من مكتبة العمة زيون، انطلق فريق "بسكليت... ولنا حياة" على دراجة هوائية في مخيم دير البلح وسط قطاع غزة، يتنقل بين شوارعه الضيقة، يطرق أبواب البيوت المتلاصقة ليوزّع على الأطفال قصصاً ورواياتٍ لليافعين، وينشر الثقافة بين سكان المخيم، ويكسر ملل المواطنين أثناء الحجر المنزلي، الذي فُرض بعد تفشّي فيروس كورونا.
تدوس أسماء أبو منسي على دواسة الدراجة الهوائية المحملة بصندوقٍ يحتوي على عشرات القصص والروايات، لتوجه مسارها إلى منازل روّاد مكتبة العمة زيون من الأطفال واليافعين، في مبادرة شبابية ثقافية، تهدف إلى تدعيم القراءة ورفع مستوى الثقافة لدى الأطفال واليافعين.
العمة زيون حزينة
"حزينة بدت قاعات مكتبة العمة زيون خلال الشهر الماضي"، يقول أمين المكتبة أسامة فياض، وهو يتجوّل بين رفوفها ينفض الغبار عن بعض الكتب، ويضيف "هنا كان يجلس عشرات الأطفال يقرأون القصص، ويرسمون أبطالها باستخدام الأوراق والمقصات والألوان".
لكن منذ بدء الحجر الصحي وإعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية في 5 مارس (آذار) الماضي بعد تفشّي الوباء، لازم الجميع بيوتهم، ولم يعد أحد من الأطفال واليافعين يزور مكتبة العمة زيون.
وفي فكرة إبداعية اتفق عليها أمين المكتبة وفريق "بسكليت... لنا حياة"، قررا الوصول إلى الأطفال في منازلهم، من أجل استمرار عمل مكتبة العمة زيون. وبعد نضوج هذه الفكرة، قال فياض "شعرت كأنّ المكتبة باتت سعيدة، لأنّ أشخاصاً سيقرأون كتبها، وتعمّ الثقافة في ما بينهم".
لماذا البسكليت؟
اختارت أبو منسي الدراجة الهواية كوسيلة للتنقل بين شوارع مخيم دير البلح، وذلك لأن هذه الوسيلة تُعدُّ الأقرب إلى قلوب الأطفال وحتى اليافعين. فهم كانوا يحبون ركوب الدراجة ويتنقلون بواسطتها في شوارع المخيم قبل بدء الحجر الصحي، وهي تعلم أنّهم إذا رأوها تحمل كتاباً سيتشجعون مباشرة على قراءة القصص والروايات التي يوزعونها عليهم.
أمّا بالنسبة إلى مصطلح "لنا حياة"، فله حكاية بالنسبة إلى أعضاء الفريق، تقول أبو منسي "نحن شعب نحب أن نكمل حياتنا بغض النظر عن الظروف، سواء كانت كورونا متفشية أو هناك حالة طوارئ، سنواصل حياتنا كما من المفترض أن تكون".
وهكذا أطلق الفريق على مبادرته اسم "بسكليت... ولنا حياة". ولتصبح الدراجة الهوائية أكثر جاذبية، وتحمل الرسالة الثقافية التي استُخدمت من أجلها، انشغل أعضاء الفريق في تزيينها، فوضعوا صندوقاً عليها وغلّفوه بغلاف بعض القصص التي يحبها الصغار، وعلى قضبانها الحديدية ألصقوا بعض الأوراق التي كتبها الأطفال أثناء زياراتهم إلى مكتبة العمة زيون.
معايير السلامة
وقبل أن يضع أعضاء الفريق الكتب في صندوق الدراجة الهوائية، يحرصون على مراعاة معايير السلامة الصحية، فيعمدون إلى تعقيم القصص والروايات كلها التي توضع داخل ظروف، وبعدها يتجهّز المتطوعون والمتطوعات من خلال لبس القفازات الطبية الواقية من انتشار الفيروس.
بالعادة، تنصح وزارة الصحة الفلسطينية المواطنين كافة باتّباع إرشاداتها من أجل السلامة من الإصابة بكورونا الذي أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 267 حتى الآن، منهم 13 حالة في قطاع غزة، في حين سُجل شفاء سبع حالات من الموجودين في القطاع.
ومباشرةً، تستقل أبو منسي الدراجة الهوائية وتنطلق برفقة فريقها إلى شوارع المخيم، تزور في جولتها 15 منزلاً، تقدمّ القصص والروايات. لكن الأمر ليس عبثياً، فهي توضح أنّ تلك الأنشطة يجري تنفيذها مع الأهالي، وتتمثل بضرورة وجود تغذية عقلية لمضمون الكتاب والرسالة التي يحملها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تغذية راجعة
"المتعة أن نضمن قراءة الأطفال واليافعين للكتب والروايات" تقول أبو منسي، التي وضعت في ظروف القصص بعض الأوراق الصغيرة ومقصاً وعلبة ألوان، تتابع "على الأطفال بعد القراءة، تجسيد أبطال القصة، من خلال رسمهم شخصيات كرتونية من وحي خيالهم، مستخدمين الأدوات التي أرفقناها مع الكتاب".
أمّا اليافعين، فمطلوب منهم تلخيص الرواية عن طريق تسجيل مقطع فيديو لمدة دقيقتين، وبعدها يرسلونه إلى صفحة مكتبة العمة زيون، ويجب أن ينهوا ذلك في غضون ثلاثة أيام.
وبعد ثلاثة أيام، يعود فريق "بسكليت… ولنا حياة" من جديد إلى الأسر التي استلمت القصص، ويطلب منهم إعادة تسليمها، لتُوزّع من جديد على أطفال آخرين، بهدف نشر الاستفادة منها على أكبر نطاق ممكن.
وفي نهاية أنشطة المبادرة، من المقرر أن تتجول الدراجة الهوائية في شوارع مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وتوزع هدايا على الأطفال التي تقابلهم.