يواصل فيروس "كوفيد 19" الفتك بالقطاعات الاقتصادية، وقطاع الطيران في مقدمة ضحايا انتشار الجائحة، بسبب إغلاق المجال الجوي وحظر الطيران، الذي يأتي على رأس قائمة تدابير التباعد الاجتماعي Social distance، للحدّ من انتشار الوباء، ما أدّى إلى إيقاف عمليات الملاحة الجوية التجارية في نطاق واسع حول العالم، خوفاً من نقل العدوى، فتعطّلت المطارات، وتراجعت إيرادات شركات الطيران، وأيضاً تدنت عائدات هيئات الطيران جراء فقدانها رسوم عبور الأجواء.
في أحدث تقارير الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) المنشور بموقع الاتحاد في الـ24 من مارس (آذار) 2020 يتوقع أن يخسر قطاع الطيران 252 مليار دولار من عائدات السفر وخدمة الركاب بتراجع 44 في المئة.
ومقارنة بإيرادات العام 2019، يتوقع تقرير الاتحاد أن يحتاج قطاع الطيران إلى مساعدات عاجلة بقيمة 200 مليار دولار لإنقاذه، ويمثل الاتحاد الدولي للنقل الجوي نحو 290 شركة طيران تستحوذ على 82 في المئة من الملاحة الجوية، وغالبية التوقعات تشير إلى استمرار الحدّ من السفر لأكثر من مئة يوم أخرى (التوقعات المتفائلة)، بينما البعض الآخر يذهب إلى أطول من ذلك، ما يفاقم أوضاع قطاع الطيران.
ويتوقع تقرير الاتحاد أن تتراجع المساحة الجوية المقطوعة في أوروبا بـ46 في المئة هذا العام مقارنة بـ2019، وأن تنخفض إيرادات شركات الطيران بالشرق الأوسط بنحو 19 مليار دولار مقارنة بـ2019، وأن تتراجع المساحة الجوية المستخدمة في الطيران بـ39 في المئة خلال 2020 مقارنة بـ2019.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير بعض التقارير إلى أن قطاع الطيران الأوروبي سيخسر 187 مليون راكب خلال 2020. المطارات الأوروبية خسرت نحو ملياري دولار من إيراداتها خلال الفصل الأول من 2020، وبالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال الفترة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) 2019 بلغت إيرادات شركات الطيران نحو 64.4 مليار دولار.
الآن، القطاع يعاني تبخر هذه الإيرادات، والمعضلة الكبرى لا أحد يعلم متى تعاود هذه المطارات الاكتظاظ مرة أخرى. مهما فعلت الحكومات من خطط إنقاذ وضخ السيولة في القطاع لن يعوض هذا خسارة الركاب وتوقف النشاط، لذلك ستستمر معاناة قطاع الطيران مع استمرار تطبيق الإجراءات الاحترازية للحدّ من انتشار الوباء.
الوظائف في قطاع الطيران تحت الخطر
قطاع الطيران يواجه أزمة أكثر تعقيداً مما كانت عليه أزمة سارس في 2003، وكذلك هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، وذلك جراء الانخفاض الحاد في إيرادات الشركات خلال الأسابيع الماضية، ومتوقع استمرار هذه الضغوط.
في الولايات المتحدة الأميركية، قطاع الطيران التجاري يوفر 11.5 مليون وظيفة، منها 750,000 وظيفة مباشرة، إضافة إلى 10 ملايين وظيفة غير مباشرة ترتبط بخدمات قطاع الطيران، مثلاً شركة دلتا توظّف نحو 900.000 شخص، والعاملون في القطاع يواجهون ضغوطاً ربما تستمر شهوراً، لذا خُصصت 50 في المئة من المساعدات الحكومية لتغطية نفقات العاملين في القطاع، وتراجعت الرحلات الداخلية بصورة ملحوظة، ما حدا ببعض شركات الطيران الاقتصادي (المنخفض التكلفة) إلى طرح تخفيضات كبيرة حتى 18 دولاراً للتذكرة الواحدة.
تواجه الشركات الكبرى أيضاً معضلة إيقاف الطائرات في أماكن مخصصة بعد أن خفّضت رحلاتها تقريباً بـ30 في المئة للرحلات الداخلية، ونحو 75 في المئة للرحلات الخارجية. ومع استمرار غلق الأجواء في كثيرٍ من الدول وتوقعات أيضاً بحظر الحركة الداخلية سوف تواجه شركات الطيران أوقاتاً عصيبة.
المساعدات الحكومية
قطاع الطيران في حاجة إلى مساعدات حكومية، حتى يستطيع مواجهة تداعيات انتشار "كورونا" وإغلاق المجال الجوي وتوقف حركة السفر. الحكومة الأميركية أقرّت خطة إنقاذ يبلغ حجمها 58 مليار دولار، تشمل تغطية رواتب العاملين في القطاع خلال فترة التباعد الاجتماعي الذي يقيد حركة السفر.
وفي بريطانيا، قالت شركة فيرجن أتلانتك إنها تحتاج إلى 7.5 مليار جنيه إسترليني (9.3 مليار دولار)، وذلك بعد ضخ الرئيس التنفيذي للشركة ما يعادل 250 مليون جنيه إسترليني (312 مليون دولار)، لمواجهة تحديات انتشار "كوفيد 19"، وتعهدت الحكومة البريطانية مساعدة القطاع في مواجهة تداعيات هذه الجائحة.
وتعرّضت أسهم شركات الطيران لضغوط بيع هائلة في أسواق الأسهم. سهم شركة بوينغ تداول عند مستوى 381 دولاراً في بداية هذا العام، وأغلق عند مستوى 162 دولاراً نهاية تداولات الأسبوع الماضي.
أيضاً سهم شركة إيرباص تعرّض لضغوط بيع هائلة، في بداية العام كان يتداول عند مستوى 139 يورو (153 دولاراً)، بينما أغلق عند 68.17 يورو (75 دولاراً) نهاية الأسبوع الماضي. والشركات الصغيرة في هذا القطاع تواجه ضغوطاً أكبر، وتعتبر المساعدات الحكومية مهمة جداً لمواصلة مسيرتها.