أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، السبت، أن اثنين من الجنود الأميركيين الثلاثة الذين أصيبوا في أحدث هجوم صاروخي في العراق، حالتهما خطيرة ويخضعان للعلاج في مستشفى عسكري ببغداد.
وأحجم جوناثان هوفمان، المتحدث باسم البنتاغون، عن التكهن بشأن الرد المحتمل، لكنه قال في بيان استناداً إلى تحذير وزير الدفاع مارك إسبر الأسبوع الماضي "لا يمكن أن تهاجموا وتصيبوا أفراداً من الجيش الأميركي وتفلتون... سنحاسبهم".
وأضاف هوفمان أن قوات الأمن العراقية قامت باعتقالات مبدئية، قائلاً إن الولايات المتحدة تساعد في التحقيق في الهجوم.
وكانت قيادة العمليات المشتركة في الجيش العراقي أعلنت، في بيان السبت، سقوط 33 صاروخاً على وحدات الدفاع الجوي قرب بعثة التحالف الدولي داخل معسكر التاجي، مشيرةً إلى إصابة عدد من منتسبي الدفاع الجوي وهم بحالة "حرجة جداً"، فيما أكدت بأنها ستتخذ كل الإجراءات للقبض على الفاعلين.
وأكدت القيادة، بحسب البيان، أنها "ستتخذ كل الإجراءات لملاحقة من قام بهذا العمل العدواني والقاء القبض عليهم"، رافضة أن "تقوم القوات الأميركية أو غيرها بأي عمل من دون موافقة الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة، كما فعلت صباح 13 مارس (آذار)، فهي بذلك لا تحد من هذه الأعمال، بل تغذيها وتضعف قدرة الدولة العراقية وتوقع المزيد من الخسائر بالعراقيين وغيرهم مما يستوجب المسارعة بتطبيق قرار مجلس النواب الخاص بموضوع الانسحاب".
في المقابل، قال المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل مايلز بي. كاجينز، على "تويتر"، إن ثلاثة من قوات التحالف أصيبوا في الهجوم الصاروخي بالإضافة إلى جنديين عراقيين، مشيراً إلى أن ما لا يقل عن 25 صاروخاً من عيار 107 ملليمترات أثرت على القاعدة العراقية.
ووقع هجوم مماثل على قاعدة التاجي، التي تبعد 20 كيلومتراً إلى الشمال من بغداد، يوم الأربعاء الماضي أسفر عن مقتل جنديين أميركيين وجندي بريطاني ودفع واشنطن للرد بضربات جوية يوم الخميس أودت بحياة ستة عراقيين.
وتتهم الولايات المتحدة كتائب "حزب الله" العراقية التي تدعمها إيران بالمسؤولية عن هجوم الأربعاء، وقالت إن ضرباتها الجوية استهدفت هذه الجماعة. لكن البيانات الرسمية العراقية عن القتلى كشفت أن الهجوم أدى الى مقتل ثلاثة عراقيين واثنين من أفراد الأمن ومدني ولم يسفر عن سقوط أي مسلحين.
واستنكر العراق الضربات الجوية الأميركية أمس الجمعة، وقال إنها انتهاك للسيادة واعتداء على قواته العسكرية النظامية.
تحذير
من جهة ثانية، حذّرت القيادة المركزية الأميركية إيران الجمعة 13 مارس، من "تهديد قواتنا أو حلفائنا"، قائلة "لدينا الإرادة للرد على أي هجمات تستهدف القوات الأميركية"، موضحة أن الهجمات الأميركية في العراق "رسالة لإيران".
وقال المتحدث باسم القيادة "لن نسمح لكتائب حزب الله العراقي باستهدافنا والإجراءات الأميركية في العراق دفاعية الطابع"، مضيفاً "لدينا اتصال وثيق بالسلطات والاستخبارات العراقية".
وأضاف "لن ننتظر الهجوم علينا للرد، نتشاور مع شركائنا العراقيين حول مصدر الضربات"، مؤكداً أن "المواقع التي استهدفت في العراق تعود لإرهابيين". وأضاف أن "حزب الله العراقي شن 12 هجوماً في الأشهر الماضية".
وقال المتحدث إن الميليشيات في العراق تبحث عن آلية عمل لها بعد مقتل قاسم سليماني، في إشارة إلى قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الذي قتل بضربة أميركية مطلع يناير (كانون الثاني) قرب مطار بغداد.
ورأى أن إيران لا تسعى إلى حرب شاملة في وقت تخضع لعقوبات قاسية، وقال "إيران تعلمت بعض الدروس بمقتل سليماني". وأضاف "السلطات العراقية تدرك فوائد وأهمية وجود القوات الأميركية، صواريخ باتريوت ستكون جاهزة في العراق خلال أيام".
هجوم سريع وحاسم
وكان وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب قال إن الرد الذي قادته الولايات المتحدة على هجوم تعرضت له قوات التحالف في العراق كان "سريعاً وحاسماً ومتناسباً"، وأضاف أن على كل من يسعى لإلحاق الأذى بقوات التحالف أن يتوقع رداً قوياً، وتابع راب في بيان "إن القوات البريطانية موجودة في العراق مع شركاء التحالف لمساعدة البلاد على مواجهة النشاط الإرهابي، وعلى كل من يسعى لإلحاق الأذى بقوات التحالف أن يتوقع رداً قوياً".
في المقابل، حذّرت إيران الرئيس الأميركي دونالد ترمب واصفة الضربات الأميركية في العراق بأنها "خطيرة"، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي في بيان بعد بضع ساعات على الضربات الأميركية "بدلاً من القيام بأفعال خطيرة وإطلاق اتهامات لا أساس لها، ينبغي على ترمب إعادة النظر في وجود وسلوك قواته في المنطقة".
