Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مذكرة اعتقال نتنياهو قد تطيح المحكمة الجنائية الدولية

سارع القادة الأوروبيون إلى تأييدها لكن هذه المواقف ستخضع قريباً للاختبار

توعد الجمهوريون الذين صعدوا حديثاً إلى السلطة بالانتقام من المحكمة (المحكمة الجنائية الدولية)

ملخص

مع صدور مذكرات الاعتقال في حق نتنياهو وغالانت تظهر مخاوف عند الدول الأعضاء في المحكمة في أن ترمب سيجبرها على اتخاذ خيار غير مريح: إما منح الإسرائيليين الحصانة ونسف صدقية المحكمة، وإما رفض القيام بذلك ورؤية التحالف الأطلسي يتفكك

منذ 20 عاماً دهش السكان المحليون عندما نزل ناشطو السلام إلى أحد شواطئ هولندا في يوم عاصف وبدأوا حفر الخنادق. كانت تلك الخطوة احتجاجاً رمزياً ضد قانون أميركي وقّع عليه جورج دبليو بوش، والذي يتيح للرئيس استخدام "كل الوسائل المتاحة"، بما في ذلك القوة العسكرية، لتأمين إطلاق سراح أي مواطن أميركي أو حليف معتقل لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

وعلى رغم أن القانون المعروف باسم "قانون غزو لاهاي" Hague Invasion Act لا يزال ساري المفعول فإن المحكمة الجنائية الدولية لم توجه اتهاماً لأي أميركي أبداً، ولم يصل أي من مشاة البحرية الأميركية إلى هولندا لتطبيقه، لكن التوترات بين واشنطن والمحكمة استمرت، ولا تزال قائمة حتى اليوم.

وأثارت اتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية عاصفة نارية عبر المحيط الأطلسي، إذ توعد الجمهوريون الذين صعدوا حديثاً إلى السلطة بالانتقام. وفي هذا السياق وصف زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ جون ثون الاتهامات الموجهة إلى نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بأنها "مشينة وغير قانونية وخطرة"، وتوعد بالرد الأميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياق متصل كان مجلس النواب الأميركي قد أقرّ مشروع قانون يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لقيامها بالتحقيق مع إسرائيل في شأن حرب غزة. وخلال الصيف الماضي حال الديمقراطيون في مجلس الشيوخ دون المضي قدماً في المسألة، لكن بحلول يناير (كانون الثاني) 2025 سيتغير ذلك حتماً لأن مجلسي الكونغرس والرئاسة سيكونان تحت سيطرة الحزب الجمهوري مع ارتفاع الفرص بأن يصبح مشروع القانون قانوناً نافذاً.

ومن المتوقع أن تكون تلك البداية فحسب. ترمب لم يعلق بعد على صدور مذكرات الاعتقال، لكنه لم يخفِ في السابق دعمه القوي والثابت لنتنياهو. ففي فترة ولايته الأولى منع المدعين العامين التابعين للمحكمة الجنائية الدولية من دخول الأراضي الأميركية لمجرد احتمال توجيه اتهامات إلى مواطنين أميركيين.

وبات من شبه المؤكد أنه سيعيد فرض ذلك المنع مجدداً بعد تنصيبه الرسمي، وأن يطالب الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية بحصانة لنتنياهو من الاعتقال. ويذكر أن المحكمة الجنائية الدولية ليست جزءاً من الأمم المتحدة، ولكنها تضم 125 من دول أعضاء في المنظمة الدولية. وبالتالي فإن كل دولة ملزمة باعتقال نتنياهو إذا وطئت قدماه أراضيها، وقد قطعت دول عديدة، بما في ذلك إيرلندا وهولندا والأردن وجنوب أفريقيا، وعداً هذا الأسبوع بالقيام بذلك.

في هذا الإطار قد يواجه نتنياهو الاعتقال إذا أتى إلى المملكة المتحدة، لكن رئيس الوزراء البريطاني لم يؤكد إن كان هذا ما سيحصل فعلاً. وقال الناطق باسم رئيس الحكومة كير ستارمر إن الحكومة "ستفي بالتزاماتها القانونية" في ما يتصل بمذكرة الاعتقال، لكنه قال إن الإجراءات الداخلية الخاصة بمذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية لم توضع موضع اختبار سابقاً.

عدا عن ذلك يتضمن دستور المحكمة الجنائية الدولية بنداً غامضاً هو المادة 98، إذ يسمح للدول بمنح حصانة لإسرائيل. ويعادل هذا البند الحصول على بطاقة مجانية للخروج من السجن، إذ يتيح للدول الأعضاء بمنح الحصانة لأي دولة غير عضو تختارها. فعلى سبيل المثال، يمكن لبريطانيا إصدار إعلان بموجب المادة 98 في شأن إسرائيل، مما يسمح لنتنياهو بزيارتها من دون خوف من الاعتقال.

منذ 20 عاماً نجحت الولايات المتحدة في إقناع أكثر من 100 دولة بالتوقيع على اتفاقات تتضمن بنود مماثلة للمادة 98، والتي تعهدت فيها بعدم تسليم المواطنين الأميركيين إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأقدمت على ذلك من خلال التهديد بقطع المساعدات والتسهيلات المصرفية والتعاون العسكري. وبحسب الإشارات الصادرة من الكونغرس، فإن الولايات المتحدة ستطالب بالأمر نفسه للمواطنين الإسرائيليين، مع التلويح بفرض الباقة نفسها من العقوبات على الدول التي ترفض ذلك.

وتصر محكمة لاهاي على أن الاتهامات قوية وراسخة. ويواجه كل من نتنياهو وغالانت اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بسبب منع المساعدات عن غزة في أعقاب مذبحة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وأعلن الرجلان أنها كانت نيتهما بالفعل في ذلك الوقت. وبالنسبة إلى المدعين العامين في لاهاي، يعني ذلك وجود أسس منطقية ومعقولة لاتهامهما بمنع المساعدات، لكن هذا الأمر لا يلقى أي صدى في واشنطن. ويعود هذا في جزء منه إلى أن الاتهامات تبدو منحازة إلى جانب واحد. في الأصل كانت محكمة لاهاي تخطط لتوجيه الاتهام إلى ثلاثة من قادة "حماس" إلى جانب الإسرائيليين، لكن اثنين من هؤلاء لقيا حتفهما فيما لا أثر للقائد العسكري في "حماس" محمد الضيف. في وقت تصر إسرائيل بأنه ميت تزعم "حماس" أنه ما زال على قيد الحياة من دون أن تقدم أي دليل على ذلك. وبالنسبة إلى الأميركيين يبدو أنه في ما يتعلق بغزة يتم توجيه الاتهامات إلى الإسرائيليين حصراً.

في المقلب الآخر يسارع القادة الأوروبيون في تأييدهم الثابت والعلني لمذكرة اعتقال نتنياهو، ولكن هذه المواقف ستخضع قريباً للاختبار. في غضون ذلك أبدى ترمب استياءه مهدداً بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي ما لم يتحمل الحلف نصيبه من الإنفاق الدفاعي. ومن المحتمل أن يذهب أبعد من ذلك، فيهدد بإنهاء التعاون العسكري مع أعضاء الحلف الذين يرفضون منح الإسرائيليين هذه الحصانات الاستثنائية.

وصدر هذا التهديد قبل 20 عاماً عندما هدد وزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد بسحب مقرّ حلف شمال الأطلسي من بروكسل، ما لم توقع بلجيكا على المادة 98 مقابل احتمال ضئيل بأن توجه اتهامات إلى أميركيين في مقر الحلف بارتكاب جرائم حرب.

في هذا الصدد سيتصدر التعامل مع الانتقام الأميركي اهتمامات جمعية الدول الأطراف، وهي المجلس الحاكم للمحكمة، عندما تعقد اجتماعها السنوي في لاهاي الشهر المقبل. وعلى طاولة الاجتماع سيكون الملف الرئيس ربما أكبر فضيحة محتملة في تاريخ المحكمة على خلفية مزاعم سوء السلوك الجنسي ضد المدعي العام كريم خان. وفي وقت ينفي خان هذه الاتهامات، تعهد التعاون مع التحقيق، لكن القضية سممت بالفعل الأجواء المحيطة بالمحكمة.

يحدث كل ذلك في ظل محكمة فشلت في الوفاء بوعودها باعتبارها أول محكمة دائمة لجرائم الحرب في العالم. فخلال وجودها على مر ما يربو على 22 عاماً، وعلى رغم إنفاق أكثر من 2.5 مليار جنيه استرليني (3.15 مليار دولار)، لم تتمكن المحكمة من اعتقال سوى ستة من مجرمي الحرب.

وتتمثل مخاوف الدول الأعضاء في المحكمة في أن ترمب سيجبرها على اتخاذ خيار غير مريح: إما منح الإسرائيليين الحصانة ونسف صدقية المحكمة، وإما رفض القيام بذلك ورؤية التحالف الأطلسي يتفكك.

كريس ستيفن هو مؤلف كتاب "مستقبل عدالة جرائم الحرب" The Future of War Crimes الصادر عن دار النشر "ميلفيل هاوس" في المملكة المتحدة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء