كشفت رئاسة الحكومة البريطانية أن بعض اختبارات الأجسام المضادّة لفيروس كورونا المقدّمة لنيل موافقة من هيئة الصحّة العامّة في إنجلترا، فشلت في تلبية المستويات المطلوبة من الدقّة.
ولم يتمكّن المتحدّث الرسمي باسم رئيس الوزراء بوريس جونسون - بعد ثمانية أيام من كلام مسؤول صحّي رفيع المستوى على أن الاختبارات هذه يمكن أن تكون متاحةً في غضون أيام، وأنه يمكن للناس أن يطلبوها من موقع أمازون- من تحديد أي جدول زمني لطرحها. وحذّر الناطق من أن استخدام الاختبارات التي لا توحي بالثقة، يمكن أن تكون له "عواقب سلبية كبيرة" من خلال منح الناس ثقةً زائفة في مناعتهم.
واعترف وزير الصحّة البريطاني مات هانكوك بأن التحليل المبكّر لتلك الاختبارات أظهر أن بعضها لم يكن بمستوى المعايير الموضوعة. وقال هانكوك في مؤتمر صحافي عقده في مقر رئاسة الحكومة في "10 داونينغ ستريت": "اشترينا حتى الآن سبعة عشر مليوناً و500 ألف اختبار، بشرط أن تعمل، ونحن نجري تدقيقاً في نجاعة هذه الاختبارات".
وأضاف موضحاً: "لم تحقّق النتائج المبكّرة لبعضها أداءً جيّداً، لكننا نأمل في أن تتحسّن، وأن تأتي الاختبارات اللاحقة التي هي في متناولنا، بنتائج يمكن الاعتماد عليها ما يكفي كي يستخدمها الناس بثقة".
وتخضع تسعة اختبارات الآن للتحليل، لمعرفة ما إذا كان يمكنها أن تحدّد بدقّة الأشخاص الذين أصيبوا بعدوى كوفيد-19 وتعافوا من الفيروس. ومن غير المعروف ما إذا كانت الاختبارات الفاشلة هي من بين هذه التسعة.
ويُعدّ اختبار الأجسام المضادّة لدى الإنسان، مفتاحاً لرفع شروط الحجر الصحي المعمول بها الآن في جميع أنحاء المملكة المتّحدة.
وأكد هانكوك يوم الخميس أن الحكومة ستصدر شهادات مناعة لأولئك الذين جاءت اختباراتهم إيجابية، مشيراً إلى أنه من غير المرجّح أن يُصابوا بالمرض مرّةً أخرى وبالتالي يمكنهم استأنف حياتهم الطبيعية. هذا التدبير هو منفصلٌ عن اختبارات مولّدات المضادّات التي يتم إجراؤها للمرضى الذين يعانون من أعراض فيروس كورونا، وبشكلٍ متزايد لموظّفي هيئة الخدمات الصحّية الوطنية العاملين على جبهة المواجهة، والتي تمّ تصميمها لتوضيح ما إذا كان الفرد لديه فيروس كوفيد-19 في الوقت الراهن.
وكانت قد عُلّقت آمالٌ في الخامس والعشرين من مارس (آذار) الماضي على قيام تحرّكٍ سريع لإجراء اختبار واسع النطاق للأجسام المضادّة، عندما أبلغت مديرة قسم العدوى القطري في هيئة الصحّة العامّة في إنجلترا البروفيسورة شارون بيكوك، لجنةً من النواب، بأن تقييم الاختبارات المقترحة يمكن أن يكتمل بحلول نهاية الأسبوع الماضي، وأن عُدَد الاختبار ستتوافر في غضون أيام.
وتوقّعت أن يتمكّن أفراد الجمهور من طلب عُدَد الاختبار التي تشبه تلك المستخدمة في معرفة وجود حالة حمل عند النساء، لاستخدامها في المنزل على كمية صغيرة من الدم، ومن ثمّ إرسالها إلى المختبرات لتأكيد النتيجة. لكن المتحدّث باسم رئيس الوزراء بوريس جونسون قال الخميس إن عملية الموافقات "مستمرة"، ولا يمكن إعطاء أي جدول زمني لجعل الاختبارات في متناول الناس.
وقال المتحدّث: "نحن ننظر في تسعة اختبارات مختلفة. سبق أن حدّدنا أهمية أن تكون هذه الاختبارات دقيقة، فقد اعتمدت بلدان أخرى اختبارات لم تكن دقيقة وكانت لها عواقب سلبية كبيرة، لذا يجب علينا التحقق من فاعليتها ونجاعتها".
