تتوقع هيئة الخدمات الصحية الوطنية أن المستشفيات ستحتاج إلى عشرات آلاف الأسرّة المخصصة لمرضى فيروس كورونا حتى يوليو (تموز)- وربما أبعد من ذلك- بحسب ما جاء في تحليل سرّي أُطلعت عليه "اندبندنت".
ووضعت على التقرير عبارتا "سرّي" و"غير مخصص للمشاركة" وهو يحمل عنوان "نمذجة آثار كوفيد 19 على هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، وهو يستند إلى "افتراضات" وضعتها الهيئة العلمية الاستشارية الحكومية لحالات الطوارئ، واختصارها "سايج" Sage، التي تقدم المشورة للوزراء (في الحكومة البريطانية) بشأن طرق استجابتهم لتفشي الوباء.
وجاء في التقرير أن "العدد الإجمالي للأسرّة المطلوبة (لمواجهة) كوفيد 19" بحلول 20 يوليو لن يقل عن 24630 ألف سرير مستشفى.
ويثير هذا الرقم تساؤلات حول مدى احتمال عودة سير العمل في القطاع الصحي إلى وضع أقرب ما يكون إلى الطبيعي قبل حلول الخريف، كما يفترض أن وضع الإغلاق سيستمر لوقت أطول من أجل "حماية" القطاع الصحي من آثار فيروس كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقوم التحليل الذي وُضع في 7 أبريل (نيسان)، على نمذجة لم تُنشر بعد أن أجرتها كلية إمبريال كوليدج في لندن، وهي تتضمّن بحثاً في آثار الإغلاق ومدى الالتزام بالقواعد، سواء كان جيداً أم سيئاً.
ويكشف التقرير أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية ستحتاج إلى تجهيز أكثر من 4439 سريراً مخصصاً للعناية الحرجة بحلول 20 يوليو، استعداداً لاستقبال عدد المرضى المُتوقّع في حال لم ينجح الإغلاق بتقليص أعداد الإصابات بشكل كبير. وسيشغل هذه الأسرّة المرضى الذين يحتاجون إلى التخدير والربط إلى جهاز لمساعدتهم على التنفس الاصطناعي.
ويشكّل هذا الرقم تراجعاً عن الذروة في عدد المرضى (المتوقعة) أي 6152 مريضاً في الأسبوع الذي يبدأ يوم 4 مايو (أيار)- في إشارة إلى أن ذروة نسب الإدخال إلى المستشفى ربما تأخرت بسبب إجراءات الإغلاق التي فرضتها الحكومة.
ويظهر التحليل كذلك أن أنجلترا ستحتاج لدى بلوغ الإصابات ذروتها، أكثر من 3300 سرير للمرضى المحتاجين إلى جهاز تهوية (جهاز تنفس مساعد) لا يتطلّب تدخلاً جراحياً مثل جهاز الضغط الإيجابي المستمر لإبقاء مجرى التنفس مفتوحاً (CPAP)- حيث يوضع على وجههم قناع يساعدهم على التنفس.
وستحتاج المستشفيات كذلك إلى أكثر من 23600 سرير للمرضى الذين يتلقّون علاجاً أساسياً بالأوكسيجين وفقاً للتقرير.
كما قال التقرير إنه يفترض أن "نسبة المصابين الذين سيحتاجون للإدخال إلى المستشفى تبلغ 4.4 في المئة".
وكشف التقرير كذلك أن المرضى يُدخلون إلى المستشفى في وقت أبكر من الاعتقاد السائد قبلاً، أي في غضون 9 أيام بالإجمال من لحظة الإصابة مقارنة بـ13 يوماً التي كانت متوقعة. ورقد المرضى الذين احتاجوا إلى جهاز تنفس حوالى 15 يوماً في المستشفى.
كما أشار التقرير إلى حدوث تحوّل من الحاجة لربط المرضى بأجهزة التنفّس الاصطناعي نحو توفير دعم غير جراحي لهم يساعدهم على التنفس "بسبب الإثباتات التي برزت بشأن فعالية بعض تقنيات التهوية غير الآلية التي تخطّت التوقعات".
لكن التقرير يعترف بأنه لم يأخذ في الاعتبار أي تأثير موسمي على انتشار الفيروس، أو أي تدابير إضافية لزيادة قدرات هيئة الخدمات الصحية الوطنية ولا "أي نقص قد يطرأ على أعداد الموظفين".
وقال مصدر رفيع شارك في إعداد هذه النمذجة لـ"اندبندنت"، "يركز هذا التقرير على تقييم قدرات هيئة الخدمات الصحية الوطنية من حيث (عدد) الأسرّة، ولا يتطرق إلى الموظفين- وإلى عدد الموظفين المطلوب للعناية بهذا العدد من المرضى".
"في الوقت الراهن، يحرك الأدرينالين الجميع - لكن سيتوجب علينا أخذ عطل سنوية أو سينال الإرهاق من الناس".
وكررت هذه المخاوف أليسون ليري، أستاذة نمذجة اليد العاملة في جامعة "ساوث بانك" اللندنية.
ولدى سؤالها عن رأيها بتقرير هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، أجابت "تظهر هذه النماذج طلباً مستداماً ولوقت طويل".
"نبدأ الآن بإدراك حجم الطلب الإضافي الذي تتعامل معه القوى العاملة، إضافة إلى الحاجات القائمة التي لا يُعمل على تلبيتها في مجالات مثل أمراض السرطان والأمراض المزمنة" الأخرى.
"يصعب تبيُّن سبل الاستمرار بتلبية هذا الطلب من دون زيادة كبيرة في اليد العاملة أو الانتقاص من نوعية أو أمن الرعاية المقدمة".
وقال متحدث باسم هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، "حدّدت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في السابق أن القدرة الاستيعابية المُخصّصة داخل المستشفيات يجب أن تظل متوافرة حتى يوليو على أقل تقدير من أجل العناية بأعداد كبيرة من مرضى فيروس كورونا، ويجب إعادة النظر في القدرة الاستيعابية بعدها، ولا يزال موقف الهيئة على حاله".
"عندما يتضح أن شغل أسرّة المستشفيات الناتج من إصابات كوفيد 19 قد وصل إلى ذروته، سيصبح بإمكان هيئة الخدمات الصحية الوطنية أن تعيد توزيع أي سعة إضافية ناتجة من ذلك. وفي الأثناء، أهم إجراء يستطيع أي أحد أن يتخذه لتفادي الإدخال إلى المستشفى بسبب فيروس كورونا وإنقاذ الأرواح هو اتّباع مشورة الأخصائيين الطبيين من أجل تقليص أعداد الإصابات الجديدة".
© The Independent