تعيش العائلات الجزائرية بتوتر منذ تفشي وباء كورونا في البلاد. فزيادة على التخوف من الإصابة تشغل عمليات دفن المتوفين بسبب الفيروس بال الجميع.
وبعد الدعوة إلى التزام المنازل وفرض حال الطوارئ وحظر التجوال، وما تبع ذلك من طرق جديدة في العمل والغذاء والتحركات وما إلى ذلك، وصل التغيير الاضطراري إلى عمليات دفن المتوفين بالفيروس. فقد منعت السلطات، بعد تحذيرات الطواقم الطبية، إقامة جنائز للمتوفين بالشكل المعتاد، خصوصاً اجتماع الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء. وبلغ التشدد حد توجيه القيادة الأمنية في البلاد تعليمات إلى المصالح المعنية تقضي بإجبارية حضور مصالح الأمن خلال مراسيم دفن موتى كورونا.
حسرة
يروي جار أحد المتوفين بفيروس كورونا، في منطقة بوزريعة في الجزائر العاصمة، أن منع السلطات إقامة الجنازة والتعزية، يوازي وقع خبر إصابة الراحل بفيروس كورونا. وإذ يصف وقع قرار المنع بـ"الثقيل"، يشير إلى أن التقاليد في مثل هذه الحالات تساعد على التخفيف من وقع الصدمة، من خلال مواساة الجيران والأهل والأصدقاء. في حين أن تشييع جنازة بشكل شبه سري وعدم استقبال التعازي في البيت يزيدان جرح عائلة الفقيد.
يتابع الجار أن ما يزيد من حزن العائلة الإجراءات التي أقرتها السلطات بطلب من الأطباء بمنع رؤية المتوفى وغسله ولمسه والاقتراب (متران). وحذرت من إقامة صلاة الجنازة في البيت والمسجد. وسمحت بإقامتها في المقبرة من طرف أشخاص لا يتعدى عددهم أصابع اليد وبشكل متفرق، أي بابتعاد كل شخص عن الآخر مسافة متر على الأقل.
من الإصابة إلى المقبرة
في السياق ذاته، يرصد أستاذ علم النفس في جامعة الجزائر عبد النور بن زيدون، في حديث مع "اندبندنت عربية"، "صفات التصقت بالمصابين بفيروس كورونا، وتتبعهم عند وفاتهم، مبرزاً أنهم يعانون العزلة في حياتهم حتى المقبرة، إذ يخشى الجميع الاقتراب منهم". ويوضح أنه "وضع لا تطيقه العائلة ويزيد المعاناة. إنها صدمة يصعب الخروج منها على المدى القريب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يضيف بن زيدون أن "العائلة الجزائرية، على الرغم من أنها عاشت صدمات وفواجع خلال العشرية السوداء في تسعينيات القرن الماضي بسبب الإرهاب، فإن عدم إقامة جنائز غير مألوف".
إجراءات صحيحة
يري الطالب في جامعة الشريعة الإسلامية في الخروبة في الجزائر العاصمة، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الميت المسلم يُغسل غسلاً شرعياً، ويُكفن ويُصلى عليه ثم يُدفن، إلا إذا ثبت طبياً أن المتوفى بمرض ما يتعذر غسله لمنع العدوى، فيُلجأ في هذه الحال إلى التيمم، فإن تعذر هو الآخر، يُترك وتسقط المطالبة به شرعاً، لكن يبقى للميت بعد ذلك ما أمكن من التكفين والصلاة والدفن". ويوضح أنه "في حالات وفيات كورونا، فإن الميت ينقل الفيروس إلى الشخص أو الأشخاص الذين سيقومون بتغسيله. وقد يتحول ذلك إلى مصدر للعدوى لعشرات الأشخاص". ويخلص إلى أن "الإجراءات التي وضعتها السلطات بطلب من الأطباء صحيحة".