جدد تحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري رفضه تكليف عدنان الزرفي بمنصب رئيس الوزراء المقبل، ملوحاً بمساءلة رئيس الجمهورية قانونياً وبرلمانياً على أثر تكليف يصفه التحالف بأنه "غير دستوري".
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع زيارة قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد، واجتماعه مع عدد من القيادات الشيعية. إذ تفيد تسريبات صحافية بأن الزيارة تهدف إلى ترميم وضع البيت الشيعي في مسعى لإفشال الزرفي من الوصول إلى منصب رئاسة الوزراء.
أسماء جديدة للمنصب
وفي خضم معركة كسر الإرادات بين القوى السياسية، يبدو أن قاآني سيكون أحد عناصر الضغط الرئيسة في توحيد الموقف الشيعي، وتعوّل عليه القوى القريبة من إيران في تغيير وجهة نظر زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، والذي يحظى بأكبر كتلة برلمانية، خصوصاً أن تحالف "سائرون" لا يزال غير معترض على الزرفي، فضلاً عن "كتلة النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.
في غضون ذلك، تفيد مصادر سياسية لـ"اندبندنت عربية"، بأن "القيادات الشيعية طرحت على زعيم التيار الصدري اسمين كبدائل للزرفي، هما القيادي في منظمة بدر قاسم الأعرجي والوزير السابق عبد الحسين عبطان".
وتشير إلى أنه "في حال موافقة الصدر على أي منهما سيجري دعمه شيعياً، وفي حال عدم موافقته ستتم العودة إلى رئيس جهاز الاستخبارات مصطفى الكاظمي وتوفير الدعم له"، مؤكدة أن "الصدر رفض الاسمين ما يعزز فرص الكاظمي من الوصول للمنصب".
أسباب رفض الزرفي
وعلى الرغم من استمرار رفض الزرفي من قبل القوى الشيعية القريبة من إيران، يبدو أن المكلف بالمنصب مستمر بحراكه الرامي إلى جمع أكبر عدد من المؤيدين في البرلمان، متجاهلاً حراك تحالف "الفتح" وبقية الكتل القريبة منها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي السياق ذاته، يرى السياسي المستقل إبراهيم الصميدعي أن "أحد الأسباب الرئيسة لرفض الزرفي من قبل قادة الكتل الشيعية، آت من محاولته تفكيك سلطتهم على نوابهم في البرلمان، فضلاً عن قضية ترشيح رئيس الجمهورية له من دون الأخذ في الاعتبار التوافقات الشيعية".
وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "القيادات السياسية الكردية والسنية لن تتعاطى إلا مع موقف شيعي موحد أو غالبية حاسمة".
ورجح الصميدعي أن يتراجع الصدر عن دعم الزرفي، قائلاً "هو يدرك أنه إذا بقي وحيداً في دعم الزرفي لن يتوافر له دعم سني وكردي إلا بتوافق أركان البيت الشيعي حول المرشح".
مساءلة الرئيس
من جانب آخر، وعلى أثر رفض تحالف "الفتح" تكليف الزرفي وتحميل رئيس الجمهورية برهم صالح مسؤولية هذا التكليف، قال القيادي في التحالف وعضو منظمة "بدر" محمد الغبّان، في تغريدة على "تويتر"، إن "رئيس الجمهورية سيكون تحت طائلة المساءلة القانونية والبرلمانية خلال اليومين المقبلين، وسينتج منها بطلان مرسوم التكليف".
وأضاف أن "رئيس الوزراء المكلف الذي ارتضى لنفسه أن يشترك في تجاوز حق الغالبية، لن يرى كرسي الرئاسة".
التكليف الأخير
إلى ذلك، قال الخبير القانوني علي التميمي، إنه "لا يمكن لرئيس الجمهورية سحب تكليف الزرفي، بل يحتم الدستور انقضاء مدة 30 يوماً الممنوحة له باختيار التشكيلة الوزارية"، مبيناً أنه "ليس أمام القوى الرافضة للتكليف سوى انتظار عدم منحه الثقة في البرلمان أو انسحاب المُكلف".
وتابع في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "قبل أن يقوم رئيس الجمهورية بهذا التكليف الذي يعد الأخير في المادة 76 من الدستور، استفتى المحكمة الاتحادية لمعرفة رأيها بشأن الكتلة الأكبر، وأجابته بأنه حر في الاختيار وليس ملزماً بخيارات الكتل".
ولفت إلى أنه "في حال عدم نجاح الزرفي بمهمته، ستذهب الأمور إلى المادة 81 من الدستور، حيث تنتقل إدارة مجلس الوزراء إلى رئيس الجمهورية، وله هنا وفق هذه المادة أن يكلف مرشحاً آخر وهي الفرصة التي ما بعدها فرصة، وإذا لم يفلح هذا المكلف سيكون أمامه حل البرلمان وفق المادة 64 بالدستور، لأنه جمع صفتي رئيس الجمهورية والوزراء معاً".
قوى شيعية مفككة
من جهته، يقول الكاتب والصحافي سامان نوح، إن "كتلة الفتح تعتبر الزرفي مقرباً من أميركا ومستعد لتلبية مطالب واشنطن، وتعتقد أن اختيار رئيس الجمهورية له نابع من هذا التوجه".
ويضيف لـ"اندبندنت عربية"، "إذا فشل الزرفي ستكون العودة إلى الشخصيات التي طُرحت سابقاً ومن بينها الكاظمي، باعتباره المرشح الأكثر مقبولية"، لافتاً إلى أنه "في حال رفضه من قبل الكتل الشيعية سيذهب رئيس الجمهورية لاختيار شخصية مماثلة وقريبة من القوى الكردية والسنية القريبة من التوجهات الأميركية".
ويشير إلى أن "القوى الشيعية لا تملك القدرة على توحيد مواقفها كما كان في السابق عندما كان التأثير الإيراني قوياً، والقوى السنية والكردية تستغل هذه الظروف من أجل فرض إرادتها جزئياً".
ويقول "إيران تريد الخروج من مأزق العراق بأقل خسائر ممكنة، وفي النهاية بالإمكان القبول بشخصية متوازنة ترضي الأطراف كلها"، مستبعداً "احتمالية فرض شخصية موالية تماماً لطهران، لأن ذلك يتقاطع مع مواقف القوى السياسية السنية والكردية".
ويعتقد نوح أن "زيارة قاآني تهدف إلى تقريب وجهات النظر للتوافق على مرشح مقبول من الأطراف كافة"، مبيناً أن "إيران تدرك أن اختيار رئيس وزراء موالٍ تماماً لها متقاطع مع الأطراف الأخرى، سيعني عدم قدرته على إدارة الأمور بشكل جيد وسط الأزمات الحالية".
مخاوف حلفاء إيران
أما أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية فاضل البدراني، فيعتقد أن "تصعيد الخطاب باتجاه رئيس الجمهورية يهدف لإثبات وجود الكتل الشيعية، وتحديداً القريبة من إيران، وعدم تجاوزها مستقبلاً في قضية تكليف رئيس الوزراء".
ويضيف "هذه الكتل تعتبر ترشيح رئيس الوزراء حصتها ولن تسمح بتجاوز هذا الحق، إضافة إلى المخاوف من تغلب النفوذ الأميركي على النفوذ الإيراني".
وعن زيارة قاآني إلى بغداد يبيّن البدراني أن "هذه الزيارة تأتي لحسم مسألة رئاسة الوزراء والتشديد على ألا يكون رئيس الوزراء المقبل مقرّباً من واشنطن".