إلى 23.2 في المئة في 2019، كما ارتفع عدد العاملات في القطاع الحكومي إلى 41 في المئة، وشهدت زيادة في عدد النساء في المناصب القيادية المتوسطة والعليا إلى 28 في المئة.
كما أوضح تقرير المرأة بشأن أنشطة الأعمال والقانون 2020 الصادر عن مجموعة البنك الدولي القفزة التي حصلت في ملف تمكينها، ورصد التقدم الحاصل في التشريعات والأنظمة، وحصلت الرياض على الدولة الأعلى إصلاحاً على مستوى العالم، بعدما تقدمت 45 درجة بالقياس على العام الماضي.
استشهدتُ في حفل يوم المرأة العالمي قبل أيام بمقولة لجدتي الراحلة وهي "أن اليد الواحدة لا تربط خيطاً" فما بالكم في بناء وطن. نحتاج النساء والرجال أيادي وسواعد لبناء الوطن. والمرأة أياً كان دورها في المجتمع، طالبة، أو موظفة أو ربة منزل، هي شريك أساسي في نهضة البلاد، ولا نريد أن نكتفي بمقولة وراء كل رجل عظيم امرأة، بل إن المرأة والرجل شركاء لبناء وطن عظيم.