وجد باحثون يدرسون فيروس "كورونا" المستجد الذي يسبب خسائر ضخمة في شتى أنحاء العالم، أن تركيبته الجينية لا يظهر فيها تبديل وتحوير في مستوى من شأنه جعل الفيروس أكثر فتكاً إلى حد بعيد.
واستطراداً، أثارت النتائج التي توصل إليها فريق بحثي متمرس في دراسة فيروس كورونا آمالاً في أنه عندما يُكتشف لقاح لـ(كوفيد 19) في نهاية المطاف، سيكون "فاعلاً بالنسبة إلى معظم الناس".
في مقابلة أجرتها "اندبندنت" مع فينيت ميناتشيري، عالم الفيروسات في فرع جامعة تكساس الطبي، أوضح ذلك الطبيب أنه "عند النظر إلى تسلسلات جينوم كورونا الآتية من مختلف أنحاء العالم، نجد أننا لسنا في صدد تحوّرات ضخمة تهيمن على الفيروس".
وأضاف، "يتمثّل النبأ السار في أن الفيروس لا يتغير بصورة ملحوظة، ما يمكننا من القول بشكل منطقي إن اللقاحات ستعمل ضد معظم السلالات الموجودة من (كورونا)".
ويُجري الدكتور ميناشيري دراسات على عائلة فيروس كورونا منذ 10 سنوات، بما في ذلك أعمال متصلة بفيروس "سارس" (الذي ينتمي إلى عائلة (كورونا) أيضاً).
وركّز قسم كبير من بحوثه على التفاعل بين الفيروسات من جهة، وجهاز مناعة الجسد الذي تدخله من جهة أخرى. كذلك درس الخطر الذي تمثّله فيروسات الخفافيش، وأسباب انتقالها إلى البشر.
وربما يكون البحث الذي يتولّاه فريق ميناشيري مهماً جداً في التوصل إلى فهم أفضل لتفشي الفيروس المميت، خصوصاً مع استمراره في الانتشار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفقاً لـ"منظمة الصحة العالمية"، ثمة ما لا يقل عن 20 لقاحاً مضاداً لفيروس كورونا قيد التطوير حول العالم. وقد بدأت فعلاً التجارب البشرية الأولى في سياتل شمال غربي الولايات المتحدة، بقيادة شركة "موديرنا" للتكنولوجيا الحيوية، ومقرها في بوسطن.
وعلى الرغم من أن السرعة التي يخضع بها اللقاح للاختبار تكاد تكون غير مسبوقة، فإن الخبراء يفيدون بأن اللقاح المنتظر لن يكون متاحاً لعامة الناس قبل زهاء 18 شهراً.
وفقاً لميناشيري، يمكن لبعض الفيروسات أن تطوِّر مقاومة ضد الأدوية واللقاحات المخصصة لعلاجها. في المقابل، أشارت النتائج الأولية لهذا البحث إلى أن ذلك لا يحدث في فيروس "كورونا" المستجد بسرعة كافية لتعزيز قدرته على الفتك بالناس. وتشكّل تلك المعطيات "أخباراً طيبة"، حسب ذلك الدكتور.
أضاف، "لا تنفي النتائج أن ذلك يمكن أن يحدث، لكن عندما سنتوصل إلى تطوير أدوية أو لقاحات، فلسوف تلائم على الأرجح الغالبية الساحقة من الناس، معظم الوقت".
الدكتور ميناشيري الذي عكف على دراسة فيروس كورونا منذ 2010، أعرب عن دهشته وقال إن مدى وحجم تفشي الفيروس فاجأه.
أضاف، "لا أعلم إذا كنت لأتوقع حجم ذلك (التفشي) ونطاقه. كنت أتوقّع أن يتفشّى (كورونا) على نطاق أصغر، مثلاً على غرار تفشي فيروس (سارس) الأصلي الذي طاول ثمانية آلاف شخص. شكّل ذلك حالة تفشٍ كبيرة آنذاك. كان (كورونا) مفاجئاً في مدى العدوى وسرعة انتشاره. نحن إزاء الاقتراب مما يربو على نصف مليون حالة في أقل من ثلاثة أشهر".
في الواقع، من المرجح أن يكون العدد الإجمالي لإصابات (كورونا) في أنحاء العالم تجاوز النصف مليون فعلاً. إذ يبلغ العدد الحالي للحالات المؤكّدة نحو 450 ألفاً، لكن يُعتقد أنّ كثيراً من الأشخاص أصيبوا بالعدوى من دون أن يخضعوا للتحاليل.
بوتيرة متسارعة، تتحول الولايات المتحدة إلى بؤرة تفشٍ جديدة لفيروس كورونا المستجد. وعلى الصعيد الوطني الأميركي، شُخِّصت الإصابة بـ"كوفيد 19" لدى زهاء 60 ألف شخص.
وبات معلوماً أن ذلك الفيروس يسبب مرضاً في الجهاز التنفسي، مع خطورة كبرى على كبار السن والأشخاص الذين يعانون مشكلات صحيّة أصلاً، وأحدثت الموجة الوبائية من هذا الفيروس في أميركا ما لا يقل عن 812 وفاة.
© The Independent