تحديات إقليمية وأخرى محلية سياسية واقتصادية وعسكرية، في انتظار المبعوثة الجديدة للأمم المتحدة إلى ليبيا الأميركية ستيفاني ويليامز، التي عينها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إثر استقالة المبعوث السابق، اللبناني غسان سلامة.
وتحاول ستيفاني ويليامز استغلال زادها المعرفي بالساحة الليبية لفك رموز الأزمة التي تجاوزت تسع سنوات، خصوصاً أنها كانت تتابع عن كثب مختلف خطط البعثة في ليبيا باعتبارها نائباً للشؤون السياسية، إضافة إلى كونها شغلت منصب سفيرة للولايات المتحدة في ليبيا.
وتزامن وصول ويليامز لسدة البعثة في ليبيا مع مواصلة تركيا إرسال مزيد من المسلحين وعجز مالي بسبب إقفال تصدير الخام الليبي منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، والذي حرم الخزينة الليبية أكثر من ثلاثة مليارات دولار، وفق المؤسسة الوطنية للنفط.
تعيين ستيفاني وليامز كممثلة خاصة بالإنابة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لدعم #ليبيا https://t.co/WwZ16AA5Ev pic.twitter.com/IUIHksg9GQ
— UNSMIL (@UNSMILibya) March 12, 2020
تضارب المصالح الإقليمية
وفي قراءته لإمكانية استغلال وليامز جنسيتها الأميركية لتقليص النفوذ الإقليمي في ليبيا، قال المبعوث الليبي السابق إلى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي في حديث لـ "اندبندنت عربية"، إن تغيير الوضع في ليبيا مرتبط بتغيير سياسة الأمم المتحدة وليس بتغيير المبعوثين"، وتابع "الولايات المتحدة لا تريد أن يكون رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أحد مواطنيها حتى لا تتحمل مسؤولية التعامل مع الملف الليبي الذي فشل في إدارته، وتوافق عليه الأوروبيون لحد الآن".
وأوضح أن الصراع بين القوى الكبرى حال دون قيادة أميركا للمشاورات الليبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستبعد الدباشي إمكانية تحقيق رئيسة البعثة بالنيابة إنجازات ذات قيمة، في ما يتعلق بوقف التدخل الخارجي في ليبيا، مؤكداً أن "كل من سيأتي خلفاً لسلامة سيفشل، لأن البعثة لم تسعَ للوصول إلى ممثلي الشعب الليبي، بل اقتصرت على التعامل مع متصدري المشهد السياسي الحالي الذين أتت بهم الصدفة".
إطالة الأزمة
من جهة اخرى، قال المتحدث باسم القبائل الليبية خالد الغويل إن "جميع المبعوثين الأمميين الذين وصلوا إلى ليبيا منذ الإطاحة بالرئيس السابق معمر القذافي، عجزوا عن إجهاض مسار المراحل الانتقالية الذي تتخبط فيه ليبيا منذ اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، بسبب الحروب بالوكالة وعدم احترام قرار منع حظر التسلح الذي أجج نار الصراع في البلد"، مؤكداً أن "تعيين وليامز جرى بطريقة خبيثة من قبل الولايات المتحدة حتى تمرر مواقفها عن طريق البعثة الأممية في ليبيا، التي ستكون مجرد وسيلة للسهر على خدمة مصالح أميركا".
وأشار الغويل إلى أن "ليبيا أضحت اليوم محل صراع دولي بين أعضاء مجلس الأمن الدولي دائمي العضوية، لا سيما أن المصالح الأميركية مركزة على شمال أفريقيا، وليبيا محط تنافس بين مختلف القوى الإقليمية لما تتميز به من مخزون نفطي ومائي خصوصاً في المنطقة الجنوبية".
موقف متخبط
من جهته، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية إلياس الباروني، أنه "لن يكون لويليامز أي دور محلي أو إقليمي، فمهمتها تسييرية وحسب، وهي عاجزة عن اتخاذ أي قرار، في ظل وجود شخصيات مثل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في سدة الحكم، حيث سيتراجع دور الولايات المتحدة في السياسة الدولية، في مقابل بروز دول أخرى". وأضاف أن "المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالنيابة لن تتمكن من إدارة أي ملف دولي أو محلي لأن القوى الإقليمية هي الفاعل الرئيس في ليبيا".
ونبّه إلى أن إحدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن هي من ستختار المبعوث الأممي الجديد الذي سيمثلها في ليبيا.
وذكر الباروني أن "اقتراح وزير الخارجية السابق الجزائري رمطان العمامرة لشغل منصب رئيس البعثة الأممية في ليبيا جرى بإيعاز فرنسي، الدولة التي تغير مواقفها مع تغيير المعطيات العسكرية على الأرض".
ويرى متابعون للشأن الداخلي الليبي أن الحل في هو تجاوز المراحل الانتقالية والذهاب بالبلد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية لتفادي شبح المجاعة الذي يتربص بالليبيين، بسبب توقف تصدير النفط وإنهاء المطامع الإقليمية في الثروات الباطنية.