بسرعة كبيرة يتحرك ملف عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة "حماس"، ويبدو أن صفقة التبادل باتت قريبة أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً أن الطرفين حريصان على إتمامها، كل لأهدافه السياسية لكن بغطاءٍ إنساني.
فمنذ أن أطلق رئيس حركة "حماس" في غزّة يحيى السنوار، مبادرة إنسانية لإجراء صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل، تبادَل الطرفين التصريحات الإعلامية، وكان آخرها حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهي الولاية بنيامين نتنياهو، عن أنه مستعد لإجراء حوار فوري عبر وسطاء بشأن جنود جيشه المحتجزين في القطاع.
إسرائيل تستعد للمرة الأولى... حماس "نحن جادون"
هذه المرة الأولى التي تستعد فيها إسرائيل (منسق شؤون الأسرى والمفقودين، بالتعاون مع هيئة الأمن القومي، والمؤسسة الأمنية) للحوار بشأن جنودها المفقودين في غزة، من أجل إغلاق هذا الملف.
مباشرة، التقطت "حماس" الدعوة إل الحوار الفوري بشأن الأسرى، وأبدت استعدادها للشروع فيه، من أجل إتمام صفقة التبادل، يقول رئيس الدائرة السياسية وعضو المكتب السياسي في حركة "حماس" محمود الزهار إنّهم يدرسون مدى جدية نتنياهو في إبرام صفقة تبادل جديدة، ويضيف الزهار "نحن جادون في إبرام صفقة تبادل، ولذلك حددنا أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين نرغب في الإفراج عنهم، وكذلك وضعنا الأولويات لعملية التبادل، وحددنا شروط التفاوض والحوار وفق جداول زمنية".
مناقشات داخلية وقوائم أسماء
بدء "حماس" في التحضير لصفقة جديدة يؤشر إلى نيتها في إنهاء ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في غزّة، يؤكد الزهار ذلك أن الحركة معنية بصفقة متوازنة، لا تخرج إسرائيل رابحة منها على حساب الأسرى الفلسطينيين.
المعلومات التي وصلت إلى "اندبندنت عربية" تشير إلى أن "حماس" تجري مناقشات داخلية، حول مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، مفادها إنهاء ملف الأسرى الجنود في غزة، ويوضح الزهار أن "حماس" معنية بالتخفيف عن المعتقلين الفلسطينيين، لذلك نقوم بدراسة الأمر المعروض، وهل هي محاولة جدية من إسرائيل للدخول فيها، ومدى مناسبة الظروف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مبادرة إنسانية... وتنازل من "حماس"
ووفق مبادرة السنوار الإنسانية، فإنّه على إسرائيل أن تُفرج عن الأسرى المرضى وكبار السن، كحسن نيّة، مقابل تقديم تنازل من حركة "حماس" في صفقة تبادل من المفترض أن يدخل الطرفان الحوار الفوري لأجلها، لكن، بحسب الزهار، فإنّ "حماس" تعمل حالياً على دراسة، مَن الذي له الأولوية من الأسرى، في صفقة التبادل، كالحالات المرضية وكبار السن والأسماء، والإمكانيات التي تمتلكها، والوسائل التي من المفترض أن يتمّ فيها الأمر، وشروطها إذا دخلت في حوار مع إسرائيل عبر وسطاء.
وعلى أيّة حال، فإن التنازل الذي يمكن أن تقدمه "حماس" يتمثل في خيارات عدة منها إمكانية تقديم معلومات واضحة عن وضع الجنديين الإسرائيليين هدار غولدن وأرون شاؤول، أو الإفصاح عن الحالة الصحية للأسير أبراهام منغستو، أو تقديم معلومات عن بقايا جثث جنود قتلوا عام 2014 واحتفظت بهم "حماس".
الطرفان بحاجة للصفقة
الحديث والاستعداد لبدء الحوار الفوري من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى، يؤكّد أنّ الطرفين (إسرائيل وحماس) محتاجان لإنهاء ملف الجنود المفقودين في غزّة، يقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية عاهد فروانة إن نتنياهو محتاج إلى هذه الصفقة لأهداف سياسية تساعده في تشكيل حكومة، أو تخلصه من المحاكمة في قضايا الفساد الموجهة إليه، أما بالنسبة إلى "حماس" فإنها ترغب في التخفيف عن الأسرى في الزنازين، ولها أهداف سياسية أخرى.
إعادة فتح صفقة التبادل جاء بعد مطالبات فلسطينية لتلبية الاحتياجات الإنسانية لغزّة لمواجهة تفشي كورونا، وتقديم دعم طبي لسكان القطاع، لكن وزير الأمن الإسرائيلي نفتالي بنيت ربط تحويل معدات طبية لمكافحة كورونا إلى غزّة، بتقديم تنازل في ملف المفقودين الجنود في القطاع، وليس ذلك هو السبب الوحيد، بل أيضاً ممارسات إسرائيل بحق الأسرى وابتزازهم من خلال رفض فحوصهم من الإصابة بالوباء، وثمّة معلومات مسربة إلى "اندبندنت عربية" تشير إلى وجود عدد من الإصابات بفيروس كورونا بين الأسرى لكن إسرائيل تحاول عدم الإفصاح عن ذلك.
وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها "حماس" تحريك عجلة صفقة التبادل، بل حاولت أكثر من مرة توجيه رسائل إلى الإسرائيليين من بينها الاحتفال بعيد ميلاد بعض الجنود، وتأليف أغان باللغتين العربية والعبرية عن وضع الجنود المفقودين في غزّة.
الأسرى والجنود في غزّة
ووفقاً للرواية الإسرائيلية، فإن تلّ ابيب تبحث عن رفات جنديين فقدا في التصعيد على القطاع عام 2014، وهما هدار غولدين وأورون شاؤول، وآخرين مدنيين أصولهما من العرب وغير معروف مصيرهما بعد، وهما هشام السيد وإفرا منغيستو (أو أبراهام منغستو).
أما بالنسبة إلى رواية حركة "حماس"، فإنها تحتجز أربعة جنود إسرائيليين وهم هدار غولدين، وأورون شاؤول، وهشام السيد، وأبراهام منغيستو، في حين أنها لم تفصح عن أي معلومات عنهم، ولكنها أشارت أكثر من مرة إلى أنهم أحياء والرواية الإسرائيلية كاذبة.
أمّا بالنسبة إلى الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، فإن عددهم 5700 أسير، يوجد بينهم 350 فتى لم تتجاوز أعمارهم 18 سنةً، إضافة إلى 55 أسيرة، وستة نواب من أعضاء المجلس التشريعي، وهناك أكثر من 30 مصاباً بالسرطان، وحوالى 570 معتقلاً محكوماً بالسّجن المؤبد وفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين (منظمة حكومية).