ترحالهم قوافل ومقامهم في الخانات. هنا تحت أقواس وسقوف يستقطع التجار بعضا من الوقت، فيلقون عن أكتفاهم أعباء السفر، ويستمدون من محطتهم الموقتة مؤونة لطريق مديد.
في وسط مدينة نابلس القديمة، واحد من تلك الخانات المتشرة بين مدن الشرق وأرجائه، وعلى امتداد طريق الحرير القديم نحو شرق الشرق.
تم تشييد خان نابلس المسمى "خان التجار" منذ حوالي 450 عاما، وهو ما يزال ينبض بالحياة وكأنه في يومه الأول، فيقصده أصحاب الحاجات لشراء ما يبتغونه من ملابس وأحذية وغيرها. فتحضر في أذهان رواد المكان من تجار وزبائن، كلمات ميري روجرز شقيقة القنصل البريطاني في حيفا أواخر سنة 1850 بأن هذا السوق "أفخر سوق للأقمشة في فلسطين".
تقول لافتة على مدخل الخان/ السوق أن الوزير العثماني قره مصطفى باشا (1500-1580)، شيّده في العام 1569، على غرار سوق الحميدية في العاصمة السورية دمشق.
ولا تزال جدران المبنى المسقوف على الطراز الإسلامي (على شكل أقواس نهضت بالحجارة والطين)، تحتفظ بنقوش عثمانية.
وتم ترميم الخان سنة 1102 هـ 1690 م، على إثر الزلزال سنة 1987م، وقد أصاب التدمير أثناء الاجتياح الإسرائيلي عام 2002 المدخل الشرقي للخان والمتمثل بالقنطرة والأبنية السكنية فوقها.
ونابلس هي إحدى أكبر المدن الفلسطينية سكانًا وأهمها موقعًا. وتعتبر مركزاً لشمال الضفة الغربية، إضافةً إلى كونها عاصمة لمحافظة نابلس التي تضم 56 قرية. وتُعرف أيضا بأسماء جبل النار ودمشق الصغرى وعش العلماء.
سمّى الكنعانيون المدينة باسم شكيم (أي المكان المرتفع)، وهي من المدن الأقدم في العالم، ويعود تاريخها إلى 5600 سنة (حوالي سنة 3600 ق.م).
في خان التجارة في قلب نابلس، لا يمكن أن تعود إلى الوراء، لكنك يمكن أن تطل على ما فات من عقود وقرون، فتستحضر منها ما يعينك على أن تكون في الحاضر وأن تفهمه...
وهذا ما يمكن أن تخبرنا به جولة كاميرا "اندبندنت عربية" في خان التجار في نابلس.