خسر العراق والعالم العربي رمزاً من رموز العمارة والفنون، المعماري العراقي رفعت الجادرجي، والذي توفي عن عمر يناهز الرابعة والتسعين، مساء أمس الجمعة، في العاصمة البريطانية لندن.
ويعتبر الجادرجي أحد أهم المعماريين في العالم العربي، والذي صمّم أعمالاً خالدة في بلاده لتبقى رمزاً لشوارعها ومجتمعها، حيث لقب بفيلسوف العمارة العراقية. وقد صمم العديد من المباني أبرزها الاتحاد العام للصناعات، ونقابة العمَّال، ومبنى البدالة الرئيسة في السنك، والبرلمان العراقي.
وتأثرت أعماله بحركة الحداثة في العمارة، لكنه حاول أيضاً أن يضيف إليها نكهة عراقية قديمة، فمعظم واجهات المباني التي صممها مغلفة بالطابوق الطيني العراقي، وعليها أشكال تجريدية من العناصر التقليدية المعروفة في بلاده.
كما صمم أيضاً نصب الجندي المجهول الأول في ساحة الفردوس عام 1958، ثم جرى هدمه بأمر من صدام حسين عام 1982. وقد وثق الجادرجي تلك اللحظة المأساوية والتي كانت حزينة جداً نظراً لفقده رمزاً عراقياً، وقبل ذلك "ابناً" من أبنائه، فقد كان الراحل وزوجته يتبنيان فكرة عدم إنجاب الأطفال، واكتفى بعمارته التي أصبحت أطفالاً في شوارع بغداد والعالم العربي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مرحلة انتقالية
وقد حُكم على الجادرجي بالسجن المؤبد عام 1972 وأُفرِج عنه بعد عامين، حيث كانت مرحلة انتقالية في حياته، حيث خرج من السجن بتأليف ثلاثة كتب، "شارع طه وهامر سميث" و"الأخيضر والقصر البلوري" و"جدار بين ضفتين"، وقرر اعتزال ممارسة المهنة والاكتفاء بالكتابة والنقد والتنظير وكلف بعد ذلك كمستشار لإعادة إعمار بغداد.
ولم يكتف الراحل بتنظير العمارة والفن التشكيلي، بل أيضاً أرسل عشرات الآلاف من الصور التوثيقية لحياة الشارع في بغداد إلى المؤسسة العربية للصورة، فقد كان مصوراً فوتوغرافياً محترفاً، وقد تعلم هذا الفن من أشهر المصورين، أنسل آدمز، في الولايات المتحدة.
ونعى الرئيس العراقي برهم صالح، المعماري الراحل عبر موقع "تويتر"، قائلاً "يفقد فن العمارة في العراق والعالم رئته الحديثة التي تنفست حداثة وجمالاً، لقد مارس الجادرجي العمارة بوصفها وظيفة إنسانية وجمالية، ووهبها كل حياته، عاملاً ومنظّراً، تاركاً الكثير لإرث هذه البلاد علماً ومبانيَ، لروحه الرحمة ولأسرته ومحبيه الصبر".
يُذكر أن رفعت الجادرجي وُلد في بغداد عام 1926، وحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة "هامر سميث" في لندن عام1954 ، وحصل على جائزة أغاخان للعمارة في عام 1986، وعاش في العاصمة البريطانية بقية أيام حياته مع زوجته، وخلف من بعده إرثاً ثقافياً كبيراً.