أطلق البعض على مبادرات شبابية في الجزائر حملت من الإيجابية ما يلفتُ الانتباه لإنسانية من بادر بها شعار "الوقاية خيرٌ من الموت" في مواجهة فيروس كورونا.
وركزَ عدد من الشباب على سد النقص الفادح في الكمامات، التي تُعتبر أحد أبرز الوسائل الوقائية التي تُساعد في تواصل مريح نوعاً ما بين الأفراد، في حين أنها أكثر من ضرورية لدى الأطقم الطبية.
وأثارت بعض الأخبار التي تداولت عبر وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي دهشة البعض، بخاصة ما تعلق منها بإضراب أطباء وتركهم مرضاهم يَئنُونَ لسبع ساعات، بسب عدم تزويدهم بأقنعة طبية، لتهريب الآلاف منها من الجزائر نحو الشريط الحدودي مع تونس، وحتى إلى دول أوروبية قبل إغلاق المطارات.
مليون كمامة
في مدينة بسكرة جنوب الجزائر، شدت نسوة تطوعن للمشاركة في مبادرة "مليون كمامة"، الأنظار ولقين الكثير من الاستحسان في أوساط المجتمع، بعدما تركن منازلهن وأولادهن وضحّين بوقتهن للمساعدة في إجراءات التصدي لفيروس كورونا الذي مسّ أزيد من 50 دولة، حاصداً الآلاف من الأرواح.
وفي هذا السياق، قال رئيس جمعية الحرفيين الجزائريين خبزي عبد المجيد، إن المبادرة الإنسانية التي أطلقها المجلس المحلي لمحافظة بسكرة (هيئة منتخبة) شهدت انخراطاً واسعاً لمحسنين وجمعيات نسوية وصناعيين تبرعوا بالمواد الأولية.
وتُوزع هذه الكمامات مجاناً على المستشفيات والمواطنين، بخاصة القرى، للوقاية من فيروس كورونا، وتتولى مصالح الدفاع المدني توزيعها لتفادي أي محاولة لتهريبها أو المتاجرة بها.
تكاثف جهود
ويرى عبد المجيد، أن المحنة التي تُواجهها بلادها مثلها مثل دول العالم، تتطلب تكاثف الجهود وتقديم يد العون لتجاوز الظرف الصعب، موجهاً التحية للنسوة اللواتي يقضين أكثر من 12 ساعة أمام ماكنات الخياطة، وقمن في ظرف قياسي بخياطة 45 ألف كمامة، على أن ترفع الوتيرة مع انضمام متطوعين جدد للوصول للعدد المطلوب.
ويوضح عبد المجيد أن "عملية توزيع الكمامات لا تتم من دون تعقيمها، ومديرية الصحة من تتولى هذه العملية قبل إعطاء الضوء الأخضر لتوزيعها، من طرف مصالح الحماية المدنية (الدفاع المدني)".
التطوع واجب
لا تقتصر المبادرات الإنسانية في الجزائر على الجمعيات، إذ تتعداها لشباب تجمعوا ضمن فرق من أجل مد يد العون، فبإمكانيات بسيطة وعزيمة قوية، استطاع الشاب بلعاليا عز الدين (35 سنة) المساهمة في خياطة كمامات صحية لتوزيعها على بعض المستشفيات بالجزائر.
ويقول المحامي عز الدين في حديث لـ "اندبندنت عربية"، إنه قرر برفقة متطوعين آخرين (7 أشخاص) خياطة أقنعة طبية وتوزيعها على المستشفيات، بعدما وجدوا إحدى المتبرعات التي عرضت عليهم ورشتها للخياطة.
وبحسب عز الدين فإنهم يحرصون على استعمال نوعية قماش جيدة حتى تكون صالحة للاستعمال، بعدما تنبهوا إلى أن المجموعة الأولى التي خيطوها لم تكن واقية بشكل جيد.
وأضاف "نحن في اتصال دائم مع أطباء حتى نمنحهم الكمامات كلما كانت جاهزة للاستعمال، بعد إرسالها للمختبر قصد تعقيمها".
ومنذ إعلان الجزائر تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا وصلت العدد إلى 250 إصابة لغاية 23 مارس (آذار)، يخوض نشطاء معركة توعية للوقاية من هذا الوباء كتعقيم وتطهير الأماكن العامة مثل الساحات والشوارع والحدائق، مع حث المواطنين على البقاء في منازلهم تحت شعار "ريح في دارك" أي "إلزم بيتك".
عز الدين الذي قرر الانخراط في العمل التطوعي منذ سنوات، وجه رسالة لكل الشباب الجزائري قائلاً، "علينا أن نتعاون جميعاً حتى ننجو من هذه المأساة التي يمر بها العالم. فعندما نلاحظ أن دولاً متطورة في أوروبا تعاني فالأكيد أن الوضع في بلادنا لن يكون وردياً".
هل هي صحية؟
في ظل غياب الكمامات الصحية واحتكارها من قبل بعض الباحثين عن الربح السهل وبطرق غير قانونية، يطرحُ البعض مدى نجاعة هذه الكمامات المصنوعة من جانب المتطوعين.
وتقول إحدى الصيدلانيات لـ "اندبندنت عربية"، إن "وضع الكمامة بالنسبة للأطقم الطبية يجب ألا يتجاوز ثلاث ساعات ويمكن أن يصل إلى أربع كحد أقصى قبل استبدالها، أما بالنسبة إلى عامة الناس فلا يستحسن لبسها إلا في حال الاشتباه بالمرض، لأن وضعها باستمرار قد يقودُ المعني إلى لمس وجهه، وهو سلوك غير محبب ويسهم في نشر الفيروس".
وكانت الجزائر قد أعلنت تحت وقع شكاوى الأطقم الطبية رصد موازنة قدرها 100 مليون دولار للإسراع باستيراد كل المواد الصيدلانية والألبسة الواقية، وأجهزة التحليل الكيماوي بالعدد الكافي، مع منح الأولوية الكاملة في توزيعها إلى سلك الأطباء، والممرضين، وأعوان الصحة، لاتصالهم المباشر اليومي بحالات الإصابة.
ومطلع فبراير (شباط) الماضي منحت الحكومة الجزائرية هبة للصين تشمل 500 ألف قناع ثلاثي الطبقات و20 ألف نظارة وقائية و300 ألف قفاز.