"نحن نعمل بأسرع ما يمكن في هذا الاتّجاه وما أن تتم الموافقة على أحد الاختبارات، سنقوم بالإعلان عنه للجمهور".
وتابع المتحدّث: "إن الحكومة زُوّدت بتحاليل لم تستوفِ معايير الدقة المطلوبة وبالتالي لم تكن آمنة للاستخدام". لكن لم يتّضح ما إذا كانت هذه الاختبارات تشمل أيّاً من التسعة قيد التحقيق في الوقت الراهن.
وردّاّ على استفسار ما إذا كان يتعيّن على دافعي الضرائب دفع فاتورة ملايين من الاختبارات التي تبيّن أنها ليست دقيقة بما يكفي لاستخدامها، قال المتحدّث باسم رئيس الوزراء: "لقد أوضحنا في مناقشاتنا مع الشركات المصنّعة أننا نتطلّع إلى اعتماد الاختبارات التي تحقق نتائج فعّالة".
وأشارت تقارير غير مؤكدة بثّتها محطة "آي تي في" في وقت سابق من هذا الأسبوع، إلى أن المملكة المتّحدة اشترت مليوني مجموعة من اختبارات الأجسام المضادة، من الشركات المصنّعة الصينية Wondfo وAllTest، التي كانت قد حصلت على موافقة الاتّحاد الأوروبي للاستخدام. ونفت إيفون دويل، المديرة الطبّية لـهيئة الصحّة العامّة في إنجلترا، أن تكون السلطات قد اعتمدت "سياسة التلكّؤ" في شأن تبنّي اختبارات الأجسام المضادة.
وقالت إن "التلكّؤ ليس وارداً في هذه المسألة، إذ ما يهمنا فعلاً هو أن يكون الاختبار صالحاً وأن يحقق ما يدّعيه. وعوّلت دويل على ما سبق أن قاله أحد كبار الأطباء بأن هناك شيئاً أسوأ من عدم وجود اختبار، ألا وهو الاختبار الخاطئ أو الاختبار السيّء. وأكدّت: "نحن نتطلّع إلى أن نتمكّن من القيام بهذه الاختبارات بأسرع وقت ممكن."
البروفيسور روبين ماي، مدير معهد علم الأحياء الدقيقة والعدوى في جامعة بيرمنغهام، رأى أن التأخير نتج من الحاجة إلى ضمان عدم تقديم عُدَد اختبار ذات "إيجابيّات خاطئة".
وأوضح أن اختبارات الأجسام المضادّة عادةً ما تعمل عن طريق عزل البروتين الذي ينتجه الفيروس ثم البحث عن الأجسام المضادّة في الدم التي ترتبط بهذا البروتين.
لكن من الضروري التمكّن من تحديد بروتين معيّن وخاص بفيروس كوفيد-19 المعروف أيضاً بالاسم العلمي "سارس كوف 2" SARS-COV-2 الذي ينتج تفاعلاً قوياً مع الأجسام المضادة بما يكفي ليتيح كشفاً حسّاساً عنها. وإذا لم يكن البروتين المختار فريداً، فقد ينتج من الاختبار ردّ فعل إيجابي لفيروسات كورونا الأخرى المسؤولة عن أمراض غير ضارّة مثل نزلات البرد العادية.
وعلّق البروفسور ماي قائلاً: "إن تحسين هذا الجزء من الاختبار والتحقّق منه هو ما يستغرق وقتاً الآن. فما أن يتمّ تطوير مثل هذا الاختبار، تأخذ عملية التحاليل في البداية مساراً بطيئاً بالفعل. ومع ذلك، غالباً ما يكون من الممكن تكييف هذه التحاليل المخبرية مع أجهزة طبّية أكثر بساطة، مثل أجهزة اختبار الحمل.
وخلُص إلى القول: "إذا تم تحقيق ذلك في حالات اختبار الأجسام المضادة الخاصة بفيروس "سارس كوف 2"، فقد يصبح التحليل السريع ممكناً جدّاً على نطاق واسع. وما أن يتم طرحه في السوق، سنتمكّن من تحديد من كان يحمل الفيروس، لكن ليس بالضرورة من يحمله في الوقت الراهن، بحيث يستغرق الأمر أياماً عدّة لصنع الأجسام المضادة. وبالتالي، يمكن أن يُصاب الناس بعدوى نشطة، لكن لا توجد لديهم أجسام مضادّة قابلة للاكتشاف".
© The Independent