كثفت القاهرة خلال الـ48 ساعة الماضية إجراءاتها الوقائية ضد فيروس "كورونا" الذي يجتاح العالم، وخصصت 100 مليار جنيه (نحو 6.3 مليار دولار أميركي) لتمويل الخطة شاملة في هذا الصدد، تتضمن إجراءات احترازية، وتبع ذلك سيل من القرارات التي تسير في الاتجاه ذاته لمواجهة الفيروس القاتل.
بداية الإجراءات جاءت من المؤسسة الرسمية الأولى في البلاد، حيث وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكومة بتعليق الدراسة في المدارس والجامعات لمدة أسبوعين، اعتباراً من الأحد 15 مارس (آذار) الحالي، وذلك في إطار خطة الدولة الشاملة للتعامل مع أي تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد.
وعقب قرار الحكومة بتعليق الدراسة، توالت ردود الفعل من الجهات والهيئات الحكومية المصرية، حيث أعلن أحمد عبد الهادي، المتحدث الرسمي باسم شركة مترو الأنفاق، أن الشركة ليست لها علاقة أو دخل بقرار تعليق الدراسة في المدارس والجامعات لمدة أسبوعين بسبب كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تعقيم محطات مترو الأنفاق
وأوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن الشركة اتخذت إجراءات حازمة لمواجهة انتشار الفيروس، لافتاً إلى زيادة عدد الوحدات الإسعافية المتنقلة في المحطات، لعلاج الحالات المشتبه في إصابتها بالفيروس.
وأكد أن الخطوط الثلاثة للمترو تعمل بصورة منتظمة، ولا يوجد أي معوقات تؤثر في حركة التشغيل، وقال إن "غرفة العمليات المركزية تتابع مجريات الأحداث أولاً بأول لإتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة لحماية الركاب والعاملين"، مشيراً إلى أن "قطارات المترو تخضع لعمليات تطهير وتعقيم قبل وبعد انطلاق الرحلات، إضافة إلى تعقيم المحطات ومنافذ بيع التذاكر".
باقات إنترنت تعليمية للطلاب
من جانبه، قال وزير الاتصالات المصري، عمرو طلعت، "نبحث مع شركات الإنترنت تقديم باقات تعليمية بسرعاتٍ عالية وأسعارٍ مخفضة خلال فترة تعطيل الدراسة كإجراء احترازي لمواجهة كورونا، وجميع المقترحات في ذلك الصدد، قيد الدراسة والبحث بما يلبي حاجة الطلاب، ويسهم في نجاح العملية التعليمية"، مشيراً إلى أن إطلاق الباقات وكذلك تخفيض تعريفة الاستهلاك، من بين البدائل التي سيبحثها مع شركات مقدمي خدمات الإنترنت.
الأزهر يعلق الدراسة... وخطبة الجمعة 15 دقيقة
في السياق، أعلن الجامع الأزهر، في بيان مقتضب مساء السبت الماضي، تعليق حلقات الدراسة التي تعقد فيه، وكذلك أعمال الفروع الخارجية بأروقة الأزهر لمدة أسبوعين، بدءاً من الأحد 15 مارس (آذار).
وعلى الدرب ذاته سارت وزارة الأوقاف، التي علقت العمل في جميع دور المناسبات التابعة لها، وحظر إقامة العزاء أو عقد القران في المساجد لحين إشعار آخر.
وذكرت في بيان لها صباح الأحد، أنه "عملاً من وزارة الأوقاف على الوفاء بواجبها الديني والوطني في الحفاظ على الأرواح، وانطلاقًا من مسؤوليتها الدينية والوطنية، تقرر قصر العمل في المساجد على الصلاة وخطبة الجمعة، وبما لا يزيد على 15 دقيقة في وقت الخطبة".
ودعت الوزارة إلى "قصر العزاء على مراسم تشييع الجنازة من دون إقامة السرادقات، وكذلك الحال بالنسبة إلى إقامة الأفراح بقصر الدعوة فيها على الأسرتين ما أمكن وخواص الخواص إذا لزم الأمر، لأن الحفاظ على الأرواح مقدم على كل هذه المظاهر، ودرء المفسدة مقدم على كل ذلك".
غلق مراكز تعليمية خاصة
وبعد تعليق الدراسة في المدارس والجامعات لمدة أسبوعين، شنت وزارة الداخلية حملات للتأكد من تعليق كافة أماكن الأنشطة التعليمية نشاطاتها خلال هذه الفترة واتخاذ الإجراءات القانونية الفورية تجاه المخالفين، وبخاصة مراكز الدروس الخاصة، حيث طالبت محافظة القاهرة من أولياء الأمور بأبعاد أبنائهم عن التجمعات والمراكز التجارية، ثم شنت بالتنسيق مع الجهات الأمنية حملة تم خلالها إغلاق عدد من المراكز التعليمية الخاصة، وعلى نفس المنوال أغلقت محافظة الجيزة ما يزيد على 16 مركزاً تعليمياً خاصاً في الساعات الأولى من تطبيق القرار.
وتكثيفا لحملات التوعية فنَّد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، الذراع الإعلامية لمجلس الوزراء المصري 10 فروق رئيسة بين الإصابة بالإنفلونزا العادية، وفيروس كورونا المستجد، أبرزها عدم وجود آلام في العضلات للمصابين بـ"كورونا"، مقارنة بوجودها في مصابي الإنفلونزا.
كورونا... والإنفلونزا العادية
وأضاف المركز، عبر إنفوغراف أصدره صباح الأحد، أن المصابين بـ"كورونا" يكون لديهم صداع شديد ومستمر، مقابل صداع خفيف في حالة الإنفلونزا، مشيراً إلى أن المصابين بالفيروس المستجد يعانون ارتفاعاً شديداً في درجة الحرارة، وهو الأمر الشائع بين 98 في المئة من حالاتها، مقارنة بارتفاع طفيف في درجة الحرارة للحالات العادية.
وأشار إلى أن العطس والرشح من الأمور نادرة الحدوث للمصابين بكورونا، كما أن 82 في المئة منهم يعانون من سعال جاف، وضيق وصعوبة في التنفس، ولا يشكون من التهاب الحلق، و44 في المئة من المصابين بكورونا يعانون من إرهاق شديد.
فيما أوضح أن المصابين بالإنفلونزا العادية، يعانون من عطس ورشح متواصل لدى بعض الحالات، وسعال يصاحبه بلغم، وضيق تنفس، والتهاب في الحلق، والالتهاب الرئوي الحاد، والذي يحدث لكبار السن وذوي الأمراض المزمنة، مثل السكري والربو وأمراض القلب، في حين أن المصاب بالإنفلونزا العادية يعاني من قشعريرة، وإرهاق خفيف، وآلام في العضلات.
خطة المواجهة تلتهم 6.5 في المئة من الموازنة
يشار إلى أن المبلغ الذي خصصته مصر لخطة مواجهة كورونا (نحو 6.3 مليار دولار أميركي) يعادل نحو 6.5 في المئة من حجم الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي 2019-2020، وحول تدبير هذا المبلغ عقد وزير المالية المصري، محمد معيط، مؤتمراً صحافياً في القاهرة صباح الأحد، أعلن فيه أن هناك تكليفات رئاسية بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ الخطة، وتخصيص هذا المبلغ للتعامل مع الآثار المترتبة على انتشار الفيروس، موضحاً أنه تم بالفعل إتاحة نحو 187 مليون جنيه (نحو 12 مليون دولار) بصفة مبدئية لوزارة الصحة من الاعتمادات المالية المقررة.
وأضاف الوزير "سندبر هذا المبلغ من الميزانية الحالية على حساب المستهدفات"، قائلاً إن "صحة المصريين أهم من مستهدفات الموازنة العامة للدولة".
1.9 مليار دولار زيادة في بند الأجور
ولم يكتف الرئيس المصري بتخصيص 100 مليار جنيه (نحو 6.3 مليار دولار أميركي) لمكافحة "كورونا"، بل وجه أيضاً بزيادة أجور العاملين بالدولة خلال موازنة العام المالي المقبل 2020-2021 بما يُسهم في تحسين دخولهم والارتقاء بمستوى معيشتهم.
وفي هذا السياق، أوضح وزير المالية أن موازنة العام المقبل ستشهد حزمة إجراءات للتحسين الأوضاع المالية للعاملين بالدولة، ضمن جهود إصلاح هيكل الأجور، على النحو الذي يخفف الأعباء عن كاهل المواطنين، لافتاً إلى زيادة حد الإعفاء الضريبى من 8 آلاف جنيه (نحو 512 دولاراً أميركياً) إلى 15 ألف جنيه (نحو 960 دولاراً أميركياً)، بالإضافة إلى حد الإعفاء الشخصي وهو 7 آلاف جنيه (نحو 448 دولاراً أميركياً).
وأضاف أنه "سيتم خلال العام المالي المقبل منح الموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية علاوة دورية بنسبة 7 في المئة من الأجر الوظيفي في 30 يونيو (حزيران) 2020 بحد أدنى 75 جنيهاً (نحو 4.7 دولار) شهرياً، ومن دون حد أقصى، ومنح العاملين غير المخاطبين بهذا القانون 12 في المئة من الراتب الأساس في الموعد ذاته، بحد أدنى 75 جنيهاً (نحو 4.7 دولار) شهرياً، ومن دون حد أقصى، وليس 10 في المئة كما هو معتاد سنوياً، مؤكداً أن موازنة الأجور ستزيد بمقدار 31 مليار جنيه (نحو 1.97 مليار دولار) العام المقبل.