ضربات جوية... وقتلى
في هذا الوقت، قال الجيش العراقي في بيان إن الضربة الجوية الأميركية أدت إلى مقتل ثلاثة جنود وشرطيين ومدني، وكان الجيش لفت فجر اليوم الجمعة، 13 مارس (آذار) في بيان، إلى أن الولايات المتحدة نفذت ضربات جوية على أربعة مواقع تابعة لقوات "الحشد الشعبي" والشرطة والجيش، وأوضح البيان الذي بثه التلفزيون الرسمي، أن المواقع المستهدفة شملت موقعاً في النجف وثلاثة أماكن أخرى جنوب العاصمة بغداد.
استهداف مطار قيد الانشاء
وقال مسؤول عراقي إن إحدى الضربات الجوية استهدفت مطاراً قيد الإنشاء في مدينة كربلاء، مؤكداً إصابة مبنى المطار. وأفادت مصادر أمنية عراقية بأن شخصاً قتل بالقصف الأميركي على مطار كربلاء الذي استهدف بثلاثة صواريخ ألحقت به أضراراً مادية كبيرة بحسب المصادر نفسها.
مناطق جرف النصر والمسيب والنجف والإسكندرية
وأصدرت خلية الإعلام الأمني، من جهتها، بياناً بشأن الهجوم الأميركي الذي استهدف مقار للحشد الشعبي في أربع مناطق، ولفتت إلى أنه "في تمام الساعة الواحدة والربع فجر هذا اليوم (الجمعة)، حصل اعتداء أميركي من خلال قصف جوي على مقرات تابعة للحشد الشعبي وأفواج الطوارئ ومغاوير الفرقة الـ 19 جيش"، وأضافت أن "ذلك حصل في مناطق جرف النصر، والمسيب، والنجف، والإسكندرية".
استدعاء سفيري أميركا وبريطانيا
وعلى خلفية القصف الأميركي، أمرت وزارة الخارجية العراقية باستدعاء السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولر، وقال وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم إن أمر استدعاء السفير "جاء خلال اجتماع طارئ عقده الوزير مع وكلاء الوزارة ومستشاريها لتدارس الإجراءات بشأن الاعتداء الأميركي"، ولفت المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف إلى أن الوزارة أمرت أيضاً باستدعاء سفير بريطانيا لدى بغداد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ضربات انتقامية
وكانت الولايات المتحدة نفذت ضربات انتقامية دقيقة في العراق ضد جماعة تدعمها إيران، اتهمتها واشنطن بالمسؤولية عن هجوم صاروخي كبير على قاعدة التاجي أسفر عن مقتل جنديين أميركيين وعسكري بريطاني.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الضربات، التي بدت محدودة النطاق، استهدفت خمسة مواقع لتخزين الأسلحة تستخدمها جماعة كتائب "حزب الله"، ومنها مخازن أسلحة استخدمت في هجمات على قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة
ولم يذكر الجيش الأميركي عدد الأشخاص الذين ربما قتلوا في الضربات الأميركية، في وقت قال مسؤولون إنها نفذت بطائرات مقاتلة.
مستعدون للرد مجدداً
وحذر وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في بيان للبنتاغون بشأن الضربات من أن الولايات المتحدة مستعدة للرد مجدداً إذا لزم الأمر، وقال إسبر "سنتخذ أي إجراء ضروري لحماية قواتنا في العراق وفي المنطقة".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب سارع إلى تفويض الجيش بالرد على هجوم الأربعاء في العراق، والذي أطلق خلاله المسلحون عشرات من صواريخ كاتيوشا من شاحنة على معسكر التاجي شمال بغداد، وسقط حوالى 18 صاروخاً على القاعدة من بين حوالى 30 تم إطلاقها.
وكانت تلك ثالث مرة خلال الأشهر الأخيرة التي يشن فيها الجيش الأميركي هجمات على جماعة كتائب "حزب الله"، وقتل الجيش الأميركي أكثر من 20 مسلحاً في ديسمبر (كانون الأول) رداً على هجوم على قاعدة عراقية أسفر عن مقتل متعاقد أميركي.
في يوم ميلاد سليماني
وكانت الضربة الجوية الأميركية التي استهدفت قائد فيلق القدس في الحرس الإيراني قاسم سليماني في يناير (كانون الثاني) قد قتلت أيضاً مؤسس كتائب "حزب الله" أبو مهدي المهندس.
وردت إيران على الضربة الأميركية بهجمات صاروخية من أراضيها على قاعدة عراقية تستضيف قوات أميركية، ما أسفر عن إصابة أكثر من 100 جندي أميركي بإصابات دماغية.
ووقع الهجوم الصاروخي على معسكر التاجي في يوم ميلاد سليماني الـ 63 في ما يشير إلى أن المسلحين كانوا لا يزالون يتطلعون للثأر. وأسفر هجوم الأربعاء عن إصابة حوالى 14 من قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ومن بينهم جنود أميركيون وبريطانيون وبولنديون وغيرهم إلى جانب متعاقدين.
تشريع يقيّد الرئيس
وفي إشارة إلى القلق من تحول التوتر بين الولايات المتحدة وإيران إلى صراع مفتوح، أقر مجلس النواب الأميركي الذي يقوده الديمقراطيون يوم الأربعاء تشريعاً يقيّد قدرة الرئيس على شن حرب على إيران. ويطبق الرئيس الجمهوري سياسة "الضغوط القصوى" على طهران بعد أن أعلن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي الذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما.